هل يتجه الشباب بعجلون لمشاريع الاقتصاد الأخضر؟
يعتمد نحو 65 بالمئة من سكان محافظة عجلون على الزراعة التقليدية مصدرا للعمل والدخل، إلا أن الشباب أدركوا أن مشاريع الزراعة الحديثة، توفر لهم فرص عمل جيّدة.
وتدخل مشاريع الزراعة الحديثة ضمن أشكال الاقتصاد الأخضر، التي تستغل الموارد المتاحة بشكل أفضل وتحافظ على البيئة من ناحية، وتوفر فرص عمل لائق من ناحية أخرى.
يقول شباب بمحافظة عجلون، في حديثهم إلى "المرصد العمّالي"، إن مشاريع الزراعة الحديثة وفرت لهم فرص عمل جيّدة، إلى جانب المحافظة على البيئة واستغلال أمثل للموارد، وأيضاً تحصل على منتجات ذات جودة عالية خالية من المواد غير العضوية.
استطاع الشاب أحمد الربابعة، من خلال مشروعه الزراعي، أن يوفر فرص عمل مباشرة له ولثلاثة من أصدقائه، وفرص عمل غير مباشرة لسبعة عشر شخصاً من شباب وربات أسر في عجلون.
واختار أن يعمل في قطاع الزراعة؛ لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع نسب البطالة، "فرص العمل قليلة بعجلون وطبيعة المنطقة زراعية، وحصلت على دعم من إحدى المنظمات لتنفيذ مشروع زراعي"، يقول الربابعة لـ"المرصد العمّالي".
فمنذ نحو عامين، بدأ باستصلاح أراضٍ في عجلون، وتحويلها إلى مساحة خضراء، بأقل التكاليف، وباستغلال أقل قدر من المياه في الوقت الذي تعاني الأردن أزمة مائية كبيرة.
ويؤشر ربابعة إلى أن المشروع تلقى دعما بمقدار عشرة آلاف دينار من منظمة أجنبية، وهو قائم حاليا على ثلاثة دونمات، ويأمل الحصول على قطعة أرض أكبر، لتوسعة المشروع وتطبيق الفكرة على مستوى أكبر، وتوفير مزيد من فرص العمل الجيّدة للشباب في عجلون.
الشاب صلاح أبو سيني، أحد العاملين في المشروع مع الربابعة، يقول لـ"المرصد العمّالي"، إن المشروع وفر له فرصة عمل جيّدة، في ظل غياب فرص عمل.
فبعد أن حصل أبو سيني على دبلوم العلوم المالية والمصرفية عام 2016م، بحث عن عمل ولم يجد إلى أن "بدأنا العمل بالمشروع، وكان الهدف تحويل الأراضي إلى مساحة خضراء، للاستفادة قدر الإمكان من الموارد وتوفير مصدر دخل لنا".
ويرى أن العمل بالمشروع لا يتطلب جهداً كبيراً ويحتاج وقتاً أقل لإنجازه مقارنة بالزراعة التقليدية، "لاحظت أن بيئة العمل في الزراعة الحديثة أفضل".
ويوضح أنه ليس هناك ساعات عمل معينة، "نتفقد المزروعات في الفترتين الصباحية والمسائية، ولا نحتاج لري المزروعات؛ فالتقنية المستخدمة تؤدي المهمة لمدة أشهر متواصلة".
أما الشاب زياد المومني، فبعد أن كان لا يعرف شيئاً عن الزراعة، بحث كثيرا وتوصل إلى أنواع الزراعة المائية، "ولفت انتباهي الأكوابونيك، وهو نوع يعتمد على الثروة الحيوانية والزراعية معاً"، يقول لـ"المرصد العمّالي".
وبدأ زياد، وصديقه ليث، تجربة أولية بإنشاء نظام صغير للمشروع، "النظام عبارة عن حوض أسماك وضعته على شباك المنزل ويعتليه حوض أشتال من أصناف مختلفة، الحوضان مترابطان في برابيش تسمح بمرور المياه إلى الأشتال".
ويبين لـ"المرصد العمّالي" أنه عندما رأى أن المشروع قد نجح، توسعت فيه، وأصبح ينتج آلاف الكيلوات شهرياً من المنتجات عالية الجودة".
ويؤكد أن هذه الزراعة تنجح في الأماكن الصغيرة والمغلقة، "داخل المنازل في المدن، أو على الشرفات والأسطح، ويتيح إنتاج زراعات عضوية على مدار العام".
ويؤشر إلى أن المشروع يقلل 90 بالمئة من المياه المستخدمة للري، ولا يستخدم المبيدات والأسمدة الكيميائية؛ ففضلات الأسماك بديل أفضل للمزروعات وللبيئة، "وتقلل إصابات العمل الناتجة عن استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية، ما يدعو تطبيق الفكرة على مشاريع كبيرة لتحسين بيئة العمل لعمّال الزراعة".
واستعاد زياد الكلف التشغيلية التي جاوزت عشرة آلاف دينار خلال 18 شهرا، "الزراعة باستخدام الأكوابونيك تصنف عالمياً من أسرع الأعمال التي تعوض كلف التشغيل".
ويشجع المومني الشباب لإقامة مثل هذه المشاريع، "يمكن للشاب بدء المشروع من المنزل ويوفر لجيرانه منتجات عضوية بجودة عالية ويغطي احتياجاته المعيشية".
من جانبه، يقول حسين الخالدي، مدير مديرية زراعة محافظة عجلون، إن 65 في المئة من أبناء عجلون يعملون في الزراعة، لكن "القليل يذهبون إلى مشاريع الزراعة الحديثة".
ويؤشر إلى أن بعض الزراعات الحديثة، تقلل من إصابات العمل من خلال استخدام مواد وأسمدة عضوية بديلة عن الكيميائية، "المواد والأسمدة العضوية أقل ضرراً على العمّال، ولا تشكل خطرا على البيئة".
ويعتقد أن أهم التحديات التي قد تواجه مشاريع الزراعات الحديثة في عجلون أن أصحاب المشاريع والعاملين بحاجة لإرشاد دائم ومتابعة، والمشاريع تحتاج لدعم مادي لإقامتها، "كلف المواد والأدوات المستخدمة في الزراعات الحديثة عالية".
ويقول رئيس فرع نقابة المهندسين الزراعيين في محافظة عجلون حسن الصمادي إن عدد مشاريع الزراعة الحديثة بعجلون خمسة مشاريع يعمل فيها نحو 20 مهندساً زراعيا، "وقد يكون هناك مشاريع أخرى لم يعلن عنها أصحابها".
ويرى أن مشاريع الزراعة الحديثة أفضل من التقليدية، لجهة بيئة العمل والمنافسة في الأسواق والدخل المكتسب.
ويأمل الصمادي أن تتبنى الحكومات مشاريع زراعية تتميز بالريادة والابتكار، والتعاون مع القطاع الخاص، وعقد تدريبات للمهندسين الزراعيين وبخاصة حديثي التخرج، وتأهيلهم لإقامة مشاريع زراعية حديثة.
وعلى ضوء ذلك، يؤكد الخالدي لـ"المرصد العمّالي"، أن المديرية في صدد عقد دورات تدريبية متخصصة للمهندسين الزراعيين، تهدف لإرشاد أبناء المجتمع المحلي وإتباع أساليب الزراعة الحديثة، واستغلال الموارد المتاحة قدر الإمكان.
ويرى الخالدي، وفي ظل الخطة الوطنية للزراعة المستدامة التي تسعى وزارة الزراعة لتنفيذها خلال الثلاثة سنوات القادمة، أن تُخصص الوزارة مبلغا لدعم المشاريع الزراعية في عجلون، بما فيها مشاريع الزراعة الحديثة.
ووفق وزارة البيئة الأردنية، فإن الاقتصاد الأخضر ، يعرف بأنه اقتصاد مستدام يحافظ على البيئة وعناصرها المختلفة ويضمن العدالة الاجتماعية ويحد من الفقر والبطالة. ويعتبر قطاع الزراعة أحد القطاعات التي تسعى وزارة البيئة فيه إلى تطبيق مفهوم الاقتصاد الأخضر.
ويؤكد تقرير صادر عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في تشرين الثاني الماضي، أن مشاريع الاقتصاد الأخضر تمكّن من استحداث آلاف فرص العمل اللائق التي تساهم بتخفيض نسبة البطالة بين الشباب من مختلف الأعمار ونوعهم الاجتماعي.
التقرير الذي جاء بعنوان "الاقتصاد الأخضر يوفر آلاف فرص العمل اللائق"، يؤكد أن الاقتصاد الأخضر يستطيع توفير 24 مليون فرصة عمل في العالم بحلول العام 2034، في حين قد نخسر 6 ملايين فرصة عمل تقليدية.