هل هجوم "مجدل شمس" نقطة تحول في قواعد الاشتباك أم محطة يمكن تجاوزها؟
ماذا حدث؟
أسفر هجوم صاروخي في 27 يوليو 2024 على ملعب كرة قدم في بلدة "مجدل شمس" في الجزء الخاضع لسيطرة إسرائيل من مرتفعات الجولان المحتل عن مقتل 12 شخص تتراوح أعمارهم بين (10-20) عاماً، وإصابة 34 آخرين، ما دفع الساحة الدولية للتحذير من خطر اندلاع حرب شاملة بعدما اتهم الجيش الإسرائيلي "حزب الله" بتنفيذ الهجوم، فيما سارع الحزب بنفي مسؤوليته عن ذلك.
نظرة عن كثب:
تُحاط حيثيات الهجوم بالضبابية، لا سيما مع تعدد الروايات حول الحادثة، إذ ينفي "حزب الله" مسؤوليته عنه، خاصة وأنه استهدف بلدة عربية، فيما يؤكد الجيش الإسرائيلي أن الصاروخ المستخدم في الهجوم إيراني الصنع، وهو من فئة (فلك-1)، الذي يحمل رأساً حربياً يحتوي على قرابة 50 كيلوغرام من المتفجرات، واستبعد الجيش في تحقيقه الأولي أن يكون التفجير ناتج عن صاروخ اعتراضي أطلقته القبة الحديدية، نظراً لعدم "إطلاق أي صواريخ اعتراض بسبب التضاريس المعقدة".
في الواقع، لا تُغير احتمالات أن يكون الهجوم قد تم تنفيذه بشكل مقصود أو يندرج ضمن الحسابات الخاطئة، من إمكانية اعتباره "لحظة فارقة" في سياق التصعيد المتواصل بين "حزب الله" وإسرائيل، حيث يتجاوز الهجوم بما خلفه من قتلى وجرحى، وموقع وطبيعة الاستهداف نمط "التصعيد المنضبط" الذي حكم المواجهات بين الطرفين منذ اندلاعها في 8 أكتوبر 2023. وهو ما يُنذر بتغير واسع في قواعد الاشتباك بينهما.
نقطة انعطاف!
زاد الهجوم من التحذيرات الدولية بشأن الانجرار نحو مواجهة مباشرة وكثيفة بين "حزب الله" وإسرائيل، وهي المواجهة التي ظلًت احتمالات تصاعدها قائمة بالنظر إلى النمط التصاعدي للضربات المتبادلة بينهما، وتسارع وتيرة المواجهات كماً ونوعاً. وفي ضوء ذلك فإنّ نسبة وقوع أي من الطرفين في "حسابات خاطئة" أو تصعيد غير منضبط تبقى مرتفعة، ويبدو أن ذلك ما حدث في هجوم "مجدل شمس".
إن نقطة الانعطاف في ذلك الحدث، تتمحور حول طبيعة الرد الإسرائيلي المتوقع خلال الساعات القادمة، والذي قد يوجه بشكل عسكري ضد المواقع الاستراتيجية لحزب الله، والذي يتجهز لذلك من خلال إخلاء العديد من مواقعه الرئيسية في شرق وجنوب لبنان بحسب رويترز، أو قد يوجه إلى الدولة اللبنانية من خلال شن هجمات سبيرانية ضد المنشآت والبنى التحتية الحيوية، بهدف تعظيم الضغوط المحلية على الحزب جراء انخراطه في التصعيد، بالإضافة إلى احتمالية توظيف الهجوم للحصول على تنازلات من "حزب الله" أو شركاءه من أطراف "وحدة الساحات" وتحديداً الحوثيين، عبر القنوات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، وبشكل يدفع لتخفيف الضغوط على الحدود الشمالية لإسرائيل، وعودة الحزب لقواعد الاشتباك بتوجيه ضرباته ضمن نطاق 5-10 كيلومتر من الشريط الحدودي، أو بدفع الحوثيين لخفض كثافة استهدافهم للسفن التجارية المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وفي إطار الرد الإسرائيلي القادم فمن المرجح أن تبقى حدة الرد وحجمه ما دون الحرب المباشرة، حيث تواجه إسرائيل تحديات لوجستية وفنية لا سيما مع نقص المجندين والآليات والذخيرة، وكذلك المخاوف من المشاركة الكاملة لأطراف "وحدة الساحات" بالإضافة لإيران، إلى جانب إدراك تل أبيب أن "حزب الله" يمتلك قدرات صاروخية وبشرية متطورة مقارنة بما كان عليه في حرب 2006. مع ذلك لا يُمكن استثناء احتمال اندلاع مواجهة مباشرة بين إسرائيل و"حزب الله"، في ضوء المشهد المربك والمعقد للحدود الإسرائيلية اللبنانية وبشكل يبقي من احتمال الحرب حاضراً وبقوة.