5 سنوات لم تسعف عامل زراعة بجمع تكلفة عملية جراحية لعينيه

الرابط المختصر

بعد ظهيرة يوم حار، وتحت مظلة إحدى محلات شارع السينما في مدينة إربد كان يتبادل خالد وزوجته كفاء الحديث حول كفاية المبلغ المالي الذي تم جمعه من بيع أوراق العنب "الدوالي" لإجراء عملية جراحية لعيون خالد. 

لدى خالد وكفاء أربعة أبناء، يسكنون في أحد مناطق الأغوار الشمالية التي تبعد نحو (25) كيلومترًا عن المدينة، حيث يستقلّان إحدى سيارات "البكب أب" صباح كل يوم ومعهم "كراتين" لمحاصيل من أوراق العنب ونبات "الخبيزة" ابتاعاها من مزارع في الغور. 

يبيع خالد وزوجته "الدوالي" صيفا ويأخذانها "بالدين" من المزارعين، كما يبيعان "الخبيزة" شتاءً، ولكن يقومان بجمعها من الأراضي المحيطة بهما في اللواء المعروف بثروته الزراعية المحلية.

25 عامًا قضاها الزوجان بالعمل في قطاع الزراعة، كعاملين في مزارع الأغوار المختلفة بيوميات لا تتجاوز في معظم الأحيان سبعة دنانير، إلا أنّ تحديات العمل ازدادت بعد إصابة خالد بـ (ضعف النظر)، جرّاء التعرض الطويل لأشعة الشمس والمبيدات الحشرية بمختلف أنواعها.

بعد ذلك احتاج خالد لإجراء عملية جراحية بمبلغ (600) دينار، لم يستطع إجراءها لتكلفتها العالية عليه، خاصة وان العمل في الزراعة ينهكه يوميًا، بلا تأمين صحي. "مبلغ كبير على عامل زراعة"، يقول خالد. 

لكن ما زاد من معانة خالد أن أصحاب المزارع التي اعتاد أن يعمل لديهم، قرروا الاستغناء عن خدماته، بسبب تراجع حالته الصحية. 

بعد محاولات عديدة باءت بالفشل قادهما التفكير للعمل في "البيع الموسمي"، فخرجا معًا لسوق إربد القديم، على أمل إيجاد فرصة تعوَض عن ظروفهم الصعبة.

تفاقمت الحالة، وأصبح من الصعب تأمين أبسط متطلبات الحياة، وتراكمت فواتير المياه والكهرباء، الأمر الذي دفعهما للتفكير بشتى الطرق والحلول للبحث عن عمل آخر "بدنا نشتغل في أي شيء... أي شيء لنطلع من كل هذا" على حد تعبير كفاء.

أرادت كفاء العمل الى جانب زوجها ومساعدته، فعملت في القطاف لسنوات، بالرغم من أن العمل في هذا المجال لم يكن مجديا؛ بسبب استغلال أصحاب المزارع، وتدني الأجور التي تحصل عليها النساء" أعلى أجرة أخذتها خلال شغلي في القطف كانت خمسة دنانير لليوم. 

علاوة على ذلك، فمنذ بداية زواج خالد وكفاء فهم يسكنان "بالإيجار" في سكن غير مؤهل للعيش به تصل أجرته إلى (90) دينارًا شهريا، "سكن يشبه السكن قليلًا... تنهمر المياه في الشتاء وتضربنا الشمس في الصيف" بحسب ما وصفه خالد ــ"المرصد العمالي". 

يقول خالد إنه ما زال حتى هذه اللحظة يجمع تكاليف إجراء العملية، ويخرج كل صباح مع زوجته من الغور الى سوق اربد، يبيعان أوراق العنب للمتسوقين ويحصلان على ربحٍ زهيد مقابلها، ويعودان محملين بالأكياس، وعدد قليل من الدنانير.