هل يهز المقاطعون من أجل "غزة" اقتصاد شركات كبرى؟
"الي يشتري من المنتج مثل الي يصوب رصاصة ع أخوه والله شو ما نفسي فيها ما بشتريها" تركت أم ضرغام سلة المشتريات، بعد حوار معي حول الدول الداعمة للاحتلال والحرب ضد غزة وموقفها، كانت بكل مرة تمسك بمنتج تقول لي" بالله أقرأي لي صنع وين؟
وقفت أم ضرغام حائرة، فالسوق مغرق بمنتجات الداعمين لعدوان المحتل - كما هو الحال في الدول العربية المجاورة – وهذا ما يستطيع المستهلك قراءته إذ ما تصفح موقع وزارة التجارة الأردنية تبويب احصائيات العلامات التجارية, البدائل لا تعد على أصابع اليد! فلقد ساهمت اتفاقيات التجارة الحرة بتغلغل العلامات التجارية إلى الأسواق العالمية سيما الشرق الأوسط, أفريقيا, وأسيا الوسطى. ولقد وقع الأردن على اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية .
المشهد الكارثي في القطاع أدى لتحرك شعبي، تصدرت دعوات لمقاطعة منتجات أوروبية وأمريكية عبر مواقع التواصل الإجتماعي في الأردن وعدد من الدول العربية، ليظهر وسم #قاطع #حملة_مقاطعة_المنتجات_الأمريكية ، في سبيل وقف الحرب، وما أسفر عنها من إعلان جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الأربعاء عن انهيار الخدمة الصحية وخروج 12 مستشفى عن الخدمة.
لِمَّ تقاطع منتجات بعينها؟
ازدواجية المعايير على لسان رسمي لدول غربية وأمريكية منذ بداية الحرب وما بعد مجزرة مستشفى المعمداني، فبايدن أظهر دعم مطلق سواء بتصريحاته، أو استخدامه حق النقض الفيتو ضد قرارين لوقف إطلاق النار بعد تلك المجزرة، ما صدم الناس، ولذلك حلت ماكدونالدز العلامة التجارية الأمريكية الأشهر بالمرتبة الأولى على قائمة مقاطعة الدول الداعمة، ولم ينس المقاطعون إعلان صريح لفرع ماكدونالز اسرائيل على منصة اكس" تويتر سابقا" دعما لجيش الاحتلال.
على وقع توسع دعوات المقاطعة خرج فرع ماكدونالدز سلطنة عمان بتصريح يؤكد أنها شركة عُمانية 100٪ ، يملكها ويديرها بالكامل رجل أعمال عماني تابع لمطاعم الدود، وردت فروع الشركة في بعض الدول العربية بتعهد جماعي لدعم قطاع غزة بنحو 3 ملايين دولار.
ما يقود لسؤال الخبير والمحلل الاقتصادي مازن ارشيد عن سبب المقاطعة. يقول: "الشركة الأم هي شركة امريكية وتحصل على ايرادات تسمى "فرانشايز" عن كل فرع يفتح في العالم، يعني حتى لو ان الفروع في الأردن ستساهم.." ما قاله ارشيد تضمنه الشركة الأم التقرير السنوي المنشورة للعامة على موقعها الإلكتروني، وبالبحث بلغت الإيرادات الإجمالية لشركة ماكدونالدز نحو 23.18 مليار دولار أمريكي في عام 2022.
بالنسبة لشركة "بيبسي" وهي أكبر شركات المشروبات في أمريكا الشمالية 1965م تنتج PepsiCo والشركا ت التابعة 22 صنفا غذائيا منها" شيبس ليزي. تجده بأيدي الأطفال وعلى أرفف المولات هنا في الأردن.. أما فروعها فتنتشر في 23 دولة تعد المملكة السعودية واحدة من أكبر سلاسل التوريد بالمنطقة العربية. وللشركة الأم علاقة وثيقة في تنمية الزراعة الاسرائيلية وذلك بدعم شركة N-Drip الإسرائيلية الناشئة لتكنولوجيا الري بالتنقيط.
الموقف الألماني المنحاز أيضًا لجانب قوة الاحتلال الاسرائيلي عبرت عنه وزيرة الخارجية آناليناببربوك على X و أثناء سفرها لاسرائيل، ما دعا لمقاطعة منتج "بيرسل" وهو منتج منظفات تابع لشركة هنجل الألمانية المالكة لنحو 164 علامة تجارية مجموعة منظفات منزلية تنتشر في155 سوق استهلاكي منها ٧ دولة عربية منها الأردن.
حققت الشركة نموا في المبيعات بنسبة 5.7% كما ارتفعت الأرباح المعدلة لكل سهم ممتاز إلى 2.13 يورو في النصف الأول من هذا العام. بدأت هنكل عملياتها التجارية في إسرائيل في عام 1996 من خلال الاستحواذ على "شركة سعاد" من شركة شيمن للصناعات.
وبالحديث عن فرنسا. أضافها المقاطعون لموقف رئيسها ماكرون المماثل لموقف أمريكا حققت العلامات التجارية الغذائية الفرنسية في جميع أنحاء العالم أرباحًا بمليارات الدولارات لعام 2022م تقدمت أرباح نستلة بنسبة 20.8%.
الأصوات فردية حتى يومنا!
بمتابعة وسم المقاطعة عبر وسائل التواصل تأكد أنها دعوات فردية في الأردن، وبسؤال عدد من المواطنين عن سبب مشاركته الوسم، أجمعت الردود على "نصرة أخوننا في غزة" كما يظهر في غيمة الكلمات .
يوضح المهندس بادي الرفايعة الرئيس السابق للجنة مقاومة التطبيع والمقاطعة سبب فردية أصوات المقاطعة في هذا الاتجاه بالقول" انشغال الناس بالأحداث ووقفات احتجاجية.." لكنه استدرك وكشف ما هو أعمق بقوله "حقيقة ضعف الأداء وغياب التنظيم منذ حوالي عشر سنوات لخلافات العاملين في العمل السياسي والوطني من يسار وقوميين واسلاميين اثر ما حدث في سوريا ومصر، فبالتالي تلاشى عمل اللجان لحد ما" وأضاف سببا آخر وهو اجتهادات بين الناس بأن هذه الشركات تشغل عمالة أردنية.
يرى الرفايعة. قوة المقاطعة بدوافعها، ففيها بعد تعبوي ونفسي، وإعلامي وسياسي، ورسائل و تأثير اقتصادي يقول "أنا مع دعوات المقاطعة المنظمة، الناس بحاجة لتوعية لفهم الشركات المقصودة.. الآن الهدف واضح وتنظيم المقاطعة واجب " يضيف الرفايعة" الناس بتموت بالسلاح الأمريكي دعمهم للكيان جهارا نهارا لأول مرة".
وعن قاعدة نجاح المقاطعة يقول الخبير الاقتصادي مازن ارشيد "حتى تنجح المقاطعة الاقتصادية فمن الضروري توعية الجمهور بأسباب وأهداف المقاطعة، وتقديم خيارات بديلة، سواء من السوق المحلي او من دول صديقة، يجعل المقاطعة أكثر فعالية" مضيفا قاعدة التنسيق وبناء شراكات مع منظمات عربية ودولية لتوسيع نطاق المقاطعة بالمقام الأول لنجاحها.
العلامة التجارية في جحيم البورصة
أما الأثر برأي ارشيد أنه يلمس بتراجع أرباح الشركات، بالتالي ايرادات الدول الغربية من تحصيل الضرائب. مضيفًا أنه من شأن الضغط الشعبي دفع المستثمرين لسحب استثماراتهم من دولة الاحتلال، واصفا رأس المال بالجبان، وأن أي استثمار اجنبي في العالم يضع الاستقرار الأمني والسياسي من طليعة أولوياته قبل الاندفاع بضخ اموال كبيرة. يقول ارشيد " بلا شك بأن القدرة على إلحاق الضرر بسمعة الشركات تلعب دوراً هاماً في نجاح المقاطعة الاقتصادية.
لم تلحظ تغيرات تذكر على مبيعات الشركات المذكورة أعلاه بحسب مؤشرات البورصة إلا ما نالته ماكدونالز ، فلقد أغلقت أسهم الشركة بسعر 44.6 دولار أي أقل مستوى لها منذ ٢١ يوليو الماضي، حين وصلت قيمة الأسهم ٢٩٩.٣٥ لتنخفض أمس إلى ٢٥٤.٧٥ دولار، بينما هنجل الألمانية وفق بورصة فرانكفورت تراجعا اعتياديا حسب ما هو موضح بالرسم.
قد لا يعني أم ضرغام كل ذلك من شرح وأرقام، فهي تريد فقط قائمة بمواد غذائية بديلة تناسب أطفالها، وتفي بالغرض يسند مبدأها الوطني القومي الإنساني، لكنها لم تجد من يسعفها حتى لحظة مشاركة أحد المتسوقين بحل مراجعتها لقائمة الدليل الوطني على الموقع الالكتروني لحملة " صنع في الأردن" الداعمة للصناعة الوطنية (JEDCO) وبعد أن مضى خطوات التفت وتمنى لها أن لا ترى اسم " شركة تعبئة كوكا كولا الأردنية" على القائمة!