أتدرون يا سادة يا كرام كيف تم التحكم بالمواطن الأردني ؟؟ ب ( رغيف الخبز) !!.. نعم ، لقد بدأت الحكاية منذ منتصف السبعينيات ، وتحديداً بعد حرب تشرين (أكتوبر ) 1973، وما تبعها من طفرة اقتصادية في الخليج ، بعد إعلان دول الخليج العربي ( حظر نفطها ) عن دول غربية للضغط على (إسرائيل) ،الأمر الذي أسهم بارتفاع أسعار النفط ، وهذه الطفرة أنعشت السوق الأردني، بزيادة حوالات أبنائها المغتربين ، ورفعت أسعار الأراضي والعقارات في الأردن .
وبعد ان تحركت العجلة الاقتصادية ، شعر المواطن بطعم الراحة والحياة الرغدة ، مما أصاب الحكومات الرعب ، وبعد الاستعانة بخبراء لدراسة نفسية المواطن ، وكيفية السيطرة عليه ، وجدوا أن الاكتفاء الذي يشعر به المواطن الأردني من زراعة القمح ، جعلهم لا يعيرون الأحداث المحلية أي اهتمام ، لذا قررت الحكومة تدمير الزراعة ، وأولها زراعة القمح .
ولتنفيذ مخططاتهم ، أغرقت أمريكا السوق المحلي الأردني بقمحها ، ذي الأسعار المنخفضة والمنافسة للأسعار المحلية، بطريقة لم تعد زراعة القمح ( مجدية ) للمواطن الأردني ، ولضمان القضاء على الزراعة بدأ الأردن بتنفيذ مشروع حوض اليرموك ، الذي يهدف لاستبدال المساحات المزروعة بالقمح بزراعة الزيتون، ولضمان نجاحه قدمت لكل مشترك في المشروع الدعم العيني أو المادي المجاني ، مثل التسهيلات والحوافز في حفر بئر ماء وبناء السلاسل للحفاظ على التربة من الانجراف وكل ذلك بالمجان .
وهذا المشروع جاء امتدادا لسياسة كلوب باشا الملقب ب ( أبو حنيك ) ، الذي قاد الجيش الأردني بين عامي ( 1939 – 1956 ) ، اذ هدف الى تجنيد المواطن الأردني في الجيش ، وتحويل فكرهم من الاكتفاء الذاتي بالاعتماد على الزراعة؛ ليصبحوا موظفين ينتظرون الراتب الذي يستر ولا يشبع ، ولاقت هذه السياسة قبولا واستحسانا لدى المواطنين ، بصورة عزفوا بها عن الزراعة ، وتحولوا من حالة الاكتفاء الى حالة العوز والحاجة.
وبذلك ، تم القضاء على نفسية واصالة المواطن الذي اصبح يعيش على الراتب الذي بالمحصلة لا يكاد يسد الرمق ، ومن يوم ما استبدل المواطن الأردني زراعة القمح بزراعة شجر الزيتون ( الي مش جايب همه ) ، شحدوا رغيف الخبز، وأصبحوا بعد أن كانوا مكتفين وشبعانين خبز ، ينتظرون الفتات والاعطيات والمكرمات والهبات ، "ودايرين وراء دعم الخبز.. "
وهكذا أصبح هم المواطن الأردني الشهم صاحب الهيبة والكرامة والكبرياء التدافع لتقديم (قصقوصة ورق ) لاستجداء مساعدة مالية أو للحصول على مقعد جامعي ، أو طلب وظيفة ، وأصبح أقصى طموحة أخذ صورة بجانب المسؤول !!..
سهير فهد جرادات : كاتبة وصحافية أردنية