"انقلاب" صحيفة الرأي: سياسة تحريرية جديدة أم "ابتزاز عابر" للحكومة

"انقلاب" صحيفة الرأي: سياسة تحريرية جديدة أم "ابتزاز عابر" للحكومة
الرابط المختصر

صباح الثالث عشر من نيسان الماضي قررت صحيفة "الرأي"، منفردة، حجب أخبار الحكومة، وذلك بناء على دعوة من نقابة الصحفيين، وفي اليوم التالي، صدرت الصحيفة بعناوين وأخبار شكلت "صدمة" للقراء، بحسب وصف بعض الناشطين على شبكات التواصل.

 

أما العناوين والأخبار هذه، فكانت موجهة "ضد" الحكومة، أو بالأحرى شديدة النقد لأداء الحكومة.

 

وقد أثار هذا "التحول" في السياسة التحريرية للصحيفة، التي طالما وصفت بأنها "حكومية"، اهتمام المتابعين ووسائل الإعلام الاخرى.

 

ومن بين ما كتب عن هذا "التحول":

 

الرأي... وعدد لم يصدر من قبل .."هل هو انقلاب على الحكومة..؟"، سواليف 14 نيسان.

 

عناوين صحيفة "الرأي" ليوم الخميس "هجوم لليوم الثالث على الحكومة". وكذلك، أبرز عناوين صحيفة الرأي "الغاضبة" ومواطنون يتساءلون، موقع كل الاردن، 16 نيسان.

 

الرأي تثور بوجه الحكومة، موقع الفلق الاخبار، 14 نيسان.

 

الرأي تفتح النار على الحكومة، موقع الشعب نيوز، 15 نيسان.

 

صحيفة "الرأي" الحكومية تهاجم الحكومة وتحجب أخبارها، موقع البوابة، 15 نيسان.

ردود الفعل على مقاطعة جريدةِ الرأي لنشرِ أخبار الحكومةِ وانتقاد مؤسساتها، تقرير قناة "رؤيا"، 17 نيسان.

 

وقد واصلت الصحيفة هذه السياسة الجديدة، مع الاستمرار أيضا في حجب أخبار الحكومة.

 

وقد جاء هذا التحول في السياسة التحريرية للصحيفة "الموالية" للحكومات، بعد ما صار يعرف بـ"أزمة الصحافة الورقية"، وعدم استجابة الحكومة لمطالب العاملين في هذه الصحف، وخاصة العاملين في "الرأي".

 

ويطالب صحفيو "الرأي" بتغيير مجلس إدارة الصحيفة، او ثلاثة من اعضائه تحديدا، يعتقدون بأنهم يدفعون في اتجاه إعادة هيكلة الصحيفة بالاستغناء عن عدد كبير من موظفيها، كما يحصل في صحيفة "الدستور" حاليا، ويرفضون، أي أعضاء مجلس الإدارة، مناقشة بدائل اخرى لإخراج الصحيفة من أزمتها المالية "الخانقة".

 

وكانت الصحيفة رفضت القرارات التي اتخذتها الحكومة في 20 نيسان، وأكدت في بيان لها: "ان القرارات الحكومية بخصوص الصحافة الورقية ليست ذات اثر ايجابي يذكر في دعم الواردات المالية لـ "الرأي".

 

"السياسة التحريرية الجديدة"، اثارت ايضا بعضا من الجدل، بين من رحب بها، معتبرا "الرأي" وقد تحولت الى صحيفة "وطن ودولة"، وان استمرارها على هذا المنوال سيسقط الحكومة: " إذا الرأي تصمد في المعارضة أسبوعين سوف تسقط الحكومة"، وبين من اعتبر التحول مجرد مرحلة عابرة مؤقتة او "ابتزاز" للحكومة ستنتهي بمجرد انتهاء الخلاف ورضوخ الحكومة لمطالب صحفيي الرأي، بحسب وصف ناشطين على شبكتي "فيسبوك" و"توتير" او كما كتب ع.ر، على موقع "سواليف" 14 نيسان، قائلا: ... هاظ شوية عتب وزعل وصابون قلوب بيروح بطريقه".

 

ردا على "المشككين" بهذا التحول الجديد، يقول خالد القضاة، سكرتير تحرير في "الرأي"، في مقابلة مع قناة "رؤيا:" عدنا لأن تكون سياسة الرأي سياسة دولة وليست جريدة حكومة. تكون ناطقة باسم الدولة وباسم المواطن الاردني، وهذا يتطلب منا ان نتفق في بعض الاحيان مع الحكومة وفي بعض القضايا ونختلف معها في بعضها".

 

ويضيف القضاة" ستكون الرأي واعتبارا من هذه الحركة التصحيحية، وهي الثالثة، اذ كانت هناك حركة تصحيحة 2011و 2013 و 2015. ستكون هذه هي الحركة التصحيحية الثالثة لمسار الرأي، ولا عودة عنها".

 

اما غيث العضايلة، وهو مدير تحرير في "الرأي"، فقد قال لـ"رؤيا": ما نريد ان نقوله هو اننا سندشن في الاسبوع المقبل مرحلة جديدة من التعامل المهني مع الاخبار في الوطن، ونعتقد بان هذا الأمر سوف يحسن المبيعات والتوزيع والإعلانات".

 

واضاف العضايلة: "وحتى لو حلت الأزمة بتغيير مجلس الإدارة، لكننا سنكون قد كرسنا نهجا تحريريا كما كان في السابق".

 

على ان هذا التحول في السياسة التحريرية لجريدة "الرأي"، او الحركة التصحيحية، بحسب وصف القضاة، وبعيدا عن كونها سياسة دائمة او مجرد ابتزاز و"زوبعة في فنجان"، سرعان ما سوف تنتهي، يطرح عدة ملاحظات وأسئلة منها:

 

اولا: ان الصحيفة التي تقدم نفسها الان بوصفها "ناطقة باسم الدولة والشعب"، صارت اقرب ما تكون الى صحيفة "معارضة"، وهناك فرق، على ما يرى خبراء الاعلام، بين ان تكون وسيلة الإعلام ناطقة باسم الدولة والشعب أي وسيلة "خدمة عامة" وبين ان تكون "معارضة" تنقل وجهة نظر واحدة.

 

وثانيا: بناء على الملاحظة الاولى، فان الصحيفة، والحال هذه، قصرت في اداء مهمتها لناحية "حق الجمهور في المعرفة"، فهناك فرق كبير بين مقاطعة اخبار الحكومة بالكامل، وعدم نقل هذه الاخبار بطرق برتوكولية "تطبيلية" واحتفالية بانجازات الحكومة، وبين نقل ما هم مهم او ما هو ضروري للمواطن.

 

فالرأي، لم تكتف بمقاطعة أخبار الحكومة "البرتوكولية" من مثال: استقبل وودع وابرق وهنأ، كما كانت عليه سابقا، بل قاطعت الأخبار التي تهم المواطن أيضا مثل قرارات الحكومة، او ردودها على مداخلات النواب، او كل نشاط او تصريح حكومي متعلق بخدمة الجمهور...الخ.

 

ثالثا: غيبت الرأي في كل تقاريرها وأخبارها وجهة نظر المسؤولين الحكوميين، ولم تفسح أي مجال لهم في الرأي والتوضيح، وهو امر كانت الصحيفة نفسها تعتبره في السابق "غيابا للموضوعية".

 

وهي كذلك تعاملت بطريقة "انتقائية" في التغطية، مركزة على سلبيات اداء الحكومة، لاحظ مثلا الفرق بين تغطية "الرأي" لنتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية، 5 ايار، وتغطية الصحف الاخرى له، وخاصة صحيفة "الغد".

 

رابعا: اقتصر "هجوم" الرأي على الحكومة فقط ممثلة بمجلس الوزراء، على ما لاحظ كل من أدلى بدلوه في هذا التحول. وهي بهذه "المعركة" بدت كمن يريد تحييد أطراف اخرى في الدولة، مثل مجلس النواب الذي اكتشفت الرأي "فائدته" لها في معركتها هذه، فاستعانت في تقاريرها باقوال مواقف النواب حول أداء الحكومة "العاجز"، وتغاضت عن أداء المجلس نفسه، فهل يستقيم دور "جريدة الوطن والدولة" او دور "الخدمة العامة" مع التغاضي عن القصور في أداء أجهزة الدولة جميعها؟.

 

وبشكل عام، الآن يبقى لعب دور "المعارضة"، أو حتى دور "الخدمة العامة" عند وسائل الإعلام المحلية، عاجزا وقاصرا في ظل القوانين والتشريعات المعمول بها وفي ظل تراجع الحريات الإعلامية، فهل تستطيع الرأي انتقاد السياسة الخارجية مثلا، أو تناول السياسات الأمنية والعسكرية بالنقد.

 

وعلى أي حال، هل يحتاج المواطن الاردني الى صحيفة "معارضة"، في ظل وجود صحافة للمعارضة، على ضعفها، ام يحتاج الى صحف ووسائل اعلام "خدمة عامة"، ترفع شعار "حق المعرفة للمواطن"، وتنتج :"محتوى إعلامي يناقش قضايا المجتمع الأساسية، دون أن ينزلق إلى الإثارة، ويلتزم القواعد المهنية من اعتماد مصادر متعددة ومتوازنة للمعلومات".

للاطلاع على تقارير: عين على الإعلام

أضف تعليقك