فلسطين في المناهج.. من يدير معركة الوعي؟

فلسطين في المناهج.. من يدير معركة الوعي؟
الرابط المختصر

يخوض الأربعيني محمود من مدينة إربد؛ معركة وعي مع طفله الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره، في محاولة لشرح تاريخ احتلال فلسطين، والسياق التاريخي للقضية الفلسطينية.

 

   محمود -الذي نشأ على مناهج في حقبة السبعينات والثمانينات؛ لم تمسها تعديلات حكومية حذفت دروسا، وغيرت مصطلحات بخصوص القضية الفلسطينية- يطمح إلى أن يمارس الدور المفقود لكتب شطبت منها دورس كاملة حول تاريخ الصراع مع "إسرائيل" واحتلال فلسطين. 

 

  ويتخوف محمود -الذي يعمل مدرسا لمادة التاريخ- من استبدال مصطلحات تتعلق بالقضية الفلسطينية في المناهج، وتأثير ذلك على وعي الطالب بحقيقة الصراع، كاستبدال "المجازر الإسرائيلية" بـ"الممارسات الإسرائيلية" في المناهج الجديدة.   استدارة كاملة بعد وادي عربة   وقال مراقبون إن معركة الوعي هذه التي يخوضها أهالي الطلبة؛ بدأت بعد استدارة كاملة عن القضية الفلسطينية؛ شهدتها المناهج عقب توقيع اتفاقية السلام مع "اسرائيل" في 25 تشرين الأول 1994، وكانت بوادرها في حذف كتاب "القضية الفلسطينية" الذي كان يدرس للصفوف الثانوية الأولى منذ سبعينات القرن الماضي حتى عام 1994، إلى جانب حذف قصائد ودروس تتحدث بطولات المقاومين، من أبرزها قصيدة "فلسطين داري" و"قصة البطل الصغير"، ودرس عن الطيار الأردني فراس العجلوني، الذي استشهد في قصف الطيران الإسرائيلي للقاعدة الجوية في المفرق عام 1967.  

 

 وقال د.عبدالله النقرش، أحد مؤلفي كتاب "القضية الفلسطينية" إن "الكتاب كان يشكل حالة وعي متقدمة لدى الطلاب حول تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ويبدو أن ذلك لم يتوافق مع الخط الرسمي للأنظمة العربية، ولذلك لم يستمروا في تدريسه". 

 

  وأضاف نقرش  أن وجود القضية الفلسطينية في المناهج الحالية يُعد "وجودا مزورا، ولا يعتبر حالة أصيلة تنشئ حالة من الوعي والفهم الحقيقي للمسألة، بالرغم من عدم وجود تعارض بين أن تكون القضايا المبدئية راسخة في ثقافة الشباب والمجتمع، وبين أن يتعامل النظام الرسمي مع أية مسألة سياسية ضمن الظروف الطارئة". 

 

  200 تعديل بعد توقيع المعاهدة مباشرة  

 

 ورصدت لجنة مقاومة التطبيع النقابية؛ ما يقارب 200 تعديل طالت المناهج فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعلاقة مع اليهود؛ عقب توقيع معاهدة السلام مباشرة، بحسب ما رئيس اللجنة د. مناف المجلي.   وقال المجلي لـ"عربي21" إن "التعديلات استمرت بعد توقيع الاتفاقية حتى يومنا هذا، بعد أن نصت المادة 11 من المعاهدة صراحة على ذلك، لتصبح المعركة معركة وعي ومفردات، ذات تأثير متنامٍ"، مؤكدا أن "وعي الشعب يقف حتى الآن في وجه هذه التعديلات، ولكن إلى متى سيستمر هذا الوعي؟". 

 

  وأضاف: "المناهج الحكومية الأردنية تتماشى مع معاهدة وادي عربة، ومع الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وبأن إسرائيل باتت جارة للأردن".   ونصّت المادة 11 من المعاهدة على التفاهم المتبادل، وعلاقات حسن الجوار، وتطرقت لضرورة "الامتناع عن القيام ببث الدعايات المعادية، القائمة على التعصب والتميز، وأن يمتنع الطرفان عن مثل هذه الإشارات أو التعبيرات في كافة المطبوعات الحكومية".  

 

 تغييرات أثرت على الوعي  

 

 من جهته؛ قال الخبير التربوي، الرئيس السابق للجنة معلمي وكالة الغوث، كاظم عايش، إن "التغييرات التي حدثت في المنهاج أثرت كثيرا على وعي الشباب تجاه قضيتهم وحقوقهم في فلسطين، وسعت إلى تهيئة الأجواء للتطبيع والتعايش مع العدو".  

 

 وأضاف عايش أن "تغيير المناهج فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بعد توقيع اتفاقية وادي عربة؛ كان أمرا متوقعا، وكانت التغييرات من أجل تحقيق متطلبات المعاهدة، بعد أن كان لهذه المناهج دور كبير في زيادة وعي الطلبة تجاه فلسطين، وترسيخ الحق العربي والإسلامي فيها". 

 

 عنصرية في المناهج الإسرائيلية 

 

  أما المناهج التدريسية لدى الطرف الإسرائيلي، وخصوصا في المدارس الدينية؛ فالحال فيها يبدو مختلفا، حيث تشتمل على دروس تعزز الكراهية للعرب والفلسطينيين، بحسب مختصين. 

 

  وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، رئيس تحرير موقع "بني إسرائيل نيوز" أيمن الحنيطي، إن المدارس الدينية اليهودية التي ترعاها الدولة، والتي تسمى "يشيفوت" وتنتشر في القدس المحتلة؛ تعلم الطلبة أن عدوهم هو العرب والفلسطينيون، مشيرا إلى أن لديهم مساقا لتعليم اللغة العربية من منطلق "من تعلم لغة قوم أمن شرهم".   

 

وأضاف الحنيطي أن وزير التربية والتعليم الإسرائيلي هو زعيم حزب "البيت اليهودي" المتشدد، نفتالي بينيت، الذي يستغل وجوده في ائتلاف نتنياهو الحكومي، لغرس العنصرية والتطرف في المدارس الدينية، والسعي ليل نهار لطمس كل ما هو عربي وإسلامي في المدارس العربية والمقدسية، وتعليم عرب الداخل اليهودية والتوراة بدلاً من القرآن".  

 

 موقف رسمي مشكك

 

   أما رسميا؛ فرغم كل التعديلات والحذف الذي طالت المناهج فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؛ تصر الحكومة على القول بأن المناهج الجديدة "تضمنت دروسا معمقة عن القضية الفلسطينية، والحقوق العربية التاريخية في فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف"، بحسب وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات، الذي قال في مؤتمر صحفي عقده في 5 تشرين الأول الحالي، إن "القضية الفلسطينية مرتكز من مرتكزات فلسفة التربية وأهدافها، والمناهج الأردنية لن تحيد عن ذلك