غرائب ونوادر الكتابات على سيارات الزرقاويين

غرائب ونوادر الكتابات على سيارات الزرقاويين
الرابط المختصر

تبتدئ العبارة المكتوبة على الـ"ديانا" التي اعتادت التوقف أمام محل للسجاد قرب حديقة البنك العربي في الزرقاء الجديدة، بتوليفة رومانسية تقول "زهرة شبابي.."، لكنها لا تلبث أن تاتي بقفلة غير متوقعة مفادها أن تلك الزهرة "أكلتها غنمة"!.

 

ربما تدخل هذه العبارة في باب المستظرف المستطرف بالنسبة للبعض، وقد يرى فيها غيرهم حكمة ذات مغزى، والأمر هنا نسبي، كما هي الحال مع مضامين العبارات والملصقات الأخرى التي تغطي أبدان وزجاج كثير من سيارات الزرقاويين.

 

على أن الامر يبدو مغايرا في ما يتعلق ببعض المضامين الجدلية التي قد يستهجنها قطاع من الأهالي، لما يجد فيها من إساءة أو خدش للحياء، وأحيانا من خروج على القيم.

 

ومن الأمثلة عبارة "وجع أسنان ولا نكد نسوان" التي خطها أحدهم على سيارته، ووصفها سلمان الزواهرة بأنها "مسيئة ومخزية"، متسائلا باستهجان "ما هذه العبارة؟".

 

وطالب الزواهرة الشرطة بالتدخل لإزالة مثل هذه العبارة وسواها عن السيارات في الزرقاء. علما أن القانون يمنع الملصقات والكتابات على المركبات.

 

وقال "أي نعم هناك مخالفة، ولكننا نرى السيارات تحمل عبارات، ولا نرى أن المخالفات تزيلها"، محذرا من أن الكتابات والملصقات يمكن أن تتسبب في تشتيت السائقين الآخرين، وتكون بالتالي سببا لوقوع حوادث.

 

وأوضح "حين أسير خلف مركبة، فإنني انتبه للعبارة المكتوبة أكثر من الشارع، وهناك عبارات تضطر الشخص إلى أن يفكر ويحلل حتى أنها تنسيه الطريق".

 

لا تهم أحدا

صالح الخلايلة، أيّد ما ذهب إليه الزواهرة بشأن تشتيت بعض الكتابات انتباه السائقين، مؤكدا أنها لا تعني أو تهم أحدا غير من يكتبها.

 

وقال أنها "عبارات لا علاقة لنا بها، ولا تعنينا، وهي كمن يضع أغنية ويجبرنا على سماعها".

 

وأضاف "مثلا يكتب أحدهم -مرهونة أو مديونة- يا أخي لا شأن لي بك. هذه عبارات لا تخصنا ولا تعنينا، إذا كنت تريد أن تكتب فاذهب وألّف لك ديوان شعر، ولا داعي لأن تكتب على سيارتك".

 

وتصف ضحى فرح ظاهرة الكتابة على السيارات بالسخيفة، وإن كانت تقر باستمتاعها أحيانا بمتابعة ما يخطه بعض السائقين على سياراتهم.

 

وقالت "هذا الأمر مثير جدا للضحك، وأشعر أن السائق إنسان لديه حالة نفسية، وينقل ما لديه لمركبته"، مضيفة أنها حين تشاهد عبارة ملفتة أثناء قيادتها سيارتها، فهي تسارع إلى هاتفها وتلتقط صورة لتلك العبارة لكي تتندر بها لاحقا مع صديقاتها.

وأضافت ضحى أن هذا التصرف كاد يتسبب عدة مرات بفقدها السيطرة على السيارة ووقوع "كارثة" على حد تعبيرها.

 

"طلعت معي"

على أحد باصات الكيا، كتب السائق أنس الهندي عبارة تقول "طلبوا مني تاج امرأة فأحضرت حذاء أمي"، وعندما سالناه عن دافعه إلى اختيارها، اكتفى بالرد "لا اعرف كيف طلعت معي"، ويعني أنها خطرت له هكذا فجأة.

 

وقال "هو إحساس يراودني حين أتذكر أمي، وأيضا كلما خطرت لي عبارة جديدة، فإنني أقوم بخطها على الباص"، مستدركا بتقديم نصيحة لمن يرغبون في وضع عبارات على مركباتهم، بأن "تكون معقولة ويتقبلها الآخرين، ولا تكون فيها إهانة".

 

وعادة ما يلجأ أنس وغيره من السائقين إلى الخطاطين من أجل كتابة العبارات على مركباتهم، وأيضا إلى محال زينة السيارات للحصول على الملصقات التي تبيعها جاهزة أو تقوم بتغيير مضمونها وشكلها حسب طلب الزبون.

 

وكشف هذا الشاب عن أنه تمت مخالفته سابقا بسبب العبارة المكتوبة على الباص، مؤكدا أنه لم يقم بإزالتها برغم المخالفة.

 

وبدوره أيضا أكّد محمد الكسواني أنه تم تحرير مخالفة في حقه قيمتها 15 دينارا، بسبب عبارة ملصقة على القلاب الذي يملكه، والتي يقول نصها "خلقت من تراب وأعمل في التراب وسأُدفن تحت التراب".

 

وأوضح الكسواني أنه ليس بصاحب العبارة، بل كانت موجودة على القلاب منذ اشتراه من مالكه السابق، ولما وجد أنها تنال إعجاب الناس، قرر إبقاءها، مشيرا إلى أنه يقوم بنزعها عندما يحين موعد تجديد ترخيص القلاب، ثم يعيدها بعد ذلك.

 

إنت معلم

تتفاوت أسعار الملصقات تبعا للنوع والحجم، بحسب ما يوضحه إبراهيم المشهراوي، أحد العاملين في محل لزينة السيارات.

 

وقال المشهراوي "يتراوح سعر القطعة (الملصق الصغير) من نصف دينار إلى دينار، ويرتفع السعر بحسب الحجم"، مضيفا أن "التركيب لا يستغرق أكثر من خمس دقائق، لكن تفصيل الملصق حسب طلب الزبون هو الذي قد يستغرق بعض الوقت".

 

وأكد أن محلات الزينة تشهد إقبالا متزايدا من الراغبين بوضع ملصقات على سياراتهم، مشيرا إلى أن أكثر الطلب حاليا هو على ملصق "خليك شنب" الذي يحث على الرجولة، فضلا عن الملصقات التي تتضمن عبارات تسعى إلى دفع الحسد والعين.

 

ولفت المشهراوي إلى أن أصحاب السيارات هم من يحدد مضمون الملصقات ودون تدخل من المحلات، نافيا تضمنها إهانات، وخصوصا للمراة. وقال "مستحيل أن تكون فيها إهانة، هي تأتي من باب المداعبة فقط لاغير".

 

ذات الأمر أكده جاره أحمد، والذي عزا تزايد الإقبال إلى ارتفاع أعداد السيارات، مشيرا إلى أن أكثر الطلب في محله هو على ملصق "إنت معلم"، والذي درج بعد ذيوع الأغنية التي تحمل هذا الاسم.

 

تفريغ انفعالي

تفسر الاخصائية الاجتماعية آمال العموش ظاهرة الكتابة والملصقات على السيارات، بأنها نوع من "التفريغ الانفعالي" لما يعتمل في دواخل السائقين، وخصوصا منهم الشباب.

 

وقالت أنهم "يعبرون بهذه الكتابات عن تفريغ إنفعالي لمشاعرهم، وعن مدى تقبلهم للأمور التي كانت من نصيبهم، فقد يكون واحدهم قليل الحظ في الدنيا فيعبر عن حاله بهذه الطريقة" أي بوضع ملصق يتماهى مع تلك الحالة.

 

وحذرت العموش من أن بعض الكتابات قد تكون مؤذية للآخرين، حيث أنه قد يقرأها شخص ولا يفهم معناها، خاصة إذا كانت مكتوبة بالعامية، فيسرح الفكر مدققا فيها وفي مغازيها وهو يقود سيارته، فيشغله ذلك عن الطريق وقد يتسبب بحادث.

 

كما رأت أن مضامين بعض العبارات يعمل على تكريس مفاهيم اجتماعية خاطئة، وخصوصا تجاه المرأة.

 

وضربت مثلا عبارة رأتها على سيارة أحدهم، ويقول نصها "عاملت الدنيا كأنها أمي، وعاملتني كأنها زوجة أبي"، معتبرة أن من شأن مثل هذه العبارة تقديم صورة سلبية لزوجات الآباء ووصمهن ضمن المجتمع بأنهن نساء ظالمات.

 

جدير بالذكر أن وضع ملصقات أو عوائق على السيارة يعد مخالفة يعاقب عليها القانون، والذي ينص على أن من يقوم بإدخال أي إضافات على المركبة خلافا للأنظمة والتعليمات الصادرة لهذه الغاية يعاقب بغرامة مقدارها 15 دينارا.

 

وأحيانا لا تقتصر العقوبة على المخالفة المالية فقط، بل تترافق مع سحب الرخص من السائق لحين تصويب الوضع بإزالة الملصقات الموجودة على المركبة.