قصص مؤذية

صدر حديثاً، عن "منشورات المتوسط – إيطاليا"، كتاب بعنوان "قصص مؤذية"، وهو كتاب يجمع بين غلافيه جميع ما كتبته نثراً، الكاتبة والشاعرة المصرية الفرنسية الشهيرة "جويس منصور" والتي كانت قد انخرطت في الحركة السريالية في باريس وأصبحت أشهر وأفضل شاعرة سريالية معروفة حينها.

ألفت جويس 16 كتاباً في الشعر، بالإضافة إلى عدد من كتابات النثر والمسرح الهامة، وهي التي يقدمها كاملة للقارئ هذا الكتاب، والذي يأتي بترجمة الشاعر المصري محسن البلاسي. كما طُعّم الكتاب برسومات رسمتها خصيصاً له، الفنانة التشكيلية غادة كمال.

 

تضم هذه الأعمال النثرية خمسة كتب وهي:

الراقدون الراضون، ويوليوس قيصر، وزرقة الصناديق (مسرحية)، والذي / التي، وقصص مؤذية. وهناك دراسة مطولة وضعها المترجم، ومقدمة كتبها الشاعر الفرنسي بيير باتيو.

في أعمالها هذه يتوجب أن يكون القارئ في حالة قصوى من الانتباه والتركيز، ذلك أن عوالم غريبة ومفزعة ووحشية ستباغته، ليس في كل كتاب أو قصة فحسب، بل في كل جملة تقريباً، قتل وتشنيع وإثارة، لكن حب وقيم أيضاً، ثمة حوارات تشبه، من جهة، الحوارات بين مصاصي دماء، ومن جهة أخرى بين عشاق! الخلفية السوريالية (الرسمية) التي انطلقت منها، وأسست لها في الوقت نفسه أيضاً، ساعدت الكاتبة على إضفاء تلك الأجواء المتصادمة والعنيفة التي تبعث الشرر والحرائق في الاتجاهات كلها.

نادراً ما يصادف القارئ شخصية سوية، إن من حيث التناسق الجسدي أو من حيث التناسق النفسي والفكري. شخصيات متشظية، فصامية، كارهة، وعلاقات متحللة... شيء يشبه اختفاء مدن وظهورها في الوقت نفسه، أو موتاً وبعثاً في الآن نفسه!

المنطق الذي يربط الأحداث والشخصيات والحوارات نفسي، باطني، متجذر عميقاً في اللاوعي، من هنا فإن فهم القصة أو المسرحية أو كتابة جويس منصور النثرية جميعها، يجب أن تخضع لمعايير غير تلك التي يخضع لها الأدب عامة، معايير تحتم على اللاوعي أن يكون يقظاً -إن صح التعبير- إلى أبعد الحدود. أو كما يقول دانييل لانكون: إنه قبل قراءة چويس منصور، يجب عليك يا عزيزي القارئ أن تغيِّر نفسك، وذلك عبر التخلُّص من عاداتك في القراءة.

يكتب أندريه بريتون إلى جويس:

“أنت تعلمين جيداً يا جويس أنك بالنسبة لي، وبموضوعية شديدة أيضاً، أعظم شاعرة في عصرنا. الشعر السريالي هو أنت.”

 

أخيراً، صدر الكتاب في 352 صفحة من القطع الوسط.

 

من الكتاب:

سقطت ورقة ميتة على فمي، وها هي رطوبته البرِّيَّة تستيقظ. أبحث عن نفسي لمدَّة دقيقة كاملة بين الحلقات المطَّاطية التي تحيط بالذاكرة: إنها تهرب. استيقظ بسرعة. كتاب يقع. عالم الصحراء. غادرت شارع Aubépines  في عجلة من أمري، لأجد القِلادة التي تربطنا (ولكنْ، مَنْ يحمل السلسلة؟) أنا أتقدَّم، أسير على طول الحاجز، وأشير إلى علامات المرور الملوَّنة بلون النيون الأزرق المحبَّب لي هناك في الجزء الخلفي من المستشفى، ووجود كلب أسود بجانبي يجيب عن الاسم شبه المَنسِيّ «يوتيك»، وأنواع أخرى جديدة. حجاب من الغَيْرة في أوج السُّرَّة. أسقط من أعلى الحاجز. سمعتُ أنه إذا قام الثعبان بتنظيف أُذُنَيْكَ في أثناء النوم بعمق، فعند الاستيقاظ ستجد لسان الطيور قد أصبح واضحاً. إذا كان النوم هو السقوط، فما هي اليقظة؟

 

عن الشاعرة:

جويس منصور: كاتبة وشاعرة مصرية فرنسية، من مواليد 25 يوليو/تموز 1928. في عام 1954 انخرطت جويس في الحركة السريالية في باريس وأصبحت أشهر وأفضل شاعرة سريالية معروفة. ألفت 16 كتاباً في الشعر، بالإضافة إلى عدد من كتابات النثر والمسرح الهامة. توفيت جويس في باريس يوم 27 أغسطس/آب 1986 بمرض السرطان.

أضف تعليقك