بنغال وباكستانيون بالظليل .. من عمال وافدين إلى أزواج وأصهار مقيمين

بنغال وباكستانيون بالظليل .. من عمال وافدين إلى أزواج وأصهار مقيمين
الرابط المختصر

 

-       بنغال وباكستانيون بالظليل.. من عمال وافدين إلى أزواج وأصهار مقيمين

-       أردنيات يؤكدن نجاح تجربة زواجهن من آسيويين وأخريات يأكلهن الندم

-       خبيرة: ارتفاع المهور وعزوف الشباب الأردني يدفع مواطناتهم لهذه الزيجات

نيفين (أم عبدالرحمن)، واحدة من عشرات المواطنات في الزرقاء، واللواتي تزوجن على مدى الأعوام الماضية من أشخاص بنغاليين وباكستانيين كان معظمهم وفد إلى الأردن بغرض العمل في مصانع الظليل.

 

اليوم، وبعد أن مضت ثماني سنوات على زواجها الذي تحدت الوصمة والرفض الاجتماعي من أجل إتمامه، لا تخفي أم عبدالرحمن عمق ندمها على اليوم الذي قررت فيه الاقتران برجل يحمل الجنسية البنغالية.

 

كانت تعرفت إليه أثناء عملهما معا في نفس المصنع في الظليل، وارتبطا حينها بعلاقة قررا لاحقا تتويجها بالزواج، كما تقول.

 

وتضيف "كنت أسعد برؤيته لساعات في المصنع، لكن بعد الزواج، أصبح الوضع مختلفا، فالساعات باتت تمر دهورا".

 

لم تكشف أم عبدالرحمن بالتفصيل أسباب تغير مسار حياتها معه إلى الأسوأ، لكنها قالت أن من ضمنها الضغوط الناجمة عن "نظرة المجتمع إلي لأنني متزوجة من بنغالي". ومع ذلك، فهي لا ترى أن الانتقال للعيش معه  في بلده سيكون حلا، بل هي ترفض الفكرة قطعيا، وتتمسك بالبقاء في بلدها برغم كل شئ.

 

احتكاك ومصاهرة

وتوثق السجلات الرسمية 24 واقعة زواج بين أردنيات ووافدين من الجنسيتين البنغالية والباكستانية في محافظة الزرقاء خلال السنوات الأربع الماضية، وهو رقم يقترب مما تم تسجيله في العاصمة عمان لذات الفترة.

 

ويقدر عدد العمال الوافدين في مصانع الظليل بنحو 13 ألفا معظمهم من جنسيات دول شرق آسيوية (بنغلاديش وباكستان  وسريلانكا واندونيسيا والهند) وهم يشكلون نحو 70 بالمئة من العمالة في تلك المصانع.

 

وبينما أقام قسم منهم في مساكن توفرها المصانع، إلّا أن كثيرين فضلوا استئجار بيوت ضمن أحياء الظليل، الأمر الذي عزز احتكاكهم بالأهالي، ووثق الصلات بين الطرفين، حتى بلغت أواصر المصاهرة في بعض الحالات.

 

ومن وحي تجربتها، تسدي أم عبدالرحمن نصيحة إلى الفتيات اللواتي قد يفكرن في الزواج بأشخاص من هذه الجنسيات، ومفادها أن لا يقدمن على هذه الخطوة "أبدا".

 

ذات النصيحة تكررت على لسان سناء  (أم محمد)، وهي متزوجة من باكستاني منذ 21 عاما، ولها منه عدة أبناء.

 

وقالت أم محمد "أنصح الراغبات في الزواج من غير العرب بعدم المضي في هذه الخطوة، فهناك اختلافات كثيرة في العادات والتقاليد، وليس من رابط معهم سوى الدين الإسلامي فقط".

 

وأوضحت "ما دفعني إلى هذا الزواج كان تجربتي الفاشلة في زواجي السابق ورغبتي في الاستقرار"، مضيفة أنها تحدت في سبيله "القيود والممنوع والعيب في المجتمع".

 

وتلفت أم محمد إلى أنها سافرت مع زوجها ذات مرة إلى باكستان، ولكنها شعرت بغربة جعلتها لا تطيل المكوث وتقرر العودة سريعا إلى الأردن، بخلاف أبنائها الذين "يحبون" بلد أبيهم كما تقول.

 

زيجات ناجحة

على النقيض، تؤكد سعاد محمد  المتزوجة من بنغالي منذ سبع سنوات، وسبقتها أختها في الزواج من سريلانكي كان أعلن إسلامه، أن مثل هذه الزيجات يمكن أن تنجح برغم اختلافات اللغة والعادات والتقاليد.

 

وتوضح سعاد أن اللغة لم تكن عائقا حيث أن زوجها يتقن العربية بحكم أنه أمضى في الأردن أحد عشر عاما، كما ترى إمكانية لتاقلمها مع مجتمع زوجها في حال قرر العودة للاستقرار في بنغلاديش، وبالتالي فهي لا تمانع في العيش هناك.

 

من جهتها أبدت ترحيبا بفكرة الانتقال للعيش في بلد زوجها البنغالي الذي كانت قد ربطتها معه علاقة امتدت سنتين قبل زواجهما.

 

وتقول "لو كنت ضد الانتقال معه إلى بلده لما تزوجته أصلا"، مضيفة أنه "لو بعد عشرين أو خمسة وعشرين عاما فلا بد من الذهاب إلى هناك، ولو حتى لمجرد الزيارة".

 

وتعبر هذه المرأة عن أمنيتها في حصول أبنائها على الجنسية، أو على الأقل أن يحظوا مع أبيهم بتسهيلات أكثر في الأردن، وخصوصا لجهة الإقامة.

 

(أم علي) المتزوجة من بنغالي كانت تعمل معه في مصنع بالظليل، تؤكد أن زواجها المستمر منذ ثمانية أعوام أثبت أنه "ناجح"، لكنها في ذات الوقت لا تشجع على الزواج من غير العرب، وتجد أن الاقتران بالأقرباء يظل "أحسن".

 

وبخلاف سعاد، تجاوزت أم علي مشكلة التواصل من خلال تعلمها هي للغة زوجها، والتي تقول أنها "سهلة ولم أجد صعوبة في إتقانها"، في حين أن تباين العادات والتقاليد لا تزال مسالة بحاجة إلى مزيد من الوقت بالنسبة لها.

 

وهي أيضا لا تمانع من حيث المبدأ في العيش مع زوجها في بلده، وهو أمر يبدو أنه طرحه عليها، لكنها تؤكد عزمها إقناعه بالعدول عن ذلك، والبقاء في الأردن مع أبنائهما.

 

ولا تنكر أم محمد أنها واجهت معيقات في بداية زواجها لجهة رفض المجتمع، فضلا عن الاختلافات في اللغة والعادات بينها وبين زوجها، مشيرة إلى أنها لا تزال لا تفهم لغته ولا هو أيضا يفهم لغتها، ويستعيضان عن ذلك بالانجليزية.

 

وحال كثيرات من مواطناتها المتزوجات من غير أردنيين، فهي تأمل في أن تتمكن يوما من منح جنسيتها لأبنائها، وأن يحظى زوجها بتسهيلات أكثر في مجال العمل والإقامة في المملكة.

 

وباقتضاب، تحدثت فاطمة (أم العبد) المتزوجة من بنغالي منذ عشر سنوات عن تجربتها، مؤكدة أنها "سعيدة" بزواجها الذي أثمر عن تأسيس مكتب استقدام للخادمات.

 

مهور.. وعزوف

ترى الاستشارية النفسية ربى أبوطربوش أن زواج الأردنيات من أشخاص ينتمون إلى بلدان وثقافات مختلفة يمكن أن ينجح ويستمر برغم تباينات اللغة والعادات والتقاليد، مرجعة مثل هذه الزيجات إلى عوامل أهمها عزوف الشباب الأردني عن الزواج جراء ارتفاع المهور.

 

ولاحظت أبوطربوش أن "بعض الحالات التي تم عرضها سابقا كانت أبدت ارتياحا وقبولا لفكرة الزواج من شخص يحمل جنسية ليست عربية ولا حتى من بلد قريبة في عاداتها أو لغتها، كما أن مدة الزواج قد زادت عن 7 سنوات، وذلك دلالة على أن الزواج قد يستمر على الرغم من الصعوبات التي قد ترافقه".

 

وقالت أن "انتشار العمالة في أي مكان هو عامل مساعد في حصول مثل هذا الزواج من باب الرغبة في تجربة التعارف والنسب مع جنسيات جديدة، كما أن ارتفاع المهور في المجتمع الأردني وعزوف الشباب عن الزواج في سن مبكرة من العوامل المساعدة".

 

على أن أبو طربوش لم تستبعد أن "تكون أسس اختيار الفتيات للزواج مبنية على أن الطرف الآخر يقوم بإعطاء صورة مغلوطة عن العادات والتقاليد لديه ومدى تشابهها مع ما لدينا من عادات وتقاليد".

 

واعتبرت أن حالات الزواج من جنسيات أخرى "لا يمكن تعميمها وتعميم أسبابها، إذ أن كل حالة قد تكون لها أسبابها الخاصة. فقد يكون الزواج قد تم في عمر مبكر أو لأسباب اجتماعية أو اقتصادية أو حتى عاطفية، وبالتالي هي (الفتاة) تتحمل مسؤولية القرار".

 

لكن أبو طربوش شددت على أن "ما يجب أن نسلط الضوء عليه، بغض النظر عن الجنسية التي ينتمي يحملها الزوج، هو ضرورة التوعية في الاختيار الزواجي ما قبل الزواج وأسسه ومهارات الحياة الزوجية ليسهل (تحقيق) التوافق والسعادة الزوجية لاحقا".