فيلم الأوسكار الأهم من كوريا الجنوبية..الطفيليون والحل الوحيد للفقراء

كيف يعيش الفقراء حين تأتيهم فرصة العمر فيحلون محل الاغنياء في قصورهم؟ وهل يدوم الحال؟ ام تنتهي الاحلام سريعا مع منافسة فقراء آخرين، وإعصار يحول بيتهم، والحي كله الي كومة مخلفات تسبح في بحيرات مياه؟ هذه القصص بما تحمله، وما تتحمله من صراعات تفوق الاحلام يطرحها الفيلم الكوري الجنوبي «طفيليات» الذي حصل علي أهم جوائز مسابقة «الاوسكار» الامريكية صباح أمس الأول وهي جوائز أفضل سيناريو أصلي «اي مكتوب للسينما وغير معد عن رواية» وأفضل إخراج وأفضل فيلم غير أمريكي، ثم أفضل فيلم عن عام ٢٠١٩ علي الإطلاق، «وهو ما قد يفسره البعض علي ان السينمائيين الأمريكيين المصوتين للأوسكار اعطوه هذه الجوائز نكاية في الرئيس ترامب» لكن التاريخ القصير والمشرف للفيلم يقول أيضا ان الفيلم حصل علي خمس جوائز من مهرجان كان السينمائي الدولي، اهم مهرجانات العالم، في دورته الاخيرة وهو ايضا الفيلم الكوري الاول الذي يحصل علي السعفة الذهبية للمهرجان، بينما حصلت أربعة أفلام أسيوية غيره عليها من قبل، من الهند وتايوان، واليابان التي حصلت عليها مرتين كان آخرها في العام الماضي وفيلم «سارقوا المتاجر» ومن الملفت للنظر هنا ان الفيلمين اليابانيين، ثم الكوري، الفائزين في عامين متتاليين في «كان» يطرحان قضية واحدة هي الفقر الشديد، وسلوك الفقراء، ولكن، مع اختلاف كبير بين «سارقوا المتاجر» وبين «الطفيليات » اوparasite فهنا نحن امام وصف مبدئي لابطال الفيلم لا يدينهم، وانما يضعهم في الموقع الذي يراهم فيه مجتمعهم، حيث نري أسرة كيم، أبطال الفيلم، في البداية في بيت أشبه بالورشة، صغير وفقير وضيق، النت مقطوع، والاسرة تعيش علي إعداد شرائح الكارتون لتصبح علب بيتزا وتبدأ رحلة الخلاص من البؤس بعرض لصديق الابن ان يحل محله في التدريس لابنة عائلة لانه مسافر ويوافق «كي جونج» فهو في كرب عظيم مع عائلته، ويقرر تأجيل دراسته وهو المتفوق، وفِي موعد عمله الجديد يكتشف انه دخل عالما جديدا، مبهراً، وانه دخل الجنة التي لا يحلم بها ويزداد شغفه بالمكان وثرائه حين يري تلميذته، ابنة صاحب القصر مستر بارك وزوجته، وهي تهيم به من الدرس الاول، فيعود الي عائلته مقررا امر ما، وهو كيفية أستفادة أسرته ايضا مثله من اصحاب القصر وهكذا تذهب شقيقته الكبري الي المكان كمدرسة متخصصة في تعليم الاطفال، وبعد وقت قصير، يأتي الدور علي الاب «كيم» الذي تفلح ابنته في التآمر علي سائق الاسرة، فيطرد ويحل محله وتتبقي الام التي حلت اخيراً محل مديرة المنزل القديرة بحيلة ذكية وشريرة دبرها الاب، لتحتل الاسرة خدمة اصحاب القصر الذين لا يعرفون الصلة بين خدمهم.





مخبأ الأثرياء ومأوي الفقراء



الفرحة الكبري لعائلة «كيم» تأتي حين يقرر أصحاب القصر السفر في إجازة علي البحر، ليتحول الخدم الي بشر بكل نزقهم واستغلالهم للفرصة ليعيشوا كالاثرياء، ولكن تنتهي الفرحة سريعا بظهور مديرة المنزل السابقة، واضطرار الجميع للاختباء عدا الام، وليدخلنا الفيلم في مأساة اخري سابقة، لزوج هذه المرأة الذي كان يمتلك محلا يعيش منه في تايوان قبل اغلاقه وعودته مفلسا وبقائه في بدروم القصر لاربعة سنوات، بدون ان يعرف بارك وعائلته في رعاية زوجته مدبرة المنزل التي عادت الان لتراه، بعد علمها بغياب الاسرة، ولتحكي لمن أخذت مكانها وبدت عليها علامات عدم التصديق ان كل قصور الاغنياء بها هذا البدروم الكبير يستخدمونه كمخبأ في حالة هجوم كوريا الشمالية عليهم وان مالك القصر السابق، والذي رحل الي باريس وباعه لمستر بارك، لم يذكر له هذا المكان مطلقا لهذا اعتبرته مسكنا لزوجها وان كل «المحتاجين» يدبرون امورهم هكذا لكن زوجة كيم ترفض هذا بخيلاء وتوشك علي طلب البوليس قبل ان يفتضح أمرها، وتقع عائلتها التي كانت تتصنت علي حوارهما علي الارض وتعرف المرأة حقيقتهم، وتصورهم بمحمولها وتوقفهم في حالة رعب، تتطور الي صراع وحشي بينها وزوجها وبينهم حتي لا تكشف امرهم عبر المحمول، ويتسارع إيقاع الفيلم ببحث الفريقين عن مخبأ آخر داخل القصر لعودة العائلة وقطع الإجازة بسبب الإعصار ونجاح الاب وابنته وابنه في الفرار الي مسكنهم ليجدوه عائما مثل مساكن الفقراء حوله والمياه تقفز من كل شىء فيه، حتي مياه المجاري، ويحاولون البحث عن ملبس ومأو ولقمة ضاعت من الجميع قبل العودة الاضطرارية الي القصر، والبدروم، والصراع مع سكانه القدامي وهكذا تصل الرحلة بالعائلة الي فقدان الأخت في مجزرة بدأها ساكن البدروم أثناء حفل عيد ميلاد بالحديقةً، وصولا الي قتل «كيم» لصاحب القصر بارك، وهروب الام والابن، والجميع، في نهاية مأساوية تصل بِنَا الي مشارف البداية والتي كان فيها الابن تلميذا مجتهدا لعائلة فقيرة قبل ان يذهب الي القصر وهكذا يبدأ من جديد، مع أمه، في العودة للدراسة باعتبارها الحل الوحيد لأمثاله.

*الحوار المتمدن

أضف تعليقك