تراهم حاضرين أينما تلفتت عيناك، بخفة وسرعة ينتقلون هنا وهناك، يدونون الملاحظات، يلتقطون الصور بالفعاليات والمهرجانات والأحداث المقدسية المختلفة، ليسا شخصين عاديين من الجمهور، أو ناشطين مهتمين.
إنهما صحفيان، ليست لديهم خبرة سنوات، أو شهادة جامعية، أو عضوية نقابة، إنما فطرة وهواية صقلتها ما تمر به بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى من انتهاكات واعتداءات يومية، جعلت من سامر شلودي (15) عاما، ومحمود غيث (16) عاما، صحفيين يضعون آخر التطورات في بلدة سلوان بين يدي وكالات الإعلام المحرومة من الوصول إلى مدينة القدس.
فبين جناحي مركز البستان الثقافي المنشء منذ نحو سبعة شهور، تفتحت مواهب الشلودي وغيث بالتصوير، بتقلين كل واحد منهما الآخر بعضهم أساسيات العمل الصحفي بكتابة الأخبار،ونسج العلاقات مع وسائل إعلام مختلفة، لبث ما توثقه كاميراتهم من فعاليات مختلفة لأهالي سلوان ومركز البستان، وما ترصده من انتهاكات الاحتلال واعتداءاته وخاصة اعتقال أقرانهم وأصدقائهم.
"نصور الفعاليات من صلاة في خيمة الاعتصام، ومهرجانات، واحتفالات، إضافة للاعتقالات والاعتداءات في البلدة"، قال محمود غيث (16) عاما لـ"هُنا القدس"، مبينا أنه يحاول بكل ما يملك من مقومات مساعدة بلدة سلوان ضمن ما أتيح له من إطار قانوني تفرضه سلطات الاحتلال مختزلة العديد من الحريات.
الغيث اتخذ من الصحافة عملا تطوعيا في وقت فراغه، ومجالا ينمي به مهاراته وهواياته تمهيدا لدراسته المستقبلية، فيقول" أشعر أنني صحفي ولكني رسميا لا أُعتبر هكذا، وها أنا أحضر لدراستي ومهنتي المستقبلية"، مشيرا إلى أنه يحمل بطاقة تؤكد أنه مصور متدرب إلا أن ذلك لا يشفع له حيث يتعرض للضرب والاعتداء ومحاولة اعتقال جنود الاحتلال له، خلال قمعهم الفعاليات المقدسية المختلفة.
وبين الغيث والكاميرا حكاية عشق ترويها ما يلتقطه من صور تعكس رسالة أهالي سلوان،"أعشق الكاميرا وتصوير الناس وتحركاتهم بحياتهم اليومية، وأحاول إيصال رسالتهم ومعاناتهم للعالم أجمع"، مشيرا إلى أن أهالي سلوان يفتقرون للعديد من الحاجيات ولا يعيشون الحياة الكريمة التي يعيشها باقي سكان العالم.
اعتقل مرتين وضرب مرات، خلال تغطيته فعاليات مختلفة في مدينة القدس، إلا أن سامر الشلودي يصر على التواجد يوميا لتغطية كافة الأحداث، قال الشلودي لـ"هُنا القدس"، " أمارس التصوير كهواية إلى جانب اهتمامي بالالكترونيات لحاجة سلوان اليومية لتوثيق كل ما حدث بها"، مشيرا إلى أن سيدرس الالكترونيات ويمارس الصحافة كمهنة مساعدة إشباعا لهوايته.
ويحاول سامر كشف ما يتعرض له أقرانه من اعتقالات يتخللها اعتداءات بالضرب والإهانة بألفاظ عنصرية وبذيئة، مؤكدا أن ما مر به من تجربة اعتقالية - على خلفية تصويره أحداث معينة أفرج عنه بعدها بكفالات مالية – يمر بها كافة أطفال سلوان، " أمارس التصوير لأوصل الرسالة للعالم أجمع عما يمر به أطفال وأهالي سلوان".
مركز البستان الثقافي نشأ وتبلور بتوظيف واستغلال طاقات ومواهب فتيان وشبان بلدة سلوان لتصب كلها في خدمة مصلحة البلدة وتنميتها، مدير المركز قتيبة عودة قال لـ"هُنا القدس"، "يسعى المركز لخلق من كل طفل وفتى كيان مستقل، فسامر ومحمود لديهم موهبة، وذاكرة قوية ولكنهم كان بحاجة لمن ينمي لهم موهبتهم ويشجعهم".
وأشار إلى أن المركز يحاول تنظيم وقت الفتية وتفريغ طاقاتهم بطريقة إيجابية،" نحدد لسامر ومحمود وقت ومدة التغطية، ونحدد له وقت آخر لتنزيل الصور وختمها وكتابة الخبر وتوزيعه، وبذلك يكون وقتهما ممتلئا"، مضيفا، أن ما يمارسونه محفوف بملاحقة سلطات الاحتلال ما يعرضهم للاعتداءات المستمرة خلال تغطياتهم المختلفة.
وأكد عودة على أن محمود وسامر قطعا شوطا كبيرا في عالم الإعلام، حيث أصبح لهم علاقاتهم مع وسائل الإعلام المختلفة،" العديد من وسائل الإعلام طلبتهم للعمل لديها، ما يدل أنهم على الطريق الصحيح بتحقيقهم سمعة واسم لهما سيكونا سلاحهم في حياتهم المستقبلية".
المصدر- شبكة هُنا القدس للإعلام المجتمعي