الرسم ، هواية وفن أم رسالة وهدف

ثلاثة أحرف اجتمعت معا لخلق مفهوم حمل في طياته الكثير من معاني الجمال الروحي والبصري. (رسم )، هي تلك الكلمة التي تأخذنا إلى عالم الألوان والإبداع في دمجها لإخراج صورة في منتهى السحر والدقة والجمال. ولكي تخرج تلك الصورة بتلك الدقة فإن ذلك يتطلب يداً ماهرةً وعقلاً مبدعاً وقلباً مرهفاً وعيناً ذات نظرة ثاقبة. ذلك الشخص الذي يحمل كل الصفات لا يسعنا إلا أن نطلق عليه لقب فنان، لأنه تفنن في حمل ريشته وأدواته وإدارتها بشكل فني فريد. وعمل الفنان لا يقل أهمية عن عمل الطبيب او المهندس أو حتى المعلم. فالفنان

  أيضاً لديه رسالة نبيلة تحتّم عليه إيصالها بحق الموهبة التي منحها إياها الرب. فتوجب عليه شكر المعطي بتكريس هذا الفن لعكس تراثه وتاريخ أصوله ورسالته النبيلة. كما أن الفنان بالفعل يعدُّ طبيباً قادراً على الشفاء بدور لا يقل أهمية عن الطبيب . فماذا يقع على عاتق الفنان ليكون عمله متقن وعلى اكمل وجه ؟

 

إن الرسم موهبة عظيمة من امتلكها وقع عليه الاختيار بأن يلعب أكثر من دور في آن واحد. فلست أدري هل من يملكها شخص محظوظ أم عديم الحظ تبعا للمسؤولية التي سقطت عليه جبراً ودخلت دائرة حياته دون استئذان. فهو يلعب دور المعلم عندما يقوم بتعليم هذا الإبداع لأكبر عدد من الطلاب، وكذلك هو أروع معلم لمادة التاريخ حينما يسرق الكلمات وروائح الماضي ويرشقها بدهشة على لوحاته فنشتمها وكأنها عطر وبخور حاضرنا. هو أعظم محاضر رياضيات حين يرينا أن دمج الألوان توجَّب أن يكون بقدر محسوب. وهو ميزان العدالة حين يأخذ حقه بإسقاط مساحة في عالم الرقميات ليتم عملهم بسرعة في زمن الإلكترونيات. هو ناشر لرسالة الحب بين الشعوب حين يقرر اقتحام الساحة السياسية وينصِّب نفسه سفيراً عن أمّته لعكس الصورة المشرقة والنابضة عنها. وهو طبيبا عندما تقرر عزيمته منافسة منقذي الارواح، ومزاحمتهم لخلق حيز له بينهم حين يريهم أن لفنه أثر في جلب الراحة النفسية والبصرية عند النظر إلى تلك التحف الفريدة. هو كل ذلك للذي لا تهزمه الصعوبات والإمكانيات الشحيحة . 

 

أعيد النظر في كلماتي التي تمادت في تقصيرها أمام من أسميناه فنان. فليس من الذوق أن نقول أن هذه الكلمة تكفيه حقه أو تنصفه. ذلك المحارب الشرس الذي تراهن مع القدر بأنّه سيفعل المستحيل ليتقمص تلك الأدوار بحرفية يصعب إيجاد مصطلح في أي قاموس لغوي يعطيه قدره. نرفع لك القبعات، ونطلب عفوك يا ملك الإرادة والقلوب. 

 

أضف تعليقك