طاهر المصري:إسرائيل تعيش في حالة غير مسبوقة من الأمان

طاهر المصري:إسرائيل تعيش في حالة غير مسبوقة من الأمان
الرابط المختصر

قال رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري الأحد إن "إسرائيل تعيش في حالة عير مسبوقة من الأمان في ظل تراجع ترتيب القضية الفلسطينية على جدول مشاكل العالم والإقليم".

مضيفا أن الغرب "حشر العرب في زاوية محاربة الإرهاب الذي غذّاه وأوجد أدواته" ووضع الأمة في اقتتال عربي إسلامي، وأن على الأمة أن توقف هذا الاقتتال والانفكاك من علاقات التبعية إلى علاقات الندية والاستقلال الحقيقي، والمواءمة بين ضرورة الأمن الداخلي الوطنني دون تفريط بالأمن القومي العربي".

تصريحات المصري تأتي في كلمة له خلال ندوة عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان -ألقاها عنه أحد زيان زوانة الخبير الاقتصادي الأردني- ، اعتبر المصري أن العلاقات العربية– العربية تمر بحالة من التشويه والانقسام غير المسبوقة بانتقالها إلى حروب طائفية وأهلية في العراق وسوريا وليبيا واليمن، وأن هذه الحالة فتحت الباب على مصراعيه للقوى الإقليمية الثلاث إسرائيل وتركيا وإيران لتتقاسم النفوذ الإقليمي وتسيطر على ما تستطيع من التراب العربي في ظل غياب القوة الإقليمية العربية وانشغال العرب ببعضهم بحجج الطائفية والمذهبية ومحاربة الإرهاب".

وأشار المصري إلى أنه في ظل ما تمر به المنطقة من وقت حرج، والذي يُهدّد النظام السياسي العربي برمته، يستضيف الأردن قمة عربية بعد اعتذار دول عربية عن استضافتها، الأمر الذي يسهم في تقوية جامعة الدول العربية المؤسسة العربية الوحيدة الباقية، وإعطائها فرصة.

فيما أكد الدكتور مصطفى عثمان وزير الخارجية السوداني الأسبق والمندوب السوداني الدائم لدى الأمم المتحدة أن المنطقة تواجه تحديات وجودية لم تشهدها منذ حرب 1967، وأن من أبرز التحديات الراهنة هو تفكك النظام العربي الإقليمي الذي ظل سائداً منذ عقود، وبداية تشكل نظام إقليمي جديد تتصارع عليه عدة قوى دولية، معتبراً أن من أبرز محددات تشكيل النظام الإقليمي الجديد هو مآلات الحرب السورية.

واعتبر عثمان أن نتيجة الانتخابات الامريكية وما أظهرته من شرخ في المجتمع الأمريكي بين تياري الأصولية والحداثة، سيكون لها تأثير ملموس على جملة التوجهات الأقليمية في المنطقة، وأن فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية ونظرته للسياسة الأمريكية تجاه المنطقة سيقود إلى تحولات كبيرة وفقاً لنوع وحجم الاستثمار المتوقع لمقدرات القوة الأمريكية ونفوذها السياسي في المنطقة، كما سيعتمد على خيارات السياسة الروسية في المنطقة والتي تتجه نحو إعادة تركيز قوتها في الإقليم.

من جهتها أكدت روزمري هوليس أستاذة دراسات الشرق الأوسط في جامعة "سيتي" في لندن، عدم  وجود إجماع أو تحالف دولي يمكنه إعادة فرض النظام في الدول العربية التي تشهد حالة من انعدام الاستقرار، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها، وأنه لا تلوح في الأفق بوادر اتفاقات أو تسويات لما تمر به هذه الدول على غرار اتفاق "الطائف" الذي وضع حداً لخمسة عشر عاماً من الحرب الأهلية في لبنان.

وشدّدت هوليس في كلمتها بأن "الغرب" يعيش اليوم تحولاً مُهماً سيعيق عودة سياسة التدخل في الشرق الأوسط كما عرفت في القرن العشرين، وأن كلاً من الولايات المتحدة والغرب تشهدان ما وصفته بحركة نكوصية قوية ضد العولمة تجسدت في "الشعبوية، فيما ستؤدي الانقسامات التي تشهدها أوروبا والولايات المتحدة إلى انشغال -وفي بعض الأحيان شلّ عمل- الحكومات على جانبيْ الأطلسي لسنوات قادمة.

وأكدت هوليس بأن تداعيات ذلك على التدخل الغربي في العالم العربي يأخذ صورة غير واضحة المعالم، مستبعدةً أن نشهد خططاً جديدة وشاملة لدمقرطة المنطقة -كتلك التي أطلقتها إدارة بوش عند اجتياح العراق. كما أنه من المستبعد -وهذا شيء إيجابي- أن نشهد اجتياحات جديدة على غرار اجتياح العراق. وعوض ذلك سنشهد علاقات ثنائية مع كل قطر عربي على حدة وهو أمر ستكون له الأولوية على أي توجهات تتبنى سياسة عامة للتعامل مع الإقليم ككل.

وختمت هوليس بالتأكيد على أن المنطقة العربية أمام لحظة تحول تاريخية؛ فمسارات الأحداث تبعث على الخوف حيث أن إمكانية إحياء النظام الذي ساد في العالم العربي نهاية القرن العشرين أصبحت غير قابلة للتحقق، وهو ما برهنت عليه الانتفاضات العربية. ومع ذلك فهذا من شأنه يشكل فرصة أمام عمل عربي جماعي يسمح للعرب بالتأثير في مستقبل المنطقة قبل أن تبزغ إلى الوجود قوة خارجية جديدة ومهيمنة.

من جانبه أشار جواد الحمد –رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط- إلى أن بحث العلاقات العربية- الدولية يُعدّ شرطاً لرفع مستوى التفكير السياسي العربي خارج دائرة الخلافات والصراعات بين النخب الحاكمة فيها، ومحاولة لوضع مستقبل العرب في العال والسياسة العالمية على طاولة البحث والتفكير، حيث تعتبر العلاقات الدولية للدولة ورقة أساسية من أوراق نهضتها وتقدمها وفق المفاهيم المختلفة في النظريات السياسية والاقتصادية.

ويرى الحمد أن العالم العربي أقام علاقات غالبها فردي مع دول العالم على الصعيد الاقتصادي والسياسي، ومؤخراً وبقوة على الصعيد الأمني والعسكري، وأن الاختلال كان لا زال سيّد هذه العلاقات، التي تعمل في الغالب لصالح دول النظام الدولي الكبرى، وأن العالم ما زال لا يعترف بأن هذا العالم العربي له شخصية وكيان يستحق أن يكون شريكاً في رسم سياسات المنطقة والعالم.

وتأتي الندوة ندوة بعنوان "العلاقات العربية- الدولية، الواقع والآفاق"، شارك فيها 12 باحثاً من عدة دول عربية وحشد من الأكاديميين السياسيين الأردنيين والعرب.

العلاقات العربية- الأمريكية والروسية

وناقشت الجلسة الأولى التي أدارها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران، العلاقات العربية- الأمريكية والروسية، حيث أشار الدكتور مجدي حماد- رئيس مجلس أمناء الجامعة اللبنانية الدولية في ورقة له حول العلاقات العربية- العربية ودورها في العلاقات العربية الدولية إلى أن النظام العربي –في الوقت الذي تشتتت جهوده وطاقاته خارج حدوده وداخلها– لم يواجه من قبل خطر الانفراط من داخله، لكن الزلازل التي تعرّض لها طوال العقود الأربعة الماضية، واستمرارية تداعياتها المدمرة، تؤكدان أن التحدي الأكبر الذي سيواجه هذا النظام هو تحدي الانفراط من الداخل. وهذا هو المعنى الحقيقي للقول بأن مشروع النهضة العربية برمته يواجه نوعاً من تحديات المصير: يكون أو لا يكون.

فيما أكد الدكتور أسامة عبدالرحمن الدوري- أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة بغداد في ورقة بعنوان "واقع العلاقات العربية الأمريكية وآفاقها المستقبلية" أن افضل وسيلة أمام العرب هو الاهتمام ببناء القدرات العلمية والتقنية والاهتمام بالتعليم، ومن جهة أخرى على العرب أن يدركوا أن عصر النفط بدأ يذوي ولا بد لهم أن يتجهوا لبناء اقتصاد خارج مظلة النفط، ويجب أن يفكروا بشكل جدي بالمستقبل.

وأشار الدكتور خالد العزي- باحث متخصص في الشؤون الروسية من لبنان في ورقة حول "العلاقات العربية الروسية" إلى أن روسيا وانطلاقاً من المصالح الاقتصادية بدأت تتوجه من جديد نحو العالم لاستعادة دورها السياسي في الحلبة السياسية الشرق أوسطية، فيما كان العالم العربي جزءاً أساسياً من التفكير الدبلوماسي الجديد الذي بدأ يديره الرئيس بوتين من أجل ربط مصالح اقتصادية جديدة لحلفاء جدد، حيث أن العلاقات بدأت تُرمّم بطريقة سريعة بين العالم العربي وروسيا حيث بدأ العرب ينظرون إلى روسيا كونها الجسر الحضاري والثقافي الرابط بين الشرق والغرب في ظلّ القرية الكونية الجديدة.

"العربية- الأوروبية"

وفي الجلسة الثانية التي عقدت بعنوان "العلاقات العربية- الأوروبية" والتي أدارها الدكتور إسماعيل عبد الرحمن- أستاذ الاقتصاد، قدم الدكتور محمد بوبوش الباحث في العلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بالمغرب ورقة بعنوان "الاتحاد المغاربي- دول مجلس التعاون الخليجي"، أشار فيها إلى ضرورة أن يصلح الاتحاد الأوروبي سياساته في منطقة المغرب العربي، من أجل مصلحته هو أولاً، ثم من أجل مصلحة المغرب العربي، وأن على بلدان المغرب العربي نفسها أن تتجاوز عاداتها القديمة، فتُسوي خلافاتها وتنفتح في أنظمتها السياسية، ليُشارك فيها الجميع، وتُنوع اقتصاداتها وأسواقها الخارجية، وتدعم التكامل الإقليمي فيما بينها.

فيما تحدث الدكتور أديب زيادة الباحث المتخصص في السياسة الخارجية الأوروبية في جامعة إ في كستر البريطانية، ورقة له بعنوان "بريطانيا والاعتراف بالدولة الفلسطينية: قراءة في موقف مجلس العموم البريطاني"، حول ضرورة البناء على التطور الإيجابي في السياسة الخارجية البريطانية لدفع الساسة إلى الكفّ عن الكيل بموازين مختلفة عبر الضغط على إسرائيل بالعقوبات، وإقناع أولئك الساسة في الوقت ذاته بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة من أجل نيل حقوقه.

"العلاقات العربية– الفرنسية"

وفي ختام الجلسة قدم الدكتور أحمد سعيد نوفل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، ورقة بعنوان "العلاقات العربية– الفرنسية" أشار فيها إلى محاولة فرنسا التنسيق مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا للعب دور مشترك في عملية السلام في الشرق الأوسط، وهذا الموقف هو الذي أدى إلى تشكيل اللجنة الرباعية التي وضعت خطة خريطة الطريق.

كما أكّد نوفل على أن فرنسا تُريد أن تُقوَّي علاقاتها مع الدول العربية، والاستفادة منها في تنشيط دورها في تسوية القضية الفلسطينية، وهي في الوقت ذاته لا تريد فصل التعاون الاقتصادي الأوروبي-العربي عن الدور السياسي الفرنسي في الشرق الأوسط.

 

أضف تعليقك