24 ساعة عمل لإنقاذ المرضى.. هكذا تعيش الطبيبة دانة

الطبيبة دانة

تعمل الطبيبة المقيمة في مستشفى الملك عبد الله المؤسس في إربد دانة العمري ساعاتَ عملٍ تصل إلى 24 ساعةً خلال أزمة فيروس كورونا المستجد، وتقوم بمتابعة الأطفال المُصابين أو المشتبه بإصابتهم برفقة 16 طبيبةً أُخرى في قسم الأطفال.

تقول الطبيبة البالغة من العمر 25 سنة إنَّ خوف الأطفال من اللباس المخصص في العزل كان صعبًا عليها، فهم لا يمكنهم تمييزُ ملامحِ وجهها ولا يتبادلون الابتسامات المريحة؛ مما يجعل ضبطهم في غاية الصعوبة، ويزيدُ من الضغطِ النفسيِّ على الأطباء.

خاصةً وأن ارتداء ملابس العزل، المكونة من بذلةٍ كاملةٍ ذات لونٍ ابيض وواقٍ كامل للوجه، وقناع خاص بالفيروسات ليس بالأمر السهل، وتصف العمري بأن ارتداءها لثلاثِ ساعاتٍ متتاليّة يسبب لها ضيقًا في التنفس وصعوبةً في الحركة عند أخذ العينات.

ويتركز عملها على تقييم المرضى عند الدخول إلى أقسام العزل، وأخذ عينات للمصابين بشكلٍ يوميّ، لتعمل لساعاتٍ تترواح بين 24 – 36 ، تشرح ذلك بأن نظام المناوبات المعتمد قلل من عدد الدخولات الاختياريّة للمشفى، وبالتالي قلَّت ساعات الدوام، وزاد عدد المناوبات؛ لتقليل الاختلاط بين أفراد الكادر الطبي.

غيرَ أنَّ عدد الساعات الطويل هذا يمنع العمري من الانضمام لأسرتها أو الحديث معهم؛ نتيجة الإرهاق الذي يسيطر عليها، وللحد من انتشار العدوى، ولم يشفع لها كونها وحيدة والديها من عدم عزل نفسها؛ إذ تتخذ من إحدى غرف المنزل مكانًا لها؛ حمايةً للمحيطين بها "أعزل نفسي في غرفة وأغير ملابسي ولا أحاول الاختلاط بأهلي". 

هذا كله دفع الطبيبة لتكونَ منعزلةً اجتماعيًّا، وبعيدةً عن أي تجمعاتٍ اجتماعيّة، وسطَ وحدةٍ مقيتةٍ أثرت على حالتها النفسيّة، وأبعدتها عن الجميع، ويأتي ذلك في ضوء عدم قدرتها على الاستمتاع بيوم إجازة، أو ممارسة نشاطٍ ترفيهيٍّ مع صديقاتها، في ظل الإغلاقات الحاصلة وفرض حظر التجوال في المملكة.

تسترجع بذاكرتها عملها قبل انتشار الفيروس المستجد، فعلى الرغم من كونه مليئًا بالضغط النفسي والجسدي، فقد كان بإمكانها تفريغ ذلك عبر رؤية صديقاتها"أنا وزميلاتي محرومات من هذا الأمر؛ لأن كل شيء مغلق وممنوع التجمعات"؛ مما أنشأ رابطةً بينهنَّ وساهم في دعمهنَّ لبعضن، تتحدث عن ذَلك بقولها إن من المهم جدًا الحصولُ على داعميين إيجابيينَ في محيط العمل.

ورغم بذل الطبيبات الكثير من الجهود للترويح عن أنفسهن، غيرَ أنَّ ساعات العمل الطويلة تؤثر عليهنَّ من جوانب عدة تشمل تركيزهنَّ خلال المناوبة، وحرمانهنَّ من النومِ لوقتٍ طويل، ما يتيح المجال لوجودِ أوقاتٍ تتطب الكثير من الأطباء للعمل بشكلٍ مُكثَّف.

وفي ظل ذلك تحاول العمري الموازنة بين عملها طوال تلك الساعات وبين دراستها كطبيبة مقيمة، حيث تقوم بتقديم امتحانات مما يستنزف طاقتها، حين تتطلب جهدًا بدنيًا وجسديًا كبيرًا. 

ولم تتوانى الطبيبة عن التطرق إلى لحظات الرعب التي تصيبها إبان وجودِ مريضٍ مُشتبهٍ بإصابته، رغم المحاولات المتكررة للطاقم الطبيّ في أخذ الاحتياطات. 

وتقضي دانة جلَّ وقتها في تجديد معرفتها حول كوفيد – 19، وكل ما يدور حوله عبر قراءة الكتب، وتؤمن أنَّ أفضل ما حدث لها خلال هذه الفترة هي قدرتها على قيادة السيارة عقب نجاحها في الامتحان قبلَ 7 سنوات، وترددها من قيادتها، حتى الشهر الماضي.

وتضم نقابة الأطباء 24 ألفَ طبيبٍ منتسبٍ لها، في حين تشير الأرقام الرسمية لوزارة الصحة أن 55% من الكوادر الصحية في الأردن من النساء، معظمهن يعملن في الصيدلة ويشغلن حوالي 81 % من نسبة العاملين فيها، وفي التمريض يشغلن نسبة 80 %، فيما يشكلن الطبيبات حوالي 21 % من نسبة الأطباء العاملين.

 

*الطبيبة دانة العمري واحدة من ضيوف حلقة نقاشية نظمتها منظمة صحافيون من أجل حقوق الإنسان على راديو ظليل للحديث عن واقع عملهم في ضوء قصة أنتجتها الزميلة شفاء ونشرت لاحقًا في جريدة الغد بعنوان: كيف تتحدى الكوادر الطبية أزمة كورونا؟ أطباء يسردون قصصهم

 

*بدعم من منظمة صحافيون من أجل حقوق الإنسان JHR

أضف تعليقك