وفد أردني الى سوريا لمعالجة أحد الملفات المائية العالقة

وفد أردني الى سوريا لمعالجة أحد الملفات المائية العالقة
الرابط المختصر

رغم تصنيف الأردن من بين أفقر عشر دول في العالم من حيث مصادر المياه، إلا أن الملف السياسي المائي المترنح مع دول الجوار ساهم بشكل واضح في هذا التصنيف.

ليبقى الأردن يعتمد على مياه الأمطار والمياه الجوفية لتزويد سكانه بالمياه في ظل تجاوز الجوار للاتفاقيات الموقعة مع الأردن، وضعف في الدبلوماسية الأردنية لتحصيل هذه الحقوق المائية، بحسب العديد من وزراء المياه السابقين.
وفي إطار هذا الصيف الجاف، كما كان دائماً، والمحاولات المتكررة من صيف لصيف لحل الملفات الأردنية المائية العالقة مع دول الجوار؛ يغادر وفد أردني رفيع المستوى، بحسب مصدر موثوق، إلى سوريا لبحث "الإخلال" في اتفاقية (87) ببناء السدود التي تحجز مياه اليرموك وتقلص تدفقه إلى الأردن، والمطالبة بحصتنا الحقيقية من المياه في نهر اليرموك.

وزير المياه السابق محمد ظافر العالم بين أن مواد الاتفاقيات التي أبرمت مع الجانبين السوري و الإسرائيلي لم تكن واضحة مشيراً إلى السعي الحثيث للمسئولين الأردنيين، في هذه الآونة، لإعادة النظر بهذه الاتفاقيات؛ كون الأردن تضرر بشكل واضح من هذه الاتفاقيات نتيجة للعوامل الجغرافية والمناخ المتغير بشكل مستمر "الاتفاقية مع سوريا مطبقة، ولكن شح المياه هو العامل الرئيسي الذي أثر على آلية التطبيق، كما أن السوريين أنفسهم يعانون من شح المياه".
 
وأضاف ظافر العالم بأن على الأردن تكثيف الجهود الدبلوماسية في هذا الملف، إضافة لضرورة الدعم السياسي من الحكومة الأردنية كون هذا الملف يعد "ملفاً مائياً سياسياً بامتياز".
 
أما الموقف الأردني الرسمي، في تموز عام 2006، فقد عبر عنه رئيس الوزراء معروف البخيت قائلا :" إذا عدنا الى اتفاقيات الخمسينات، فقد كان هناك تجاوز سوري ورضينا بالأمر الواقع واستسلمنا ووقعنا اتفاقية عام 1987 تقر لهم بتجاوزاتهم، لكن حدث هناك تجاوز على هذه الاتفاقية، فقد كانت السدود المسموح بها للسوريين 27 سدا لكن الآن لديهم نحو 40 سدا إضافة للحفر الجائر للآبار والذي لم تقره الاتفاقية".
 
الملحق الثاني من معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في عام 1994، خُصص لتوزيع مياه نهر الأردن وحوض اليرموك بين الجانبين. كما تلزم الاتفاقية الجانب الإسرائيلي بتزويد الأردن بنحو 10 ملايين متر مكعب من المياه التي تمت تحليتها. لكن الأردن إلى الآن لم يحصل على مياه عذبة من بحيرة طبريا وذلك لعدم إتمام إسرائيل بناء محطة تحلية في المنطقة.


وفصل وزير الخارجية السابق كامل أبو جابر، احد مفاوضي وادي عربة، بين الاتفاقيتين السورية والإسرائيلية موضحاً أن سوريا ملتزمة في الاتفاق لكن شح المياه التي تتعرض له، إضافة للتوتر السياسي المحيط بالمنطقة هو ما يجعلها ممتنعة عن تقديم يد العون للأردن، أما إسرائيل "فقد أخذت كل المياه عنوة عن الجميع، بتحويل مياه نهر الأردن إلى النقب".
وخالفه الرأي الخبير المائي د. الياس سلامة الذي أكد أن إسرائيل ملتزمة بشكل كامل باتفاقية وادي عربة، بل وتساعد الأردن أحياناً بضخ المزيد من المياه خارج الاتفاقية؛ وبالنسبة لسوريا، فالموضوع يخضع لمعايير حسن الجوار "الأردن لم يحصل على حصته العادلة من مياه نهر اليرموك، وقضية المياه يجب أن تخضع لمعادلات حسن الجوار من قبل سوريا علماً أنها دولة غنية بالمياه".  
ولحل هذا الملف العالق مع سوريا، يؤكد سلامة أن المعالجة الدبلوماسية يجب أن تكون على أعلى المستويات بين الأردن وسوريا.
يقول الكاتب والصحفي باتر وردم أن لإسرائيل عامل رئيسي في تقويض الأمن المائي لأنها أيضا تستخدم مياه نهر اليرموك في منشآت تربية الأسماك وبعض المشاريع التنموية بما يتنافى مع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية وهذا ما يأتي في صالح الطرف السوري "الذي يحول الموضوع إلى خلاف أردني إسرائيلي في كل مرة يطالب فيها الأردن بتعديل الوضع الحالي حيث تطالب سوريا الأردن بأن يمارس الضغط على إسرائيل وليس على سوريا". 
 
هذا وتقع مصادر المياه الرئيسية للأردن في أحواض مائية حدودية يتشارك فيها مع سورية (في حوض نهر اليرموك) شمالا، ومع إسرائيل (في وادي الأردن) غربا، ومع السعودية (في حوض الديسي الجوفي) جنوبا.
وبالكاد يستطيع الأردن توفير 850 مليون متر مكعب من أصل بليون متر من احتياجاته السنوية، التي تتزايد بفعل الحركة السكانية والهجرات.
 
الاتفاقيات:
الأردن وسوريا
وقعت الأردن على عدد من الاتفاقيات مع دول الجوار التي تقع فيها مصادر المياه التي يمكن للأردن من خلالها الحد من وطأة النقص في مصادر المياه. ففي 3/9/1987 وقع في عمان كل من زيد الرفاعي، رئيس الوزراء، مع نظيره السوري عبد الرؤوف الكسم اتفاقية استغلال مياه حوض اليرموك بين الأردن وسورية.
من أبرز بنود هذه الاتفاقية أن يتكفل الأردن بإنشاء سد الوحدة لتخزين المياه المارة في نهر اليرموك بعد تأمين المياه لإملاء خزانات السدود السورية المقامة في تلك المنطقة، على أن يكون لسورية حق الحفاظ على كامل هذا المخزون من المياه. وأرفق بالاتفاقية جدول أشار إلى أن عدد السدود السورية في الحوض بلغ آنذاك 25 سدا بطاقة تخزينية تتعدى 155 مليون متر مكعب. كما نصت الاتفاقية على أن تحتفظ سورية بحق التصرف بمياه جميع الينابيع التي تتفجر في أراضيها في حوض اليرموك وروافده، باستثناء تلك التي تتفجر ما قبل السد تحت منسوب 250م. ونصت الاتفاقية أيضا على أن يتكفل الأردن بتكاليف الإنشاء والنفقات المترتبة على تعويض الاستملاكات كافة، في الجانبين الأردني والسوري.

الأردن وإسرائيل
خصص الملحق الثاني من معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في تشرين الأول أكتوبر 1994، لتوزيع مياه نهر الأردن وحوض اليرموك بين الجانبين.
المادة الأولى من المعاهدة تنص على أن لإسرائيل أن تضخ 12 مليون متر مكعب من مياه اليرموك في فترة الصيف الممتدة من 15 أيار حتى 15 تشرين الأول من كل عام، على أن يحصل الأردن على باقي التدفق. كما أن لإسرائيل أن تضخ 13 مليون متر مكعب في فترة الشتاء الممتدة من 16 تشرين الأول حتى 14 أيار من كل عام، ويحصل الأردن على باقي التدفق. وفي الاتفاقية أيضا أنه يحق للأردن أن يقوم شتاء بتخزين 20 مليون متر مكعب من مياه فيضان نهر الأردن في طبريا على أن يستردها صيفا. يضاف إلى هذا بند يلزم إسرائيل بأن تزود الأردن بنحو 10 ملايين متر مكعب من المياه التي تمت تحليتها. لكن الأردن إلى الآن لم يحصل على مياه عذبة من بحيرة طبريا وذلك لعدم إتمام إسرائيل بناء محطة تحلية في المنطقة.
ربما كان من أكثر بنود الاتفاقية جدلا ما جاء في فقرة أخرى هي الفقرة الثالثة المتعلقة بالمياه الإضافية، إذ نصت على أن «يتعاون الأردن وإسرائيل في إيجاد مصادر لتزويد الأردن بكميات إضافية مقدارها 50 مليون متر مكعب سنويا من المياه الصالحة للشرب.»
ويصبح مجموع ما يحصل منه الأردن من بحيرة طبريا فقط بموجب هذه الاتفاقية هو 55 مليون متر مكعب موزعة كالتالي- بحسب مصادر في سلطة وادي الأردن: 25 مليون م3 يتم التزود بها صيفا وشتاء، 10 ملايين م3 من المياه المحلاّة يتم التزود بها شتاء، 20 مليون م3 (من مخزون الأردن في طبريا) يتم التزود بها شتاء. إلا أن الأردن عجز في العامين الأخيرين عن تخزين المياه في طبريا. العام الماضي خزن الأردن 1.5 مليون متر مكعب فقط ما سيضطره إلى «اقتراض» الماء من إسرائيل. في العام 2006 أعلن وزير المياه آنذاك ظافر العالم أن إسرائيل أعطت الأردن «قرضا مائيا» مقداره 8 ملايين متر مكعب. العالم يضيف أن الأردن سدد هذا «القرض» في العالم التالي.

الأردن والسعودية
يشترك الأردن مع السعودية في حوض الديسي الذي يقع ثلثه في الأردن وثلثاه الآخران في السعودية. الديسي هو حوض من المياه الجوفية العذبة يتوقع أن يوفر مياه الشرب للأردن لفترة زمنية تصل 100 عام قبل أن يستنفد. مذكرة التفاهم التي بدأ العمل عليها في 2007 استكملت في العام الجاري 2008. وتحدد المذكرة كميات المياه المسحوبة من الآبار على الجانبين إضافة إلى عدد الآبار المنوى تشغيلها. يأتي هذا في ظل استغلال السعودية للحوض عبر قيامها سنويا بسحب حوالي بليون متر مكعب من مياه الحوض. بإنجاز مشروع جر مياه الديسي إلى عمان، سيكون بمقدور العاصمة أن تنعم بـنحو 100 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب لعشرات السنين.