”خسرنا كل شي“..حبس المدين في الأردن

الرابط المختصر

"تامر" طبيب أردني. كطبيب له عيادته الخاصة، كان يكسب أكثر من 4 آلاف دولار أمريكي شهريا، وهو ما يزيد كثيرا على متوسط الدخل للفرد الأردني. كان سعيدا بزواجه ولديه ابنة، ويمتلك سيارة ومنزلا. حياة نموذجية لعائلة من الطبقة الوسطى في الأردن. قبل بضع سنوات، أصبح لدى تامر هشاشة العظام. منعه المرض من العمل، ونتيجة لذلك لم يتمكن من سداد أقساط قرض السيارة ورهْنِ عيادته. استخدم مدخراته التي جمعها على مدار أكثر من عقدين في محاولة لتغطية بعض أقساط القرض، وغادر الأردن لتلقي العلاج.

بعد عام، اكتشف تامر أن دائنيه تقدموا بشكوى ضده، وحكمت عليه محكمة غيابيا بالسجن لشهور. لتجنب السجن، لم يعد تامر إلى الأردن. لم يتحدث إلى ابنته منذ عام ونصف، وفي 2018 طلبت زوجته الطلاق، متعللة بالأوضاع المالية.

قصة تامر هي قصة عشرات آلاف الأردنيين الذين يقترضون، وبعد ذلك بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم، لا يتمكنون من سداد الديون. مع استمرار تدهور الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة، يجد العديد من الأردنيين أنفسهم بحاجة إلى اقتراض المزيد من الأموال لتوفير الغذاء، والمأوى، والاحتياجات الأساسية الأخرى. كثير منهم، على سبيل المثال، يسددون الفواتير ببطاقات الائتمان المصرفية بمعدلات فائدة مرتفعة، أو يقترضون لدفع الرسوم المدرسية. يعتمد العديد من الأشخاص، وخاصة أولئك الذين لديهم سجل ائتماني ضعيف أو دخل محدود، على المقرضين غير الرسميين وغير المنظمين كمصدر للنقد، أو لديهم ببساطة أكوام من الفواتير غير المدفوعة، مثل الماء والكهرباء، أو ديون في محلات البقالة، أو للرعاية الصحية، ما يغرقهم في الدين. في غياب شبكة أمان اجتماعي مناسبة، اتجه الأردنيون نحو الاستدانة لسد الفجوات. بينما يواجه الناس في جميع أنحاء العالم مشاكل مماثلة، يواجه الأردنيون عواقب وخيمة بشكل خاص: يمكن أن يُسجنوا بسبب عدم دفع الديون.

الأردن من البلدان القليلة في العالم التي ما تزال تسمح بالسَّجن بسبب الديون. عدم سداد الديون، حتى ولو كانت ضئيلة، يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 90 يوما لكل دين، وما يصل إلى عام واحد للشيك المرتجع؛ غالبا ما تحكم المحاكم على الأشخاص دون عقد جلسة استماع. لا يراعي القانون نقص الدخل أو عوامل أخرى تعيق قدرة المقترضين على السداد، ويبقى الدين حتى بعد قضاء الحكم بالسجن. يواجه أكثر من ربع مليون أردني شكاوى بسبب عدم سداد الديون، وتم حبس 2,630 شخص تقريبا، أي حوالي 16% من نزلاء السجون في الأردن، بسبب القروض غير المسددة أو شيكات مرتجعة في 2019.

Hands holding Jordanian currency

 

زادت التطورات الأخيرة من الحاجة الملحة إلى إصلاح معاملة الأردن القاسية للأشخاص غير القادرين على سداد ديونهم. أولا، أجبر الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، إلى جانب شبكة الأمان الاجتماعي ذات النواقص الفادحة، آلاف العائلات على اقتراض المال لدفع ثمن الطعام، والإيجار، والنفقات الطبية، وغيرها من ضروريات الحياة. بحلول نهاية 2019، بلغ متوسط ​​نسبة الدين لكل أسرة 43% من دخل الأسرة.

لا شك أن الأزمة الاقتصادية التي سببها تفشي فيروس كورونا زادت الأوضاع سوءا.

العامل الثاني هو القروض غير المنظمة التي تسمح بالانتهاكات. يمكن شراء سند أمر (كمبيالة) ببضعة قروش (أقل من دولار أمريكي) من متجر أو يُكتب بخط اليد. تعتبر الكمبيالة عقدا قابلا للتنفيذ في المحاكم الأردنية، يمكن أن يؤدي إلى سجن المدين بدون أن يمثل أمام قاضٍ. في حين أن البنك المركزي يضع حدا أقصى لأسعار الفائدة عند 25%، فإن المقرضين غير الرسميين لا يخضعون لهذا الحد ويتقاضون ما يصل إلى 50%.

استثمر "البنك الدولي" ومؤسسات مالية أخرى بقوة في التمويل الأصغر في الأردن، إذ دافعت هذه الجهات عن سهولة الحصول على المال كأداة للتمكين الاقتصادي والحد من الفقر. تقول هذه المؤسسات إنها تستهدف النساء لأنهن فئة مهمشة اقتصاديا. ومع ذلك، بسبب التصميم والتنفيذ الخاطئين، جعلت بعض هذه القروض الصغيرة النساء أكثر عرضة للسجن بسبب الديون.

مع انتشار مؤسسات التمويل الأصغر، أصبح المزيد من الناس، والنساء على وجه الخصوص، يتمتعون بإمكانية الحصول على الأموال، لكن غياب القدرة على التنظيم والرقابة يُترجم أحيانا إلى ممارسات مسيئة بما في ذلك في بعض مؤسسات التمويل الأصغر. فأولئك الذين حصلوا على قروض يدفعون في كثير من الأحيان فوائد مرتفعة للغاية، ما يجعلهم في حالة عجز. في حين أن بعض المؤسسات الأكبر حجما التي تقدم التمويل الأصغر قد تعهدت بحماية المستفيدين، فإن معظمها لا يفعل شيئا يُذكر للتأكد من وضع المقترضين ومشاريعهم قبل منحهم القروض.

علاوة على ذلك، فإن العديد من مؤسسات التمويل الأصغر تتجنب الخضوع للتنظيم من قبل البنك المركزي، ما يسمح للمؤسسات بفرض فائدة تصل إلى 50%. وهو ضعف متوسط ​​المعدل العالمي، وفق تحليل لألفَي مؤسسة للتمويل الأصغر تقريبا في 109 دولة، والذي وجد أيضا أن معدلات الفائدة المرتفعة هي سبب رئيسي  يجعل مؤسسات التمويل الأصغر غير ملائمة لتكون وسائل لتخفيف حدة الفقر، وأن النساء يدفعن في المتوسط ​​معدلات أعلى مقارنة بالرجال. وبينما تهدف القروض إلى تمويل مشاريع ريادة الأعمال، يتحمل المقترضون عموما المسؤولية الشخصية، ما يحرمهم من إمكانية إعلان الإفلاس نظرا لغياب قانون فاعل للإفلاس الشخصي في الأردن.

نتيجة لذلك، فإن النساء معرضات بشكل خاص للسَّجن بسبب الديون، ما يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة الجندرية التي كان المقصود بالتمويل الصغير تحسينها. في الأردن، هناك حوالي 9 آلاف امرأة مطلوبة لعدم سداد ديون لا تتجاوز 1,400 دولار للدين الواحد، وفقا لدراسة أجرتها "مؤسسة كونراد أديناور" في يناير/كانون الثاني 2020.

في حين أن بعض الحالات الموثقة في هذا التقرير تتعلق بمؤسسات التمويل الأصغر المسجلة والمنظمة، فإن معظم الحالات تتعلق بالمعاملات في القطاع المالي غير الرسمي. وهذا يشمل أي معاملات تمويلية تجريها جهات غير مرخصة كمؤسسات مالية من قبل البنك المركزي الأردني أو أي هيئة تنظيمية أخرى، وبالتالي فهي لا تخضع للرقابة، وتضم العائلات، والأصدقاء، وشركاء الأعمال، وتجار التجزئة الذين يبيعون بالدين، والمقرضين بمن فيهم أولئك الذين يستخدمون أساليب غير قانونية.

بالنظر إلى الطبيعة غير الرسمية لهذه المعاملات، من الصعب التأكد من عدد القروض النشطة أو إجمالي مبلغ الدين في القطاع المالي غير الرسمي. أشار "المجلس القضائي الأردني"، وهو أعلى هيئة قضائية مسؤولة عن الرقابة على القضاء، إلى وجود 143 ألف قضية قضائية مالية مسجلة في 2019 في مختلف  أنحاء البلاد. بحسب دراسة من العام 2020 أصدرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني، فإن عدد الأفراد المطلوبين بسبب عدم تسديد ديونهم زاد عشرة أضعاف في أربع سنين فقط، من 4,352 في 2015 إلى 43,624 في 2019. في أغسطس/آب 2020. أحصت "وكالة الأنباء الأردنية" الرسمية أكثر من 3 آلاف إشعار للمقترضين المطلوبين الذين يُزعم أنهم تخلفوا عن سداد ديونهم بين 30 يونيو/حزيران و23 يوليو/تموز فقط. "الجمعية الوطنية لرعاية نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل الخيرية"، وهي منظمة إنسانية تقدم الدعم المالي لتمكين المقترضين الذين تخلفوا عن الدفع من تجنب السجن، تقدر عدد مثل هذه القروض غير الرسمية بعشرات الآلاف، بناء على عدد الطلبات التي تتلقاها سنويا. المحامون الذين يقدمون المساعدة القانونية للمقترضين المعوزين المعرضين لخطر السجن يقدرون أيضا الأعداد بعشرات الآلاف. قال العديد ممن تخلفوا عن سداد ديونهم الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش إن العشرات في قراهم أو مجتمعاتهم يعانون من نفس المشاكل. في حالات عدة، كان العديد من أفراد الأسرة المباشرين مثقلين بالديون ويواجهون خطر السجن في الوقت نفسه.

يعود سبب الانتشار الواسع لهذه القروض إلى التساهل في التعليمات والرقابة والإنفاذ فيما يتعلق بأدوات الدين، والكمبيالات هي الأكثر إشكالية.

بموجب القانون الأردني، يمكن لأي فرد، سواء كان مرخصا أم لا، استخدام الكمبيالة لإقراض المال – ورقة تحدد مبلغ القرض وتاريخ السداد والفائدة وتوقيع المقترض والدائن. يمكن العثور على نموذج لهذه السندات تقريبا في أي محل قرطاسية في الأردن. يُفترض عادة أن هذه السندات صالحة في المحاكم ويصعب الطعن فيها عمليا.

سهولة الاقتراض باستخدام الكمبيالة في الأردن يقابلها القسوة التي يتعامل بها القانون مع الأفراد الذين لا يسددون ديونهم. بموجب المادة 22 من "قانون التنفيذ الأردني"، يمكن للدائنين أن يطلبوا سجن المقترضين إذا لم يسددوا ديونهم. تشكّل الكمبيالات أداة ثبوتيه في المحاكم الأردنية، ما يعني أنه يمكن للقضاة أن يأمروا بحبس المقترض بناء على وجود السند وحده، دون حتى رؤية المقترض أو منحه عمليا فرصة للطعن في الدين أو تقديم بيّنة دفاع، ما يقوض الحق في الإجراءات القانونية الواجبة. في جميع القضايا التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش تقريبا والتي أدت إلى السجن، بطلب من الدائنين، اختار القضاة السجن كعقوبة على الرغم من توفر البدائل، مثل حظر السفر، وتجميد الأصول غير الأساسية، أو الاقتطاع من الأجور.

بموجب القانون، لا يؤدي الحبس إلى حل الدين، ويمكن للدائن أن يطلب تجديد حبس الشخص لنفس الدين غير المسدد في العام التالي. إذا كان على الفرد أربع كمبيالات غير مدفوعة، فقد يُحتجز عاما كاملا. إذا لم يسدد المقترض الكمبيالات بعد ذلك، فيمكنه أن يواجه الحبس لفترة أطول لكل كمبيالة، ما يؤدي إلى دورة من السجن لا تنتهي إلا عندما يتمكن المدين من إثبات سداد جميع الديون.

ألغت معظم دول العالم خارج الشرق الأوسط عقوبة حبس المدين، ليس لأنها قاسية للغاية وتنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، بل لأنها أيضا لا تؤدي إلى السداد. بدلا من ذلك، يستهدف حبس المدين أولئك الذين ليس لديهم القدرة على السداد، ويساهم في خلق دورات من الديون لا نهاية لها. يمنع الحبس الفرد من كسب دخل أو إيجاد وسيلة لسداد الدين. قال جميع المقترضين الذين تمت مقابلتهم أثناء إعداد هذا التقرير إنهم لم يكونوا يملكون المال لسداد ديونهم عندما تم القبض عليهم أو توجيه التهم إليهم، وإن سجنهم زاد من سوء أوضاعهم. قال كثيرون إنهم اضطروا لبيع أثاث المنزل أو الحصول على قروض إضافية لتجنب السجن. قال آخرون إنهم طلبوا من أقاربهم أو أصدقائهم الاقتراض لسداد قروضهم، فعلق هؤلاء كذلك في الديون.

السجن بسبب الديون أو التهديد بالسجن له تأثير مدمر على دائرة واسعة من الأفراد المتضررين منه. بالنسبة لأرباب الأسر، فإن السجن لعدم سداد القرض سيؤثر على الأسرة بأكملها، ما يحرم الأسر من وسائل لتأمين الضروريات الأساسية، ويخلق مزيدا من الضغط الاجتماعي عليهم وعلى الدولة. قال كل من قابلناهم تقريبا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم خسروا وظائفهم وقدرتهم على إعالة أسرهم نتيجة سجنهم أو كونهم مدينين. في بعض الحالات، غادر الأشخاص البلد لتجنب التعرض للسجن، تاركين وراءهم زوجاتهم وعائلاتهم لتغطية نفقاتهم.

يحظر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادق عليه الأردن، سجن أي شخص بسبب عدم وفائه بالتزام تعاقدي. سجن المدين هي عقوبة تمس أيضا بالتزامات الأردن بموجب القانون الدولي بضمان أن يتمكّن المواطنون والمقيمون من تحقيق مستوى معيشي كاف، والذي وفقا لـ"العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" يوفر "ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، و]يضمن حق الفرد[ في تحسين متواصل لظروفه المعيشية". في حين أن خلق الديون وإنفاذها لا يتعارضان بشكل مباشر مع هذا الالتزام، إلا أن الأدلة تظهر أن حبس المدين له عواقب ضارة على قدرة العديد من المدينين على تأمين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية لأنفسهم أو لأسرهم مثل الغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية. قد تكون إمكانية الاستدانة السهلة ضرورية في بعض الظروف، إلا أن القروض ينبغي ألا تكون بديلا لواجبات الدولة المتمثلة في تأمين أجور معيشية كافية، والضمان الاجتماعي، والدخل الأساسي، من بين ضروريات أخرى.

إلغاء حبس المدين في الأردن مسألة مثيرة للجدل. يزعم الدائنون ومحاموهم أنه بدون التهديد بحبس المدين لن تكون هناك طريقة لاسترداد القروض. لكن أبحاث هيومن رايتس ووتش في الأردن تظهر أن حبس المدين هو أحد أقل الطرق فعالية لاسترداد الديون، لا سيما من الأفراد المعوزين، وهو ما يتفق مع مجموعة كبيرة من الأبحاث العالمية التي أجراها البنك الدولي والمؤسسات المالية الأوروبية. كما أنه لا يعالج المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي تؤدي إلى استدانة هؤلاء الأفراد في المقام الأول. لا يضمن الأردن مستوى معيشي لائق لمواطنيه وسكانه وليس لديه نظام فعال للضمان الاجتماعي.

كما أن حبس المدين يزيد العبء الذي تواجهه السلطات الأردنية. عن كل شخص يحتجز بسبب عدم سداده الدين أو بسبب شيك مرتجع، تدفع الحكومة الأردنية شهريا 750 دينار )1,057 دولار أمريكي(، بحسب دراسة لـ المجلس الاقتصادي والاجتماعي في 2020. بالإضافة إلى الضغوط التي يسببها الحبس على السجون والمحاكم المكتظة والتي تنقصها الموارد، فإن بعض العائلات التي يُسجن أربابها تصبح معتمدة على المساعدات الاقتصادية التي تقدمها الحكومة، والتي غالبا ما تكون غير كافية وتسودها الفجوات.

كانت محاولات الحكومات الأردنية المتعاقبة لمعالجة هذه المشكلة المنهجية مشتتة وغير فعالة. بدلا من ذلك، قام أفراد من العائلة المالكة والمجتمع المدني والأفراد بمبادرات عديدة على مر السنين لسداد ديون السجناء. ففي 2019، غطى الملك عبد الله الثاني بنفسه ديون 1,500 امرأة سجينة وناشد الأردنيين جمع الأموال لتغطية ديون الآخرين. جمعت الحملة 10 ملايين دولار تقريبا. كانت هذه واحدة من عدة حملات مختلفة يقوم بها نشطاء وأقارب بشكل شبه سنوي. كما يعتبر سداد ديون الرجال والنساء جزءا من الزكاة، وهي ضريبة يدفعها المسلمون للأعمال الخيرية سنويا. على الرغم من ذلك، أقر موظف في إحدى المؤسسات التي تسدد ديون المقترضين المعوزين بأنها لا تحل جذر المشكلة: "نعلم أن هذا الأمر غير مستدام. نسدد الدين مرة، وفي اليوم التالي يقترض نفس الشخص قرضا آخر لدفع إيجاره أو شراء شيء ليبيعه".

ألغت تقريبا جميع البلدان الأخرى خارج الشرق الأوسط الحبس للمدين. وقد نفذ بعضها إجراءات الإفلاس للأفراد وبرامج لإعادة هيكلة الديون تحفز المقترضين على أن يكونوا أكثر إنتاجية ويسددوا قروضهم، ما يقلل العبء على المجتمع ككل. مثل هذه الإجراءات لا تعني التملص من المسؤولية، فالمحاكم تتمتع بصلاحية التمييز بين أولئك الذين لا يستطيعون الدفع والذين لا يرغبون في الدفع، ومعاملة أولئك الذين يرتكبون الاحتيال وفقا لذلك.

المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني، وهو مركز سياسات له صلات بالحكومة، أوصى في دراسة عام 2020 بشأن حبس المدين والإنهاء التدريجي لهذه الممارسة بالبدء بتمديد فترة إشعار السداد من 15 يوما إلى 3-5 سنوات، وخفض الدفعة الأولى المطلوبة إلى 15% كما كان الوضع بموجب قانون التنفيذ الأردني السابق. وتقوم مجموعة عمل برعاية وزارة العدل حاليا بمراجعة التوصيات وستقدم توصياتها الخاصة إلى الحكومة والبرلمان.

ينبغي للأردن أيضا إلغاء المادة 22 من قانون التنفيذ الأردني، التي تسمح بسجن المقترضين المتخلفين عن سداد ديونهم، وإصدار تشريع يسمح للأفراد بتقديم إقرار بالإعسار الشخصي عندما لا يتمكنون من سداد الديون بما يتماشى مع أفضل المعايير الدولية. كما ينبغي للمجلس القضائي الأردني أن يوجه السلطة القضائية المعنية بمطالبات الديون تقييم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمدينين وقدرتهم على السداد، والعمل مع الدائنين والمقترضين لوضع خطة سداد تستند إلى القدرة المالية للمقترض. بينما يسمح القانون بذلك نظريا، عمليا، لا يرى القضاء الشخص المدين ولا يعطيه توجيهات بشأن توفر هذا الإجراء أو أي وسيلة دفاع أخرى يمكنهم استخدامها. ينبغي للجهات المانحة والمؤسسات المالية الدولية تقديم المساعدة الفنية للأردن لتطوير إجراءات الإفلاس التي تسمح بتخفيف عبء الديون بشكل فعال وتمكين المقترض من أن يكون منتِجا اقتصاديا، بما يشمل المعايير التي تتطلب من السلطات المختصة تقييم قدرة الفرد على السداد. ينبغي للهيئات التي تمول مؤسسات التمويل الأصغر أن تضمن ألا تسعى هذه المؤسسات إلى سجن الأشخاص الذين يعجزون عن سداد دفعاتهم، وكذلك أن تضمن القدرة على المتابعة مع المقترضين لضمان خطط السداد التي تعكس قدرة الفرد على الدفع.

 

 

أضف تعليقك