أزمة اللجوء السوري… تحديات وفرص

أزمة اللجوء السوري… تحديات وفرص
الرابط المختصر

" تخيل أن ينتقل جميع سكان كندا للعيش والسكن في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال ثلاث أو أربع سنوات، هل سيستطيع الاقتصاد الأمريكي، أقوى اقتصاد في العالم، تحمل هذه الأعباء؟" بهذه الصورة شبه الدكتور صالح الكيلاني منسق شؤون اللاجئين ما يقع على الاقتصاد الأردني من أعباء مع لجوء السوريين إليه.

 

الناطق الرسمي في سلطة المياه عمر سلامة يوضح أن حجم الطلب على المياه مع نهاية العام الماضي ارتفع بنسبة 22% بشكل عام في المملكة، وارتفع في محافظات الشمال الأربعة بنسبة 40%، وأن الحاجة للمياه لا تلبى بشكل كامل في تلك المناطق، بينما ارتفعت شكاوى الصرف الصحي إلى 400% و500% في بعض تلك المناطق ما يزيد من كلف الصيانة على الدولة ويخفض حصة الفرد من المياه بشكل عام.

 

من جانب آخر أوضح الناطق الرسمي في وزارة التجارة والصناعة الأردنية ينال برماوي أن حجم الاستهلاك على المواد المدعومة ارتفع بشكل عام، ففاتورة دعم القمح كمثال لعام 2015 بلغت 225 مليون دينار أردني، ووصلت كمية استهلاك القمح العام الماضي إلى  مليون طن، بينما لم تتجاوز في الأعوام السابقة الـ 800 ألف طن.

 

حجم تمويل نداءات الأمم المتحدة والصليب الأحمر من أجل سورية ودول الجوار اللازم بلغ 7.7 مليار دولار في عام 2014، وارتفع إلى 8.7 مليار دولار في العام الجاري، وأُعلن عنه في مؤتمر الكويت، وتحتاجه دول الجوار لتأمين حاجات اللاجئين السوريين إليها، ودعم البنية التحتية للمجتمع المستضيف.

 

في السادس والعشرين من آذار الماضي، وعلى الموقع الرسمي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، بلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لديها627.295 لاجئاً، فيما تقدر الحكومة الأردنية عدد غير المسجلين في المفوضية بما يقارب الـ 700.000، حسب مدير وحدة التنسيق في وزارة التخطيط والتعاون الدولي فداء غرايبة.

85%   من النازحين السوريين إلى الأردن خارج المخيمات، توضح غرابية، ويتوزع غالبيتهم في مدن شمال المملكة، التي تعتبر مدناً فقيرة، مما زاد العبء على البنية التحتية لهذه المدن، كون اللاجئين السوريين يتمتعون بكامل الدعم الحكومي للسلع والخدمات الأساسية مساواة بالمواطن الأردني.

 

وبهدف الاستمرار في تقديم المساعدات للاجئين السوريين والحفاظ على مستوى هذه المساعدات، قامت وزارة التخطيط بإعداد خطة الاستجابة العامة للأزمة السورية تتضمن حجم المساعدات اللازمة للأقتصاد الأردني، فبلغت قيمة المساعدات المطلوبة ما يقارب الـ 3 مليارات دولار أمريكي.

 

وأضافت غرايبة أن الخزينة الأردنية ستحتاج دعماً مباشراً في هذا العام إلى 417.786.616 دولار أمريكي كقيمة الموارد المدعومة للاجئين السوريين، و318.700.000 دولاراً التكلفة الأمنية على الاقتصاد الأردني، بينما تصل تكلفة التسارع في استهلاك البنية التحتية إلى 244.000.000 دولارا، وخسائر الدخل ما قيمته 164.280.000 دولار أمريكي.

حدول

 

 

أزمة اللاجئين السوريين لا شك تحتاج الى تظافر الجهود الدولية لتأمين احتياجات اللاجئين الانسانية، ففي دراسة لمظمة أوكسفام الدولية أوضحت أن نسبة تمويل نداءات الأمم المتحدة والصليب الأحمر من كل سوريا ودول الجوار في الربع الأول من العام 2015 بلغت فقط 9.8 % من المبلغ المطلوب، بينما حصلت تلك الجهات عللى 62.5% من مجمل المبلغ المطلوب عام 2014، حسب دانيال جورفن مدير ومستشار السياسات للأزمة السورية في أوكسفام.

 

 

مركز هوية للتنمية البشرية في الأردن، يتابع باستمرار جميع الدراسات الخاصة بتأثير اللجوء السوري الى دول الجوار، وأعد ورقة بحثية في هذا الصدد بعنوان “تحويل التحديات الى فرص” تبحث في تأثير اللجوء السوري اقتصادياً واجتماعياً على الدولة الأردنية: يقول مدير المركز غالب السلعوس.

 

 

ويؤكد السلعوس على الحاجة إلى المزيد من التفاصيل  والدقة  في تسمية بعض الأمور وتفنيدها بالشكل الصحيح، ويضرب مثالا على ذلك، اعتبار الارتفاع في مستوردات المشتقات النفطية من الآثار السلبية على الاقتصاد، متغافلين أن هذه الزيادة في المستوردات يدفع ثمنها المستهلك النهائي وتحقق ربحاً وعوائد ضريبية.

 

 

النظر إلى الصورة الأشمل حسب السلعوس، يمكن أن يثبت أن الأثر السلبي ليس كما تحاول بعض الجهات تضخيمه بشكل كبير، ولابد من الفصل بين الأثر العام للأزمة السورية على اقتصاد دول الجوار، وأثر وجود اللاجئين السوريين داخل الأردن، وهو ما يتم دمجه في كثير من الدراسات بشكل خاطئ.

 

 

ويضيف السلعوس أن تعريف اللاجئ في القانون الدولي منقوص، ويعتبر اللاجئ عبء على الأطراف الأخرى، ويتجاهل إمكانية كون اللاجئ شخصا متخصصا يملك مخزونا معرفيا، أو طالبا في مراحل الدراسة ينفق مبالغ كبيرة على دراسته، أو حتى عاملاً عاديا، يمكن أن يشكل رديفاً لأي اقتصاد ويساهم في دعم المجتمع المستضيف.

 

 

ويؤكد السعلوس أن هناك اختلافا كبيرا في فرص العمل التي يستهدفها اللاجئون السوريون في الأردن، عن فرص العمل التي يستهدفها المواطن الأردني، فنسبة تركيز الشباب في القطاع التعليمي الأردني على القطاع الأكاديمي 46.4%، بينما نسبة التوجه إلى التعليم التقني والمهني يبلغ 0.3% في عام 2013 على الرغم من وجود الطلب على هذه المهن.

 

 

فالطالب مثلا يدفع رسوم دراسته في الجامعات، يوضح السلعوس، والمختص يوفر على الدولة المستضيفة تكاليف تعليمه فهو يمتلك المعرفة مسبقاً، ناهيك عن كم المدخرات المالية التي جلبها معه اللاجئ الى البلد المستضيف، ناهيك عن اختلاف نوع فرص العمل التي يبحث عنها اللاجئ السوري عن فرص العمل التي يبحث عنها المواطن الأردني.

 

 

هناك نوعية وكمية من الوظائف يحتاجها الأردن لا يتم تلبيتها من المواطن الأردني حسب السلعوس، ولدينا عمالة وافدة بنسب كبيرة قبل أزمة اللجوء السوري تقدر بـ 600 الى 800 ألف وافد، ناهيك عن الخزينة المعرفية السورية في مجال الأدب والدراما والمسرح والسينما وهو القطاع الذي يشهد تطوراً في الوقت الحالي في الأردن ويمكن للسوريين أن يكونوا رديفاً فيه.

 

 

ويختتم السلعوس حديثه المطول لـ”سوريون بيننا” بقوله: نعم قد يكون هناك تأثير سلبي للجوء السوري على الاقتصاد الأردني على المدى القريب، إلا أن المنح الدولية لدعم البنية التحتية الأردنية من أجل تلبية احتياجات اللاجئين السوريين ستبقى في الأردن حتى بعد عودة السوريين إلى بلادهم، وهي دعم للاقتصاد الأردني بعيد الأمد.

 

 

أزمة النزوح السوري إلى دول الجوار لا شك كبيرة بتأثيرها الآني على الاقتصادات المحلية، إلا أن قوانين الاقتصاد تقول أن الأزمات الكبرى في العالم تسبب نشاطا للاقتصاد على المدى البعيد وهو ما حدث بالفعل بعد الازمات الاقتصادية العالمية المتواترة على مر التاريخ.