يكذبون كما يتنفسون في ملف الكهرباء
حين تغيب الثقة بين الدولة والناس، تصير كل تفسيرات الدولة لأي قرار، غير مصدقة، أو مشكوك بها، وهذه حالة قائمة منذ سنوات طويلة، وما تزال مستمرة.
في قصة فواتير الكهرباء، التي تنزلت على الناس، مع بركات الغاز المنهوب إسرائيليا من فلسطين المحتلة، لم يصدق أحد التفسيرات الرسمية، إذ كيف سيصدقون هذه التفسيرات، وبعض الأردنيين من المغتربين الذين لا يتواجدون في بيوتهم، ارتفعت فواتير الكهرباء التي تخصهم، فكيف ارتفعت، ومن رفعها في هذه الحالة، إلا إذا كان الجن والشياطين في تلك البيوت، يسرفون في استخدام الكهرباء في غياب أصحاب البيوت ؟.
تفسير ارتفاع الفواتير بزيادة الاستخدام لا يصدقها أحد، لان الكل يعرف متوسط فواتير الكهرباء لديه، وبإمكان أي شخص أن يعود إلى فواتير نهاية العام 2018، وبداية العام 2019 ليقارن فواتير الشتاء بين عامين، وبحيث يتضح أن هناك شيئا ما، تخفيه الجهات الرسمية في كل قصة الكهرباء، ولو افترضنا أن آلاف الأردنيين غير صادقين في شكواهم، فماذا نقول عن غيرهم من بقية المواطنين الذين يؤكدون ذات المشكلة.
الكهرباء في الأردن، باتت أزمة بحد ذاتها، ولتذهبوا إلى القطاع التجاري وتسألوا أصحاب المحلات التجارية، وسيكون صادما لكثيرين أن محلات كثيرة أغلقت بسبب فاتورة الكهرباء وارتفاع الكلفة، وتضرر صاحب النشاط التجاري، وفي حالات باتت سائدة يقطع أصحاب المحلات التجارية الكهرباء عن محلاتهم ليلا، للتوفير من فاتورة الثلاجات التي تحفظ المواد الغذائية، خصوصا، في فصل الشتاء، حيث يكون الجو باردا.
ملف الكهرباء في الأردن، ملف معقد جدا، من صفقة الغاز مع إسرائيل، وصولا الى ملف العطارات وسعر شراء الكهرباء والخسائر المالية التي سوف تدفعها الخزينة سنويا، بعد التورط في اتفاقية لسنوات طويلة، دون أن يقوم أي طرف بنشر تفاصيل اتفاقية العطارات، وما فيها من شروط، إضافة إلى ملف الطاقة الشمسية، وبقية الملفات الفرعية في كل هذا الملف، الذي تتخبط الحكومات فيه، حكومة وراء حكومة، وتتهرب من مسؤوليتها.
في قصة الكهرباء، يواصلون تحصيل فرق سعر الوقود، دون أي تفسير منطقي، سوى التحصيل المالي، وفوق هذا يخرجون عليك بالصوت العالي، بسبب مديونية الكهرباء في الأردن التي باتت بالمليارات، فوق تذكيرك ان الكهرباء ما تزال مدعومة.
البعض يقول لك إن الخزينة تريد تمويل زيادة الموظفين عبر هذه الطريقة، وبهذا المعنى يدفع الموظف زيادته من جيبه، والبعض يقول لك إن هناك لعبة في برمجة طريقة قراءة العدادات بذريعة زيادة الاستهلاك والشتاء وحاجة الناس الى التدفئة وتسخين المياه، وآخرون يقولون لك إن أي زيادة طفيفة على الاستهلاك تدفع الفاتورة من شريحة إلى شريحة أعلى، فترتفع قيمتها الاجمالية، ويأتيك أخيرا من يقول لك إن كل سرقات الكهرباء في الأردن وقيمتها المالية يتم توزيعها على كل المشتركين، من اجل استردادها، وهكذا يطالبون وبشكل غير قانوني، الذين لا يسرقون، بدفع قيمة كهرباء الذين يسرقون.
ارتاحت الحكومات حقا، فلماذا تطاردك وتأخذ مالك، وهناك طريقة أسهل، عداد الكهرباء في كل بيت ومحل تجاري، وتنك البنزين في كل سيارة، وكلاهما يجمعان المال، والضرائب دون ان يستطيع احد ايقافهما، وكلما رأيت سيارة في عمان أو إربد أو الكرك تسير مترا واحدا، عليك ان تعرف ان صاحبها يدفع مالا إضافيا للخزينة، وكلما اضأت غرفة، عليك ان تعرف انك تدفع مالا يتجاوز قيمة ما تستهلكه فعليا، مع الضرائب والرسوم، وغيرها ؟.
بدأ العام الجديد بهذه الضربات على رؤوس الناس، والله يعلم وحده فقط، كيف سينتهي هذا العام، بعد أن صعق مطلعه أغلب الأردنيين، دون وجه حق.