يُتم عاطفي وأسري
خلفت الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على غزة واستمرت اثنين وعشرين يوماً ، نحو 1434 فلسطينياً منهم 960 مدنياً ، كثير منهم كان لديه أسرة وبيت وأطفال وزوجة ، ما يعني أن ثمة أعدادا متزايدة من الأرامل انضممن لأعداد أخرى من الفتيات اللواتي فاتهن قطار الزواج أو كاد ، بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الصعبة ، ليس في قطاع غزة فحسب ، بل ربما في بقية الدول العربية والإسلامية.
في غزة تحديدا ، تبنت الهيئة الأهلية لرعاية الأسرة ، من خلال برنامج صندوق الزواج الفلسطيني التابع لها إطلاق مشروع تزويج 100 من أرامل الشهداء وشهداء الخلاف الداخلي ، علما بأن كل عريس يتقدم للزواج من أرملة شهيد حصل على مبلغ 2800 دولار أميركي بخلاف الهدايا ، كغرفة النوم وغيرها،.
المشروع تم تمويله من لدن أهل الخير وبعض من دول الخليج العربي ، وهو ريادي وجيد ، وإن كان يحمل في طياته بعض المخاطر ، خاصة وأن أي شاب يتقدم للمشاركة في هذا المشروع يمكن أن يقدم بعد فترة على تطليق زوجته ، أو تكرار التجربة أملا في الاستفادة من التسهيلات الكبيرة التي يقدمه ، ومع ذلك فهو مشروع يستحق أن يُستنسخ في بلاد عربية أخرى تعاني من نسبة عنوسة ضخمة ، لا حل لها إلا بتدخل "جراحي" يُنهي حالة اليُتم العاطفي والأسري الذي تعاني منها ملايين الفتيات ومثلهن من الشباب في بلادنا ، بعد أن أصبح الزواج مشروعا اقتصاديا يحتاج إلى تمويل كبير ، لا يقدر عليه الكثيرون،.
حجم المشكلة عربيا مريع ، فهناك 9 ملايين عانس وأعزب في مصر ، ثلث سكان الجزائر عوانس وعزاب ، ونسبة العنوسة تصل في الإمارات %68 ، وفي السعودية إلى %26 ، والحال قد لا يختلف في قطر ، الأردن ، لبنان ، الكويت..،،.
المشكلة في الوطن العربي تتفاقم على نحو غير معقول ، بسبب تعرض العانس لما يسميه أحدهم "ثقافة التعذيب" إذ تشيع حيثما اتجهت تجليات حياة تقوم على "اثنين" في الأغاني والشوارع والطبيعة ، فيما هي (أو هو،) "واحد" صحيح منقسم الى شظايا تشقى بتلوث بيئي مختنق بالضوضاء "المثيرة" ، في كل شارع وإعلان.. وفي التلفزيون مع كل إعلان وأغنية وشريط كاسيت.. أو فيديو كليب..،.
موانع الزواج كثيرة ، ومعروفة ، ومواضيع الانشاء التي كتبناها صغارا وكبارا ، مشبعة بالأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على تسهيل الزواج وتيسيره ، ولكن الأهم من ذلك ، من يعلق الجرس فيجعل من مشكلة العنوسة محورا لورشة عمل أو مؤتمر ، لا يبقي شيئا الا ويطرحه للنقاش ، ومن ثم يصار الى شن حملة وطنية وقومية ضد هذه الظاهرة ، تسير في موازاة حملتنا "الواهنة" ضد المشروع الصهيوني على الأمة كلها ، وتكون أكثر سخونة منها وجدوى أيضا ، وبهذا نكون في مواجهتنا لمشكلة العنوسة ، قد ضربنا عصفورين بحجر واحد ، ما دمنا غير قادرين على ضرب "العدو" مباشرة وبالفاعلية المطلوبة،.











































