كيف سيواجه القطاعان الصناعي والتجاري رفع أسعار الكهرباء ؟
كشفت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن الإثنين، عن تفعيل نظام جديد يحدد التعرفة الكهربائية بشكل شهري، اعتبارا من مطلع العام المقبل.
وبحسب نظام آلية تفعيل بند فرق أسعار الوقود، فإن أسعار الكهرباء المقدمة لـ "المستهلك النهائي"، تحدد بشكل شهري وفقا للكلف، في حال تجاوزت الكلفة أسعار الكهرباء.
وبذلك، ترتبط أسعار الكهرباء بارتفاع أسعار الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء (غاز طبيعي ونفط)، تضاف إليها كلفة الاستطاعة والصيانة والإدارة والتشغيل لشركة الكهرباء الوطنية، إضافة إلى كلفة توزيع الكهرباء.
المحلل الاقتصادي خالد الزبيدي يرى أن تحديد التعرفة الكهربائية مرتبط باتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي لتطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي.
لكن، ما أثر هذا القرار على القطاعين الصناعي والتجاري ؟
اقرأ أيضا:
يؤكد نائب رئيس غرفة صناعة عمان المهندس فتحي الجغبير لـ "عمان نت" أن القطاع الصناعي "يحتضر" وسط غياب تام للمشاورات والشراكة الحقيقية باتخاذ القرارات الاقتصادية الصعبة والهامة في هذه المرحلة.
ويشير الجغبير إلى أن الحديث الحكومي عن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص "معطل" ويختبئ خلف التغني بالتوجيهات الملكية.
وفي الوقت الذي تم تثبيت أسعار الكهرباء سابقا اعتمادا على سعر 100 دولار لبرميل النفط، لا يرى الجغبير مبررا لتغيير المعادلة، خاصة وأن سعر البرميل لم يصل لـ 60 دولارا.
ويوضح بأن أسعار الكهرباء ارتفعت على القطاع الصناعي بنسبة 93 % خلال الخمس سنوات الماضية.
حديثه الجغبير، يتطابق تماما مع تأكيدات ممثل قطاع الألبسة والأقمشة والمجوهرات في غرفة تجارة الأردن أسعد القواسمي، بأن "الشراكة غائبة"، وأن أسعار الكهرباء ارتفعت على القطاع 50 % خلال الفترة ذاتها.
فيما يستفيد القطاع الصناعي من تعرفة مخفضة، لا يتم تقديم هذا الإعفاء للقطاع التجاري، وإن تم تقديم إعفاءات فإن الحكومة ستأخذها من خلال رفع الدعم والإعفاءات عن سلع أخرى، بحسب القواسمي.
ويرى أن التاجر سيواجه ارتفاعا بالكلف الناجم عن تغيير معادلة تسعيرة الكهرباء، وارتفاع الإجارات، وضغط ضعف القوة الشرائية للمواطنين بإحدى الطريقتين، "رفع الأسعار" وما يرافقها من تكدس للبضائع بسبب عدم الإقبال عليها، أو "اغلاق المحلات مبكرا".
الطاقة البديلة هي الحل للقطاع الصناعي، وهو ما وجه به وزير الصناعة والتجارة يعرب القضاه مؤخرا للإستفادة منه من قبل العاملين في القطاع، الأمر الذي يعتبره الجغبير "مكلفا"، لأن 90 % من الصناعات الأردنية صغيرة ومتوسطة، ولا تستطيع البدء بتنفيذها.
ودعا الحكومة إلى تفعيل ذلك في التجمعات والمدن الصناعية الكبرى، واتباع سياسة تشريعية ثابته للحفاظ على ما تبقى من صناعات وطنية وعدم هروب المستثمرين إلى أسواق اخرى.
ويرى ممثل قطاع الصناعات الدوائية مازن طنطش أنه "إذا كان هناك عجز يطالب صندوق النقد الدولي بتغطيته فإن من الأولى بالحكومة النظر بنفقاتها بدلا من المساس بدخل المواطن الذي لا يرى منه شيئا".
يؤيد ذلك الجغبير، بقوله إن رفع أسعار الكهرباء وربطها بسعر برميل النفط شهرياً دون النظر إلى ما يعانيه القطاع من إغلاق للأسواق بما فيها مصر، ومشاكل النقل من ميناء العقبة إلى المصانع، وإغراق السوق بالبضائع المستوردة، كل ذلك يشكل خطورة بالغة على مستقبل الصناعة في الأردن.
هذه الخطورة عبر عنها المحلل السياسي والإقتصادي فهمي الكتوت بشكل أوسع بقوله "إن الحكومات تدخل البلاد في نفق مظلم"، و أن تفعيل نظام جديد يحدد التعرفة الكهربائية بشكل شهري يأتي في سياق السياسات الحكومية الجبائية"، على حد تعبيره.
ويرى الكتوت أن هناك محاولة فصل غير موضوعي بين السياسات الاقتصادية والسياسات المالية في الدولة، وأن الوضع الطبيعي أن تزيد إيرادات الخزينة من خلال تنمية الاقتصاد الوطني وتحقيقه نموا ملومسا على المجتمع وتطورا ملحوظا في إنتاجه.
ويتساءل في هذا السياق "لماذا لم تلتفت الحكومة إلى معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وتوسع رقعة الفقر"، قبل المساس بفاتورة الكهرباء ؟
"سياسات التهميش والإضعاف للحركة الوطنية السياسية التي تمارسها الحكومات تطورت لإضعاف الحركة الاقتصادية، وسيلحقها تبعات اجتماعية لا يمكن السيطرة عليها"، بحسب الكتوت.
وطالب منظمات المجتمع المدني والحركة السياسية لمقاومة إضعافهما، ومحاولة خلق توازن بين القرارين الرسمي والشعبي، ومواجهة قرارات الحكومة بسياسات موازية وسلمية تحت مظلة القانون خشية من ردود أفعال شعبية غير محسوبة.