ورقة موقف توصي تسهيل وصول خدمات الرفاه النفسي والتعلم الاجتماعي/العاطفي للأطفال
أوصت ورقة موقف بالعمل على تسهيل الوصول لخدمات الرفاه النفسي والاجتماعي والتعلم الاجتماعي/العاطفي للأطفال الذين واجهوا انتهاكات في بيئة العمل مثل الأطفال المتسولين والأطفال العاملين في القطاعات الخطرة، والعمل على توسيع برامج الحماية الاجتماعية لتشمل الجميع، لا سيما المهاجرين واللاجئين.
وقالت الورقة التي أعدتها جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بعنوان "تأثير فيروس كورونا على التعليم وعمل الأطفال في الأردن"، في إطار برنامج التخفيف والحد من أشكال عمل الأطفال في القطاعات الخطرة في الأردن، أن لفيروس كورونا أثر كبير على التعليم والتحاق الأطفال بالعمل، حيث تسبب انتشاره في إنهاء خدمات العديد من المعيلين خاصة في الأسر الأقل حظا، إضافة النقلة المفاجئة من التعلم الوجاهي للتعلم الإلكتروني، والمشكلات التي واجهت الأطفال خلال التعلم الإلكتروني، وعدم فعاليته، مما أدى إلى زيادة أعداد الأطفال العاملين في القطاعات غير الرسمية لا سيما الخطرة منها.
واعتمدت ورقة الموقف في منهجيتها على مخرجات جلسات رفع الوعي الوجاهية، وحلقات النقاش المركزة، عدا عن توظيف المكالمات الهاتفية والجلسات الافتراضية لرفع الوعي حتى خلال فترة حظر التجول الشامل والجزئي بداية الجائحة وما بعدها، التي نفذها فريق تمكين في مناطق مختلفة في أقاليم وسط وشمال وجنوب الأردن، وكان العمل ضمن الفترة الواقعة بين آذار 2020 إلى شباط 2021، وساهمت البيانات الميدانية في تسليط الضوء على أثر فيروس كورونا على الأطفال وعائلاتهم، إضافة إلى تجاربهم مع التعليم الإلكتروني، وأثر ذلك على زيادة حالات عمل الأطفال في الأردن.
وجاء في ورقة الموقف أن الأسباب التي جعلت التعليم الإلكتروني غير فعال من وجهة نظر الأطفال وأهلهم، تمثلت بعدم قدرة الجميع على الوصول للإنترنت والأجهزة الإلكترونية الحديثة، والافتقار للتفاعل المباشر في الغرفة الصفية بين الطلاب والمعلمين مقارنة مع التعليم الوجاهي، كما أن الازدحام في البيئة المنزلية يشكّل عائقًا آخرًا أمام فاعلية التعليم الإلكتروني، ويعزى هذا إلى أن غالبية العائلات لديها عدد كبير من الأبناء ويقطنون في منازل مساحتها صغيرة، الأمر الذي انعكس سلبًا على قدرة الطلاب على التركيز، ومن جهة أخرى تزداد أعباء الوالدين لحث أبنائهم على الدراسة والقيام بالواجبات المدرسية كما تُطلَب؛ وهذا ما يحثهم للبحث عن بدائل أخرى تعود بالفائدة على مستقبل أبنائهم -من وجهة نظرهم- وهنا غالبًا ما يكون البديل في إرسال الأطفال إلى سوق العمل، مما ساهم في فقد الطلاب الشعور بأهمية التعليم عن بعد واعتباره نظام غير فعال.
وربطت الورقة كذلك بين انتشار فيروس كورونا وما نتج عنه من تداعيات على الظروف الاقتصادية للعائلات الأشد فقرًا، وإنهاء خدمات عدد من العاملين بسبب فرض حظر التجول الشامل والجزئي وما تبعهما من قرارات، وميل أصحاب العمل لتشغيل الأطفال لإنخفاض أجورهم، وعدم توفر فرص عمل للبالغين، علاوة على ذلك فإن النظام التعليمي الحالي يتسم بالمرونة ويتيح للأطفال فرصًا لقضاء أوقات فراغ طويلة في المنزل خصوصًا بعد قرارات إغلاق أماكن اللعب والأماكن الترفيهية، وانتشار فكرة تتلخص بعدم أهمية التعليم بين الأطفال، أو القدرة على الموائمة بين العمل والتعلم عن بعد ما أدى بدوره لارتفاع أعداد الأطفال العاملين، الأمر الذي يعرض الأطفال للانتهاكات وإصابات العمل خصوصًا الأطفال العاملين في الشارع، والأطفال المتسولين، والأطفال العاملين في القطاعات الخطرة ذلك أن الأطفال يفتقرون لأي نوع من أنواع الحماية الاجتماعية.
وأشارت الورقة أن هنالك العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الأردن في محاولاتها لتوفير الخدمات للأعداد الهائلة من اللاجئين المقيمين على أراضيها الذي منهم من يعيش تحت خط الكفاف، ويجاهد سوق العمل لتوفير فرص تتلاءم مع أعداد السكان المتزايدة، فتسبب انتشار فيروس كورونا بتسليط الضوء على الافتقار لمظلة حماية اجتماعية شاملة مما حفز الجهات المعنية لإصدار برامج لتشمل أعداد أكبر من السكان، ولتحد من عدم المساواة المتزايد، إلا أن هذه البرامج المٌقدمة على سبيل المثال لا الحصر من صندوق المعونة الوطنية للأردنيين، والمساعدات المقدمة من الأمم المتحدة مثل الطعام والدعم المالي لم يكونا كافيين لتغطية جميع الأفراد المحتاجين واحتياجاتهم.
لذلك لجأت العديد من العائلات لتشغيل الأطفال والعمل في القطاع غير الرسمي من أجل إعالة أسرهم، ووفقًا للبيانات التي جرى جمعها وملاحظتها هنالك فئتان من الأطفال العاملين وفقاً لورقة الموقف، الفئة الأولى الأطفال الذين عملوا في ساعات ما بعد المدرسة وفي عطلة نهاية الأسبوع قبل انتشار الوباء، والذين يعملون الآن طوال اليوم بسبب عدم متابعة الدروس عبر الإنترنت، حيث كانت هذه المجموعة من الأطفال توازن بين العمل والدراسة حتى قبل انتشار الوباء، لكنهم تحولوا إلى العمل بدوام كامل في الصباح ودراسة الحد الأدنى من متطلبات المنهاج الدراسي أثناء الليل، وفي الوقت ذاته هنالك بعض الأطفال لم يدرسوا على الإطلاق، واعتبر الأطفال من هذه الفئة التعلم عن بعد شكلًا من أشكال الإجازة، والفئة الثانية الأطفال الذين لم يعملوا قط قبل انتشار الوباء، والذين تحولوا الآن إلى العمل وسيلة لملء وقتهم وليكون العمل عذرًا لمغادرة المنزل، فهم أولئك الذين عانت أسرهم من فقر شديد نتيجة الأزمة الاقتصادية، بالتالي تخلّوا عن حق الطفل في التعليم من أجل تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا.
وأشارت ورقة الموقف أنه خلال جمع البيانات جرى ملاحظة حدوث تغيير معين في وجهات نظر الأطفال فيما يتعلق بعمل الأطفال؛ فقبل انتشار وباء كورونا، شعر بعض الأطفال بالخجل من حاجتهم للعمل، أو على الأقل كانوا يتابعون أداءهم المدرسي جنبًا إلى جنب مع العمل؛ أما الآن فالتغيير الحاصل أن يشعر نفس الأطفال بالفخر والإنجاز في كونهم يساعدون أسرهم التي تواجه الحاجة والفقر، ولعب دور المعيل الأساسي، لا سيما بالنظر إلى أن والديهم غير مؤهلين قانونًا للعمل إن كانوا مهاجرين أو لاجئين.
يجدر الإشارة أن جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان تُنَفِّذ برنامجًا حول مكافحة عمل الأطفال والتسول بعنوان "التخفيف والحد من أشكال عمل الطفل في القطاعات الخطرة في الأردن في مناطق وسط وشمال وجنوب المملكة"، ويهدف البرنامج إلى تعزيز القدرات المحلية نحو تحقيق بيئة تتسم بالوقاية والحماية من عمل الأطفال؛ حيث جرى تطوير فكرة البرنامج حول مبدئي الحماية وتعزيز سبل العيش بالشراكة مع جمعيتي حماية الأسرة والطفولة في إربد وجمعية الملكة زين الشرف.
وعليه يُنَفَّذ البرنامج ضمن أنشطة متعلقة بالحماية مثل خدمات الدعم القانوني وتطوير القدرات المعرفية والمؤسسية للجهات الحكومية العاملة على مكافحة عمل الأطفال والتسول وهي وزارة العمل، ووزارة التنمية الاجتماعية ممثلة بمراكز رعاية وتأهيل المتسولين، إِضَافَة إلى استهداف المعنيين في كلا من وزارة العمل والأمن العام في ورشات عمل من شأنها رفع القدرات المعرفية بعمل الطفل والتسول وكيفية حماية الأطفال المعرضين للعمل والتسول وإنفاذ القانون على المشغلين ومستغلي الأطفال في الأعمال الخطرة ومنها التسول، وعلي الصعيد الآخر يُعنَى البرنامج بتقديم خدمات رفع الوعي والحماية للأطفال العاملين وذويهم، ويلقي الضوء على قضيتي العمل والتسول في الإعلام وحملات كسب التأييد التي يأتي في سياقها تحديث الاستراتيجية الوطنية للحد من عمل الطفل وخطة العمل الوطنية المرتبطة بتحديث الاستراتيجية.











































