85 %من شكاوى قطاع النقل تركزت على الأجور (انفوجرافيك)

الرابط المختصر

قال مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ان 85% من الشكاوى في قطاع النقل تركزت في الأمور  المتعلقة بالـأجور، حيث توقف العمل بشكل كامل بسبب فرض حظر التجول، مما أدى إلى خسارة العمال دخلهم.

 

وبين التقرير " القرارات الحكومية كانت بداية غير واضحة فبعد إعلان تشغيل قطاع النقل لأكثر من مرة يتم العدول عن القرار لأسباب عدة أهمها إرتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، واستمرار قرار فرض حظر التجول، وفي 26 من نيسان  تقرّر بناء على توصية وزارة النقل والفرق المختصّة، وإعادة تشغيل قطاع النقل العام بأنماطه المختلفة، بنسبة لا تزيد عن (50%) اعتباراً من 29 نيسان في جميع محافظات ومناطق المملكة، لمواكبة إعادة تشغيل القطاعين الصناعي والتجاري، ولخدمة العاملين فيه، على أن يجري مراجعة هذه النسبة أسبوعيا ورفعها في حال دعت الحاجة لذلك، وتخفيضها في حال لم يكن هناك التزام من المواطنين وسيتمّ تنظيم عمل وسائط النقل العام بالنسبة المقرّرة، وفقاً لأرقام المركبات الفرديّة والزوجيّة، فيما سيكون حجم العمل في القطاع وفقا لهذه التعليمات 25 % فقط لأن كل وسيلة نقل من الـ 50 % المتاح لها العمل يوميا ستعمل بنصف عدد الركاب، فيما أشار خبراء وعاملون في قطاع النقل أن إعادة تشغيل القطاع بنصف طاقته يوميا ضمن شروط السلامة المعلنة سيساعد على تنشيط القطاع بعد توقف كلي دام أكثر من شهر ونصف إلا أنه لا يغطي كلف التشغيل بسبب ضآلة عدد المستخدمين.".

 

اتخذت الحكومات في جميع أنحاء العالم إجراءات احترازية ووقائية لمحاصرة وباء فيروس كورونا المستجد، ولم تتخلف الأردن عن اتخاذ إجراءات وقائية احترازية من أهمها إعلان قانون الدفاع لسنة 1992 وتعديلاته، وإعلان سلسلة من القرارات بموجبه أهمها إعلان حظر التجوال والتنقل بتاريخ الحادي والعشرين من مارس 2020.

 

ش

أمر الدفاع نص على منع التجول للمواطنين والمقيمين ومنع التنقل بالمركبات، إلا في نطاق محدود جدا، مرتبط بالجيش والأجهزة الأمنية، والعاملين في القطاعات الصحية، وعلى إثر ذلك توقف عمل مؤسسات ومنشآت القطاعين العام والخاص، وتعطلت غالبية مظاهر الحياة، وعزلت المدن والأحياء.

وعليه تضررت العديد من القطاعات ومنها قطاع النقل العام الذي يعتبر من القطاعات المهمة في الأردن، ومع بداية الجائحة وما تبعها من إجراءات حكومية، بلورتها أوامر الدفاع بوقف عمل المنشآت، ارتفعت حدة التحديات التي يتعرض لها القطاع، وتعطلت عجلته على نحو كامل، فتركت تداعياتها آثارا سلبية عليه، ما استدعى تحركا عاجلا لمواجهتها بالبحث عن حلول سريعة، تحد من تدهوره، وتُمكن من توفير فرص عمل جديدة فيه ليحافظ على استمراره.

من الصعب معرفة مدى تأثير فيروس كورونا على قطاع النقل، لأن آثاره ستكون بعيدة المدى، ويبقى ذلك رهنا بتطورات جهود منع انتشاره، لذلك يجب على الجهات المعنية أن تتخذ إجراءات حاسمة للحد من مضاعفات فيروس كورونا على قطاع النقل منها إيجاد آليات دعم مالي للعاملين في هذا القطاع، ذلك من أجل تفادي انهيار قطاع يخدم فئة كبيرة من السكان.

يقدر عدد سيارات التاكسي العاملة في المملكة بنحو 16 ألف سيارة، و10 آلاف مركبة وباص نقل عام (سيارات سرفيس، الحافلات المتوسطة والكبيرة) بحسب هيئة تنظيم النقل البري[1].

مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، رصد ظروف العاملين في قطاع النقل العام بين الثامن عشر من آذار والثامن من حزيران 2020، عن طريق مقابلات شخصية وهاتفية وتواصل عمال منهم مع فريق "تمكين"، ومقابلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة منها "الفيسبوك" و"الواتس آب"، إضافة إلى مشاهدات من الميدان، وأنجز هذا التقرير  الذي يصف ظروف العمل وتداعيات فيروس كورونا على قطاع النقل العام.

حدد مسار الرصد عملية قراءة ظروف عمال النقل ضمن ثلاث مراحل؛ الأولى، تتحدث عن القطاع مع ظهور الفيروس في الأردن وتأثيره على القطاع جراء التدابير الحكومية الوقائية، للحد من انتشار الفيروس، والثانية والثالثة بعد عودة قطاع النقل للعمل بنسبة حمولة 50% وبنظام عمل الزوجي والفردي ومن ثم إعادته للعمل بشكل كامل.

 

 

المرحلة الأولى من الرصد

شملت المرحلة الأولى من الرصد ظروف العاملين في قطاع النقل خلال الفترة الواقعة من 18\3\2020 إلى 18\4\2020، وبلغ مجموع الحالات التي رصدت خلال الفترة الموضحة 81 حالة، منهم 72 من الجنسية الأردنية، و8 من الجنسية الفلسطينية، وسائق واحد سوري الجنسية.

تداعيات إجراءات مكافحة فيروس كورونا على قطاع النقل

أثرت الإجراءات المتخذة من تعليق العمل في القطاع الخاص وفرض حظر التجوال والتنقل على معظم العاملين في قطاع النقل العام، حيث تبين من خلال الرصد أن شكاوى العمال توزعت كالتالي:

  • 85% من الشكاوى تركزت في الأمور  المتعلقة بالـأجور، حيث توقف العمل بشكل كامل بسبب فرض حظر التجول، مما أدى إلى خسارة العمال دخلهم.
  • أما الحالات المتعلقة بإنهاء خدمات العاملين بسبب إنتشار فيروس كورونا بلغت 15%.

 

 

المرحلة الثانية والثالثة من الرصد

أجريت المرحلة الثانية خلال الفترة الفترة الواقعة ما بين 18/42020/  إلى 11/5/2020، أما المرحلة الثالثة أجريت خلال الفترة الواقعة بين 12/5/2020 حتى 82020/6/، واستهدفت المرحلتين 141 سائقًا يعملون لحسابهم الخاص، و22 عاملًا آخرًا يعملون لدى مالكي المركبات، وللوقوف على حال العمال الذين يرتادون وسائل النقل العام جرى مقابلة 36 عاملًا وعاملةً.

 

س

تعددت القرارات الحكومية فيما يتعلق بعودة النقل العام للعمل في ظل عودة العديد من القطاعات الإقتصادية وتزايد الشكاوى المقدمة من قبل العاملين بصعوبة التنقل من وإلى مكان العمل مع غياب وسائل النقل العام.

القرارات الحكومية كانت بداية غير واضحة فبعد إعلان تشغيل قطاع النقل لأكثر من مرة يتم العدول عن القرار لأسباب عدة أهمها إرتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، واستمرار قرار فرض حظر التجول، وفي 26 من نيسان  تقرّر بناء على توصية وزارة النقل والفرق المختصّة، وإعادة تشغيل قطاع النقل العام بأنماطه المختلفة، بنسبة لا تزيد عن (50%) اعتباراً من 29 نيسان في جميع محافظات ومناطق المملكة، لمواكبة إعادة تشغيل القطاعين الصناعي والتجاري، ولخدمة العاملين فيه، على أن يجري مراجعة هذه النسبة أسبوعيا ورفعها في حال دعت الحاجة لذلك، وتخفيضها في حال لم يكن هناك التزام من المواطنين وسيتمّ تنظيم عمل وسائط النقل العام بالنسبة المقرّرة، وفقاً لأرقام المركبات الفرديّة والزوجيّة، فيما سيكون حجم العمل في القطاع وفقا لهذه التعليمات 25 % فقط لأن كل وسيلة نقل من الـ 50 % المتاح لها العمل يوميا ستعمل بنصف عدد الركاب، فيما أشار خبراء وعاملون في قطاع النقل أن إعادة تشغيل القطاع بنصف طاقته يوميا ضمن شروط السلامة المعلنة سيساعد على تنشيط القطاع بعد توقف كلي دام أكثر من شهر ونصف إلا أنه لا يغطي كلف التشغيل بسبب ضآلة عدد المستخدمين.[2]

وسائل النقل بين غياب الرقابة وتفاقم الحاجة

مع استمرار مخاوف الركاب من استخدام وسائل نقل جماعية، بالتالي فإن ذلك كله لا يغطي تكاليف التشغيل، إلى جانب أن العديد من مشغلي الحافلات لن يعملوا وفق هذه الضوابط لأن كلف التشغيل في هذه الحالة ستكون أعلى من نفقاتهم والتزاماتهم ولا تغطي حتى نفقات الوقود اليومي، يُضاف إليها نفقات تُسّدَد بشكل شهري أو سنوي وهي ما يتعلق بالتأمين الإلزامي ورسوم الترخيص والصيانة الدورية للمركبات، والقروض المستحقة على شراء المركبات والمخالفات المرورية حين يتطلب الأمر. 

ومن تعليمات السلامة المفروضة تركيب حاجز بلاستيكي بين كل مقعد والذي يليه في الحافلة وهذه الكلفة تصل إلى 70 دينارا وهو مبلغ لا يملكه العديد من أصحاب الحافلات أو العاملين عليها.

فيما أشار عدد من العاملين في قطاع النقل العام[3] إلى جُملة من التحديات المرتبطة بإجراءات السلامة العامة؛ فبالإضافة إلى عدم مقدرتهم على التعقيم الدائم للمركبات يتعذر عليهم شراء أدوات السلامة باستمرار، كما وأن اختلاطهم المباشر  مع الركاب عند دفع الأجرة يشكّل خطرًا عليهم في مثل هذه الأوقات، بخاصة أن الركاب أنفسهم لا يتخذون الإجراءات الوقائية، ومن الركاب من يُبدي ممانعة تجاه إجراءات السلامة مثل الركوب في المقعد الخلفي للتكسي، أما اتخاذ إجراءات السلامة فتصعب أكثر على السائقين الذين يعانون من صعوبات تنفس أو أي أمراض أخرى في الجهاز التنفسي، كما ويعد منع تشغيل المكيّفات كإجراء احترازي أمرًا يصعّب عملهم خصوصًا بالنسبة لمن لديهم أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم. 

 

ولوحظ خلال الجولات الميدانية التي أجراها تمكين أن غياب الرقابة في بعض المناطق مثل ضواحي عمان ساهم في انتشار السيارات غير المنظمة التي تنقل الركاب بالاتفاق المسبق، أو ما يُتَعارَف عليه باللهجة المحكية "بالسرفسة"،  تضع هذه الظاهرة أعباءً إضافية أمام السائقين وإمكانية عملهم، كما أن هذه السيارات لا تلتزم بإجراءات السلامة المعلنة وتسمح بالسعة المقعدية الكاملة، وتنتشر ظاهرة السرفسة بكثرة قبل الأزمة في المحافظات، وتختلف أشكال وسائل النقل فيها فقد تكون ضمن السيارات الخاصة، أو البيك أب، أو الميكروباص، حيث تستخدم للوصول إلى الأماكن البعيدة في المنطقة التي لا تتمكن وسائل النقل العام الوصول لها؛ حيث لا وجود لعمل السرافيس المنظمة (البيضاء والصفراء) ويمنع عملها في داخل المنطقة.

هذا وتنحصر تحديات السائقين العاملين في شركات التطبيقات الذكية بنقص في عدد الرحلات اليومية، إضافةً إلى عدم تمكنهم من العمل طيلة أيام الأسبوع حسب النظام الزوجي والفردي، ولم يتأثروا بالسعة المقعدية ولا بالضمان المرتفع، ذلك أن مثل هذه الشركات تتعاقد مع العاملين لديها على أساس نسبة مقتطعة من كل رحلة.

خلال الأزمة في قضاء الأزرق التابع إداريًا لمحافظة الزرقاء واجه العاملين في التوصيل غير المرخص تراجعًا ملحوظًا في الإقبال على استخدام وسائل النقل التي كانت مصدر رزقهم الرئيس إن لم يكن الوحيد، ذلك بعد أن اعتاد الزبائن على المشي سيرًا على الأقدام لمدة تزيد عن الشهر، إضافةً إلى ما يواجهه السائقين من معرقلات أخرى، وفي إربد أدت ظاهرة السرفسة إلى نشوء حالة من النزاعات الداخلية بين السائقين على نفس الخط تنتهي هذه الحالة بالفوضى سببها تراجع في الطلب على وسائل النقل في الأزمة، يُضاف إلى ذلك تعدي السرافيس البيضاء على دور التكاسي في المنطقة نفسها حيث يقومون بتوصيل الركاب ضمن المسافات القصيرة بتغيير على مسار الخط المسموح لهم للحصول على مبالغ مالية أقل من تلك التي يحصل عليها التاكسي الأصفر.  

ومع تصاعد الشكاوى من قبل العاملين في قطاع النقل العام قررت الحكومة تشغيل القطاع كاملا وإلغاء نظام الزوجي والفردي بدءًا من تاريخ 12/5/2020، مع الإبقاء على شرط أن تعمل كل وسيلة نقل عام بنصف عدد الركاب.

تتشابه ظروف عمل ومعيشة العاملين في قطاع النقل العام خلال فترة الحظر وقبلها وحتى مع العودة إلى العمل مرة أخرى، حيث أنهم يعملون من دون وجود حماية اجتماعية في سوق العمل بما في ذلك ضمانات التعويض في حالات إصابات العمل أو العجز أو تقاعد الشيخوخة أو التعطل عن العمل وغيرها من برامج الحماية،  كذلك لا يوجد دخل ثابت، فدخلهم يومي يجري حسابه بعد خصم أجرة صاحب وسيلة النقل، وتعبئة المحروقات، وما يتبقى لهم، حيث تتراوح اليومية لهم من 5 إلى 10 دنانير وأحيانا تصل إلى 20 دينارا مع زيادة ساعات العمل والركاب، ويجدر الإشارة هنا أن عدد من سائقي الحافلات يعملون ضمن شركات برواتب شهريه لا تقل عن 350 دينارا، وهم مشمولين في مظلة الضمان الاجتماعي.

وحول الظروف المعيشية أثناء الأزمة أجمع سائقون أنها تراجعت بسبب إنعدام الدخل خلال فترة توقف عملهم، وتراكمت عليهم الديون، وأكدوا على عدم قدرتهم توفير احتياجاتهم الأساسية عل غرار القطاعات الأخرى، ومن أهم الاحتياجات إيجارات المنازل، وأقساط القروض، وفواتير المياه والكهرباء، وحاجات المنزل الأساسية من طعام وشراب ومواد تنظيفية وغيرها.

وأكدوا على أن أوضاعهم المعيشية ستزيد سوءاً في ظل إنتشار الفيروس والقرارات المرتطبة فيه لأجل غير مسمى، وهذا ما قاله العديد منهم لفريق "تمكين" في مداخلات عدة، مشيرين أن عودة العمل لم تساعدهم كثيراً خاصة أن حمولة الركاب تبلغ النصف، وساعات العمل محدودة فضلًا عن تعطيل المدارس والجامعات والقطاع العام برمته باستثناء القطاعات الحيوية مما كان له تأثيرًا واضحًا على حركة الركاب.

وفي العادة يعمل سائقين اثنين على نفس المركبة بموجب نظام الضمان الذي يستحقه مالك المركبة، عند تحديد ساعات العمل بموجب أوامر الدفاع أصبحت ساعات العمل الفعلية لكل سائق لا تتعدى الخمس ساعات يوميًا، أما عن ساعات المنع بعد الإفطار في شهر رمضان وأيام الجمع طيلة فترة اتخاذ الإجراءات الاحترازية من الفايروس فكان لهما أثرًا سلبيًا مضاعفًا.

لم يتأثر العاملين في قطاع النقل العام وحسب بتحديد السعة المقعدية وإنما تأثر هؤلاء العاملين في توصيل العمال من وإلى أماكن عملهم مثل السائقين في الشركات والمصانع، وعليه أصبح يتوجّب عليهم نقل العمال بجولات مضاعفة في طريق الذهاب والعودة ما يستلزم جهدًا إضافيًا مع نيل نفس الأجر المعتاد.

 

وهنالك من رفض الخروج للعمل لتلافي الخسائر المتوقعة، كانت الحافلات المتوسطة والكبيرة الأكثر تضررًا خصوصًا وأن الحافلات تستلزم وجود الجابي (محصل الأجرة أو الكنترول)، والأغلبية منهم فقدوا عملهم في كل من عمان والزرقاء ودير علا والمفرق بسبب السعة المقعدية المحددة، أما سمسار الخط وهو المسؤول عن تنظيم الحركة والدور في المجمّع فمنهم من فقد وظيفته في الأزمة بسبب عدم لحاجة إليه مثل الحال في جرش، حيث ينال السمسار مبلغ يتراوح بين الدينار والدينارين من كل وسيلة نقل تصطف في المجمع كما هو الحال في جرش وهو ما عزز انتشار الفوضى أيضًا كما تمت الإشارة سابقًا.

أما عن وجهة نظر السائقين في إنهاء خدمات محصلي الأجرة فقد تمثلت بإنخفاض الأجر اليومي على خلاف ما كان عليه قبل الأزمة، إضافةً إلى تعرضهم الدائم للمخالفات بموجب أوامر الدفاع، ما يضطرهم لتخفيف النفقات قدر الإمكان.

وفي ممارسات إيجابية خلال الأزمة، أطلع سائقين متضمنين لحافلات من حمولة 22 راكبًا في إربد أن مالكي وسائل النقل لم يطالبوهم بالضمان اليومي المعتاد في إشارة لتفهمهم للوضع القائم وتخفيفًا عن السائقين والتزاماتهم التي لم تُلَبّى طيلة فترة التعطيل الكامل، ومن أصحاب الحافلات في المفرق وإربد من دفع نصف الأجر للسائقين الذين يعملون لديهم عن فترة التعطل الكامل لقطاع النقل، وفي السياق ذاته يجد بعض سائقي التكاسي أن تحديد ساعات التنقل والحركة بموجب أوامر الدفاع ممارسة فضلى حيث يتم تحديد ساعات العمل تباعًا وهو الأمر الذي لم يكن ممكنًا قبل الأزمة حيث يعمل الكثير من سائقي التكاسي مدة اثني عشر ساعة وأكثر.

وفي محاولة لتقاسم الخسائر ظهرت اتفاقات بين سائقي الخط الواحد منها عدم الخروج للعمل بشكل يومي حتى يتمكن الجميع من تحصيل ما يكفيهم بدلًا من التنازع على عدد قليلًا من الركاب.

تضرر العاملين في قطاع النقل العام كان كبيراً وفقا لما أشاروا خلال المقابلات، حيث علقت الحكومة ضمن إجراءاتها الإحترازية لمواجهة انتشار فايروس كورونا عملهم، فيما استثنت وبموجب قانون الدفاع نقل وشحن البضائع، ونتج التضرر الكبير لأن غالبيتهم يعملون بنظام العمل اليومي، ويمكن لصاحب العمل التخلي عنهم في أي وقت، أحد العاملين في هذا القطاع أشار إلى أنهم وبناءً على قرارات الحكومة فقد تم توقفهم عن العمل بشكل قطعي مبينًا بأن النسبة العظمى من العاملين في هذا القطاع هم سائقين بأجر يومي أو حسب نسبة الناتج الكلي في اليوم، وإما من خلال الدفع الشهري لمالك السيارة (ضمان واستئجار السيارة شهريا أو يوميا) ومنهم من يعمل عن طريق مكاتب التكسي المنتشرة في المدن،  وجميع العاملين قد تضرروا بقرار الايقاف بغض النظر عن طبيعة عملهم، ومن خلال الحديث أشاروا  أن أوضاعهم قبل الأزمة كانت سيئة فهم يعانون من  فقر الحال وتراجع في الأجور والدخل اليومي أو المقطوع مُعزين ذلك لأسباب عدة منها السماح لمركبات التطبيقات الالكترونية بالعمل وازدياد عدد هذه الشركات، إضافة الى التراجع في الحركة الإقتصادية بالبلاد.

من الفئات التي توقف مصدر دخلها أيضًا أولئك العاملين في النقل لحسابهم الخاص ضمن مركباتهم الخاصة وغير المرخصة على أنها وسيلة نقل عام في السجلات الحكومية، وفي العادة يتعاقد هؤلاء السائقين مع مجموعة من الطلاب أو الموظفين والعمال أو حسب الطلب، الحال ذاته بالنسبة للعاملين على الخطوط الخارجية بين المحافظات.

على الرغم من إنهاء نظام الزوجي والفردي والسماح للمركبات بالتنقل بين المحافظات بدءًا من السابع من حزيران/ يونيو 2020، يبقى الخوف من انتشار المرض المهيمن على إقبال الركاب على استخدام وسائل النقل من عدمه في المناطق التي تًكتَشَف بها إصابات بالمرض، هذا ما لاحظه السائقون في كل من إربد والزرقاء ومناطق من عمان وجرش لدى كشف الإيجازات الصحفية عن انتشار حالات هنالك. 

وفي الفترة ذاتها جرى الوقوف على تفاصيل عمالية أخرى عايشها عمال في قطاعات مختلفة تضرروا سلبًا بظروف النقل العام وإجراءات الوقاية، وتمثلت أشكال الضرر بمناحٍ عدةٍ أبرزها عدم المقدرة على الوصول إلى أماكن العمل بوسائل النقل الاعتيادية مثل الحافلات والسرافيس واللجوء للتكاسي التقليدية وتكاسي التطبيقات الذكية وما يتحمله العامل من ميزانية إضافية قد لا تكون من ضمن مخططاته أو حتى ضمن إمكانياته، فضلًا عن احتمالية التعرض للعدوى وتفاصيل أخرى يبيّنها التقرير بشكل مفصّل.

 ولمعرفة الوجه الآخر للرواية، جرى مقابلة 36 عاملاً  يعملون في قطاعات مختلفة منها: النسيج والخدمات الصحية والمخابز والمصانع وعمال في الخدمات المساندة لتبيان تجربتهم أثناء التنقل للوصول للعمل وقد شاركوا تجاربهم في المناحي التالية:

عدم توافر وسائل النقل بشكل متكرر وعدم الالتزام بنقطة البداية والنهاية

بسبب محدودية ساعات السماح بالتنقل خلال فترة الجائحة، حُدّدَت ساعات العمل لجميع العمال وأصبحت أوقات الإلتحاق بالعمل محددة، وهنا لجأ بعض العمال للعودة للمنزل سيرًا على الأقدام أو على الأقل قطع مسافات طويلة بنفس الطريقة لعدم توفر وسائل النقل بعد الساعة السادسة مساءً بشكل كافٍ، كما وشارك 8 عمال تجربتهم بعدم التزام وسائل النقل العام بمحطة البدء والتوقف وعندها يلجأ العمال للمشي أو الاستعانة بوسيلة نقل أخرى للوصول إلى الوجهة المرادة.

"

استغلال الركاب برفع الأجرة المعتادة وغياب السلامة العامة

يُعزي الركاب الذين جرى مقابلتهم أن غياب الرقابة على وسائل النقل العام كان أكبر الدوافع للسائقين بأن يقبلوا على استغلال الراكب برفع الأجرة في السرافيس والتكاسي، إضافةً إلى عدم التزامهم بإجراءات السلامة والتباعد الجسدي ما يشكل خطرًا على الراكب والسائق معًا، فمثلًا في الأزرق ودير علا وبسبب التزام السائقين بالسعة المحددة كان للركاب نصيبًا في اقتسام الخسائر وعندها رُفِعت الأجرة مبلغًا محددًا.

مخالفة أوامر الدفاع

قبل السماح بالتنقل بين المحافظات في السابع من حزيران/ يونيو 2020 اضطرت فئة من العمال لمخالفة أوامر الدفاع فيما يتعلق بنظام الفردي والزوجي أو التنقل بين المحافظات بغياب تصريح التنقل للوصول إلى مكان العمل ووقعت عليهم المخالفة حسب القانون.

في بعض الحالات في الزرقاء وقعت حالات إجبار للعمال بالتواجد الساعة الثامنة صباحًا على الرغم من بدء ساعات التنقل في العاشرة صباحًا، وفي حالة أخرى في المفرق كان يتم تأمين وسيلة نقل للعامل في الصباح ولا يتم توفيرها في المساء ما دفع العامل للمشي مسافة تفوق العشرة كيلومترات وخرق قانون الدفاع بالوصول متأخرًا بعد صافرات الإنذار الساعة السابعة. 

سوء الفهم والإرباك في بيئة العمل

إضافةً إلى ما ذُكر أنفًا من التأخر الدائم عن العمل صباحًا بسبب التحديات في شبكة المواصلات العامة، تسببت الإجراءات في حدوث بعض من سوء الفهم بين العمال وأصحاب العمل لأسباب متعددة منها عدم تقبل أصحاب العمل تأخير العمال أو حتى عدم مقدرتهم على الوصول إلى العمل في الأيام غير المطابقة لشرط نظام الزوجي والفردي، ومن العمال من أقدم على طلب إجازات سنوية أو الاتفاق على الحسم من الأجر الشهري في الأيام التي لا يستطيعون مباشرة العمل فيها وفي حالات التأخير أيضًا كان العامل يتعرض للحسم. 

ومن أشكال التأثر الأخرى التي واجهها العمال تتجسد في الطلب من العمال المبيت في نفس أماكن العمل أو الطلب من العمال استئجار نُزُل قريبة من مكان العمل للسعي لتقليص نفقات المواصلات عدا عن الحفاظ على السعة الوظيفية بأكملها، بالتالي تجنّب انخفاض الإنتاجية في حال كان العامل لا يسكن في نفس المدينة ويستوجب إصدار تصريح حركة، وعلى الصعيد الآخر تعرض بعض العمال لفقدان وظائفهم على خلفية عدم القدرة على الوصول لأماكن العمل، حيث كان هنالك عمال من سكان العاصمة عمّان ويعملون في إربد ولا يوجد حافلات تقل الركاب بين المحافظات.

 

فرض حظر التجول 22 حتى 24 أيار

فرضت الحكومة الأردنية حظر التجوّل الشامل لمدّة ثلاثة أيّام في عيد الفطر، بدءاً من منتصف الخميس / الجمعة الموافق 22 أيار، وحتى منتصف ليلة الأحد / الاثنين الموافق 24 أيار بحيث يمنع خروج المواطنين من منازلهم بشكل كامل.

وعليه قابل فريق تمكين 20 عاملاً في قطاع النقل العام لرصد ظروفهم خلال أيام الحظر وكيف أثر القرار على عملهم.

أجمع من جرى مقابلتهم على أن فترة المناسبات والأعياد بالنسبة لهم مهمة جدا، فهي تزيد من دخلهم، حيث أنهم يعملون لساعات غير محدودة، مشيرين أنهم انتظروا فترة عيد الفطر للتعويض ولو قليلا من خسائرم، إلا أن قرار الحظر جاء مفاجئاً لهم، ومنعهم من شراء مستلزمات العيد لأسرتهم وأطفالهم، حيث عولوا على عملهم في الأيام التي تسبق العيد، لشراء حاجياتهم وتعويض أسرهم ولو قليلاً عن أيام الحظر وتوقف عملهم سابقا.

توصيات

يعاني العاملون في قطاع النقل العام ظروفا اقتصادية صعبة، إضافة إلى عدم إشراكهم في الضمان الاجتماعي وغياب أدوات الصحة والسلامة المهنية وتدابير الصحة العامة على الرغم من صعوبة ظروف العمل في هذا القطاع نضيف الى هذه الصعاب والظروف العوامل الجوية التي تؤثر على عملهم.

كثير من السائقين يشتكون الوضع المعيشي الصعب، فمعاناتهم تتضاعف وقدرتهم الشرائية تنخفض، ومنهم لا يستطيع توفير الاحتياجات الأساسية في ظل غلاء المعيشة وتوقف دخلهم بسبب الإجراءات الحكومية للحد من فيروس كورونا، وعليه يوصي تمكين بـ:

1.  إجراء دراسة عن خسائر قطاع النقل العام، وإيجاد حلول قابلة للتنفيذ لتعويض العاملين وبالأخص فيما يتعلق بالتأمين الإلزامي والترخيص والضرائب الأخرى المترتبة على مالكي وسائل النقل.

2. الالتزام بمعايير السلامة العامة في وسائل النقل العام.

3.  اعتماد سياسات واستراتيجيات تسرع من تجاوز أزمة كورونا وتعالج آثارها وتحفز من النمو الاقتصادي، وتتخذ التدابير والإجراءات لتوفير الحماية الاجتماعية.

4. تزويد السائقين بأدوات السلامة العامة، بخاصة الوقائية منها والمعقمات، لتجنب انتقال العدوى وانتشارها بما يحافظ على سلامة العاملين ومرتادي وسائل النقل.

5. تنفيذ فحوصات طبية دورية للسائقين، بما يضمن استمرارهم بالعمل في ظل ما يتعرضون له من مخاطر.

6. إيجاد مظلة للعاملين في قطاع النقل العام لحمايتهم، مثل اشراكهم في مظلة الضمان الاجتماعي،  وتعويضهم في حالات الأزمات.

7. توثيق التحديات والفرص في تجربة النقل العام خلال أزمة كورونا ودراسة الممارسات الفضلى لتجنب إعادة الضرر الذي أُلحِق بالعاملين في هذا القطاع جراء الإجراءات الوقائية من فايروس كوفيد-19.

8. إشراك العاملين في القطاع في اتخاذ القرارات التي تختص بتطبيق السياسات الرامية لتنظيم القطاع في حالات الأزمات.

9. تفعيل دور الجهات المعنية في الأزمات لمراقبة تسعيرة التنقل المعمول بها لتجنب استغلال الركاب.

 

[1] هيئة تنظيم النقل البري

[2] جرى التواصل هاتفاً مع مجموعة من الخبراء والعاملين في قطاع النقل بتاريخ 20 نيسان، ومراجعة كافة التصريحات الصحفية المتعلقة بقطاع النقل العام

[3] عمال جرى مقابلتهم لغايات إعداد التقرير

 

ي