فيلم "حرب" في شومان

فيلم "حرب" في شومان
الرابط المختصر

يشترك الفيلم الدنماركي "حرب" الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان مع العديد من الأفلام العالمية التي تتخذ من حكايات الحروب منطلقا لمعالجة الآثار النفسية والأخلاقية التي يعاني منها الجنود بعد انتهاء مشاركتهم في الحروب سواء خرجوا منها منتصرين أم مهزومين.

 

وتزايد الحديث عن حالات الانتحار بين الجنود العائدين من الحروب نتيجة الأمراض النفسية التي تصيبهم بعد عودتهم إلى أوطانهم. من أبرز الأفلام التي عالجت هذا الموضوع في وقت مبكر الفيلم الأمريكي "العودة للوطن"(1978) للمخرج هال آشبي والذي قامت ببطولته الممثلة الأمريكية جين فوندا التي كانت في الواقع من نشطاء مناهضة الحرب الأمريكية ضد فيتنام في ستينيات القرن الماضي.

 

فيلم "حرب" من إخراج توبياسليندهولم الذي سبق له أن اشتهر عندما أخرج فيلم "اختطاف"(2012)، الذي عالج فيه حادثة اختطاف سفينة دنماركية من قبل القراصنة الصوماليين. في فيلم "حرب" ينتقل المخرج من الصومال إلى افغانستان ليروي حكاية ظابط دنماركي يقود وحدة عسكرية دنماركية تقاتل ضد طالبان ويتسبب نتيجة سوء تقدير بمقتل أفراد عائلة أفغانية، ولاحقا سيتسبب بمقتل مجموعة مدنيين نتيجة قرار متسرع اثناء اشتباك مع طالبان، ما سيعرضه لاحقا للمحاكمة في بلده واتهامه بالقتل غير المتعمد للمدنيين. يضع المخرج لفيلمه عنوانا عاما إذ يختار كلمة حرب بدون أل التعريف، فهو ليس معنيا بمعالجة حرب محددة بل معالجة انعكاسات آثار الحروب على المقاتلين فيها، ولهذا فإنه يجعل أفراد الوحدة الدنماركية ينتمون إلى أصول عرقية وأديان مختلفة وبالذات المسلمون. وبهذا المعنى يجب النظر للفيلم لا من الزاوية السياسية بل من الزاوية الإنسانية.

 

يبدأ الفيلم بمجموعة من جنود الوحدة الدنماركية يسيرون في دورية و يتفقدون المنطقة الجبلية حيث يتمركزون، وينفجر لغم يؤدي إلى مقتل أحدهم، وهذا ما سيثير المطالبة بإيقاف هذه الدوريات، لكن قائد الوحدة سيصر على استمرارها بحجة حماية المدنيين. في مشهد آخر يحضر إلى مقر الوحدة رجل أفغاني يطلب مرافقته إلى بيته للمساعدة في علاج ابنته المصابة بحروق فيتم ذلك. في اليوم التالي يعود الرجل مع عائلته طالبا اللجوء إلى مقر الوحدة لأنه يخشى القتل على يد طالبان بعدما علموا أنه اتصل بالدنماركيين، لكن قائد الوحدة لا يستجيب ويطلب منه العودة إلى بيته. في اليوم التالي سيكتشف القائد، عندما يصطحب جنوده لتفقد الرجل في بيته، أن الرجل تعرض للقتل مع جميع أفراد العائلة. أثناء تفقده للقتلى سيتعرض الجنود لإطلاق نار كثيف من عدو غير مرئي ويصاب أحدهم، وهو مسلم، بجروح خطيرة، وسيرد الجنود على النار وسط حالة من الهلع تدفع القائد إلى طلب النجدة من الطيران ويحدد لهم، من دون دليل قاطع، الموقع الذي يتوجب قصفه والذي يفترض القائد أن مسلحي طالبان موجودون فيه. لكن قصف الطيران لن يصيب المسلحين غير المرئيين بل سيتسبب في قتل عدد من المدنيين الأبرياء، ما سيعرض القائد للتحقيق وإعادته للوطن كي يخضع للمحاكمة التي إن أُدين فيها ستضعه في السجن أربعة أعوام.

 

يقيم المخرج منذ بداية الفيلم علاقة متبادلة ما بين حياة القائد في أفغانستان وحياة أفراد أسرته في الدنمارك المكونة من زوجة وثلاثة أطفال. أثناء محاكمة القائد في وطنه سيكون عليه أن يختار بين الحقيقة والكذب، الحقيقة التي ستقوده إلى السجن، والكذب الذي سيجعله يعيش آمنا مع أسرته، لكن هل ستنقذه البراءة من عذاب الضمير؟ هذا هو السؤال الاخلاقي الذي يطرحه الفيلم والذي يتضمن إدانة صارخة للحروب بغض النظر عن دوافعها المعلنة أو عدالة مسبباتها.

 

حاز الفيلم على ثلاثة جوائز دولية إضافة لترشحه لأوسكار أفضل فيلم ناطق بغير الإنجليزية في العام 2015.

أضف تعليقك