هل يصل فقراء الأردن إلى حد الفقر الغذائي؟ (صوت)
الفقر الغذائي في المدن يختلف عنه في الريف *دعوات لتفعيل المشاريع الإنتاجية وتعزيز الحدائق * قد يصل الأردن إلى الفقر الغذائي *أولويات المواطن تلعب دورا في الفقر
في الوقت الذي يستطيع الفقير في الريف استثمار حاكورته المجاورة لبيته لزراعتها بالخضار، يخرج الفقير في المدينة خالي الوفاض، لكن غياب المشاريع الإنتاجية الزراعية تجعل من كلا الحالتين لا تختلفان أبدا في فقرهما.
الفقر الغذائي في آخر إحصائيات
وصل خط فقر الغذاء "المدقع" في العاصمة إلى 300 دينار، وفي عموم المملكة إلى 292 دينارا، بينما بلغ خط الفقر لغير الغذاء 403 دنانير في العاصمة، مقارنة مع 388 دينارا في المملكة بشكل عام، استنادا إلى دراسة مؤشرات الفقر الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة مؤخرا.
الدراسة بينت، وفق مدير عام دائرة الإحصاءات العامة الدكتور حيدر فريحات، أن خط فقر الغذاء "المدقع" يبلغ 292 دينارا و388 دينارا خط الفقر لغير الغذاء للفرد في العام. واعتمد المسح على بيانات دخل ونفقات الأسرة لعام 2008 لقياس معدل إنفاق الأسرة على احتياجاتها السنوية من الغذاء وغير الغذاء. وبحسب البيانات ذاتها، بلغ متوسط نفقات الأسرة السنوي 7057 دينارا ومعدل دخلها6166 دينارا.
فريحات، يوضح أن خط فقر الغذاء هو المبلغ الذي يحتاجه الشخص في السنة لكي يأكل ويشرب، بناء على حاجة الفرد من السعرات الحرارية واستهلاكه لها..
السعرات الحرارية!
حساب كلفة السعرة الحرارية الواحدة، وذلك من خلال قسمة مجموع إنفاق الفرد على الغذاء يوميا على كمية السعرات الحرارية المستهلكة من قبل الفرد.
باستخدام كلفة السعرة الحرارية لشريحة السكان الأقل إنفاقا، يتم حساب خط فقر الغذاء لكل أسرة في العينة من خلال ضرب متوسط كمية احتياجات الفرد من السعرات الحرارية المطلوبة حسب وزن جسمه وعمره وجنسه ونشاطه الجسماني اليومي، في متوسط كلفة السعرة الحرارية الواحدة. أما خط فقر الغذاء العام فهو المتوسط الموزون لخطوط فقر جميع أفراد العينة.
ممثل صندوق المعونة الوطنية، محمد أبو جسار، يوضح من جانبه أن الفقر "حالة من الحرمان المادي التي تتمثل مظاهرها في انخفاض مستوى استهلاك الغذاء وتدني الحالة الصحية والمستوى التعليمي والوضع السكني، وأشكال الحرمان الأخرى من السلع الغذائية الأخرى".
الدكتور محمود كفاوين متخصص في قضايا الفقر، يرى من جانبه، بأن الفقر الغذائي متعدد الأوجه، فهناك من يقيسه كدولار واحد في اليوم أو إشباع الحاجات الأساسية من خلال السعرات الحرارية.
شخصيا، يرى كفاوين أنه "ليس في الأردن بعد إشكالية في الفقر الغذائي بمعنى أن هناك أسر غير قادرة على إشباع حاجاتها الأساسية من المواد الأساسية".
لا فقر غذائي في الأردن
"لا يوجد بالمفهوم الواقعي إنسان يموت جوعا فلدينا عدة مؤسسات تتعامل مع الفقراء المحتاجين ومؤسسات مجتمع مدني وهذا الواقع يفترض أنه يواجه ما يمكن تسميته بالفقر الغذائي"، يقول كفاوين.
أما خط الفقر المدقع، فيقول أبو جسار إنه "القيمة النقدية المطلوبة للفرد لكي يحصل على الحد الأدنى من السعرات الحرارية للإبقاء عليه نشيطا وممارسة وظائفه الحيوية وكذلك إجمالي تكلفة سلة السلع المطلوبة له لسد الاحتياجات الاستهلاكية الغذائية للفرد أو الأسرة، ويمثل الحد الأدنى لبقاء الأسرة واستمرارها".
ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، واحدة من التحديات التي تواجه الأسرة، كما ويشير أبو جسار إلى دخول أولويات الناس في الشراء، في قائمة التحديات التي تواجههم في الحفاظ على خط الغذائي المتوسط، "يشتري المدخن علبا سجائر بعشرات الدنانير، بالمقابل لا يؤمن لأسرته احتياجاتها الأساسية من الغذاء".
يتفق كفاوين مع أبو جسار على لعب أولويات الأسر دورا في تحديد نسب الغذاء لديها، ويقول: "طريقة الإنفاق والاستهلاك تلعب دورا، فإذا كان هناك أسعار مرتفعة في أصناف الخضار والمأكولات فبالتالي تستطيع الأسر تدبر أماكن أخرى تكون فيها الأسعار أقل تكلفة".
ويتابع أن هناك مصاريف "ثانوية وكمالية على حساب المصاريف الأساسية، وهذه الأسباب الرئيسة تؤدي إلى حدوث نقص في الاحتياجات الأساسية".
فروقات في الفقر
والفقر الغذائي مختلف إلى حد بعيد عن فقر الحضر وجيوب الفقر المترامية على الأطراف، يوضح أبو جسار إلى أن "الإنسان الفقير في الريف لديه حاكورة في منزله فيها الكثير من مزروعات الخضار والبقوليات، وتلبي له احتياجاته الأساسية من الغذاء وكذلك امتلاكه الثروة الحيوانية، لكن ذلك لا ينطبق على من يقطن في المدينة".
فريد أبو كويك، يقطن وعائلته في مخيم محمد أمين المجاور في منطقة اليرموك، لا يصل راتبه آخر الشهر إلى 170 دينارا، يقول لنا أن كثيرا من الليالي ينام وأطفال الستة وزوجته دون عشاء، ذلك "توفيرا للمال وضمانا لغذاء في اليوم الذي يليه وأيضا لسد إيجار منزلهم البالغ 90 دينارا".
أما السيدة "أم خالد" العفوري، تجاور عائلة فريد، قامت باصطحابنا إلى داخل منزلها، الذي لا يوجد فيه مطبخ، مكتفية تلك العائلة المكونة من أب وأم و12 ولدا، بوضع غاز صغير في ممر بين الغرف، للطبخ فيه "الله يسترها معنا، من الجيد أن يكون لدينا غاز فقط".
مشاريع زراعية
ويسجل أبو جسار جهودا حكومية رامية إلى مساعدة الفقراء، منها على ما يسوق من أمثل، "الجهود حكومية في كسر احتكار غلاء الأسعار المواد الغذائية في العام 2008 من خلال تشكيل شركة لشراء المواد التموينية واللحوم الحمراء، وهذا جزء من العلاج بما يتيح المواد لتكون تحت متناول أيدي غالبية المواطنين".
ويجد في المعونات المقدمة للفقراء شهريا، ما هي إلا مساهمة لتخفيف وطأة الفقر، ويدعو إلى تعزيز مشاريع واقعة مثل مشروع الحاكورة الذي تنفذه وزارة الزراعة منذ سنوات، يستهدف تأسيس بستنة وتربية طيور في منازل الريفيين.
دور أكبر للحدائق منزلية
ثمة دور كبير للجمعيات الريفية في تشجيع المواطنين على زيادة الإنتاج الحيواني والنباتي بشراكة مع الأسر المعوزة، فضلا عن توفير نوافذ تسويقية للمنتجات في المولات والأسواق التجارية.
كفاوين، يبتعد عن دور الجمعيات الريفية، ويجد الحاجة في مشاريع على مستوى الدولة، وتبدأ من دور الأسرة ثم المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، في مشاريع يمكن تسميتها بمشاريع الإنتاج الزراعي.
رقميا، يصل تعدد المنتفعين في الأردن من صندوق المعونة الوطنية ولجان الزكاة والمكرمة الملكية إلى نصف مليون مواطن.
الفقر بقياسات السعرة الحرارية
كما وبينت نتائج دراسة الإحصاءات العامة، أن متوسط احتياجات الفرد من السعرات الحرارية اليومية انخفضت الى2325 سعرة حرارية في عام 2008 مقابل 2340 سعرة حرارية في عام 2006. كما أظهرت النتائج أن متوسط الاستهلاك الفعلي للفرد من السعرات الحرارية اليومية بلغت 2977 في عام2008 مقابل 2772 لعام 2006.
غير أن قياس خط الفقر الغذائي عالميا، يعتمد على مجموعة مراحل، على ما حدده البنك الدولي؛ منها تقدير احتياجات الفرد من السعرات الحرارية اليومية، مع مراعاة تركيبة الجسم الفسيولوجية حسب الجنس ووزن الجسم بالكغم، إضافة إلى مراعاة تفاوت النشاط الجسماني اليومي الذي يقوم فيه الفرد. ويكون ذلك بالاعتماد على بيانات خصائص الأفراد من عينة مسح نفقات الأسرة.
وتقدير السعرات الحرارية المستهلكة فعليا من قبل الأفراد، تتم من خلال تحويل كميات السلع المستهلكة من قبل الأفراد إلى سعرات حرارية، باستخدام معاملات تحويل تم إعدادها مسبقا بالاعتماد على بيانات ومقاييس مصدرها منظمة الأغذية العالمية ، إضافة إلى بيانات من وزارتي الصحة والزراعة.
وحساب كلفة السعرة الحرارية الواحدة، أيضا جزءً من المراحل، وذلك من خلال قسمة مجموع إنفاق الفرد على الغذاء يوميا على كمية السعرات الحرارية المستهلكة من قبل الفرد. باستخدام كلفة السعرة الحرارية لشريحة السكان الأقل إنفاقا، يتم حساب خط فقر الغذاء لكل أسرة في العينة من خلال ضرب متوسط كمية احتياجات الفرد من السعرات الحرارية المطلوبة حسب وزن جسمه وعمره وجنسه ونشاطه الجسماني اليومي، في متوسط كلفة السعرة الحرارية الواحدة. أما خط فقر الغذاء العام فهو المتوسط الموزون لخطوط فقر جميع أفراد العينة.
وتقدر قيمة خط الفقر باستخدام بيانات مسوحات نفقات الأسرة باعتبار أن خط الفقر يساوي إجمالي تكلفة السلع الضرورية لسد الاحتياجات الاستهلاكية للأسرة ، وتحدد تكلفة الاحتياجات الاستهلاكية الأساسية بالنسبة للمواد الغذائية وفقا لحاجة الجسم من السعرات الحرارية .
ويبلغ متوسط احتياجات الفرد اليومية من السعرات الحرارية 3289 سعرة حرارية/اليوم في حين كانت هذه الاحتياجات في عام 2002 حوالي 3209 سعرة حرارية/اليوم. تعود هذه الزيادة إلى الاختلافات الطفيفة في التركيب العمري للسكان خلال السنوات السابقة.
كما ويبلغ متوسط الكلفة لكل 1000 سعرة حرارية 0.379 دينار، في حين كان هذا المقدار 0.327 دينار في عام، أي بزيادة مقدارها 16.2%.
للاستماع للتقرير انقر على أيقونة السماعة بالأعلى:
إستمع الآن