"تحسين الرعاية لذوي الإعاقة: من الرعاية الإيوائية إلى الدمج المجتمعي"
يواجه رامي شريم تحديات في كل زيارة له إلى المراكز الصحية في الأردن، يتذكر شريم ذوي الإعاقة الحركية ان مجرد تلقي العلاج يصبح معركة أخرى. يقول: "دائمًا ما أحتاج إلى شخص مرافق يساعدني على تخطي الإجراءات التي يبدو أن النظام الصحي لم يفكر فيها." فبالنسبة له، الوقوف في الطوابير أو التنقل في ممرات ضيقة أو غير مهيأة ليست مجرد تفاصيل؛ إنها حواجز تحول بينه وبين الحصول على العلاج.
في حديثه، كشف شريم وهو من مستخدمي الكرسي المتحرك عن مشهد تتكرر فيه التحديات وتحديات كثيرين من ذوي الإعاقة. يقول شريم "المرافق الصحية، وإن كانت مخصصة لتقديم الرعاية، تبدو غير مهيأة لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة والممرات المزدحمة والضيقة، وغياب المنحدرات اللازمة، وصعوبة الوصول بين الطوابق كلها تفاصيل تعكس واقعًا غير إنساني للأشخاص الذين لا يستطيعون التحرك بسهولة".
رغم التحديات، لا يفقد شريم الأمل، فبين سلبيات عديدة، يرى بريقًا في الجهود الحقوقية التي تدافع عن حقوق ذوي الإعاقة، حتى وإن كانت المراكز المهيأة بعيدة عن المناطق الحيوية. ويدعو شريم إلى تفعيل القوانين على أرض الواقع، واقترح أن يخضع المسؤولون لتجربة الحياة كما يعيشها الأشخاص ذوو الإعاقة، علّها تكون خطوة نحو بناء نظام صحي أكثر إنسانية.
تلعب مراكز الخدمات النهارية الدامجة ومراكز التأهيل لذوي الإعاقة في الأردن دورًا حيويًا في تعزيز الاندماج المجتمعي وتقديم الرعاية المتخصصة لذوي الإعاقة، وتمثل هذه المراكز جزءًا أساسيًا من الجهود الوطنية لتحسين جودة الحياة لذوي الإعاقة وأسرهم، من خلال توفير بيئة تعليمية وتأهيلية تراعي احتياجاتهم الفردية، مع التركيز على تمكينهم من المشاركة الفعالة في المجتمع.
حيث أوضحت وزارة التنمية الاجتماعية في حديثها لـ عمان نت "أن هناك 27 مركزًا نهاريًا دامجًا منتشرة في كافة أنحاء المملكة، والوزارة بصدد استحداث ثلاثة مراكز جديدة لتوسيع نطاق خدماتها، بهدف تقديم المزيد من الدعم والتأهيل للأشخاص ذوي الإعاقة". مشيرة إلى أن "هذه المراكز تقدم خدمات متكاملة مثل التدريب والتأهيل، إلى جانب العلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي، والعلاج النطقي، بالإضافة إلى الإرشاد الأسري، والخدمات المتخصصة للأشخاص المصابين بالتوحد".
التدخل المبكر: خطوة نحو الحد من تطور الإعاقة
وأشارت الوزارة إلى "أن 1172 حالة تستفيد حاليًا من خدمات المراكز النهارية الدامجة، بينما تستفيد 750 عائلة من خدمات التدخل المبكر التي تهدف إلى الحد من تطور الإعاقة، وإبقاء الأطفال ضمن مجتمعاتهم الطبيعية، وأن هناك 28 وحدة للتدخل المبكر منتشرة في أنحاء المملكة، ويتم العمل على استحداث أربع وحدات جديدة لتحقيق الدمج الكامل وتوسيع نطاق الاستفادة من هذه الخدمات" .
كما أكدت الوزارة أنها تعمل على استبدال نظام الرعاية الإيوائية بالخدمات النهارية الدامجة من خلال تدريب الأسر، وتقديم الدعم المالي لها، والهدف من ذلك هو دمج أكبر عدد ممكن من الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مجتمعاتهم الطبيعية، مما يسهم في تحسين نوعية حياتهم وتعزيز شعورهم بالاستقلالية.
وبيّنت الوزارة في تصريحات سابقة أن هناك خمس مراكز إيوائية تابعة لها، تغطي خدماتها لـ 582 منتفع، وفي الوقت نفسه، هناك 22 مركزًا تابعًا للقطاع الخاص، إلى جانب مركزين تطوعيين، حيث تقدم هذه المراكز خدماتها لحوالي1055 منتفع. لافتة إلى أن مراكز في الكرك والطفيلة والأمل تشارك في برنامج الدمج المجتمعي للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يتم تدريب الأسر وتقديم مخصصات مالية لدعم هذه الجهود، ويتم حاليًا تقييم 574 حالة تمهيدًا لدمجهم في مجتمعاتهم الطبيعية.
وفي مجال التدخل المبكر، فإن هذه المراكز تخدم الأطفال ذوي الإعاقة والمعرضين للخطر، إذ بلغ إجمالي عدد الوحدات المستحدثة في المراكز التابعة للوزارة 27 وحدة عاملة وتقدم خدماتها، والعمل جار على استحداث 3 وحدات متنقلة لتقديم خدمة التدخل مبكر، واستحداث مشاغل صيانة أجهزة مساندة في الأقاليم الثلاثة، فيما جرى شراء خدمات 34 موظفا لوحدات التدخل المبكر.
من جانبها، قالت أخصائية التربية والطفولة، الدكتورة سهى الطبال في حوارها مع عمان نت: "إنّ السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل تُعد حاسمة لتطور الروابط العصبية، وأن تعرّض الأطفال للخبرات الإيجابية في هذه المرحلة يؤثر بشكل كبير على تطورهم". مضيفةً "أن الأردن بدأت بتوسيع خدمات التدخل المبكر منذ صدور قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2017، حيث تم إنشاء 28 وحدة حكومية متخصصة في هذا المجال".
وتابعت الدكتورة الطبال "أن الأسر تلعب دورًا أساسيًا في تأهيل أطفالها، وأوضحت أن تدريب الأسر على كيفية تقديم الدعم ضمن الروتين اليومي لأطفالهم يعد أمرًا حاسمًا في تعزيز تطور الطفل". مؤكدة على "ضرورة تقديم الدعم النفسي للأسر لضمان استقرار الأطفال نفسيًا، وأن استجابة ذوي الطفل تؤثر بشكل مباشر على استقرار حالته النفسية".
البطاقة التعريفية لذوي الإعاقة: تسهيلات وتحديات
كشف الناطق الإعلامي باسم المجلس الأعلى لذوي الإعاقة، زياد المغربي، أن عدد الحاصلين على البطاقة التعريفية لذوي الإعاقة بلغ حوالي 18 ألف شخص حتى الآن، وهذه البطاقة تتيح لحامليها التوجه إلى المؤسسات الحكومية للحصول على الخدمات المطلوبة. مشيرًا إلى أن هناك ضوابط وشروطًا تختلف من جهة لأخرى.
وأضاف المغربي "أن بعض الخدمات، مثل الإعفاءات الجمركية، تقتصر على الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية الشديدة، مما يحرم الحاصلين على بطاقات تعريفية لإعاقات بسيطة أو متوسطة من الحصول على هذه الامتيازات، وبالوقت نفسه هناك مؤسسات مثل التعليم العالي وإدارة التأمين الصحي تعتمد البطاقة بغض النظر عن درجة الإعاقة، حيث يحصل حامل البطاقة على التأمين الصحي والخدمات التعليمية".
ويتابع المغربي "أن بعض الجهات، مثل إعفاء الخادمات، تشترط أن تكون الإعاقة شديدة، فيما تختلف شروط الإعفاءات الجمركية بناءً على نوع الإعاقة، وأن الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية الشديدة مثل التوحد ومتلازمة داون يحصلون على الإعفاء الجمركي، بغض النظر عن درجة الإعاقة".
وذكر المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في جلسة نقاشية لموازنة.مجلس الأشخاص ذوي الإعاقة في مجلس النواب أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن والبالغ 1.25 مليون شخص، بما نسبته 11.2% من إجمالي سكان المملكة، موضحًا أن نسبة 11.2% هي من النسب الطبيعية في العالم، إذ تبلغ النسبة المعيارية لنسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في أي مجتمع 15%.
على صعيد متّصل استكملت مديرية الأمن العام، بالتعاون مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تجهيز 10 مراكز أمنية في مختلف محافظات المملكة لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول على كافة الخدمات المتاحة.