ما دور لجنة تكافؤ الفرص من أجل بيئة عمل عادلة لذوي الإعاقة؟

 

لم تكن طريق أسامة ذوي الإعاقة الحركية (٢٧ عاماً) لإيجاد وظيفة بالأمر السهل، خمس سنوات من البحث بعد تخرجه من تخصص اللغة العربية تقدم خلالها لأكثر من ٢٠ وظيفة ضمن تخصصه الجامعي لفرص عمل في المدارس و مراكز التعليم المختلفة.

و يقول اسامة وهو من مستخدمي الكرسي المتحرك أن أغلب أسئلة المقابلات كانت أسئلة عن أسباب إعاقته، وكيف يتعامل معها و كيف يستخدم الكرسي المتحرك و لم تكن عن تخصصه و خبراته في العمل و في أحد المقابلات في إحدى الوزارات الحكومية يروي أسامة "كانت أسئلة المقابلة متمحورة حول إعاقته و في النهاية لم يتم إختياري بالرغم من نجاحي في الإمتحان التحريري و الوظيفة كانت مناسبة ، و شعر بالظلم الكبير لأنه تم حصر حياته بنوع إعاقتي".

و يؤكد أسامة على اضراره القبول ببعض الوظائف لكن أغلبها ليست في مجال تخصصه مثل كاشير و خدمة عملاء على الهاتف و لكنه لم يستطيع الإكمال فيها لعدم وجود تهيئة بيئية في مكان العمل مما أدى إلى صعوبة إكماله في الوظيفة..

تقول صابرين محارمة الحاصلة على بكالوريوس في علم النفس من الجامعة الأردنية أنها تعرضت لمشكلة في وزارة الصحة حيث وضعت لها موظفة التعيين "غير لائقة للمسمى" و من هنا قررت اللجوء للجنة تكافؤ الفرص.

و تشير أنها عرفت عن لجنة تكافؤ الفرص من خلال المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة و قدمت شكوى و تم إنصافها و أصبحت تعمل كمرشدة في إحدى المدارس.

و تكمل محارمة أن كل ما يريده الأشخاص ذوي الإعاقة هو التقبل من المجتمع و من بيئة العمل و النظر للخبرات و المؤهلات و ليس للإعاقة.

دور لجنة تكافؤ الفرص في مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة

لجنة تكافؤ الفرص لجنة مشكلة وفقا للمادة ( ١٤ ) من قانون رقم ۲۰ لسنة ٢٠١٧ قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتضم هذه اللجنة في عضويتها ممثلين عن الدوائر الحكومية ذات العلاقة بموضوع التشغيل وهي : ديوان الخدمة المدنية و وزارة العمل كما تضم في عضويتها ممثل عن غرفة تجارة الأردن، ممثل عن غرفة صناعة الأردن وممثل عن اتحاد نقابات العمال، كما تضم في عضويتها ثلاثة ممثلين عن القطاع الخاص لمساندتها في الأعمال الموكلة إليها والمتعلقة بتسهيل تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل وبهدف تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة في صنع القرارات المتعلقة بهم فقد أوجب المشرع أن تضم هذه اللجنة في عضويتها ثلاثة من أصحاب الخبرة المتصلة بمهام اللجنة من الأشخاص ذوي الإعاقة وأخيرا تضم اللجنة في عضويتها ممثلاً عن المركز الوطني لحقوق الإنسان.

يشير الناطق الإعلامي بإسم لجنة تكافؤ الفرص شامان المجالي أن اللجنة تعمل تحت مظلة المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ويترأسها الأمين العام وقد حددت التعليمات التي أصدرها سمو رئيس المجلس آلية عمل اللجنة وطريقة تقديم الشكاوي لديها وكافة الأمور المتعلقة بأعمالها واللجنة أداة من أدوات الإنصاف المتميزة والفريدة التي تلعب دور الميسر والداعم الفني بين الباحث عن العمل والعامل أو الموظف من الأشخاص ذوي الإعاقة من ناحية أو جهة العمل من ناحية أخرى وذلك من خلال التحقق من الشكاوى التي يتقدم بها كل من يواجه تمييزا أو إقصاءا على أساس الإعاقة من جهات العمل الحكومية وغير الحكومية.

 و يكمل عن تجربة لجنة تكافؤ الفرص في الأردن أنها تجربة حديثة تحتاج إلى التطوير بين الحين والآخر من خلال إجراء التعديلات على قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. 

و يلفت المجالي أنه بلغ عدد الشكاوى المقدمة للجنة من عام ٢٠١٨ ( ۱۱۰ ) شكاوي منها ١٢ شكوى قدمت في عام ٢٠١٢ ، ٤٨ شكوى في عام ٢٠١٩ ، ٣٥ شكوى في عام ٢٠٢٠ و ١٥ شكوى في عام ٢٠٢١.

و يشير أن الشكاوي تنوعت على النحو التالي: طلبات التعيين والتشغيل ، الحرمان من الزيادة السنوية ، الترقية بالوظيفة ، الحصول على تأمين صحي ، النقل من مكان العمل ، تحويل الموظف من نظام المياومة إلى نظام التعين الثابت و عدم الحصول على التسهيلات البيئية.

 و يؤكد المجالي قيام اللجنة بالتحقق من جميع الشكاوي الواردة وذلك من خلال مقابلة أصحابها وسماع إفادتهم وتزويدها بالوثائق التي تثبت إدعائهم ثم التواصل مع أصحاب العمل من خلال الإتصالات الهاتفية والزيارات الشخصية بالإضافة إلى المراسلات الموجهة من صاحب السمو الملكي رئيس المجلس أو من خلال رئيس اللجنة عطوفة أمين عام المجلس مما كان لذلك الأثر الكبير في حل مثل هذه الشكاوي. 

و يضيف أن اللجنة بدأت أعمالها في شهر نيسان من عام ٢٠١٨ وقد تم تعيين ناطق إعلامي لها كما قامت باعتماد خطة إعلامية لتعريف الأشخاص ذوي الإعاقة بمهامها وأهدافها من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال المطبوعات وتنفيذ الحملات الإعلامية التوعوية كما تم نشر أخبار اللجنة أولا بأول بالإضافة لإرسال مجموعة من الرسائل التوعوية وإعداد بوسترات حول أعمال اللجنة وإعداد أفلام توعوية بلغة الإشارة عن عملها ونشرها عبر الفيس بوك و عقد جلسات توعوية من خلال البث المباشر على موقع اللجنة بالإضافة الى الأنشطة الأخرى المختلفة.

و يقول المجالي أنه على الرغم من كل ما تقدم إلا أننا نرى أن وعي الأشخاص ذوي الإعاقة بمهام وأهداف اللجنة ما زال ضعيفا ويحتاج إلى مزيد من التواصل من خلال وسائل الإعلام المختلفة مع الأشخاص ذوي الإعاقة.

و يذكر أن الشكاوي التي وصلت للجنة كانت 60 شكوى من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، 43 شكوى من ذوي الإعاقة السمعية، 33 شكوى من ذوي الإعاقة البصرية، 4 شكاوي من ذوي الإعاقة الذهنية، 4 شكاوي من ذوي الإعاقة النفسية و شكوتين من ذوي الإعاقات المختلفة.

يقول مدير مركز "بيت العمال الأردني للدراسات" حمادة أبو نجمة أن الأمم المتحدة أصدرت في عام 2006 اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتبرت الحق في العمل أحد الحقوق الأساسية للأشخاص ذوي الإعاقة، وأصدرت منظمة العمل الدولية أيضا عام 1983 الإتفاقية رقم (159) بشأن التأهيل المهني والتشغيل للمعوقين، التي تهدف إلى دمجهم في سوق العمل وتعزيز مبدأ تساوي الفرص وقد صادق الأردن على الإتفاقيتين، كما كفل الدستور الأردني حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

و يكمل أن المادة (25/هـ) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أوجبت الجهات الحكومية وغير الحكومية، التي لا يقل عدد العاملين والموظفين في أي منها عن (25) ولا يزيد على (50) عاملا وموظفاً، بتشغيل شخص واحد على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن شواغرها كما أكدت المادة (13) من قانون العمل رقم (8) لسنة 1996 النافذ على ما جاء في المادة 25 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حيث أوجبت على صاحب العمل أن يشغل من العمال ذوي الإعاقة النسبة المحددة في قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة النافذ ووفق الشروط الواردة فيه وأن يرسل الى الوزارة بياناً يحدد فيه الأعمال التي يشغلها ذوو الإعاقة واجر كل منهم.

و يشير أبو نجمة أنه رغم النصوص التشريعية التي ضمنت ونظمت حق العمل للأشخاص ذوي الإعاقة، ورغم مصادقة الأردن على أهم الإتفاقيات الدولية ذات العلاقة بهذا الحق، إلا أن قضية تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم في سوق العمل ما زالت تشكل أحد أهم المعضلات التي يواجهونها في حياتهم،ففي وقت بلغت فيه نسبة الأردنيين من ذوي الإعاقة 11.2% من مجمل السكان الأردنيين، إلا أن نسبة المشتغلين منهم تقل عن 1% في القطاعين العام والخاص.

و يكمل عن التحديات التي تقف أمام توظيف هذه الفئة تتمثل في عدم استجابة بعض الدوائر الرسمية لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة بحجة عدم مناسبة طبيعة الوظيفة لإعاقة الشخص المرشح للتعيين، وعدم توفر البنية التحتية اللازمة فيها، وكذلك استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من العمل أو التدريب على أساس الإعاقة أو بسببها، كما يشتكي ذوي الإعاقة من تعرضهم لحالات من الإستبعاد من العمل أو التدريب على أساس الإعاقة أو بسببها، ويعاني بعضهم من عدم قدرة المسؤولين على التعامل مع طبيعة إعاقاتهم والتواصل معهم، ومن سوء المعاملة والتمييز، وما زالت الصورة النمطية هي السائدة في مجال تشغيل وتعيين الأشخاص ذوي الإعاقة، فغالبا ما يتم تعيين الأشخاص ذوي الإعاقة في وظائف لا تتناسب مع كفاءاتهم وقدراتهم ورغباتهم، وغالبا ما يكلفون بأعمال أدنى من مؤهلاتهم.

و عن رأيه في لجنة تكافؤ الفرص فيقول أن لجنة تكافؤ الفرص لجنة كبيرة و الشكاوي فيها تصاحبها اجراءات كبيرة بدءاً من وصول الشكوى الى الموقع الالكتروني أو الخط الساخن ثم عرضها على اللجنة و على أمين السر و النظر بها و هذه اجراءات تحتاج وقت طويل و ليست مجدية من الناحية العملية فيقترح وجود فرق في الميدان لتلقي الشكاوي و زيارة المواقع و التأكد من الشكاوي بشكل اسرع و أبسط.

و يكمل أبو نجمة أن اللجنة لديها تقصير بالوصول للأشخاص ذوي الإعاقة و قلة معرفتهم بها و يجب إيجاد طرق أسهل و أبسط للوصول للناس و التوعية بأهمية هذه الشكوى من خلال مشاركة وسائل الإعلام المختلفة و الرسائل النصية للمواطنين

 

أضف تعليقك