وثيقة:عباس كان على علم بحرب غزة وطلب تأجيل غولدستون

وثيقة:عباس كان على علم بحرب غزة وطلب تأجيل غولدستون
الرابط المختصر

قالت وثائق سرية حصلت عليها الجزيرة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان على علم بنية إسرائيل مهاجمة غزة قبل العدوان على القطاع الذي استمر 23 يوما قبل سنتين واستشهد فيه نحو 1500 فلسطيني.

كما أشارت الوثائق إلى أن السلطة الفلسطينية عملت على سحب تقرير غولدستون الذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في تلك الحرب.

ففي اجتماع مع المبعوث الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل في الـ21 أكتوبر/ تشرين الأول 2009 يقر رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات بأن رئيس الدائرة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد، "ذهب إلى أبي مازن قبل الهجوم وسأله؟.. وكان رد أبي مازن أنه لن يذهب إلى غزة على ظهر دبابة إسرائيلية".

وترتكز أسباب دعوة إسرائيل محمود عباس إلى مشاركتها حصاد نتائج الحرب المقبلة على ما سمعوه خلال جولاتهم التفاوضية المتعددة من الجانب الفلسطيني حول ضرورة إلحاق الهزيمة السياسية بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ومثال ذلك ما عبر عنه رئيس طاقم المفاوضات في السلطة الفلسطينية أحمد قريع لوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في الـ22 يناير/ كانون الأول 2008 عندما قال "سنهزم حماس لو توصلنا إلى اتفاق وسيكون هذا هو ردنا على دعواهم بأن استعادة أرضنا يمكن أن تتحقق فقط عبر المقاومة".

ونفس الكلام نقلته أيضا قيادة السلطة الفلسطينية إلى الإدارة الأميركية في لقاء جمع رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية سلام فياض مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في الرابع من مارس/آذار 2008.

وفي ذلك الاجتماع يقول فياض "بالنسبة لغزة هناك طرف وحيد منتصر: حماس. إسرائيل لم تربح. نحن خاسرون بالتأكيد في هذا الحدث. حماس تحاول أن تتصدر الأخبار، وأن تخلق الظروف التي أدت إلى الانتفاضة الأخيرة".

ويبدو تحقيق مكاسب في مواجهة حماس أمرا ملحا بالنسبة للسلطة، وهو ما عبر عنه عريقات في لقاء جمعه رفقة سلام فياض مع المستشار السابق للأمن القومي الأميركي، ستيفن هادلي في 29 يوليو 2008 حين قال "نحن نحتاج إلى اتفاق، إنها مسألة حياة أو موت سياسي بالنسبة لنا في علاقتنا بحماس".

وكشفت تلك الوثائق عن أن السلطة استمرت في اتصالاتها مع الإسرائيليين حتى بعد العدوان على القطاع قبل سنتين أو ربما في أثنائه، كما كشفت عن جوانب خفية من تحريض السلطة المستمر على حماس.

ففي اجتماع بتاريخ 21 أكتوبر/تشرين الأول 2009 يقول عريقات لمستشار الأمن القومي الأميركي السابق الجنرال جيم جونز "نحن نلتقي الإسرائيليين دوريا حول الأمن، بغض النظر عن السياسة".

وفي اجتماع مع ميتشل بتاريخ 20 أكتوبر 2009 يقول عريقات "سنحافظ على الاتصالات ولكن مع عاموس جلعاد" "في أي وقت كان". ويضيف عريقات "لن نوقف الاتصال".

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية عديدة قد أفادت بعيد الحرب أن السلطة الفلسطينية تعاونت فيها "بشكل ممتاز".

وذكرت القناة العبرية الثانية في العاشر من مايو /أيار 2009 أن قائد الأركان الإسرائيلي غابي أشكنازي بعث برسالة إلى وزيري الخارجية والقضاء والمستشار القضائي للحكومة كشف فيها عن "تعاون نادر" بين الجيش الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية خلال عدوان "الرصاص المصبوب" على غزة.

وأسفر العدوان على غزة نهاية عام 2008 وبداية 2009 عن استشهاد نحو 1500 شهيد وجرح نحو خمسة آلاف آخرين، إضافة إلى تدمير هائل في المساكن والبنى التحتية للقطاع.

وأماطت الوثائق اللثام عن أنها هي مَن أجل بحث تقرير القاضي ريتشارد غولدستون أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2009. وحسب الوثائق التي اطلعت عليها الجزيرة فإن رغبتها في استئناف المفاوضات مع إسرائيل كانت ضمن الأسباب التي دفعتها إلى ذلك.

ففي اجتماع بتاريخ 21 أكتوبر/تشرين الأول 2009 مع مستشار الأمن القومي الأميركي السابق الجنرال جيم جونز يشكو رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات من أن (سحب) تقرير غولدستون "فتح أبواب الجحيم".

لكن المسؤول الأميركي يخاطب محاوره الفلسطيني بالقول "لقد بلغتنا الرسالة وسنعمل عليها بشكل مستعجل. وشكرا على ما فعلتم منذ أسبوعين (حول غولدستون) لقد كان في غاية الشجاعة".

وفي اجتماعه مع المبعوث الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل في نفس التاريخ (21 أكتوبر/تشرين الأول 2009) يقول عريقات "انظر إلى رد الفعل الإسرائيلي بعد تأجيل غولدستون. كان هناك تعاطف كبير مع عمل السلطة الفلسطينية لأنهم رأوا ما حصل. الرأي العام الإسرائيلي ليس هو (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو".

وحسب ما تكشفه الوثائق فإن طلب السلطة تأجيل بحث التقرير كان بسبب دواعي استئناف المفاوضات مع إسرائيل، وفقا لرؤية واشنطن.

وورد في ورقة أميركية مؤرخة بنفس تاريخ التأجيل (2 أكتوبر/تشرين الأول 2009) قدمها ميتشل للفلسطينيين ما يلي "ستقوم السلطة الفلسطينية بالمساعدة في توفير جو إيجابي يقود إلى المفاوضات، وعلى وجه التحديد فإنها ستمتنع خلال المفاوضات عن متابعة أو دعم أي مبادرة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المحافل القانونية الدولية "بما من شأنه أن يساهم في اهتزاز ذلك الجو".

ورد الفلسطينيون عليها بالقول إنه "إذا كانت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يعتبرون أن هذه الأساليب غير العنيفة غير مساعدة في هذا الوقت (على الرغم من السوابق الناجحة مثل قضية التمييز العنصري في جنوب أفريقيا)، فعليهم أن يضمنوا مسارا سياسيا ذا مصداقية من شأنه أن يوفر للفلسطينيين أسلوبا بديلا لضمان حقوقهم".

ويبرز هذا الرد بجلاء أن السلطة عبرت عن استعدادها التخلي عن تقرير غولدستون شرط إعادة إطلاق المسار التفاوضي مع الإسرائيليين.

وتبدو حساسية الأميركيين مفرطة تجاه طرح مواضيع من ذلك القبيل أمام الهيئات الدولية وخاصة ذات الطابع الحقوقي منها، والمرتبطة بالعدالة الدولية.

ففي حوار ميتشل وعريقات السابق (21 أكتوبر/تشرين الأول) ينصح المبعوث الأميركي محاوره الفلسطيني بأنه "يمكن أن تقوم بتصريحات عامة. المحكمة الجنائية الدولية أمر مختلف".

وتبدو صدمة السلطة الفلسطينية كبيرة إزاء ردود الفعل على تأجيل بحث التقرير، فهذا عريقات يشكو بتاريخ 20 أكتوبر/تشرين الأول 2009 لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور "ليبرمان أعلن قصة الأشرطة (التي قال إن عباس حرض فيها على عدم وقف الهجوم على غزة) وهاجم أبو مازن".

ويضيف "مكتب نتنياهو سرب قصة الوطنية (شركة اتصالات ادُّعي حينها أنها مملوكة لأبناء عباس وأنها أعطيت الترخيص مقابل سحب التقرير) لقد أضر نتنياهو بأبو مازن".

ويضيف "مصر والأردن والسعودية جميعهم أنكروا أي معرفة بغولدستون. رموا المنشفة في وجه أبو مازن، ملقين باللائمة عليه وحده".

وقال له (وزير الخارجية المصري أحمد) أبو الغيط "أنت منته". لامه (وزير الخارجية الأردني حينذاك) ناصر جودة في البرلمان، السعوديون بعثوا رسالة عبر أبو الغيط. سوريا ألغت اللقاء، (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد) مشعل أدلى بالخطاب. أمير قطر حليفكم، يشن حملة شخصية ضد أبو مازن".

وكان التقرير قد اتهم تل أبيب باقتراف جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة، وأثار غضبا واسعا وقلقا في إسرائيل من احتمال بحثه في مجلس الأمن الدولي.

وكشفت الوثائق أن السلطة الفلسطينية حرضت إسرائيل وقوى إقليمية ودولية، بشكل مباشر وغير مباشر، على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ففي اجتماع بتاريخ 11 مارس/ آذار 2008 يخاطب رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية سلام فياض مبعوث الرباعية الدولية رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بالقول "فتح المعابر سيف ذو حدين، إذا تشكل الانطباع بأن حماس نجحت في فتحها فإن ذلك سيفهم منه أن الصواريخ تؤتي أكلها".

ويضيف "طلبت من (وزيرة الخارجية الأميركية السابقة) كوندوليزا رايس أن تضغط على إسرائيل بخصوص ذلك".

وتظهر الوثائق دعوة قيادة السلطة الفلسطينية إسرائيل لتشديد الحصار على قطاع غزة لعل ذلك يؤدي إلى زعزعة سيطرة حماس على القطاع.

وجاءت هذه الدعوة على لسان رئيس طاقم المفاوضات في السلطة الفلسطينية أحمد قريع أثناء اجتماعه في الرابع من فبراير/شباط 2008 مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك تسيبي ليفني، حين يقول "ما الذي بإمكانكم أن تقوموا به حيال معبر فيلادلفيا؟" وحين ترد عليه ليفني "نحن لسنا هناك"، يقول "لقد أعدتم احتلال الضفة الغربية، وبإمكانكم احتلال المعبر إذا أردتم"، وحين تسأله عما إذا كان يوافق على إعادة احتلال غزة، يلوذ بالصمت.

وفي نفس الاجتماع يطمئن قريع محاورته الإسرائيلية بأنه رافق الرئيس محمود عباس إلى القاهرة، "وتقابلنا مع الوزير (مدير المخابرات المصرية) عمر سليمان والرئيس (حسني) مبارك". و"لقد اتضح للمصريين أن فتح الحدود ليس لعبة وأن حماس تهدد الأمن القومي المصري".

وحين تسأل ليفني المسؤول الفلسطيني عما إذا كان فتح حدود القطاع مع مصر "بدا كما لو كان انتصارا لحماس؟" يرد قريع "أجل. بدا وكأنه أنهى الحصار".

وفي لقاء بتاريخ 11 فبراير/شباط 2008 يشتكي رئيس دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير صائب عريقات لرئيس الدائرة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد من أن "حماس كانت ترسل مفجريها الانتحاريين وكنتم تردون بتدمير قدراتنا الأمنية".

أضف تعليقك