هيومن رايتس ووتش: مئات المشردين في الأردن بسبب الروابط الأسرية
قالت "هيومن رايتس ووتش" إن السلطات الأردنية أجبرت حوالي 200 شخص على مغادرة محافظتهم بسبب روابط أسرتهم الممتدة مع شخص متهم بالقتل.
أجلت سلطات الأمن الأردنية أفراد عائلة الشاهين الموسعة بناء على أمر من الحاكم الإداري، وهو مسؤول رفيع المستوى في وزارة الداخلية، بموجب ممارسة محلية تُعرف باسم "الجلوة"، التي حُذفت من القانون الأردني في 1976. بموجب هذه الممارسة، يمكن للسلطات أن تُجلي أفراد أسر القتلة المتهمين من منازلهم مؤقتا لردع الهجمات الانتقامية المحتملة. تواصل السلطات هذه الممارسة وقد سعت في السنوات الأخيرة إلى إعادة إدخال المفهوم إلى قانون.
قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "على السلطات الأردنية أن تمنع الهجمات الانتقامية، لكن إجلاء الأبرياء قسرا عن منازلهم ليس هو السبيل. الممارسات التي تنتهك الحقوق الأساسية ليست من القانون الأردني وعلى المسؤولين المحليين ألا ينفذوها".
من خلال فرض عقوبة جماعية على أشخاص غير مسؤولين عن أي جريمة، تشكل الجلوة عقابا تعسفيا وتخالف دستور الأردن والتزاماته الحقوقية. على السلطات الأردنية، بما في ذلك الشرطة، أن تتوقف فورا عن استخدام وتطبيق الجلوة لإجلاء أفراد الأسرة بالقوة. قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات السماح لأفراد الأسرة المرحّلة بالعودة.
في 12 يوليو/تموز 2019، قتل أحد أفراد عائلة الشاهين رجلا آخر من عائلة أبو الغنم إثر مشاجرة مرورية. قال أفراد عائلة الشاهين لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي الأمن أجلوا بعد ذلك أكثر من 200 من أفراد الأسرة عن محافظة مادبا. تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى عشرة أشخاص تم إجلاؤهم، جميعهم قالوا إنهم على صلة بعيدة بالقاتل المزعوم ولم يعرفوه. قال أفراد الأسرة إن هذه الجلوة قد طُبّقت على أشخاص تربطهم قرابة من الدرجة الخامسة بالشخص الذي يزعم أنه ارتكب الجريمة – أي جميع الأشخاص حتى الجد الخامس.
في سبتمبر/أيلول 2018، نقلت قناة "المملكة" المملوكة للحكومة عن مسؤول أمني قوله إن هناك 36 حالة جلوة حصلت بين 2010 و2012. في 2016، نشرت "جوردان تايمز" تقريرا عن جلوة في محافظة الكرك أجلي بموجبها عشرات الأشخاص. لا يعود الأشخاص النازحون بموجب هذه الممارسة إلى منازلهم إلا بعد الوصول إلى تسوية بين العائلتين. قال أفراد عائلة الشاهين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تعرضوا لجلوة سابقة في 2017 استمرت 20 شهرا.
قال الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم أجبروا على مغادرة محافظة مادبا في الفترة بين 12 و15 يوليو/تموز 2019. يعيش بعضهم في منطقة الفيصلية.
زارت هيومن رايتس ووتش سبعة أشخاص، كانوا يتقاسمون مؤقتا شقة صغيرة مكتظة مع عشرة أفراد آخرين من العائلة في ضواحي عمّان. قال آخر إنه يعيش مؤقتا مع العديد من أفراد الأسرة الممتدة في شقة أخرى. طلب كل الذين قابلناهم عدم الكشف عن هويتهم خوفا من انتقام الحكومة.
قال أحد أفراد الأسرة إن محافظ مادبا أخبره أنه أمر بالإجلاء لحماية عائلة الشاهين من الهجمات الانتقامية. قال أفراد الأسرة إن الشرطة قد تحتجز أفراد الأسرة إداريا إذا حاولوا العودة دون إذن المحافظ. رأى باحث في هيومن رايتس ووتش، كان يقود سيارته عبر الفيصلية في أواخر أغسطس/آب، مدرعة وباص شرطة وسيارتين للشرطة تحرس المنطقة التي تعيش فيها بعض من عائلة الشاهين.
قال أحد أفراد الأسرة: "الأمور صعبة للغاية بالنسبة لنا الآن. ليس لدى الناس المال ولا يمكنهم الذهاب إلى العمل [في مادبا] لكسب المال للعيش".
وصفت امرأة ترحيلها. قالت "طرقوا الباب بقوة قائلين، ’يجب أن تغادري الآن‘. كانت الساعة 8 مساء. وقلت، ‘أين أذهب؟ ليس لدي مكان لأذهب إليه، لكنهم قالوا ’تدبري أمرك، غادري الآن".
قالت امرأة أخرى إن الشرطة أخبرتها: "إذا لم تغادري، فسنستخدم الغاز المسيل للدموع لإجبارك على المغادرة".
قال أحد الرجال: " لا يمكنك أن تتخيل حجم المأساة – ابن عمي مريض بالسرطان والآخر مشلول وطريح الفراش. اضطرت [الشرطة] إلى حمله. كان يتعين أن تذهب ابنتي الآن إلى الصف الأول، لكن لا يمكنني تسجيلها لأنني لا أستطيع الحصول على قبول من مدرستها [في مادبا]، لذلك [الأطفال هنا] سيخسرون هذه السنة الدراسية".
ألغى المشرعون الأردنيون الجلوة رسميا من النظام القانوني في 1976 عندما ألغي "قانون محاكم العشائر". في أغسطس/آب 2016، أقرت اللجنة القانونية الوزارية الأردنية تعديلات على "قانون منع الجرائم" لإضفاء الشرعية على الجلوة، ولكن حصر تطبيقها على الشخص الذي يُزعم أنه ارتكب الجريمة وأطفاله ووالده، على ألا تتجاوز عام واحد ما لم توافق وزارة الداخلية على تمديدها.
لم تُقَر التعديلات المقترحة، لكن في 2019 أعلن وزير الداخلية الأردني أن السلطات ستشكل لجنة خبراء في القانون العشائري والشرعي لوضع "ميثاق شرف وطني" من شأنه أن يحد من تطبيق بعض العادات المحلية، ولا سيما الجلوة.
تنص المادة 9(2) من الدستور الأردني على أنه "لا يجوز أن يحظر على أردني الإقامة في جهة ما أو يمنع من التنقل ولا أن يلزم بالإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة في القانون".
تعتبر الأفعال التي تصل إلى حد العقاب الجماعي تعسفية حكما، وبالتالي تنتهك "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد الدولي)، الذي يعتبر الأردن دولة طرفا فيه. قالت "لجنة حقوق الإنسان الأممية"، الخبراء المستقلون الذين يراجعون امتثال الدولة للعهد الدولي، في التعليق العام على المادة 4 من العهد الدولي، إنه لا يمكن لبلد ما استخدام حالة الطوارئ "كمبرر للتصرف بشكل ينتهك القانون الإنساني أو القواعد القطعية القانون الدولي، على سبيل المثال [...] عن طريق فرض عقوبات جماعية". هذا الحظر سيظل بالتأكيد خارج حالة الطوارئ، كما قالت هيومن رايتس ووتش.
قال بَيج: "بدلا من محاولة الحد من الآثار السلبية للجلوة، على القادة الأردنيين وضع حد لممارسة عمليات الإجلاء القسري وأن يطلبوا من الشرطة حماية الضحايا المحتملين للهجمات الثأرية".