سحر القهوة على الشاشة: أفلام صنعت من القهوة بطلاً صامتاً

الرابط المختصر

القهوة ليست مجرد مشروب يوقظ الحواس، بل هي طقس يومي، ورمز ثقافي، ووسيلة تواصل بين الناس. عبرت القهوة من فناجين المقاهي إلى عدسات الكاميرا، فوجدت لها مكاناً بارزاً في السينما العالمية، ليس فقط كخلفية للمشاهد، بل كمحور تدور حوله الحكايات، أو كعنصر يضفي دفئاً ومعنى على العلاقات الإنسانية. في هذه المقالة، نستعرض عدداً من الأفلام التي كان للقهوة فيها دورٌ مميز، حتى وإن لم تكن "البطلة" بالمعنى التقليدي، فقد ظلت حاضرة كرفيق روحي للشخصيات وكنافذة تأمل للمشاهد.

1. Coffee and Cigarettes (2003) - "قهوة وسجائر"

فيلم المخرج الأمريكي جيم جارموش هو أول ما يتبادر إلى الذهن حين نذكر "القهوة" و"السينما" في جملة واحدة. يتكوّن هذا العمل من مجموعة من المشاهد القصيرة (short films) التي تجمع بين شخصيتين أو أكثر، تدور حواراتهم غالباً حول مواضيع عبثية أو فلسفية، وكلها تتم في جلسة قهوة وسجائر. القهوة هنا ليست فقط مشروباً بل طقساً يعكس العلاقة بين الشخصيات، سواء كانت علاقة صداقة، تنافر، أو مجرد فضول إنساني عابر. بأسلوبه الساخر والبسيط، يُظهر الفيلم كيف أن القهوة يمكن أن تكون خلفية لصراعات صغيرة ولقاءات عميقة.

2. A Film About Coffee (2014) - "فيلم عن القهوة"

وثائقي جميل لعشاق القهوة الحقيقية. يأخذنا الفيلم في رحلة بصرية من مزارع البن في رواندا وهندوراس إلى المقاهي المتخصصة في طوكيو وبورتلاند. إنه احتفاء بكل ما له علاقة بالقهوة: الزراعة، الحصاد، التحميص، التحضير، وحتى الطقوس المصاحبة للشرب. يسبر الفيلم أغوار فلسفة "القهوة المختصة" وكيف أصبحت ثقافة قائمة بحد ذاتها. يُعد هذا الفيلم رسالة حب لعالم القهوة، ويكشف الجهد الهائل المبذول خلف كل فنجان يقدَّم لنا.

3. The Coffee Man (2016)

فيلم وثائقي آخر، لكنه يركّز على قصة شخصية: ساسا سيستيك، اللاجئ البوسني الذي أصبح بطل العالم في تحضير القهوة (World Barista Champion). يتابع الفيلم رحلته من الحرب في البوسنة إلى أستراليا، حيث أسّس مملكته الخاصة في عالم القهوة، ثم إلى إثيوبيا، أرض البن الأولى. يعرض الفيلم كيف يمكن لفنجان قهوة أن يكون وسيلة للتغيير، والتواصل بين الثقافات، وحتى للشفاء من ذكريات الحرب.

4. Breakfast at Tiffany’s (1961) - "الإفطار عند تيفاني"

رغم أن الفيلم لا يتمحور حول القهوة، إلا أن مشهده الافتتاحي أصبح أيقونياً: أودري هيبورن (هولي) تقف أمام واجهة متجر تيفاني في نيويورك، بفستانها الأسود الشهير، وهي تتناول قهوتها وكعكتها الصباحية. ذلك المشهد وحده رسم صورة كلاسيكية للقهوة كجزء من أناقة المدينة ونمط الحياة العصري. القهوة هنا ليست موضوعاً، لكنها رمز للحرية والحلم والنظام الشخصي في عالم فوضوي.

5. Coffee Town (2013)

فيلم كوميدي أمريكي تدور أحداثه في مقهى، حيث يعمل بطل القصة عن بعد ويجتمع بأصدقائه باستمرار. حين يهدد تغيير هوية المقهى من مكان "حرّ" إلى مطعم راقٍ، تبدأ سلسلة من الأحداث الكوميدية للحفاظ على نمط الحياة الذي تمثّله القهوة. رغم خفته، يناقش الفيلم قضايا تتعلق بالاغتراب، وغياب الحميمية في المدن الحديثة، والدور الذي تلعبه المقاهي كملاجئ يومية لأشخاص يبحثون عن معنى أو عن لحظة هروب بسيطة من الواقع.

القهوة: أكثر من مشروب

ما يجعل القهوة حاضرة بقوة في السينما ليس فقط انتشارها عالمياً، بل طبيعتها التأملية. لحظات احتساء القهوة تمثل عادةً لحظات صمت، تأمل، أو تواصل حميمي بين الشخصيات. لا عجب أن نجدها في مشاهد الفجر أو الليل، في الحوارات العميقة أو المونولوجات الذاتية.

السينما، كفن يعكس الحياة اليومية ويضفي عليها بعداً جمالياً أو درامياً، كانت دائماً وفية لفنجان القهوة. فسواءً كانت خلفية لصداقة جديدة، ذكرى قديمة، أو حلم لم يكتمل، تبقى القهوة رمزاً للحظات البسيطة التي تشكل جوهر الحياة.