الاقصى والوصاية الهاشمية

الاقصى والوصاية الهاشمية
الرابط المختصر

في الايام الماضية امضيت وصديقي ابن البلدة القديمة معظم وقتنا في أزقة البلدة القديمة وفي شوارع وحارات المدينة التي لا مثيل لها في العالم ، ففي كل زاوية هناك حكاية ، وفي كل شارع هو رواية ، وعلى مدخل كل حي هناك هموم الناس ملقاة هنا وهناك ، ما اكثر هموم القدس!! ,

وفي كل مرة نبدأ فيها حديثا عابرا مع سكان القدس يبدأ الحديث بالشكوى ويتنهى بالسؤال التقليدي : ما رأيك بالأوضاع في القدس هل ستتحسن ؟! ولكن في هذه الايام كان السؤال الذي واجهنا اكثر من غيره هو: ما رأيك بالاتفاق الأردني الفلسطيني حول حماية الاماكن المقدسة ؟! هل تعرف تفاصيل هذا الإتفاق ؟! ماذا يعنى هذا الإتفاق بالنسبة للمقدسين ؟! وتنهار عليك الاسئلة كإنهمار المطر في يوم عاصف من ايام شتاء القدس القاسية ، حتى صديقي وجدته ينظر إلي باحثا عن الاجابات .. التي لم تأتى طبعا !!

ما علينا

المهم ، أنه لا زال موضوع إتفاق الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة يشغل بال المقدسين ، الباحثين عمن يشفي غليلهم ، ويفسر لهم الاتفاق الذي لا زال حديث المقدسين بغض النظر عن مستواهم الأكاديمي او الإجتماعي او الإقتصادي ، هذا التعطش للشرح والتحليل والتعميق لدى المقدسين بشكل خاص (فإلاتفاق يعنيهم اكثر من غيرهم) ، نابع من عدم المهنية التي عالجت بها وسائل الاعلام الفلسطينية موضوع الاتفاق ، والتي يمكن وصفت تغطيتها بالخجولة جدا ، فهذه الوسائل على الإختلاف انواعها من مرئية ومسموعة ومقرؤة لم تخصص المساحة المطلوبة للنقاش والتحليل وتسليط الضوء ، وزجميعها اكتفت بما نشر في وكالة الانباء الاردنية وبيان الديوان الهاشمي .

وبهذا تكون وسائل الاعلام الفلسطينية قد فشلت مرة اخرى( كعادتها في السنوات الماضية ) في مهمتها الاساسية بطرح الاسئلة ، وتقديم المعلومة للمواطن وفتح باب النقاش احتراما لعقلية المواطن . وبعد ذلك تجد ان وسائل الاعلام تتسأل مستغربة لماذا يعزف المواطن المقدسي عن وسائل اعلامه المحلية التي لا تخدمه بقدر ما تخدم اهواء ومصالح اصحابها ، والقائمين عليها ، وأخر همهم المواطن ، وبالتالى فإنه من حق المواطن ان يبحث عن مصادر اخرى للمعلومات والأفكار ..!

ان هذه التغطية الخجولة السطحية لا تلائم حجم هذا موضوع بالغ الاهمية ، هذا الموضوع الذي ستكون له اثار بعيدة المدى على المسجد الأقصى ، والأماكن المقدسة الأخرى ، بل وعلى القدس برمتها ، ولعل خير دليل على اهمية هذا الموضوع هو انه تحول الملف من مجرد ملف اخر من ملفات وزارة الاوقاف الاردنية وأصبح يدار مباشرة من قبل الديوان الهاشمي العامر ،وبكلمات اخرى من جلالة الملك عبد الله الثاني خادم الحرم القدسي الشريف ، مما عكس صفة الجدية والضرورية الى الموضوع ، وبعث بريق الامل في نفوس الكثير من المقدسين كما قال ابو محمود من سكان البلدة القديمة وصاحب محل تجاري قريب من المسجد الاقصى والذي اكد انه شعر براحة عندما سمع هذا الجدية الظاهرة في نص الاتفاق كما نشر في وسائل الإعلام ، " فلقد شعرت أنه يمكن ووقف التدهور السريع الذي تعانيه القدس ، ووضع حد لمسلسل التهويد المقصود الذي تمارسه اسرائيل تحت وفوق وحول الاقصى، ولكن ابو محمود كحال جاره ابو جاد لديهم الكثير من التساؤلات حول الاتفاق باحثين عن اجابات ، عندها التفت الى ابو جاد وقال انت صحفي اكتب اننا نريد من يشرح لنا معانى هذا الاتفاق ....

إن الوصاية الهاشمية على الاماكن المقدسة تتطلب استراتجية جديدة لتعامل مع الوضع تتصف بالجدية اكثر بكل بما يجرى في الاقصى واخذ زمام المبادرة مرة اخرى ، من بقية الاطراف التي تعلم على طمس الشمس بغربال، وتتطلب الوصاية الهاشمية رؤية بعيدة المدى إلى هذا المكان الذي اسرى اليه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ومنه عرج الى السموات فهذا المكان لا مثيل له وبالتالى فان التعامل معه يجب ان يكون كذلك !!

وللحديث بقية