استطاعت مواقع التواصل الإجتماعي أن تمنح المواطن الأردني منصة يستطيع من خلالها طرح أفكاره الخاصة والتفاعل مع الأحداث من حوله، ورفعت سقف الحرية بطريقة غير مسبوقة، إلا أنها لم تمنحه حرية مطلقة فهي حرية مقيدة بالقانون وخاصة فيما يتعلق بتوجيه اتهامات مباشرة إلى الشخصيات العامة منها أو الخاصة.
فرغم صيانة الحرية الشخصية للمواطن وفقا للمادة السابعة من الدستور الأردني، إلا أن الفقرة الثانية من ذات المادة تنص على جرم الاعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، والمعاقبة عليها.
وخلافا لوسائل الإعلام المختلفة، باتت مواقع التواصل الاجتماعي عبر الفضاء الالكتروني، تزخر بما يعتبر من باب القدح والذم والتشهير بالشخصيات، ونشر تفاصيل عن حياتهم الشخصية بطريقة قد تسبب ضررا معنويا وماديا لهم.
المحامي المختص في شؤون الإعلام محمد قطيشات، يرى أن انتشار التشهير على مواقع التواصل الاجتماعي يعود إلى اعتقاد شرائح من المجتمع بأن هذه المواقع لا يطالها القانون، مشيرا إلى أن ما ينطبق على الحياة الواقعية ينسحب على المواقع الافتراضية، ويمكن مقاضاة كل من يشهر بأي مواطن عبرها، استنادا إلى القوانين النافذة.
ويحظر قانون المطبوعات والنشر تداول ما يمكن أن يدخل في إطار التشهير عبر وسائل الإعلام التي تشمل مواقع التواصل الاجتماعي، دون ورود عقوبات فيه لهذه التهمة التي ينظر بها استنادا إلى قانون العقوبات.
ويعرف قانون العقوبات الذم على أنه إسناد مادة معينة إلى شخص، ولو في معرض الشك والاستفهام، من شأنها أن تنال من شرفه وكرامته، فيما يعرف القدح على أنه الاعتداء على كرامة الغير أو شرفه أو اعتباره من دون بيان مادة معينة.
أما التحقير، فهو كل تحقير أو سباب، غير الذم والقدح، يوجه إلى المعتدى عليه وجها لوجه بالكلام أو الحركات أو بكتابة أو رسم لم يجعلا علنيين أو بمخابرة برقية أو هاتفية أو بمعاملة غليظة.
وتتفاوت عقوبة الذم والقدح لتبدأ بالحبس لمدة شهر والغرامة المالية في حال طالت شخصاً أو موظفاً عاما، لتصل إلى سنتين في حال كان موجها إلى مجلس الأمة أو أحد أعضائه أثناء عمله أو إلى إحدى الهيئات الرسمية أو المحاكم أو الإدارات العامة أو الجيش أو إلى أي موظف أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب ما أجراه بحكمها، فيما تصل إلى 3 سنوات في حال طالت الملك أو أحد أفراد عائلته، بحسب المادتين 191 و195 من قانون العقوبات.
فيما يؤكد قطيشات حق أي إنسان بانتقاد سلوك أو أداء أي شخصية عامة، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة التركيز على أدائه وسلوكه، وانتقاء كلمات ومصطلحات لا تحتوي على إساءات قد تلحق به ضرراً قانونياً.
رئيسة قسم البحوث في موقع حبر والمختصة في المحتوى الإلكتروني ريم المصري، مع أنها تؤمن "بالحرية المطلقة" وضرورة تحرير الإنترنت والسماح بتناقل المعلومات دون أي قيود، إلا أنها ترفض مسألة الإساءة والتشهير بالأشخاص التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم ذلك تؤكد المصري على الحق في مساءلة الشخصيات العامة، التي تتقلص مساحتها الشخصية بحكم عملها، مشيرة إلى أهمية الابتعاد عن "الشخصنة" في انتقادها والتركيز على أدئها العملي.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة عدداً من حالات "التشهير" بتفاصيل الحياة الخاصة لشخصيات عامة وشخصيات ولعل أبرزها حادثة وزيرة الاتصالات الجديدة في حكومة عبدالله النسور مجد شويكة، وحادثة وزير التربية والتعليم السابق محمد الوحش الذي أحيلت قضيته إلى القضاء.