اقامت غرفة تجارة الأردن وبالتعاون مع اتحاد غرف التجارة السورية، السبت بالعاصمة دمشق، فعاليات المنتدى الاقتصادي الأردني السوري تحت شعار "تشاركية لا تنافسية".
ويهدف المنتدى حسب غرفة تجارة الأردن إلى "التركيز على التبادل التجاري ولوجستيات النقل بين البلدين، والتعاون الصناعي والزراعي".
واعتبر رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي المنتدى بمثابة "خطوة مهمة لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين خصوصا في ظل التطورات التي يعيشها الاقتصاد العالمي والتي تسببت بها الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كورونا"
ويناقش المشاركون في المنتدى الذي يحمل عنوان “تشاركية لا تنافسية” آفاق التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والنقل والشحن واللوجستيات، والتعاون الصناعي والزراعي والغذائي بين البلدين، كما يتضمن المنتدى معرضاً للشركات الأردنية، للتعريف بفرص عملها في السوق السورية.
وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري محمد سامر الخليل أن المنتدى فرصة لمناقشة الصعوبات والمعوقات المتعلقة بالنشاط التجاري بين البلدين، بهدف الوصول إلى مستوى التبادل التجاري الذي نطمح إليه، وتطوير التعاون الاقتصادي في مجال الاستثمارات، بما يعزز من العلاقات الاقتصادية بين البلدين بشكل أكبر، لتعود أفضل مما كانت عليه قبل الحرب الإرهابية على سورية.
وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها عمان ودمشق التقارب الاقتصادي عقب الحرب في سوريا، فقد شهدت العاصمة عمان في 2021 لقاءات وزراء سوريين وأردنيين في العاصمة عمان لبحث ملفات اقتصادية بين البلدين إلا أن اللقاءات تعطلت عقب اتهام عمان لدمشق بتواطؤ فرق من الجيش السوري مع مهربي مخدرات.
محللون سياسيون واقتصاديون، تحدثوا لـ"عربي21" عن عوائق سياسية ستكون أمام التبادل التجاري بين سوريا والأردن، زادت منها الحرب الروسية الأوكرانية انطلاقا من الموقف الأمريكي من روسيا وحلفائها في المنطقة وعلى رأسها إيران وسوريا التي تقيد الولايات المتحدة التبادل التجاري معها بما يعرف بـ"قانون قيصر".
ويعتبر الأردن من أقرب حلفاء أمريكا في المنطقة ووقع معها معاهدة دفاع مشترك تتضمن وجود قواعد عسكرية، وتتلقى المملكة مساعدات أمريكا تصل سنويا إلى 1.45 مليار دولار.
المحلل الاستراتيجي وأستاذ العلوم السياسية د.عامر السبايلة يرى أن "هناك توجها رسميا أردنيا بضرورة الانفتاح على سوريا، من خلال تبني مبادرة سياسية لحل الأزمة في سوريا، والسعي إلى تعزيز العمل الاقتصادي المشترك، بصفة أن الأردن المتضرر الأكبر من الأزمة في سوريا بسبب تحديات خلفتها الأزمة مثل موضع تهريب المخدرات، لذا لا بد من إعادة بناء الأطر الطبيعية للاقتصاد مع سوريا المتعلق بالتبادل التجاري وإعادة إحياء قنوات السيولة المالية".
وحول العوائق وهل يتجاوز الأردن قانون "قيصر" يقول لـ"عربي21"، "الأردن يحظى بوجهة نظر مميزة للإدارة الأمريكية لكن لا أعتقد أن هنالك أرضية للحل بشكل كامل، ما زالت هنالك الكثير من العقبات على المستوى الدولي، فسوريا ليست أولوية وتنظر لها الولايات المتحدة من زاوية مواجهة روسيا، وبالتالي من الصعب الحديث أن أي مبادرة نظرية يمكن أن تتحول إلى عملية على المستوى الدولي".
يضيف: "بالنسبة للأردن والتعامل مع الأمر الواقع الحل هو أنه لا بد من التفكير في إحياء النشاط الاقتصادي والتجاري بين البلدين؛ بهدف أن تكون التجارة الشرعية فرصة تحل مكان قضية تهريب المخدرات".
الباحث في مركز عمران للدراسات محمد العبد الله، يقول لـ"عربي21"، "لا يمكن فصل البعد الأمني عن السياسي، إذ يعتبر هذا التقارب الاقتصادي ضمن المبادرة التي تقودها الأردن للتطبيع مع نظام الأسد واستحداث خطوات حتى لو لم يكن لها فاعلية حقيقية، فالتبادل التجاري في هذا الوقت أتوقع أنه صعب جدا بسبب سيطرة الميليشيات على الحدود وتهريب الكبتاغون سيدمر الحدود بعد فتح الحدود للنقالات والتبادل التجاري".
يتابع: "الأردن يحاول إغراء النظام السوري اقتصاديا للقبول بالمبادرة الأردنية، لكن التحديات أكبر من لقاءات بين الطرفين والبرتوكولات دون حل مشكلات الحدود".
قانون "قيصر"
وكانت الإدارة الأمريكية فرضت في حزيران 2020 قيودا على التعامل التجاري مع سوريا تحت عنوان "قانون حماية المدنيين في سوريا" أو ما يعرف بـ"قانون قيصر"، بهدف "حرمان الرئيس السوري بشار الأسد من أي فرصة لتحويل النصر العسكري الذي حققه على الأرض إلى رأسمال سياسي لتكريس وتعزيز فرص بقائه في السلطة إلى أجل غير مسمى".
ورغم قانون "قيصر" ارتفعت قيمة الصادرات الوطنية إلى سوريا خلال الأشهر السبعة الماضية من العام بنسبة 23%، لتصل إلى 40 مليون دينار، مقابل نحو 26 مليون دينار مستوردات.
وحقق الميزان التجاري بين المملكة وسوريا فائضا إيجابيا لمصلحة الأردن وبحجم نمو بلغ 2.123 بالمئة خلال الشهور العشرة الأولى من 2021.
إذ وصل إلى 4.38 ملايين دولار، بارتفاع بلغ ضعف ما كان عليه لذات الفترة من عام 2020 التي بلغ حجم الفائض خلالها 1.18 مليون دينار.
تعزيز تجارة الترانزيت
ويدعو الخبير الاقتصادي، ورئيس اللجنة المشرفة على حملة صنع في الأردن المهندس موسى الساكت، إلى "تعزيز التعاون التجاري مع سوريا بسبب ما تكبدته الأردن من خسائر في الميزان التجاري".
يقول لـ"عربي21"، "يجب التركيز على القيمة التنافسية لكل بلد، كانت تربطنا بسوريا تجارة الترانزيت التي تراجعت كثيرا إلى خمسة أضعاف وألحقت خسائر كبيرة بالاقتصاد الأردني والصناعة التي كانت تصدر إلى سوريا".
يتابع: "لا بد أن تستثمر الأردن علاقاتها المتميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية للضغط عليها والسماح للصناعات الأردنية للوصول إلى سوريا، مع التشديد على ضرورة وجود اتفاقيات لحماية الصناعات المحلية خصوصا أن مدخلات الإنتاج في سوريا رخيصة مثل الأيدي العاملة وفاتورة الطاقة".
وكان منتدى الاستراتيجيات الأردني أوصى بعدم التردد في تفعيل أواصر التعاون على المستويين الرسمي والخاص لإحياء العلاقات التجارية بين الأردن وسوريا.
ودعا المنتدى، في ورقة سياسات بعنوان: التجارة والاستثمار مع سوريا: هل تعود لطبيعتها؟! إلى العمل على تحديد أوجه الاستثمار المشترك على مختلف المستويات التجارية والرسمية، إضافة إلى تفعيل مبدأ التكامل الأفقي والعمودي في تنفيذ بعض الاستثمارات المشتركة.