أصدرت "هيومن رايتس ووتش" الأربعاء بيانا أدانت فيه تقاعس الأردن في اتخاذ خطوات على مسار منع التعذيب، على ضوء مزاعم ظهرت مؤخراً بوقوع انتهاكات جسيمة من هذا النوع في الأردن.
وتلقت المنظمة الدولية شكاوى تفيد عن وجود أعمال ضرب شديد للإسلاميين المحتجزين على يد قوات الأمن، إثر القبض على أكثر من 100 إسلامي في تظاهرة اتخذت طابع العنف في الزرقاء بالأردن، بتاريخ 15 نيسان الماضي
ويعلق الباحث الأول في قسم الشرق الأوسط في المنظمة كريستوف ويلكى، "إذا كان الأردن جادّاً فيما يخص منع التعذيب، فعليه أن يحقق بجدّية في مزاعم الانتهاكات. على كل وعوده بالتغيير، فإن جهود الأردن الإصلاحية المُعلن عنها والتي كثرت الإشادة بها، ما زالت بعيدة عن تحقيق الحد الأدنى المرجو وما زالت غير فعالة في مكافحة التعذيب".
الناشط الحقوقي طالب السقاف، يعلق "لعمان نت" أن مطالبات المنظمة هي "محل إجماع وطني" وحادثة الإسلاميين وما تعرضوا له من التعذيب وسوء المعاملة، "تعرضت له أكثر من جهة، منها القضاء الأردني ومحكمة الشرطة ومكتب المظالم والمركز الوطني لحقوق الإنسان في ولايته العامة، وتعدد جهات التحقيق قد يخدم مسألة جلاء الحقيقة والمطلوب تحرك حقيقي لأجل منع التعذيب بحق أي شخص على اختلاف انتمائه أو ما يحمله من سيرة ".
و يرى الناشط الحقوقي الدكتور فوزي السمهوري ومدير مركز الجذور لدراسات حقوق الإنسان أن الأردن لا يزال تقع فيه ممارسات تعذيب رغم مصادقته على العديد من الاتفاقيات الدولية وخاصة المتعلقة بمناهضة التعذيب "ثمة ممارسات توصف بالتعذيب في مراكز التوقيف نفسيا أو جسديا ولا أحد ينكر ذلك”.
وأضاف أن ما جرى في ١٥ نيسان، يشكل انتهاكا لحق التجمع، "وقد آن الأوان للأمن العام التوقف عن التعذيب داخل مراكز التوقيف لكون ذلك يخالف الاتفاقيات الدولية حتى لو كانت سياسات غير ممنهجة ورغم تكرار الحالات فإنما يشير إلى سياسة ممنهجة".
وكانت رئيسة وحدة العدالة الجنائية نسرين زريقات، قالت لعمان نت أنهم سيصدروا تقريرا مفصلا خلال الفترة المقبلة يتناول واقع النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل. ويسجل المركز انخفاضا في أعداد شكاوى التعذيب رغم أنها ليست مؤشرا، لكن المركز يؤكد على زياراته الدائمة للأماكن الاحتجاز، تقول زريقات.
وأضافت زريقات "لعمان نت" أن فريق كرامة لرصد أوضاع النزلاء في مراكز الإصلاح، والمكون من خبراء وناشطين حقوقيين ومحامين وإعلاميين وأطباء يزورون مراكز الإصلاح والتأهيل للوقوف على أي حالات انتهاك قد تقع. ولا تنكر زريقات وجود حالات شكاوى من حالات تعذيب داخل مراكز التوقيف المؤقت.
سبق وأن قامت مديرية الأمن العام بالإعلان عن خطة إصلاح استراتجية داخل مراكز التوقيف لأجل الإصلاح وتحسين البيئة السجنية والتوقيف المؤقت، والمركز الوطني، وفق نسرين، سيقوم بتدريب الكوادر العاملة على مفاهيم حقوق الإنسان والمعايير الدولية والمنطلقات التي حددتها الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والتي وقع عليها الأردن.
ومن المقرر أن تناقش مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية في أوروبا والبلدان العربية قضية الحماية من التعذيب في 11 مايو/أيار 2011 بمدينة برلين، ويفتتح المناقشات كل من المعهد الألماني لحقوق الإنسان والمركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان.
ووفق البيان، روى أحد الإسلاميين المحتجزين في واقعة الزرقاء ما تعرض له في مركز للأمن في الرصيفة، إن الضباط ذكروا لهم إنهم من "الفريق 62" و"الفريق 71"، وقاموا بضربه والمحتجزين الآخرين على الرؤوس والظهر وأجزاء أخرى من الجسد، على مدار نحو 3 ساعات مع تقييد أيديهم وأرجلهم بالأصفاد. هذا الشخص الذي طلب عدم ذكر اسمه، كان ضمن مجموعة كبيرة أُفرج عنها في الخامس من مايو/أيار بعد التحقيقات الأولية. وهو مصاب بألم في الظهر نتيجة لما تلقاه من معاملة رهن الاحتجاز، ويمنعه الألم من العمل، على حد قوله.
البرتكول الاختياري لمناهضة التعذيب
حول التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، يرى الناشط السقاف أنه آن الأوان للآلية الدولية الوطنية المشتركة التي نص عليها البرتوكول من القيام بزيارات وقائية والتحقق من بيئة السجناء وطبيعة السجلات المنظمة التي ستقود إلى عدم وقوع التعذيب والتأكيد على السرية التامة لأجل تشجيع الأردن في التوقيع.
أما الدكتور السمهوري فيرى أن تعزيز الأردن لحقوق الإنسان يكمن في التوقيع على البرتوكول فهي "أساس لحماية المواطنين"، المطلوب أكثر من ذلك "من خلال تشكيل لجان تحقق مستقلة بين مؤسسات المجتمع المدني تتمتع بالاستقلالية التامة”.
وكانت المنظمة الدولية أصدرت تقريرا في العام 2008 بعنوان "التعذيب والإفلات من العقاب في السجون الأردنية"، خلصت فيه إلى تفشي التعذيب وممارسته بشكل ممنهج في ظل إفلات الجناة شبه الكامل من العقاب. منذ تلك الفترة، اتخذ الأردن بعض الخطوات الإصلاحية، مع تجنب الإصلاحات المؤسسية.
أبرز مطالبات المنظمة
تعديل قانون العقوبات بحيث يشمل جريمة التعذيب، في المادة 208.
تمركز ادعاء الشرطة داخل السجون من أجل تلقي الشكاوى والمتابعة.
إجراء تدريب للعاملين بالسجون فيما يخص منع التعذيب.
إيجاد اتفاق بين مديرية الأمن العام التي تدير السجون والمسؤولة عن أغلب أماكن الاحتجاز، للسماح للمركز الوطني لحقوق الإنسان بتشكيل مجموعة من 25 ناشطاً من المجتمع المدني، بالتطوع، للعمل كفريق تفتيش مستقل على السجون.
كما وطالبت بضرورة مراجعة تشكيل محكمة قوامها 3 قضاة مسؤولة عن محاكمة المشتبهين بالاعتداء أو التعذيب، بحيث تضم قاضٍ مدني وقاضيين آخرين من ضباط الشرطة.
الإصلاحات المؤسسية التالية تعتبر ذات أهمية خاصة ولم يلجأ إليها المسؤولون الأردنيون بعد:
وضع تعريف للمعاملة السيئة في المادة 208 من قانون العقوبات، بما يتفق مع القانون الدولي.
نقل الاختصاص القضائي في نظر الشكاوى الخاصة بالمعاملة السيئة والتعذيب من محكمة الشرطة إلى محكمة مدنية. يقوم أفراد ادعاء الشرطة وقضاة الشرطة المعينون حالياً من قبل رئيس الشرطة بالملاحقة القضائية والمحاكمة لزملائهم المتهمين في أعمال تعذيب وجرائم أخرى. وكانت الملاحقات القضائية قليلة وأغلبها على مخالفات صغيرة مثل الضرب، وكانت الأحكام مخففة.
تحويل إدارة السجون من مديرية الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية إلى وزارة العدل.
إجراء فحوصات طبية للمحتجزين لدى وصولهم إلى السجن، بما أن أغلب أعمال التعذيب تقع في مراكز الشرطة وليس السجون.
التحقيق بشكل مستقل ومستفيض في شكاوى المعاملة السيئة والتعذيب. حتى الآن لم تصل إلى المحكمة قضايا تعذيب بموجب المادة 208.
سنّ آليات لتقديم النزلاء في السجون لشكاواهم بشكل يحفظ السرّية.
منح المركز الوطني لحقوق الإنسان التصريح بإجراء زيارات بلا رقابة عليها إلى مركز احتجاز دائرة المخابرات العامة.