رغم المطالبات المستمرة بزيادة النفقات الرأسمالية للمحافظات في الموازنة العامة إلا أنها على مدار الخمس سنوات الماضية لم تشهد زيادة ترتقي إلى مستوى المطالب.
ومع أن المحافظات الشمالية ومحافظتي معان والعقبة شهد إجمالي نفقاتها تضاعفاً في ميزانيات الوزارات المختصة، وحصلت على حصة الأسد في مشروع الموازنة العامة لهذا العام، إلا أن رؤساء بلديات يرون بأن تلك المبالغ لا تكفي لسد الاحتياجات الأساسية للمحافظات ولم تستطع مواكبة حاجتها.
ويعرف مدير دائرة الموازنة العامة محمد الهزايمة إجمالي النفقات الرأسمالية للمحافظات بالمبالغ المرصودة للمشاريع التي تنفذها الوزارت في كل محافظة.
ويرجع ارتفاع إجمالي النفقات الرأسمالية في معان والعقبة إلى زيادة وتيرة إنشاء مشاريع الطاقة البديلة، التي تغطي المنحة الخليجية جزءا منها.
ووصلت النفقات الرأسمالية في محافظة معان بمشروع الموازنة للعام 2015 إلى 91 مليون دينار، علماً بأنها لم تتجاوز الـ 28 مليون دينار عام 2011، كما حصلت العقبة على حصة الأسد من النفقات الرأسمالية للمحافظات بواقع 113 مليون دينار، بينما لم تتجاوز نفقاتها الرأسمالية عام 2011 الـ31 مليون دينار.
رئيس بلدية معان عماد آل خطاب يرى أن إجمالي النفقات الرأسمالية في المحافظات لا تتوافق مع الواقع الحقيقي لمطالب المحافظة على مستوى البنى التحتية والمشاريع الاستثمارية.
ويرى آل خطاب بأن الحكومة ترصد هذه المبالغ دون أن تتطلع على الواقع الحقيقي للمحافظات، فرغم حصول معان على نسبة "لا بأس بها" من النفقات الرأسمالية للمحافظات، إلا أنها لا تتوافق مع 15% من مطالب المحافظة الجنوبية، وخاصة على مستوى البنى التحتية والخدمات، بحسب آل خطاب.
المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي يشير إلى أن إجمالي النفقات الرأسمالية للمحافظات تعني قيمة المشاريع التي تقيمها الحكومة حالياً في كل محافظة، وأنها لا تعني قيمة نفقات جديدة تقوم الحكومة بتخصيصها سنوياً.
ويضيف الدرعاوي بأن هذه النفقات لا تلبي الاحتياجات الحقيقية للمحافظات لتحديث البنى التحتية أو إقامة مشاريع استثمارية تنموية فيها.
وبحسب الدرعاوي، فإن الحكومة لا تلتزم بما تطلبه المجالس التنموية للمحافظات من نفقات، مؤكداً أن قيمة المشاريع الجديدة للمحافظات في موازنة العام الحالي لم تتجاوز 64 مليون دينار، وهي انعكاس حقيقي لضعف ميزانية العام الحالي في مواكبة احتياجات المحافظات.
ولا يعتبر إجمالي النفقات الرأسمالية جزءا من موازنة تشغيل البلديات التي تعتمد بشكل كبير على بدل دعم المحروقات التي تخصصها الحكومة.
ويؤكد أمين عام وزارة الأشغال العامة المهندس أنمار الخصاونة أن المشاريع التي تنفذها الوزارات داخل المحافظات يتم تنفيذها وفق استراتيجية تضعها كل وزارة بصورة منفردة، وأن تقدير مدى حاجة المحافظات إلى مشاريع البنى التحتية هو من مسؤولية الوزارات نفسها.
وارتفع إجمالي النفقات الرأسمالية في الموازنة العامة للمحافظات الشمالية في المملكة بشكل مطرد خلال الأعوام الأربعة الماضية، تزامناً مع الأزمة السورية التي تسببت بلجوء نحو 700 ألف سوري ليرتفع إجمالي عدد السوريين في الأردن إلى أكثر من مليون ونصف.
ووصل إجمالي النفقات الرأسمالية في محافظة إربد والتي تصرف عادةً على مشاريع البنى التحتية والمشاريع الاستثمارية إلى نحو 81 مليون دينار، مقارنة مع 94 مليونا عام 2014، بينما لم تتجاوز الـ 45 مليونا قبل بدء الأزمة السورية عام 2011.
كما ارتفع اجمالي النفقات الرأسمالية لمحافظة المفرق إلى 74.4 مليون دينار في موازنة العام الحالي، مسجلة بذلك ارتفاعا ملحوظا، حيث وصلت في عام 2011 إلى 26.6 مليون دينار.
رئيس بلدية إربد الكبرى المهندس حسين بني هاني يرى أن زيادة النفقات الرأسمالية المخصصة لمحافظته لم تستطع إلى الآن مواكبة آثار اللجوء السوري التي زادت من الضغط على البنى التحتية في محافظات اللجوء وأثرت بشكل كبير على مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين واللاجئين.
وتستضيف إربد أكثر من ربع مليون سوري ساهموا بزيادة الضغط على البنية التحتية "الضعيفة" بالمحافظة، ويرى بني هاني أن البلديات والمحافظات التي تستضيف لاجئين بحاجة إلى ضعف المبالغ المرصودة لزيادة مشاريع البنى التحتية.
ويؤكد بني هاني أن قطاعي التعليم والصحة هم الأكثر تضرراً من ضغط اللجوء، فالمدارس تحولت إلى نظام الفترتين مما ساهم في تقليل عدد الساعات الدراسية، ويصف بني هاني هذه الخطوة "بالانتكاسة" لتأثيرها الكبير على مسار العملية التعليمية وجودتها المقدمة للأردني والسوري على حد سواء.
ورغم المطالبات المتكررة بزيادة النفقات الرأسمالية، والمساهمة في دعم ميزانيات البلديات في محافظات اللجوء، إلا أن الجانب الرسمي لم يستجب إليها حتى الآن، ويتفهم بني هاني هذا التأخير وبخاصة مع انخفاض قيمة المساعدات المالية التي يقدمها المجتمع الدولي للأردن لمواجهة اثار اللجوء السوري.
رئيس بلدية الزرقاء عماد المومني دعا إلى زيادة الدعم المباشر لميزانيات البلديات الكبرى في المحافظات حتى تتمكن من تطوير البنى التحتية والخدمات، لأنها الأقدر على معرفة أولويات البلديات، والأقدر على تنفيذ مشاريعها، من وجهة نظره.
ويعول المومني على مشروعي قانوني اللامركزية والبلديات في سد هذه الفجوة بين الحكومة والبلديات، ويأمل بأن يتم رصد مبالغ مباشرة لميزانية البلديات التي تعاني معظمها من العجز.
ويرى المومني أن من شأن هذه الخطوة أن ترتقي بالبلديات وخدماتها كما أنها ستساهم في استقلاليتها المالية دون أن تنتظر ما أسماه "عطف الحكومات".