التجارة الإلكترونية في الأردن... مشروعات شبابية تحظى بثقة الزبائن
لم يعد صعباً امتلاك مشروع تجاري إلكتروني يدر عليك دخلا إضافياً ولو كان ببسيط، في ظل التطور التكنولوجي ورواج مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب الطالبة الجامعية نادين التي لطالما حلمت بإنشاء مشروع تملكه وتديره وتحقق منه ربحاً مادياً يساعدها في تحمل مصروفاتها الجامعية.
نادين لم تتوقع أن ينجح مشروعها ويلاقي رواجاً وانتشاراً كبيرين بين أوساط متابعي هذه الصفحات، مؤكدة عدم تمكنها من فتح محل تجاري، كما كانت تحلم، بسبب تكاليفه الكثيرة والأجور التي ستترتب عليه.
تعرض نادين عبر صفحاتها الملابس النسائية والإكسسوارات، كما تقدم خدمة التوصيل إلى المنازل مقابل أجر يختلف بحسب المنطقة التي يقطن فيها الزبون، وتشير إلى أن أرباحها ليست كبيرة، لأنها تقوم بعمل عروض تخفيضات بشكل دائم لجذب الزبائن، إلا أن هذا الربح يساعدها في تسديد احتياجاتها الشخصية على الأقل، إضافة إلى تعزيز شعورها بالنجاح المعنوي.
ويؤكد محمد، صاحب ومصمم موقع إلكتروني لبيع الملابس أيضا، أن إقبال الناس على الشراء إلكترونياً أكبر بكثير من الإقبال على المحلات التقليدية، ما دفعه للتفكير بفتح موقع آخر.
ويضيف محمد أن إمكانية جذب الزبائن غير محدودة بمكان معين كما في المحلات التقليدية، حيث يتمكن المتصفحون من مشاهدة البضائع المعروضة أينما كانوا في مختلف المحافظات أو حتى خارج الأردن.
انتقال طبيعي
رئيس قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور مجدي الدين خمش يرى أن النمط التجاري لعملية التسوق يرافق التطور التكنولوجي، وهو أمر طبيعي لا يمكن إنكاره، لافتا إلى أن إيجابيات التسوق الإلكتروني تطغى على سلبياته التي لا تكاد تذكر.
ويعتبر خمش إنشاء هذه المواقع والصفحات أحد الأسباب التي تسهم في توفير فرص عمل، وتوجه طاقات الشباب إلى أمور مفيدة وتدر دخلا عليهم.
ومع الازدياد المضطرد لنشاط الشبكة العنكبوتية خلال العقد الأخير، واتساع قاعدة مستخدميه حول العالم بمقدار 150 مليون مستخدم٬ وبنسبة زيادة بلغت 5% عام 2014 عن العام الذي سبقه، أصبح عدد كبير من المواطنين يفضلون التسوق من خلال الاطلاع على المواقع والصفحات الإلكترونية، بدلاً من الذهاب إلى الأسواق.
تفضل الموظفة وفاء، والتي تعمل لساعات طويلة، تصفح المواقع عبر هاتفها النقال بدلا من التوجه إلى السوق، حيث أنها لا تجد وقتاً كافيا لذلك، وتشير إلى إمكانية إيصال هذه البضائع بسهولة وسرعة إلى مكان إقامتها في محافظة جرش، وهو الأمر الذي يختصر عليها عناء الذهاب إلى الأسواق في محافظتها أو خارجها.
وتوافقها الرأي المتصفحة نور، موضحة أن البضائع المعروضة عادة تكون كثيرة ومتنوعة، فيما يمكنها اختيار ما يناسبها بثوان معدودة، إضافة إلى وصولها مكانا محددا في وقت محدد، إلا أنها قد تتقيد بقبول البضاعة التي اشترتها، حتى وإن لم تكن مناسبة لها، أو في حال عدم مطابقة القطعة التي قامت بشرائها مع المعروضة في الموقع سواء من حيث الجودة أو اللون.
مراقبة قانونية
من جهة أخرى يؤكد أسامة، صاحب أحد المحلات التجارية، أن إقبال المواطنين على الشراء من المواقع الإلكترونية أصبح كبيراً، الأمر الذي دفعه لإنشاء صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي باسم محله، وعرض بضاعته عليها لجذب عدد أكبر من الزبائن.
ويبدي أسامة استياءه تجاه بعض هذه المواقع التي لا تتحمل أعباء قيمة الفواتير والأجور المترتبة على فتح محل، وتعرض البضائع ذاتها المعروضة في محله، حيث يؤكد أن بعض أصحاب هذه المواقع يقومون بشراء بضائعهم بالقطعة وليس بسعر الجملة، ويبيعونها بأسعار مضاعفة لسعرها الأصلي في محله، ما يؤثر سلباً على سمعة بضاعته التي صار كثيرون يعتبرونها "مقلدة" بسبب سعرها المنخفض مقارنة بالموقع، مرجحا أن ثقة الزبائن بمواقع الشراء الإلكترونية أصبحت أكبر مما هي عليه بالنسبة للمحال التجارية.
وحول خضوع هذه الصفحات والمواقع الإلكترونية لضريبة الدخل والمبيعات، يؤكد الناطق باسم الدائرة موسى الطراونة أنه يوجد قسم مخصص لمتابعة ومراقبة الصفحات والمواقع الإلكترونية في قسم التهرب الضريبي.
ويشير الطراونة إلى أن القانون الضريبي يطبق حسب الأصول على أي موقع أو صفحة إلكترونية تقوم ببيع البضائع عبر الانترنت .
الأردن والتجربة الإلكترونية
من جهته أكد الخبير الاقتصادي مازن مرجي على فعالية هذه المواقع في جذب الزبائن وعلى نجاحها. إلا أنه يشدد على ضرورة خلقتوازن بين هذه المواقع والمحلات التجارية، وعدم وضعهما في منافسة أو النظر إلى أحدهما بسلبية، مؤكدا على ضرورة أن تستعين المحلات التجارية بفتح صفحات لها على مواقع التواصل لجعلها أكثر رواجا، خصوصا مع تيسر طرق الدفع عن طريق البطاقات الممغنطة أو بشكل مباشر.
ويشير مرجي إلى أن الأردن يعتبر متأخرا في استخدام التجارة الإلكترونية مقارنة بدول أخرى، والتي وصلت إلى إغلاق محلات فيها وفتحها إلكترونيا، ليس فقط في مجال الألبسة، بل على مستويات صناعية وتجارية كبيرة، متوقعا أن تجتاح هذه التجرية الأردن مستقبلاً.
ويشير تقرير يخص التجارة الإلكترونية أعدته بوابة الدفع العربية "بايفورت" لعام 2014، أن نسبة الإقبال على البنوك التقليدية أو الأرضية انخفضت إلى النصف عام 2012، هذا ويوجد 90 مليون مستهلك في الوطن العربى والشرق الأوسط للتجارة الإلكترونية، عدد المتعاملين فى الوطن العربى كان حوالي 15%، و أصبح في تزايد إلى أن وصل حاليا إلى 39%، وهي نسبة تعبر عن معدل تزايد مرتفع جدا.
ويوجد نحو 8 ملايين زائر لموقع سوق دوت كوم يومياً من العالم العربي، فيما يصل عدد المشتركين الجدد فى الموقع شهريا إلى 3.5 مليون مشترك.ويقدر حجم التجارة الإلكترونية في الوطن العربي 15 مليار دولار تقريبا لعام 2015.