السياحة الميسرة، البنية التحتية أساس وصول الأشخاص ذوي الإعاقة

الرابط المختصر

 

"كان ينتابني الفضول" تقول شيرين حسين أحد أشخاص ذوات الإعاقة السمعية، حينما كانت في جولة سياحية في مدينة البتراء، كانت تقترب من الدليل السياحي لتعرف ما يشرحه لمجموعة من السياح الأجانب وتحاول أن تفهم لكن دون جدوى.

 

هذا واحد من المواقف التي تواجه شيرين والعديد من الاشخاص ذوي الاعاقة السمعية فحصولهم على المعلومات المتعلقة بالأماكن السياحية التي يزورونها صعب في ظل عدم وجود دليل سياحي متقن للغة الاشارة بحيث يتمكن من توصيل المعلومات لهم.

 

وبناء عليه تقول شيرين إن الاشخاص الصم بدأوا يتعلمون بعيونهم ويتبادلون المعلومات السياحية فيما بينهم وفق ما يخبرهم معارفهم بها وتبقى راسخة في أذهانهم، وينقلونها للآخرين.

 

وتشير شيرين إلى أن صعوبة إيجاد مترجم لغة إشارة متمكن في ترجمة المجال السياحي تكمن بوجود مفاهيم سياحية تحتاج للتفسير العميق لترجمتها بلغة الإشارة.

 

 وبحسب شيرين فأن الوصول للمعلومات يتطلب الاهتمام الجاد والتفكير دائماً بوجود اشخاص ذوي إعاقة سمعية حولنا، وعدم التركيز على الإعاقات الظاهرة مثل الاعاقة الحركية، بل يُعطى لكل إعاقة حقها في الاهتمام من ناحية البنية التحتية.

 

لا تواجه شيرين وحدها هكذا معيقات فسعيد قفاف أحد أشخاص ذوي الإعاقة الحركية لا يمكنه زيارة أغلب الأماكن الأثرية في ظل عدم تهيئتها فهو يختار زيارة الأماكن التي يتواجد بها فنادق مهيأة كالبحر الميت والعقبة.

 

يقول قفاف " في الفنادق كل ما كان سعر الغرفة أعلى كل ما كانت مجهزة أكثر " وبحسبه فإن الفنادق المهيأة للأشخاص ذوي الاعاقة تحتاج لقدرة مالية كبيرة وهذا ما يعجز عنه أغلب فئات المجتمع الأردني، مشيراً إلى أن سبب ارتفاع الأسعار يرجع للعرض والطلب .

 

ويشير قفاف إلى صعوبة الوصول للأماكن السياحية حيث الطرق والمواصلات الغير مهيأة وتصعب على أشخاص ذوي الاعاقة الحركية الوصول للأماكن التي يحبونها.

 

الناشط عبدالرحمن سلامة أحد أشخاص ذوي الاعاقة الحركية عمل كمرشد سياحي معتمد من السفارة الأمريكية لوادي رم والبتراء والعقبة لم يعطى الرخصة من الوزارة بسبب الإعاقة الحركية لديه.

 

سلامة هو أحد مؤسسي مبادرة "مجد" لسياحة ذوي الإعاقة والتي تهدف لتشجيع هذه الفئة في الاردن والعالم للسياحة ، يقول سلامة إن المبادرة تنظم الرحلات وتركز على وادي رم والبتراء والعقبة، كما أنشئت أول استراحة في الاردن "أعمدة القدس" مجهزة ومهيأة لهذه الفئة، تحتوي على بازار ومطعم.

 

 وأضاف أن المبادرة جهزت غرف مهيأة في بعض فنادق النجمتين والثلاث، مبيناً أن سعر الغرف المهيأة في فنادق ال5 نجوم يكون مضاعف في حين أنه يجب أن توفر ضمن الخدمة دون زيادة.

 

قدم سلامة بعض المقترحات والنماذج التي تسهل على أشخاص ذوي الاعاقة زيارتهم لبعض المواقع السياحية كعربة الخيل الدامجة في البتراء والتي تستقبل أربع أشخاص واحد منهم لذوي الإعاقة، وسيارات خاصة في جبل عمان، الا انه لم يلقى التعاون المطلوب من الجهات المعنية.

 

يطمح سلامة لفتح أول شركة سياحية اردنية تستقدم سياح ذوي الإعاقة من خارج الأردن، لكنه يرى بأن عدم تهيئة الأردن سياحياً لهذه الفئة ستكون خيار بعيد لهم.

 

إحصائيات ... تقارير تؤكد المعاناة

بحسب التعداد العام للمساكن والسكان لعام 2015 فإن نسبة انتشار الاعاقة بين السكان الذين اعمارهم 5 سنوات فأكثر تشكل 11.2% بجميع أنواعها، وتشكل السمعية بنسبة 3.1% والبصرية 6.0% والحركية 4.7 .

 

ووفقاً لما تنص عليه المادة 37 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة (2017) إن على وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة وبالتنسيق مع المجلس الاعلى وخلال (5) سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون تضمين تعليمات تراخيص المهن السياحية، المعايير الخاصة بإمكانية الوصول ومتابعة مدى التزام الشركات والمنشآت السياحية بها.

إضافة لتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة وإمكانية الوصول في المواقع السياحية والأثرية، بما يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إليها، وبما لا يخل بالطبيعة الطبوغرافية والأثرية للموقع.

 

كما نص على تدريب الكوادر العاملة في مجال السياحة والأدلاء السياحيين على سبل التواصل الفعال مع هذه الفئة، إضافة لتوفير

النشرات والمطبوعات والمعلومات في الأماكن السياحية والأثرية المختلفة بالأشكال الميسرة.

 

وذُكر في تقرير الظل/ الموازي حول اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن لعام 2017، اجراء مجموعات نقاش مع الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية أكدوا خلالها أنهم "يواجهون صعوبات كبيرة تتعلق بالحق في التنقل بسبب غياب الترتيبات التيسيرية والتهيئة البيئية وإمكانية الوصول من طرق ومباني ووسائط النقل والمعدات والأدوات والوسائط التقنية المساعدة وتوفير المرافق الشخصي، بالإضافة إلى أن مواقف السيارات الخاصة لذوي الإعاقة غير مفعله ".

 

 وفي نفس التقرير ذُكر بأن الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية يواجهون صعوبات واضحة بسبب عدم القدرة على التواصل مع البيئة المحيطة وعدم وجود مترجمي لغة إشارة وعدم وجود إشارات مضيئة للدلالة على الاتجاهات والمرافق المختلفة، ويرى الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية أن المجتمع المحيط ينبذهم ويعتبرهم عدوانيين" .

 

يقول الباحث المتخصص في السياحة البيئية والأثرية محمد عبدالجواد إنه يجب أن يسبق عملية التطوير السياحي في اي موقع عملية التنقيب والمسح الأثري، واستخدام قواعد البيانات الإلكترونية؛ لتكشف لنا جانب مهماً حول عملية جذب المنطقة للجماعات البشرية، وكيفية الترويج والتسويق لها بالشكل الملائم.

 

ويشير إلى أهمية معالجة البنية التحتية والفوقية لتراعي جميع فئات المجتمع، مبيناً أنه كلما زاد التأهيل والاهتمام بالمواقع السياحية كلما زاد استقطاب سياح ذوي الإعاقة .

 

ويوضح أنه لابد من تغيير الأسلوب التقليدي لتسويق المواقع السياحية وذلك بتوظيف التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي لنعرضها بشكل مشوق، مشيراً لأهمية استخدام خرائط جوجل وتأهيل مراكز الزوار بكل ما يحتاجه سائح ذوي الاعاقة من تفسير وعرض فيديوهات، وخدمات، وتوفير مرشدين شاملين لديهم جميع المهارات.

 

ويؤكد على ضرورة تواصل وتعاون جميع المعنيين من مسؤولين وباحثين وأكاديميين بشكل فعلي وجدي لتطوير خطة علاجية تدمج كافة شرائح المجتمع.

 

إجراءات الوزارة

يقول مساعد الأمين العام في وزارة السياحة أيمن ابو خروب إن الوزارة تقوم بالتهيئة التدريجية للمواقع السياحية، مشيراً للجنة المشتركة بين الوزارة و دائرة الآثار العامة والمجلس الأعلى لذوي الإعاقة التي حددت عدد من المواقع السياحية وتم الكشف عليها لحصر التدخلات المطلوبة لتسهيل وصول الأشخاص ذوي الإعاقة وتم عمل خطة لخمس مواقع أولها جبل القلعة.

 

 ويشير ابو خروب إلى قيام الوزارة بتوعية موظفيها وبعض العاملين في المواقع لتوفير كل المتطلبات لهؤلاء السياح مشيراً لشراء عدد من المركبات في المواقع السياحية لخدمة الاشخاص ذوي الاعاقة وكبار السن في مركز زوار مادبا وعجلون، إضافة لوجود سيارات كهربائية في قلعة الشوبك.

 

ويؤكد ابو خروب أن جبل نيبو جاهز بشكل كامل لاستقبال ذوي الاعاقة، مشيراً الى أن ما يقارب 60% من المواقع السياحية ومراكز الزوار مهيأة بالمرافق الصحية، والخدمات، وأعمال العرض والتفسير.

 

ويقول ابو خروب بأن الوزارة تطمح لوصول الأشخاص للموقع السياحي وليس فقط لمراكز الزوار ولكن هناك العديد من التحديات كون المواقع الأثرية لها خصوصية وتضاريس صعبة، مشيراً إلى أن الوزارة تطلب بكل منشأة تقام بتطبيق مجموعة من الأساسيات، وتطلب من فنادق ال4 وال5 نجوم أن تكون مهيأة لأشخاص ذوي الاعاقة.

 

ويشير الى أنه لا يوجد في المواقع السياحية أدلاء سياحيين بلغة الإشارة، مبيناً أن مراكز الزوار تعتمد على وسائل التكنولوجيا في عرض أفلام وثائقية عن قصة الموقع الأثري بالصورة والصوت والكتابة ولغة الإشارة ، إضافة لإدراجها ضمن الخطة الجديدة.

وفيما يخص تعامل الوزارة مع المبادرات الخاصة بذوي الاعاقة فيؤكد ابو خروب أن الوزارة ترحب وتتعاون مع جميع المبادرات، مشيراً إلى التواصل المستمر مع المجلس الاعلى لشؤون الاشخاص ذوي الاعاقة للتنسيق فيما بينهم لدعم كل ما يخدم هذه الفئة.

0

9

9

9