كتاب وفنانون فلسطينيون: مقاطعات جماعية للإمارات

في مراجعة لأكثر من سبعة عقود من الصراع العربي الإسرائيلي، نقع على معادلة أثبتتها الوقائع على الأرض تتمثّل في أن كلّ انسحاب وتخلّ لبلد عربي عن فلسطين لم يجلب مكاسب ومنافع لشعبه كما سوّقتها الأنظمة التي اعترفت بـ الاحتلال، وفي الوقت نفسه لم يتوقّف الاستيطان ولم تقم دولة فلسطينية ذات حدود وسيادة.

منذ إعلان الإمارات تطبيعها العلني مع "إسرائيل، في الثالث عشر من الشهر الحالي، تتوالى ردود الفعل الفلسطينية من قبل كتّاب وباحثين وفنانين أعلنوا انسحابهم من جوائز إماراتية بارزة؛ مثل جائزة الرواية العربية "البوكر" والعديد من المعارض الفنية التي تنظّمها مؤسسات إماراتية أيضاً.

في تصريحه لـ "العربي الجديد"، يشير الأكاديمي والكاتب الفلسطيني المقيم في بريطانيا خالد الحروب إلى أنه استشعر مقدمات هذا التطبيع باكراً، واتخذ موقفه قبل الجميع في شباط/ فبراير الماضي، عندما اقترح عليه مجلس أمناء البوكر، أن يترأس لجنة تحكيم الجائزة، ورفض الأمر معلّلاً إياه بالانشغال بالعمل الأكاديمي وغيره.

أعلن كتّاب وفنانون انسحابهم من جوائز ومعارض فنية في الإمارات

يضيف: "مؤشرات التطبيع الإماراتي كانت واضحة، وتوقعت بعد أشهر قليلة أن يُعلن عنه، لو وافقت على أن أكون رئيساً للجنة البوكر، ما الذي يضمن ألا يجلس بجانبي مسؤول إماراتي راع للتطبيع، ويصافحني، وقد صافح من قبلي مسؤولاً إسرائيلياً، ما أود قوله هو أن الإمارات يجب أن تعرف هي وكل الأنظمة، أنها إذا اشترت إسرائيل فهي تخسر على الأقل وجدان الشعوب العربية الثقافي والفكري، الموجه إلى فلسطين وما زال صلباً وواضحاً".

ويوضح الحروب: "علينا ألا نتردد، ونقولها بمرارة إننا لا نريد خسارة أي بلد عربي، لا تتملكنا الغبطة ونحن نتخذ مواقف المقاطعة، نحن نريد لُحمة ثقافية فكرية وعربية، ونريد أن يبقى التواصل العربي كثيفاً وعميقاً، بالنسبة إلي هناك خطوط حُمر، وإسرائيل ليست خطاً أحمر وحسب، بل سميكاً، ومن يقترب منه سواء نظام أو مؤسسة أو فرد، عندها لا بد من إعلان موقف واضح إزاء ذلك".

وكان الشاعر الفلسطيني أحمد أبو سليم، أعلن الأحد الماضي،سحب ترشيح روايته "بروميثانا" لجائزة "بوكر"، ومقاطعة كل الفعاليات الثقافية في دولة الإمارات. كما أبلغ الروائي الفلسطيني يحيى يخلف "دار الأهلية" في الأردن؛ الجهة الناشرة لروايته "الريحانة والديك المُغربي"، وقف ترشيح الراوية للجائزة نفسها.

تعدّ "ثقافة في وجه التطبيع" قائمة سوداء لكل من لا يلتزم بمقاطعة الفعاليات الإماراتية

يقول يخلف لـ"العربي الجديد" إنه "من الطبيعي أن يكون للمثقف الفلسطيني موقف من هذا التطبيع المشين والمخزي، وأن تتغير نظرته إلى ثقافة الإذعان والعدمية التي جاء بها هذا التطبيع، والثقافة الفلسطينية هي جزء من الثقافة العربية ومشروعنا الوطني، وهي ثقافة المقاومة والحرية والدفاع عن الثقافة القومية، وما فعله حكام دولة الإمارات خيانة للقضية الفلسطينية يرقى لما فعله الاستعماريون الذين مهدوا لإيجاد دولة الاحتلال".

ويتابع: "جائزة البوكر بعد التطبيع فقدت قيمتها فهي مموّلة من الحكومة الإماراتية، ومكانة وقيمة هذه الجائزة سوف تتراجع، ومن الجدير بالذكر أنه سيتم عمل ملحق ثقافي لاتفاقية التطبيع".

من جهته، أعلن كتّاب وفنانون فلسطينيون آخرون، عبر حساباتهم على وسائط التواصل الاجتماعي، مقاطعتهم لأنشطة ثقافية إمارتية أُخرى، منهم عيسى القواسمي الذي ألغى فعالية توقيع كتابه "انتصار الغضب" في مدينتي دبي والشارقة، التي كان مقرراً إقامتها نهاية العام الحالي، كما أعلن المصور الفوتوغرافي محمد بدارنة انسحابه من أحد المعارض الفنية التي تنظمها "مؤسسة الشارقة للفنون"، بالإضافة إلى انسحاب الباحث الفلسطيني محمود الفطافطة من "جائزة الشيخ زايد الدولية للترجمة".

من جهتها، أعلنت المجموعة الفلسطينية "ثقافة في وجه التطبيع" أنها بصدد إعداد قائمة سوداء بكل من لا يلتزم بمقاطعة أنشطة دولة الإمارات بما فيها الفنية، حيث يقول الباحث حسن الداوودي من المجوعة لـ"العربي الجديد": "استجاب بعض المثقفين والكتاب لبيان أصدرناه مسبقاً بمقاطعة الأنشطة المتنوعة في الإمارات عقب التطبيع، فالمثقف العربي يجب أن يكون له موقف في هذه المرحلة، يتواءم مع شدة الجرم المرتكب، متمثّلاً في التطبيع الإمارتي، ومن لا يستجب سوف ندرج اسمه في القائمة السوداء، ونحن الآن في إطار إحصاء الأسماء".

أضف تعليقك