هل يسير الأردن على خطى التجربة اليونانية؟

هل يسير الأردن على خطى التجربة اليونانية؟
الرابط المختصر

 

ربما تكون المفارقات كبيرة إذا ما قارنا الإقتصاد اليوناني بنظيره الأردني، خصوصا ما قبل الأزمة المالية في أثينا، إلا أن أوجه التشابه بين بنيّة الإقتصادين حاضرة، من خلال تشابه آلية التعامل مع ملف الديون.

 

الأزمة الاقتصادية اليونانية التي عصفت باثينا خلال الشهور الماضية تتلخص ملامحها ببلوغ قيمة ديّنها العام حوالي 323 مليار يورو، وعجزها عن السداد باعتبارها كانت تعتمد بشكل كبير على الإقتراض لسداد الدين، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة والتضخم وانخفاض نسب النمو.

 

كل هذا – وإن اختلفت النسب والأرقام-  يشبه إلى حد كبير ما يعانيه الاقتصاد الأردني من تحديات اليوم، حيث تبلغ مديونية المملكة أكثر من 90% من الناتج المحلي الإجمالي وفقا للبنك الدولي أو ما مجموعه حوالي 32 مليار دولار.

 

اللافت هنا أن الحكومة تتعامل مع ملف الدين العام بطريقة مستنسخة عن التجربية اليونانية، بحيث تُغالي في الاقتراض من أجل الوفاء بالديون المتراكمة و سد عجز الموازنة، وفق ما يؤكد الخبير الاقتصادي سلامة الدرعاوي.

 

وتُعد دول الخليج من أهم الدول المانحة للأردن، إلا أن الاقتصاد الخليجي وتحديدا السعودي يعاني الآن من ويلات الحرب على اليمن و هبوط أسعار النفط إلى 42 دولار، حيث قامت السعودية ببيع سندات بقيمة 5 مليارات دولار الشهر الجاري، وهي المرة الأولى التي تقدم بها على خطوة كهذه منذ عام ثماني سنوات.

 

كما أن الأردن انخرط فيما يعرف "عاصفة الحزم" ضمن تحالف عربي تقوده السعودية، كما انخرط بالتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، مما يكبد الأردن مبالغ إضافية إلا أن هذه الانخراطات تعتبر لتثبيت المواقف مع السعودية وأميركا.

 

وزير المالية أمية طوقان، أكد الأسبوع الماضي نجاعة السياسات الإقتصادية التي انتهجتها الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي في السنوات الأخيرة الماضية، مستعرضا، أبرز المؤشرات المالية التي تحققت منذ تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الأخير، ليكشف عن تفاصيل جديدة حول الاتفاق الجديد مع الصندوق، حيث سيحصل الأردن على 1.5 مليار دولار طيلة مدة البرنامح.

 

إلا أن سلفه الأسبق محمد أبو حمور يقول إن مؤشرات الاقتصاد الأردني تتراجع في معظم القطاعات وأن الحكومة لو كانت تعتقد بأن الوضع يسير بالاتجاه الصحيح لما لجأت إلى صندوق النقد الدولي من جديد.

 

وقال أبو حمور أن المديونية نمت في السنوات الماضية من 11.5 مليار دينار في عام 2011 إلى 21.5 العام الحالي.

 

وتغطي الحكومة ما نسبته 82 بالمئة من نفقاتها الجارية من الإيرادات المحلية، في حين تقترض لتغطية كامل هذه النفقات و لتغطية الإنفاق الرأسماليّ وفق ما يؤكد رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب النائب يوسف القرنة.

 

وقال القرنة أن الحكومة مطالبة بزيادة الناتج المحلي الاجمالي وتحريك نسب النمو لمواجهة هذه التحديات دون اللجوء إلى القرارات والاجراءات التي تعتمد على الجباية من المواطنيين من خلال رفع الرسوم والضرائب.

 

يؤكد القرنة أن التحدي الأكبر أمام الأردن الآن هو في المحافظة على المؤشرات الجيدة، التي حققها خلال السنوات الثلاث الماضية مع صندوق النقد الدولي، لافتا إلى أن المشروع الجديد مع الصندوق قد يساهم في المحافظة على هذه المؤشرات.

 

في ظل هذه المعطيات، ومؤشرات منخفضة للاقتصاد الأردني ونسب البطالة المرتفعة والتضخم، مع محدودية نسب النمو، وارتفاع أرقام الدين، يبقى الاقتصاد الوطني أمام أزمة تحاول الحكومات المتعاقبة ترحيلها كل منها إلى الأخرى.