"التاريخ والذاكرة الثقافية" لكيت ميتشل إلى العربية

"التاريخ والذاكرة الثقافية" لكيت ميتشل إلى العربية
الرابط المختصر

صدر حديثاً عن دار نينوى الدمشقية كتاب التاريخ والذاكرة الثقافية في الرواية الفيكتورية الجديدة للمحاضرة في الجامعة الوطنية الأستراليّة كيت ميتشل، حيث ترجمت العمل إلى العربية الباحثة والمترجمة الفلسطينية أماني أبو رحمة.

 

تقول أبو رحمة في الكتاب: "تقلب ميتشل في هذه الدراسة الهرمية التقليدية للتاريخ والذاكرة، التي كانت فيها الأخيرة مشاركة في/ وخاضعة للتأريخ، بوصفه الضابط المصحح للذاكرة غير المعصومة من الخطأ".

 

وتعيد ميتشل – وفقاً لأبو رحمة-  بدلاً من ذلك موضعة الذاكرة بوصفها تأسيسية. وليس أنها تظهر من خلال الوسيط التاريخي فقط، بل أنها تشكل الخطاب التاريخي ذاته كونها مكوناً هاماً وأساسياً فيه، إضافة إلى أشكال تذكارية أخرى وكتابات وتسجيلات كانت خاصة حين كتبها أصحابها فتحولت الى عامة، بحيث أصبحت الذاكرة هي من يحدد ما الذي من الماضي يمكن أن يصبح "التاريخ" كما نعرفه.

 

وتضيف صاحبة كتاب " نهايات مابعد الحداثة -أرهاصات عهد جديد ": وبصورة ضمنية، فإن وسائط التذكر و(وسائط النسيان الانتقائي أيضاً) هي التي تنتج الخيالية التاريخية التي يستقي منها "التاريخ" وليس العكس. وتبعاً لذلك -والقول هنا لميتشل- فإن "الرغبة الملحة في المعرفة التاريخية، وفعل التذكر، يتفوق على المعرفة التاريخية ذاتها بحيث يكون الماضي مفتوحاً دائماً من أجل إعادة تشكيل المستقبل من فعل التذكر، بحيث يوفر التخييل فضاء خصباً على نحو خاص لإظهار التحولات المعقدة التي جرت من أجل تحويل الذاكرة الشخصية والجماعية المؤقتة إلى الذاكرة الثقافية الدائمة.

 

ركزت ميتشل في هذا الكتاب على أعمال معاصرة أصبحت بالفعل جزءا من كلاسيكيات (الفكتورية الجديدة) التي طفت على نحو تصاعدي في الدوائر الأكاديمية والخطب السياسية والإعلام والمناهج الدراسية الجامعية والبحوث المتقدمة منذ ثمانينيات القرن الماضي. اختارت ميتشل روايات: أرض المياة لغراهام سويفت (1983)، وامتلاك لانطونيا سوزان بيات (1990) وروايتي سارة ووترز: النشال(2003) وانجذاب( 1999) ثم روايتين أقل شهرة: أضواء ستون لغيل جونز (2004) و صورة تلوية لهيلين همفريز (2001).

 

وتزعم ميتشل في هذا الكتاب أن العودة إلى الماضي الفكتوري نهاية القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة أبعد  بكثير من مجرد (لعبة تلبيس القرن التاسع عشر لغرض استهلاكي بحت)، مرجعةً السبب إلى "أن روايات الخيال الفكتوري الجديدة تنخرط نقديا مع الماضي من خلال تحويل التركيز من مَشْكلة ما بعد الحداثة لكل ولأي معرفة تاريخية، إلى أهمية الاستمرار في السعي لمثل هذه المعرفة (حتى المتنازع عليها) بوسائل جديدة لتسهيل العثور على المعرفة".

 

وتشير أبو رحمة في هذا السياق إلى أنه وبينما تطرح تلك الروايات وعياً ساطعاً بالاشكاليات المتضمنة في تقصي المعرفة التاريخية وتحقيقها، إلا أنها تبقي ملتزمة بإمكانية وقيمة السعي وراء تلك المعرفة. وأشد ما يشغل تلك الروايات هي الطرق التي يمكن بها للرواية أن تزعم معرفة الماضي، جزئيا ومؤقتا، بدلاً من الطرق التي تزعم عدم إمكانية ذلك. تشكل هذه النقطة خروجاً عن الكثير من أطروحات الرواية التاريخية المعاصرة والتي تركز، تبعا لنموذج ما وراء القص التاريخي المؤثر على قضايا مثل الطرق التي تُمشْكل بها تلك الروايات تمثيل الماضي وتبرز إلى الواجهة صعوبات تحقيق المعرفة التاريخية.

 

وتسعى هذه الدراسة لرسم إطار أوسع من ما وراء القص التاريخي ذاته وتناول أيضاً بعض جوانب الفيكتورية الجديدة التي ساهمت في تعزيز ثم توسيع وتحويل هذا الجنس الأدبي الفرعي. وتعيد مقاربة الرواية الفكتورية الجديدة بوصفها جنساً فرعياً من الرواية التاريخية، يربط الرواية المعاصرة بالرواية التاريخية التقليدية، النوع الذي عارضته ليندا هتشيون في ما وراء القص التاريخي.

 

وبسبب ذلك كله، تلخص ميتشل تصورها النقدي لروايات الفكتورية الجديدة بقولها في الفصل الأول: إن روايات الفكتورية الجديدة يجب أن تقرأ بوصفها "نصوص ذاكرة" بمعنى أنها تشكل بفاعلية أفعال الذاكرة الثقافية بدلاً من كونها مجرد روايات أو بديلاً منافساً لصيغة السرد التاريخي في ما بعد الحداثة. وهكذا فإن ما هو على المحك ليس صحة أو عدم صحة تمثيل القرن التاسع عشر، ولكن الطرق، والأغراض، التي يجري بها تذكر الفترة من قبل الكتاب والقراء، بل وشخصيات الروايات ذاتها.

 

أضف تعليقك