دراسة نيابية: النواب المتسقلون تفوقوا على الكتل
أظهرت دراسة أجراها مرصد البرلمان الأردني (مركز القدس للدراسات السياسية) حول الكتل النيابية في مجلس النواب أن تشكيل الكتل لا يقوم على أسس برامجية أو سياسية وإنما بناء على العلاقات الشخصية، أو العلاقات المصلحية، أو الجهوية.
وأشارت الدراسة لغياب واضح للبرامج التي تتبناها الكتل، وفي حال توفر برنامج عمل فإن أعضاء الكتلة نفسها لا يلتزمون به.
وبينت الدراسة تفوق النواب المستقلين على نظرائهم في الكتل فيما يتعلق بعدد الاسئلة الموجهة للحكومة.
وأوصت الدراسة بتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب لينص صراحة على الإعتراف بالكتل البرلمانية بإعتبارها أحد مكونات مجلس النواب التنظيمية. كما دعت الدراسة إلى تعديل قانون الإنتخاب ليعتمد النظام الإنتخابي القائم على مبدأ القوائم مما سيساعد كثيراً على تشكيل كتل برلمانية ذات لون سياسي أو برامجي أو خدماتي واحد مما سيساهم في إستقرار الكتل، وإنسجامها، وبناء خطاب برلماني موحد.
أوصت دراسة برلمانية بتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب لينص صراحة على الإعتراف بالكتل البرلمانية بإعتبارها أحد مكونات مجلس النواب التنظيمية. كما دعت الدراسة إلى تعديل قانون الإنتخاب ليعتمد النظام الإنتخابي القائم على مبدأ القوائم مما سيساعد كثيراً على تشكيل كتل برلمانية ذات لون سياسي أو برامجي أو خدماتي واحد مما سيساهم في إستقرار الكتل، وإنسجامها، وبناء خطاب برلماني موحد.
الدراسة التي أجراها مرصد البرلمان الأردني بمركز القدس للدراسات السياسية وحملت عنوان (تشكيلات الكتل النيابية وأدوارها الوظيفية في الدورة العادية الثانية للمجلس الـ16) دعت كذلك إلى تخصيص موازنة مالية وتوفير الدعم اللوجستي من موظفين ومكاتب وموازنة عامه وخبراء ومستشارين لكل كتلة على حده ومن موازنة مجلس النواب نفسه.ووضع أسس واضحة ومحدده لكل عضو في كتلة برلمانية، والحد الأدنى لعضوية كل كتلة برلمانية بإستثناء الكتل الحزبية التي تضم طيفاً حزبياً واحداً. كذلك وضع لائحة تنظيم داخلية للكتل البرلمانية بما في ذلك إلزامها بتقديم برنامج عمل، ووضع لوائح داخلية تلزم الكتل بالإتفاق عليها والإلتزام بها.و إخضاع النواب إلى دورات تدريبية تتعلق بإليات عمل الكتل البرلمانية، وواجبات النائب داخل الكتلة وخارجها.
وإستعرضت الدراسة الأدوار الوظيفية التي مارستها الكتل النيابية الإحدى عشر خلال الدورة العادية الثانية للمجلس .وقامت الدراسة بتحليل القوى القيادية للكتل البرلمانية داخل المراكز القيادية الأساسية في لجان المجلس الأربعة عشر الدائمة وما طرأ عليها من تغيرات تتعلق بإنتقال النواب الذين يشغلون تلك المواقع إلى كتل أخرى مما منح الكتل الجديدة المضيفة مواقع قيادية جديدة مكتسبة لم تكن من ضمن حصصها الإنتخابية في مطلع الدورة العادية الأولى.
وخلصت الدراسة إلى أن بعض الكتل البرلمانية التي كانت قائمة في الدورة العادية الأولى قامت بدور الحاضنة الأم لولادة كتل جديدة إنبثقت عنها بسبب الإستقالات والخلافات داخل تلك الكتل الأم، كما أن كتلاً أخرى تلاشت تماماً وحل محلها كتل جديدة وبمسميات أخرى جديدة. وكشفت الدراسة عن قصور كبير في أداء الكتل البرلمانية فيما يتعلق بالإلتزام بأدبياتها على نحو مكافحة الفساد، أو حتى الإصلاح السياسي،
ولفتت الدراسة إلى أن أسس تشكيل الكتل البرلمانية لا يزال يقوم على أسس غير برامجية أو سياسية مما يجعل الكتل تقوم بدور التجمعات للنواب، وتنبني في الأساس إما على العلاقات الشخصية، أو العلاقات المصلحية، أو الجهوية. وأشارت لغياب واضح للبرامج التي تتبناها الكتل، وفي حال توفر برنامج عمل فإن أعضاء الكتلة نفسها لا يلتزمون به.
وقالت الدراسة أن الكتل تلجأ لمنح كل عضو فيها خيار إتخاذ القرار والتوجهات التي تناسبه دون إلزامه بموقف جماعي للكتلة وذلك خوفاً من التأثير على وحدة الكتلة الواحدة. وتؤكد الدراسة أن الكتل جميعها لم تستطع المحافظة على وحدتها الداخلية مما أدى إلى تعرض كل الكتل القائمة إلى حركات إنشقاق وسلسلة إستقالات متتالية بإستثناء كتلة واحدة هي كتلة "التجمع الديمقراطي". ونوهت الدراسة إلى أن الكتل لا تنشط إلا في المواسم الإنتخابية الداخلية فقط، ويبقى نشاطها في الإطار الموسمي، وسرعان ما تقع الكتل نفسها فريسة الخلافات الداخلية على توزيع مغانم الإنتخابات الداخلية.
وأشارت الدراسة إلى أن النظام الداخلي لمجلس النواب لا يعترف بوجود الكتل، ويتعامل معها بإعتبارها من الأعراف البرلمانية، مما أبقى الكتل خارج أي دعم مالي أو لوجستي من قبل مجلس النواب نفسه.
الكتل النيابية بين الدورتين
شهدت الكتل النيابية التي كانت قائمة في بواكير الدورة العادية الأولى تغييرات كبرى على بنيتها الداخلية بعد أن تعرض معظمها إلى هزات داخلية أعادت إنتاج الكتل من جديد، كما قامت بعض الكتل القائمة بدور الحاضنة الأم لولادة كتل جديدة من رحمها.وظلت الكتل النيابية في الفترة الفاصلة ما بين الدورتين وخلال الدورة الإستثنائية الأولى تعيش مخاضاً عسيراً نوعا ما أدى بالنتيجة إلى إدخال الكتل القائمة في دوامة "الفك والتركيب"، من خلال تنقلات واسعة قام بها نواب عديدون بين اكثر من كتلة .
ففي الدورة العادية الأولى تشكلت كتل برلمانية بعضوية كبيرة إلا أنها لم تستطع المحافظة على وحدتها وتماسكها فقد بدأت الإنشقاقات والإنسحابات تأخذ طريقها لهذه الكتل طيلة الدورة العادية الأولى والدورة الإستثنائية الأولى وصولا إلى مطلع الدورة العادية الثانية التي بدأت في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول سنة 2011 والتي شهدت حركة مغادرة وإستقطاب بين الكتل، فقدت فيها الكتل الكبرى جانبا كبيراً من أعضائها لصالح كتل اخرى، إلى جانب ولادة كتل أخرى بعد إنتهاء الدورة العاديةالأولى في نهاية شهر اذار 2011.وباستثناء كتلة التيار الوطني التي نجحت بإستقطاب اعضاء جدد في الدورة الثانية فإن باقي الكتل جميعها شهدت إنخفاضاً في أعداد عضويتها، بإستثناء كتلة وحيدة هي كتلة التجمع الديمقراطي التي نجحت بالحفاظ على وحدتها الداخلية وعلى عدد أعضائها وعلى اسمائهم نفسها.هذه الدوامة التي وقعت الكتل فيها لم تتوقف عند هذا الحد فقط من المناقلات الخلافية بل تعداها إلى دخول الكتل نفسها في دوامة الإستقطابات الإنتخابية مرة اخرى عندما اقتربت إستحقاقات الإنتخابات الداخلية لمجلس النواب في دورته العادية الثانية التي ساعدت هي الأخرى على الزج بالكتل مجدداً في دوامة الخلافات البينية، كان سببها المباشر هذه المرة الموقف من دعم احد المرشحين لمقعد رئاسة المجلس، ثم المكتب الدائم واللجان الدائمة.
وقد دخلت الكتل البرلمانية إلى سباق رئاسة مجلس النواب متأخرة بسبب عدم وضوح موقف رئيس مجلس النواب في دورته العادية الأولى فيصل الفايز من نيته لترشح لدورة ثانية في مواجهة منافسه الذي اعلن مبكراً دخوله مربع المنافسه وهو النائب عاطف الطراونه، وفورأن حسم الفايز قراره بعدم الترشح تقدم النائب عبد الكريم الدغمي بالإعلان عن نيته الترشح في مواجهة عاطف الطراونه الذي كان الوحيد من بين النواب الذي أعلن مبكراً نيته الترشح للرئاسة.وشهدت الكتل البرلمانية في حينه موجة من الحراك الإستقطابي بين المرشحين الذين لم يجدا من يدخل معهما مضمار السباق كطرف ثالث.وفي العاشر من شهر تشرين الأول/ اكتوبر 2011 وقبل 16 يوما فقط على موعد افتتاح الدورة العادية الثانية اجتمعت اربع كتل برلمانية هي التيار الوطني، والشعب، والعمل الديمقراطي والجبهة الموحده معلنة عن بناء إئتلاف انتخابي يمثل حوالي 44 نائبا لدراسة الإمكانيات المتاحة امام اعضاء الائتلاف لمناصرة ودعم اي من المرشحين الدغمي أو الطراونه، إلى جانب البحث عن صيغة تفاهم أوسع تصل إلى حدود التفاهم على مقاعد المكتب الدائم، ولجان المجلس الدائمة والمقاعد القيادية فيها.وجاء هذا الائتلاف بعد سلسلة اجتماعات ومشاورات دفعت بالكتل الأربع للتوصل إلى هذا الإتفاق الذي استند في معطياته الأولية على مبدأ تعويم التصويت داخل الكتل.واعلن الائتلاف البرلماني الإنتخابي في بيان صدر عنه أن "غاياته بعيدة عن الأجندات الخاصة ، أو تحقيق مكاسب كتلوية فردية، وسيعمل الائتلاف على التعاون مع الكتل الأخرى والزملاء المستقلين في المجلس لتحقيق الغايات التي شكل من اجلها.إلا ان كتلاً اخرى من خارج الائتلاف نفسه كانت قد اعلنت مبكرا عن وقوفها إلى جانب الطراونه في مواجهة الدغمي معلنة بذلك انحيازاً مبكراً ومباشراً لطرف على حساب طرف اخر وهما كتلتا المستقبل والتغيير اللتان اعلنتا مبكراً دعمهما للطراونه في مواجهة الدغمي.وبدت انتخابات رئاسة مجلس النواب في مطلع الدورة العادية الثانية وكأنها صراع بين كتل برلمانية، إلا أن هذا الصراع لم يجد له الصدى الكافي لإعتباره حقيقة ضاغطة، فقد كشفت النتائج الانتخابية لرئاسة المجلس بأن تلك الإصطفافات التي تحتكم لمصالح الكتل لم تتحقق بشكل كافي في انتخابات المكتب الدائم.وقد نجح النائب عبد الكريم الدغمي برئاسة مجلس النواب بفارق صوت واحد فقط عن منافسه عاطف الطراونه.إلا أن قيادة الدغمي للجلسة الأولى للمجلس واستناداً لنتائج انتخابات كرسي الرئاسة قد دفعت بالمجلس إلى خلط أوراق التفاهمات الكتلوية على مقاعد المكتب الدائم الأربعة التي تم فيها اللجوء إلى سياسة التزكية لمقعد النائب الأول لرئيس المجلس عندما تمت تزكية الطروانه ليشغل هذا المقعد، بعد أن إنسحب ثلاثة مرشحين كانوا قد أعلنوا منافستهم على هذا المقعد وهم النواب خليل عطية وبسام حدادين ومرزوق الدعجة، منسحبين بذلك لصالح الطراونه بهدف تكريس مبدأ التزكية وللمحافظة على وحدة المجلس، وفقاً لما قيل في حينه من مبررات بدت منطقية ومقبولة تماماً من الغالبية المطلقه في المجلس. وانسحب هذا المبدأ على المنافسه على مقعد النائب الثاني لرئيس المجلس فقد اختير النائب خليل عطية هو الأخر لشغل هذا المقعد بالتزكية.
ووفق الدراسة هذه الأجواء الحميمية اختفت تماما عندما توقف المجلس امام المضي في إختيار مقعدي مساعدي الرئيس بالتزكية بعد أن أعلن اكثر من نائب رغبته بالترشح، ولم تنجح ضغوطات النواب بإتجاه اللجوء إلى التزكية مما ضطر المجلس للجوء إلى الإنتخاب السري وفاز بالمقعدين النائب ناريمان الروسان، بينام تساوت الأصوات لكل من المرشحين خالد الحياري وضرار الداوود، وكاد المجلس أن يلجأ إلى القرعة، لولا أن بادرَ النائب الحياري للإعلان عن التنازل للنائب الداوود.لقد بدت إنتخابات رئاسة مجلس النواب ومكتبه الدائم في مطلع دورته العادية الثانية تذهب إلى خارج الحسابات المصلحية المشروعة للكتل البرلمانية التي لم تلزم احداً من أعضائها بالإنحياز لمرشح دون اخر، وإن كان معظم تلك الكتل بدت مواقفها واضحة تجاه أحد المرشحين، بدليل تقارب الأرقام التي حصل المرشحون عليها، والتي جاءت بفارق صوتي ضئيل، بالرغم من أوراق الإقتراع التي ألغيت أو تلك التي تم إعتمادها وكانت مثيرة للجدل في حينه
تقول الدراسة : لقد دخلت الكتل البرلمانية الدورة العادية الثانية وهي تحمل إرثاً ثقيلاً من الصراعات الداخلية، بعد أن دخلت في جولات من إعادة الفك والتركيب أثرت بالنتيجة على تفاهماتها مع كتل أخرى كانت اصلاً قد خرجت من رحم الكتل الأم، وهو ما دفع بنواب وكتل لإتخاذ مواقف مضادة لكتل أخرى على مبدأ النكاية والخلاف والإختلاف الذي تعزز لاحقاً وخلال إنعقاد الدورة العادية الثانية داخل الكتل نفسها، ثم في علاقات الكتل مع بعضها البعض.وقد شهدت كل الكتل دون تمييز باستثناء كتلة التجمع الديمقراطي سلسلة طويلة ومتعددة من حركات المناقلة بين الاعضاء، مما ابقى خارطة كل كتلة مفتوحة على مصراعيها وباستمرار لحركة فقدان الاعضاء واكتساب اعضاء جدد. خارطة التحولات المستمرة في الكتل البرلمانية بقيت تعمل بنشاط، يتكون مجلس النواب من 11هيكلاً كتلويا من بينها تكتل النواب المستقلين الذي يعتبر الأعلى نسبة حيث تبلغ نسبة المستقلين بين الكتل النيابية (22%)، في حين لا تزال التساؤلات تطرح نفسها في الأسباب التي تدفع مجلس النواب للاعتراف بوجود الكتلة "المستقلة" والتي بلغت نسبة عضويتها (1%).أما الكتل النيابية القائمة حتى نهايات الدورة العادية الثانية فهي : العمل الديمقراطي. وحزب التيار الوطني. والشعب النيابية.والتغيير.والمستقله. والتجمع الديمقراطي.ووطن النيابية. والمستقبل النيابية.والجبهة الأردنية الموحده. والوفاق الوطني. و.النواب المستقلون. اما الكتل التي تلاشت وتم استبدالها بكتل اخرى فهي:كتلة العمل الوطني.وكتلة العدالة والتغيير.
بنية الكتل النيابية :
وأكدت الدراسة أن تشكيل وتأسيس الكتل البرلمانية يقوم على مبادئ لا ترقى للبرامج الخدماتية أو السياسية، وفي معظم الأحيان فإن تشكيل الكتل يبدأ من خلال نواب أقوياء يملكون قدرات مالية واسعة، وينجحون بإستقطاب نواب إلى كتلهم التي يريدون تشكيلها. وتشير إلى أن جميع الكتل التي أعلنت عن منطلقات خدماتية وسياسية لها، لم تجد من يلتزم بها من أعضائها، مما ساهم كثيرا في إبقاء عمل الكتل في إطار النادي، أو الجمعية الداخلية، أو التجمع المصلحي. كما اشارت الدراسة إلى أن معظم الكتل القائمة لا تلتزم بعقد اجتماعاتها الأسبوعية أو الدورية، وفي معظم الأحيان فإن بعض الكتل لا تدعو أعضاءها لحضور إجتماعات داخلية لمناقشة موقفها من القوانين والتشريعات المعروضة على المجلس، أو حتى توحيد التصويت في إتجاه محدد يتناسب مع توجهات الكتلة وأعضائها.وأن النشاط الأبرز للكتل البرلمانية يتبدى في النشاط الموسمي فقط المتعلق ببدايات كل دورة عادية، حيث تنشط الكتل في هذه المناسبات فقط، وتدخل في عملية تفاوض مع مرشحين لمقعد رئاسة المجلس ومقاعد المكتب الدائم ضمن إتفاقات لحفظ حقوق اعضاء كل كتلة بالحصول على مقاعد قيادية في اللجان الدائمة في المجلس.
وقالت الدراسة أن هذا العمل الموسمي ينسحب أيضاً على نشاط الكتل المتعلق فقط بإجتماعات مع رئيس الوزراء حين يكون مكلفاً بتشكيل حكومته، أو في اجتماعات على مستوى أعلى، على نحو لقاء جلالة الملك مع رؤساء الكتل البرلمانية، أو في اجتماعات داخلية مع رئيس مجلس النواب، أو اثناء مناقشة الثقة بالحكومات أو الموازنة حيث يمنح لكل كتلة وقتاً إضافيا للالقاء كلمة بإسم الكتلة، بينما لا يلتزم أي عضو في تلك الكتل بما تقوله كتلته في كلمتها.
وحسب الدراسة فإن الأسس التي تقوم عليها مبادئ تشكيل الكتل البرلمانية هي من أهم الأسباب التي تدفع بالكتل نفسها للفشل، ولا تسمح لها بالبقاء موحدة، ولا تسمح لها بإتخاذ قرارات ومواقف جماعية، فالكتل تتأسس على مبدأ الفزعة اولاً، وعلى مبادئ أخرى من أبرزها البحث عن كيانية جماعية فقط سرعان ما تتلاشى، وهذا ما يدفع بجميع الكتل القائمة على إعتماد مبدأ حرية التصويت والإختيار"التعويم" حتى تخرج من معضلة إلزام الأعضاء بمواقف محددة قد تؤثر سلباً على وحدة الكتلة وبقائها، ومع ذلك فإن هذه السياسة نفسها لم تنجح في الإبقاء على وحدة الكتل وبقائها، وقد استعرضنا سابقاً ابرز المشكلات التي واجهتها الكتل، والتحولات العديدة التي مرت بها كل كتلة على حده.
وتشير الدراسة إلى أن نشاطات معظم الكتل بقيت في إطارها العادي جداً، بالرغم من أن العديد منها قام بإصدار بيانات تندد فيها بمواقف محددة على نحو البيانات التي أصدرتها كتل ضد حزب جبهة العمل الإسلامي والحركة الإسلامية، أو ضد الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح السياسي والإقتصادي، أو ضد الحكومة، أو وزراء بعينهم.كذلك لجأت بعض الكتل لإعتماد مبدأ تداول السلطة داخلها من خلال إستبدال رئيس الكتلة كل فترة زمنية محددة، على نحو التداول الحاصل في كتل الشعب، والتجمع الديمقراطي، والتيار الوطني ، وغيرها، إلا أن هذا التداول يأتي في سياق رغبة الكتل بالمحافظة على تماسكها الداخلي.
تقول الدراسة : من أبرز الظواهر التي شهدتها خارطة تشكيل الكتل البرلمانية في المجلس السادس عشر تشكيل كتلة على أسس جغرافية هي كتلة المستقلة، التي اتهمها نواب ومراقبون بأنها كتلة خاصة لتمثيل محافظات الشمال، وبالرغم من نفي رئيسها واعضائها لهذه التهمة إلا أن عضوية الكتلة التي اقتصرت اولاً على نواب من الشمال كانت دليلاً واضحاً على مصداقية جزء من هذا الإتهام الذي سرعان ما تبدد بإنضمام نائبين من الجنوب اليها، قبل أن تتلاشى الكتلة نهائياً وتقتصر على نائب واحد.كما سجلت بعض الكتل البرلمانية تراجعات واضحة فيما يتعلق بالجان التحقيق النيابية في قضايا وملفات الفساد، ففي الوقت الذي قامت الكتل فيه بتشجيع وبتبني تشكيل لجان تحقيق نيابية في ملفات فساد وصلت لجانها التحقيقية إلى (24) لجنة، إلا أن المجلس لم يستطع في النهاية الإستمرار في اعماله التحقيقية، مما دفع بكتل برلمانية قائمة لتبني دعم قرارات بالتصويت على إحالة تلك الملفات إلى هيئة مكافحة الفساد.
الكتل الحزبية :
وحسب الدراسة تشكل الكتل الحزبية في الدورة العادية الثانية لمجلس النواب السادس عشر ما مجموعه (14,9%) من مجموع مجلس النواب، وتتمثل هذه الكتل في كتلتين هما كتلة حزب التيار الوطني وتضم في عضويتها (14) نائبا وبنسبة بلغت( 11,6 %) ، وكتلة حزب الجبهة الأردنية الموحده التي تضم في عصويتها 4 نواب وبنسبة بلغت( 3,3 %) . وشهدت كتلة حزب الجبهة الأردنية الموحده فصل (6 ) من أعضائها بسبب تصويتهم ضد قرار إحالة ملف خصخصة شركة الفوسفات إلى القضاء.ولم تستطع كتلتا التيار والجبهة إقرار واقع انهما تمثلان حزبين عاملان، ولم تنجحا لتكونا كتلتان حزبيتان بالشكل المتعارف عليه برلمانياً.
كما شهدت كتلة حزب الجبهة الأردنية الموحده فصل (6 ) من أعضائها بسبب تصويتهم ضد قرار إحالة ملف خصخصة شركة الفوسفات إلى القضاء.ولم تستطع كتلتا التيار والجبهة إقرار واقع انهما تمثلان حزبين عاملان، ولم تنجحا لتكونا كتلتان حزبيتان بالشكل المتعارف عليه برلمانياً.وتعكس المحطات السابقة مدى الفوضى التي تتمتع الكتلتان بها في إتجاهات التصويت على الثقة بالحكومات، ذلك ان اتجاهات تصويت اعضاء الكتلتين على مشاريع القوانين وغيرها تؤكد على ذات النتيجة السابقة، وهي ان الكتل الحزبية في المجلس لا تختلف في أدائها كثيراً عن باقي الكتل الأخرى غير الحزبية.
و بقيت كتلة حزب التيار الوطني الكتلة الحزبية الأكثر بروزاً ووضوحاً من كتلة حزب الجبهة الإردنية الموحدة، ففي الوقت الذي تم فيه تشكيل كتلة حزب التيار الوطني مبكراً وقبل إنعقاد الدورة العادية الأولى للمجلس ، فإن كتلة حزب الجبهة الأردنية الموحدة انتظرت قرابة السنة للإعلان عن تشكيلها وبعد استقالة 6 نواب من كتلة التغيير. قضى نواب الكتلة سنة كاملة وهم يتنقلون بين الكتل، في الوقت الذي كانت فيه كتلة الشعب البرلمانية تعلن في بيان تأسيسها بأنها تعتمد على حزب الجبهة الموحدة كمرجعية لها، بالرغم من أن كتلة الشعب دخلت في أزمة داخلية بسبب ذلك وإضطر ناطقها الإعلامي في حينه النائب مرزوق الدعجة لإصدار تصريحات تنقل فيها مما ورد في بيان الأعلان عن تأسيس الكتلة وعلاقتها بحزب الجبهة الموحده. وكان من المفترض بحزب الجبهة أن يسارع في حينه بتشكيل كتلته الحزبية خاصة وأن قيادة الحزب كانت قد أعلنت مبكراً وفور الاعلان عن نتائج الانتخابات النيابية بان عددا من النواب الفائزين هم اعضاء في الحزب وسيقومون بتشكيل كتلة تمثل الحزب، إلا أن هذا الإعلان المبكر لقيادة الحزب احتاج لمرور قرابة السنه لتشكيل تلك الكتلة.
وليس حال كتلة حزب الجبهة المواحده بافضل حال من كتلة حزب التيار الوطني، فلم يستطع اعضاء هذا الكتلة عكس مباديء الحزب ومواقفه تحت القبة او خارجه، بل أن الكتلة نفسها إقترفت ما يشبه الخطأ الكبير عندما قام ستة من أعضائها بالتصويت لصالح عدم إحالة ملف خصخصة شركة الفوسفات إلى القضاء مما دفع بقيادة الحزب للإعلان سريعاً عن فصل الأعضاء الستة من الكتلة لما أسمته"مخالفة توجهات الحزب تجاه قضية الفوسفات".
تؤكد الدراسة أن الكتل الحزبية في المجلس السادس عشر بقيت ترواح مكانها، وتعتمد فقط على مبدا تعويم المواقف دون العمل على إلزام أعضائها بمواقف الحزب وسياساته، مما ساعد كثيرا على تذويب الهوية الحزبية لتلك الكتل، والإبقاء عليها مجرد كتل لا تختلف كثيراً عن الكتل الاخرى.ولم تستطع أي من الكتلتين الحزبيتين النجاح بعكس هوية الحزب الذي تثمله كل منهما، وتحولت كتل الحزبين إلى مجرد نادي او تجمع للنواب دون النظر أو الاهتمام بنقل سياسات الحزب ومواقفه إلى البرلمان. مما أبقى هذه الكتل مجرد عناوين لأحزاب، ولم تستطع تمثيل أحزابها بصورة تكشف بوضوح عن انها كتل حزبية حقيقية.مقابل هذا المشهد تبرز كتلة التجمع الديمقراطي التي تضم في عضويتها 8 نواب وبنسبة بلغت (6,6 %) وهي الكتلة النيابية الوحيدة التي تقدم نفسها ككتلة سياسية غير حزبية، لكونها تضم في عضويتها إما اعضاء سابقون في الأحزاب ، أو حزبيون لا يزالون في أحزابهم، وللحقيقة فان هذه الكتلة تضم في عضويتها الأمين العام الأول لحزب حشد ، ويساريون وقوميون سابقون.وتعتبر كتلة التجمع الديمقراطي الكتلة البرلمانية الوحيدة في المجلس السادس عشر التي بقيت محافظة على كيانها وهويتها وعدد أعضائها، وهي الكتلة البرلمانية الوحيدة التي لم تتعرض لأية إهتزازات داخلية دفعت باعضائها للاستقالة منها، وبذلك تعتبر كتلة التجمع الديمقراطي الكتلة الوحيدة الأكثر ثباتاً بين الكتل بما فيها الكتل الحزبية، بالرغم من عدم وحدة مواقف أعضائها تجاه العديد من القضايا الرقابية والتشريعية.ولعل من أبرز الأسباب التي أدت إلى ثبات هذه الكتلة إعتمادها مبدا الحد الأدنى من التوافقات على كل القضايا، وهو ما منحها مرونة كافية للإستمرار في إطارها الكتلوي بعيداً عن المشكلات الأخرى المتكررة التي عصفت بالكتل الأخرى منذ بواكير عمل المجلس السادس عشر.
الدور الرقابي للكتل النيابية :
وفيما يتعلق بالدور الرقابي الذي مارسته الكتل النيابية و ومن خلال الاسئلة ، بلغ مجموع الأسئلة التي تم توجيهها للحكومة خلال هذه الفترة التي تعمل هذه الدراسة في نطاقها الزماني ( 249) سؤالاً، سجل النواب المستقلون فيها اعلى نسبة توجيه اسئلة، وبلغت النسبة المئوية للاسئلة التي وجهها النواب المستقلون (32,53 %) ، من خلال (81) سؤالا . وجاءت في المرتبة الثانية كتلة وطن التي وجه نوابها ( 61) سؤالاً خلال هذه الفترة وبنسبة بلغت (24,5 %) ، تلتها كتلة المستقبل وبفارق رقمي كبير عن كتلة وطن، فقد بلغت حصيلة الأسئلة النيابية التي وجهها نواب كتلة المستقبل (29) سؤالاً فقط وبنسبة بلغت (11,26%) فقط. تأتي في المرتبة الرابعة كتلة الوفاق التي وجه نوابها( 15) سؤالا فقط وبنسبة بلغت ( 9,25 %)، ثم كتلة الشعب بتوجيه( 14) سؤالاً وبنسبة بلغت( 6 %)، ثم في المرتبة الخامسة جاءت كتلة التغيير وبفارق سؤال واحد عن كتلة الشعب، إذ وجه نواب التغيير( 13 ) سؤالاً وبنسبة بلغت(5,65 %.) ووفقا للمعطيات فإنَ كتلة التيار الوطني وهي إحدى كتلتين حزبيتين في المجلس قدوجهت (9) اسئلة فقط وبنسبة ( 3,61 %). وتوافقت كتلتا التجمع الديمقراطي التي تطرح نفسها بإعتبارها كتلة سياسية، وكتلة الجبهة الاردنية الموحده وهي الكتلة الحزبية الثانية في المجلس إذ وجهت كل منهما(8)أسئلة وبنسبة بلغت( 3,22 %) لكل منهما. عدم قيام كتلة المستقلة بتوجيه أي سؤال للحكومة، على الرغم من أنها تضم في عضويتها نائباً واحداً فقط، لكن المفاجأة الأبرز في تلك المعطيات تتمثل بتوجيه نائب واحد فقط من كتلة العمل سؤالاً واحدا فقط وبنسبة متدنية جداً بلغت (0,4 %.) .وبحسب معطيات الدراسة فإن الكتل السياسية والحزبية سجلت أدنى نسبة توجيه اسئلة للحكومة، مما يثير التساؤلات عن الدور الرقابي الذي تقوم به هذه الكتل على قلتها في المجلس.وفيما يتعلق بإهتمامات الكتل وتوزيعها على السياسات الوطنية تكشف الدراسة عن إهتمام كبير بالسياسات الاقتصادية والمالية والرقابية، حيث وجهت الكتل مجتمعة (162) سؤالاً في هذا المحور بالذات، إلا أن النواب جميعهم ابدوا زهداً واضحاً فيما يتعلق بالتساؤل والأهتمام بالسياسات التشريعية والقضائية فلم يقدم أي نائب سؤالاً في هذا الجانب، كذلك أبدت الكتل جميعها زهدا واضحا بالأهتمام بالإصلاح السياسي، وبالسياسة الخارجية وبسياسات الأمن والدفاع. وفيما يتعلق بعضوية نواب الكتل في لجان المجلس الدائمة وبحسب معطيات تقاسم السلطات القيادية في اللجان قياساً بآخر المعلومات الرسمية عن تشكيلات الكتل النيابية في المجلس في نهايات الدورة العادية الثانية"بعد تمديدها لمدة شهرين" فان تقسيمات الكتل على النحو التالي:
1 ــ كتلة العمل الديمقراطي : وحصلت على 3 مقاعد في رئاسة اللجان" المالية والخارجية والتربية"، بينما لم تحصل على أي مقعد من المقاعد المخصصة للمقررين.
2 ــ كتلة المستقبل : فقد حصلت على مقعد واحد في رئاسة اللجان وهي لجنة الزراعة، بينما حصلت على مقعد مقرر واحد "اللجنة الادارية".
3 ــ النواب المستقلون: سيطروا في نهايات الدورة العادية الثانية على رئاسة اربع لجان هي"القانونية، والتوجيه، والصحة، والريف" ، وحصلوا على خمس مقاعد للمقررين في خمس لجان هي"القانونية، والمالية، والتوجيه، والريف، والحريات".
4 ــ كتلة الشعب : لم يتبقى لدى كتلة الشعب غير رئاسة لجنة واحده هي اللجنة الادارية، ولم يتبقى لها أي مقعد من المقاعد المخصصة لمقرري اللجان.
5 ــ كتلة المستقبل : تراس كتلة المستقبل لجنة واحده فقط هي لجنة "الزراعه والمياه"، ولديها مقعد مقرر اللجنة الادارية فقط.
6 ــ كتلة وطن : ترأس كتلة وطن لجنة العمل إلى جانب حصولها على مقعدين لمقرري اللجان هما لجنة العمل ولجنة الزراعة والمياه.
7 ــ كتلة التغيير : وترأس كتلة التغيير لجنة السياحه، وتشغل مقعد مقرر لجنة الصحة.
8 ــ كتلة التجمع الديمقراطي : وتراس كتلة التجمع الديمقراطي ثلاث لجان هي لجان"الحريات، والطاقة، وفلسطين"، فيما تحتفط بمقعد مقرر لجنة التربية.
9 ــ كتلة التيار الوطني : تشغل مقعد مقرر لجنة العلاقات الخارجية فقط.
10 ــ كتلة الجبهة الموحده : وتشغل كتلة حزب الجبهة الموحده مقعد مقرر لجنة السياحه فقط.
11 ــ كتلة الوفاق الوطني : وتشغل كتلة الوفاق الوطني مقعدي المقرر في لجنتي الطاقه وفلسطين فقط.
وحول موقف الكتل النيابية من منح الثقة للحكومات الاربعة التي شهدها المجلس النيابي تظهر معطيات الدراسة إن تصويت النواب على الثقة بالحكومات هو قرار شخصي لكل نائب، ولا علاقة لمواقف الكتل به. و ان جميع الكتل القائمة وبنسخها المتعددة لم تستطع اتخاذ مواقف موحده لجميع اعضائها تجاه الثقة بالحكومات. كما ان الكتل ابقت سياسة الاختيار الشخصي لمواقف اعضائها "تعويم التصويت" تجاه الحكومات تلافيا لآزمات داخلية. و كشفت المعطيات ان 41 نائبا من الكتل المختلفة منحوا ثقتهم الكاملة للحكومات الاربع مقابل اتخاذ خمسة نواب فقط قرارا بحجب الثقة عن الحكومات الاربع المتتالية.ولم تستطع الكتل جميعها الظهور بمظهر الكتلة المنسجمة تجاه الثقة بالحكومات،. . كما ان الكتل الحزبية او حتى السياسية لم تختلف في اتجاهاتها الداخلية للتصويت على الثقة بالحكومات عن باقي الكتل الأخرى، ودون أي التزام بقرارات احزابها أو مواقفها السياسية تجاه الثقة بالحكومات. وتؤكد الدراسة ان 41 نائبا من محتلف الكتل والمستقلين تمسكوا بموقفهم الثابت بمنح الحكومات الاربع ثقتهم، مقابل وجود خمسة نواب تمسكوا بمواقفهم بحجب الثقة عن الحكومات الاريع المتتالية. كذلك قام 36 نائبا بمنح ثقتهم لثلاث حكومات، مقابل تصويت خمسة نواب فقط على حجب الثقة عن ثلاث حكومات.و منح 24 نائبا ثقتهم مرتين لحكومتين، مقابل تصويت 11 نائبا بحجب الثقة مرتين عن حكومتين. وصوت 12 نائبا على منح الثقة مرة واحدة لحكومة واحده، مقابل تصويت 37 على حجب الثقة مرة واحدة عن حكومة واحده. وبلغ عدد النواب الذين صوتوا بالامتناع عن التصويت على الحكومات الاربع، حيث بلغ عددهم الكلي 14 نائبا فقط. وبلغ عدد المتغيبين 15 نائبا فقط عشرة منهم تغيبوا عن جلسة التصويت على الثقة بحكومة فايز الطراونه، بينما تم تسجيل غيابين اضطراريين عن حكومة البخيت، وغياب اضطراري واحد عن حكومة الخصاونه، مما يعني ان النواب يكونون اكثر حرصا على حضور جلسات التصويت على الثقة بالحكومات، بالرغم من انهم لا يظهرون هذا الحرص نفسه سواء في جلسات مناقشة الثقة او الجلسات العادية.
النادي السياسي وتجمع الاصلاح
تبنى اعضاء في كتلتى التجمع الديمقراطي تشكيل ما اطلق عليه "المنتدى السياسي البرلماني" إلآ أنه لم يظهر بشكل واضح إلى حيز الوجود حتى نهاية الفترة الزمنية التي تعمل هذه الدراسة في نطاقها وهي 30 ايار /مايو 2012 .ولعل من ابرز الظواهر التي شهدتها الدورة العادية الثانية وقام بصناعتها نواب بجهودهم الشخصية بعيدا عن مواقف كتلهم البرلمانية ما أطلق عليه"تجمع نواب من اجل الاصلاح" وبلغ عدد المنتسبين اليه 33 نائبا، وتم تشكيله عقب ازمة رفض المجلس احالة ملف خصخصة الفوسفات إلى القضاء وتلويح نواب بتقديم استقالاتهم من المجلس.وهذا ما أشار إليه البيان الذي صدر عن مؤسسي هذا الملتقى حيث جاء فيه"أن خيارنا في الوقوف في صف الوطن يوم عرض تقرير لجنة التحقيق النيابية في ملف الفوسفات, الذي بذل فيه زملاؤنا جهداً عالياً, ورغم الصدمة في معركة الشرف الوطنية التي تاه فيها الكثيرون, وحجبت فيها القلوب قبل السمع عن صوت أوجاع المواطنين وأنين جراحهم الذي تجاوز حدود الصمت في كل أرجاء الوطن بمدنه وقراه وبواديه, وما زالوا صابرين متأملين بصيص ضوء من مجلسنا, الذي كلما توهج فيه فتيل يضيء درب الأمل أطفؤوه".
ومن الملاحظ أن هذا التجمع لم يعد للظهور مرة أخرى في مجلس النواب أو حتى في الإعلام، وكان القائمين على تأسيسه اكتفوا بحفل الإشهار وبحضور وسائل الأعلام المختلفة دون أن يقوموا بمتابعة ما تعاهدوا عليه فيما يتعلق بمحاربة الفساد والتصميم على إحالة ملفات الفساد إلى القضاء.
واعتبرت الدراسة إن بروز ظاهرتي أو مشروعي النادي السياسي والتجمع من أجل الإصلاح، وإختفائهما السريع من واجهة العمل البرلماني يكشف عن عدم وجود افاق واضحة امام النواب للعمل ضمن أطر سياسية منظمة وفاعله، وبالرغم من أن ظاهرتي التأييد والتجم قد برزا بعيدا تماما عن تدخلات مباشرة لكتل برلمانية فإن من الواضح أن كتلة التجمع الديمقراطي كانت في خلفية مشهد تاسيس النادي السياسي، كما كانت كتلة التغيير في خلفية مشهد تاسيس التجمع من اجل الإصلاح.