مقدسيون: النيران كانت مشتعلة في نفوسنا وأجسادنا

 مقدسيون: النيران كانت مشتعلة في نفوسنا وأجسادنا
الرابط المختصر

لم تستيقظ مدينة القدس صباح 21 آب من عام 1969 كالمعتاد، ولم يمض ذلك اليوم كما خطط له كل مقدسي. الشمس لم تضء سماء المدينة، فالنيران التي اشتعلت في المسجد القبلي الواقع في الجزء الجنوبي من المسجد الأقصى غنت عنها، وما نتج من دخان شكل سحب حجبت السماء، ليضحي المقدسيون في كابوس لم يتوقعوه يوما ما، وتمنوا لو ينتهي ويستيقظون.

خالد السيوري (55عاما) يصف لـ هنا القدس، "في ذلك اليوم المشؤوم أتى الحريق على ثلث مساحة المسجد القبلي من المسجد الأقصى (1500 متر مربع) بعد أن سكب مستوطن مادة حارقة في أرجائه، ليحترق منبر صلاح الدين الأيوبي بالكامل، ويصبح أثرا بعد عين، وتضررت الواجهة القبلية، وقبة المسجد، والمنطقة الشرقية، وأجزاء من المنطقة الغربية". مضيفا، "منعت قوات الاحتلال سيارات الإطفاء القادمة من الخليل ورام الله من إطفاء الحريق، وبالإمكانات المتوفرة نشل المواطنون المياه من الآبار القريبة ونقلوها لإطفاء الحريق بأيديهم وأجسادهم".

وبين السيوري أن المواطنين سحبوا السجاد العجمي الفاخر عسى أن يمنع ذلك من امتداد الحريق، "إلا أن الحريق أدى إلى خسائر فادحة، وأصبح المسجد الأقصى بين السماء والطارق يلتحف السماء، ويفترش الأرض"، قال السيوري ودموعه تتدفق وكأن النيران عادت واشتعلت من جديد. وأضاف، "الأقصى يبكي حزنا كما أبكي لك، فلا أحد يهتم به الآن، ولا يوجد من يزوره أو يحميه".

"كان عمري (12عاما) حينما كنت في السوق، وسمعتهم يصرخون ويبكون، ركضنا بسرعة ولكن جنود الاحتلال أغلقوا كافة الأبواب ومنعونا من الدخول لساعات"، يقول أبو يحيى الشويكي، "الناس هاجت كالأمواج أثناء العاصفة، واستطاع بعضهم الدخول ونقل المياه بعد أن منعت سيارات الإطفاء من الاقتراب إلا أن النيران كانت عالية ولا يوجد سلالم ومعدات ما أدى لامتداد الحريق".

مصباح عويسات (55عاما) قال لـ هنا القدس، "كم تمنيت لو أني كنت موجودا عندما احترق المسجد، وساعدت في إطفائه، بعد إطفائه بيوم حضرت ورأيته كان أسود كالليل ولم يكن ذلك المسجد الذي طالما اعتدنا أن نصلي فيه". مضيفا، "منعت قوات الاحتلال التجوال في أحياء وقرى القدس، وعرقلة وصول المواطنين إلى المسجد الأقصى".

وأكد عويسات أن كان يوم مخيف ومرعب للمقدسين بشكل خاص ولكل الفلسطينيين، "استغرق ترميم المسجد الأقصى أكثر من سبع سنوات، والآن نتواجد فيه يوميا خوفا أن تعاد الكرة ونمر في ذلك اليوم مجددا".

وفي أحد زوايا المسجد القبلي جلس عبد الحميد الفران يستذكر يوم حرق المسجد الأقصى، "كنت في يافا ورأيت الصور على التلفاز، كان شعوري يرثى له واستغربت كثيرا لردة الفعل العربية والإسلامية، التي اقتصرت على الإدانات التي اعتدنا عليها"، مؤكدا على أن صمود المسجد الأقصى أمام هذه الهجمات دليل واضح أن الاحتلال سيزول وسننتصر اليوم أو غدا.

بعد الحريق بيوم، أقام آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى، واشتعلت المظاهرات في المدينة المقدسة، وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب، وإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية.

في الذكرى 43 لحرق المسجد الأقصى ما زالت النيران التي أشعلها المستوطن دينيس مايكل، والذي اكتفى الاحتلال باتهامه بالجنون، مشتعلة فيه وفي نفوس المقدسيين والفلسطينيين، فهي كانت شرارة لنيران التهويد والاقتحامات المستمرة وما يطلقه الاحتلال من تهديدات مستمرة بتقسيمه أو إغلاقه.

وما زال المقدسيون يتساءلون هل سيوقظ حرق آخر العرب والمسلمين حتى يهبوا لنجدة أولى القبلتين و ثالث الحرمين؟

المصدر: شبكة هنا القدس للاعلام المجتمعي

أضف تعليقك