هل نجحت اربد كمدينة للثقافة ؟
أعلنت وزارة الثقافة في شباط من العام الماضي اربد مدينة للثقافة الأردنية لعام 2007 ، مع نهاية عام 2007 وانتهاء التجربة والتي ستنتقل إلى مدينة السلط في عام 2008، برزت العديد من الانتقادات للتجربة والحديث عما وقع خلالها من أخطاء.
الشاعر الأردني عمر أبو الهيجا اعتبر التجربة مبادرة مهمة معتبراً أن مدينة اربد ظلمت بالوقت والفعاليات " هذا مشروع مهم وخطوة فريدة لم يسبق الأردن إليها أحد، لكن مدينة اربد ظلمت لأن التجربة كان يجب أن تكون لعام لكن زمن العمل الفعلي كان لثمانية أشهر، وهذا ظلم، وكانت النشاطات في الفترة الأولى سيئة ثم أصبحت جيدة نوعاً ما لكن ليس بالمستوى المطلوب الذي يطمح إليه الكاتب و الشاعر والفنان والمثقف الأردني"
ويقول أبو الهيجا أنه كان مقاطعاً للتجربة في بداية الأمر " أستطيع أن أقول أنني كنت في البداية مقاطعاً للفعاليات، وذلك لاعتراضي على تغييب رابطة الكتاب الأردنيين التي تعتبر مظلة كل المثقفين والممثل الشرعي للمثقف الأردني كانت، مبيناً أنه تم تسوية الأمر فيما بعد وإشراك الرابطة في الفعاليات واللجان.
وعن ما قدمته هذه التجربة للمثقف الأردني يقول أبو الهيجا " الشاعر أو الكاتب الذي كان يشارك بأي نشاط يأخذ جزء بسيط جداً لا يذكر مئة دينار ويقتطع منها الضرائب، وحتى نشر الكتب لم يكن يمثل دعماً للمثقف الأمر لا يتم بهذه الطريقة كون الإنتقاء كان عشوائيا.
أما الأديب هاشم غرايبة والذي كان المنسق الثقافي للاحتفالية قبل انسحابه منها في أيار الماضي للتفرغ الإبداعي، يرى أن التجربة كانت جيدة بشكل عام مع تسجيله بعض الملاحظات عليها " الإطار العام كان جيدا ً، والتجربة مهمة وجاءت نتيجة للدعوات بأن لا تكون الثقافة حكراً على عمان،
ولكن غرايبة يؤكد أن التجربة لم تحقق الطموح الذي كان مأمولاً منها " التجربة ما حققت الطموح حققت بعض الطموح لأننا عند انتهاء العام الثقافي نسأل أنفسنا ماذا بقي من هذا العام على أرض الواقع فلا نجد أجوبة، لكن في المقابل كان هناك بعض الفعاليات الناجحة."
ويعتبر غرايبة أن "الكرة كان يجب أن تكون في ملعب المثقفين لكن ما حدث هو أن الجهاز البيروقراطي هو الذي أدار العملية، كما أن الفعاليات اقتصرت على المركز بل وعلى أماكن محدودة في المركز. "
مواطنو اربد وجدوا أنفسهم بعيدين عن الحدث رغم معرفتهم باختيار المدينة كمدينة للثقافة " سمعنا أن المدينة اختيرت وفرحنا بذلك ، لكن لم نسمع عن أية فعاليات، الحدث مر بشكل عابر ورغم أني طالب جامعي فلم أسمع بالفعاليات، قد أكون شاهدت أخباراً عن الحدث في التلفزيون، أذكر عمل احتفالية في مدينة الحسن الرياضية حضرها وزير الثقافة."
المنسق الثقافي للاحتفالية د. محمد مقدادي أكد على أهمية التجربة " هذه هي التجربة الأولى التي خاضتها المملكة في هذا المجال أن تتحول مدينة إلى مدينة للثقافة ونخصص لها مليون دينار وعاماً كاملاً لإحداث نقلة نوعية في الحراك الثقافي أمر في غاية الأهمية."
ويبين مقدادي أن اربد لم تكن حاجة لبنية تحتية في مجال الثقافة " لذا أستطيع القول أن التجربة لم تحقق إضافات لاربد على صعيد البنية التحتية، ولكن على صعيد التفاعل الشعبي مع الفعل الثقافي كان واضحاً وبخاصة في الأشهر الستة الأخيرة من الحدث لأننا في البداية بدأنا مترنحين،ولم تكن الفعاليات بمستوى معقول نوعياً وكمياً."
لكن في الأشهر الستة الأخيرة شهدت الأنشطة تراكماً ثقافياً ونوعياً وبلغ مجموع الفعاليات الثقافية التي أقيمت خلال هذه الأشهر 150 فعالية تنوعت بين العروض المسرحية ، والفلوكلور والفنون الشعبية وعروض الموسيقى والغناء ، ومعارض التراث والخط العربي والفن التشكيلي والصور الفوتوغرافية والكاريكاتير والندوات الفكرية والثقافية والتنموية وعروض الأفلام الهادفة والأمسيات القصصية والشعرية والنقدية ، وبلغ عدد المشاركين في الشق الإبداعي من هذه التظاهرات (214) مشاركا من بينهم (73)شاعرا و(31) قاصا و(110) باحثا ومفكرا وناقدا .
وعن عدم تعميم التجربة على مختلف أنحاء المحافظة واقتصار الفعاليات على مدينة اربد يلقي مقدادي اللوم على مسؤولي المؤسسات الثقافية في الألوية والذين " كانوا ينتظرون أن تصل الفعاليات إليهم، ولم يبادروا بالتقدم بأية فكرة أو مشروع ثقافي، علماً أن جميع الأفكار والمشاريع التي كان يتقدم بها المبدعون وكانت تضيف جديداً للحراك الثقافي كان يتم دعمها وتمويلها."
مقدادي أقر أن " إقصاء بعض المؤسسات الثقافية كرابطة الكتاب وبعض المثقفين القادرين على إدارة الثقافة كان من أكبر الأخطاء التي وقعت، مبيناً انه تم معالجة الأمر في الأشهر الستة الأخيرة وإزالة الاحتقان والتوتر الذي سبه هذا الأمر بين مثقفي اربد ومنظمي الفعالية."
ويؤكد مقدادي أن الاحتفالية حققت العديد من الانجازات مثل إنشاء مركز ثقافي في اربد ينتهي العمل به خلال 18 شهراً و إنشاء مكتبة وطنية للمواطن في اربد، وتطوير"بيت عرار" شاعر الأردن والمساهمة في ترميم بعض البيوت التراثية بالتعاون مع بلدية اربد الكبرى تمهيدا لتحويلها إلى فضاءات ثقافية تسهم في إشعاع الفعل الثقافي وترسيخ أثره في الحياة العامة، إضافة إلى انجاز فيلم وثائقي عن المدينو وعن بعض مبدعيها.
وبخصوص الإصدارات أكد مقدادي أنه تم استقبال 120 مخطوطاً مختلفاً، تفدم بها باحثون ومبدعون وتم تحويلها إلى مقومين من ذوي الاختصاص، حيث جرى تبني أربعين عنواناً سيتم اصدارها بتمويل من الفعالية.
ويسجل مقدادي "عتباً شديداً على الإعلام الأردني برته على مستوى الصحف، وعلى مستوى الإذاعات الرسمية والخاصة، وحتى على مستوى التلفزيون الأردني الذي كفانا بحمد الله غيابه، لو خصص التلفزيون عشرة دقائق يومياً للحديث عن الفاعلية لكان أسهم بشكل فعال في تفاعل الناس معها، لكنه كان غائباً عنا.."
ويختم مقدادي قائلاً " أستطيع أن أقول أن مستوى رضاي عن التجربة جيد، كان هناك أخطاء خاصة أنها التجربة الأولى لكن كان هناك عديد من النجاحات وقد عملنا جميعاً بكل جهد لانجاح التجربة."
الكرة في العام المقبل ستكون في ملعب مثقفي السلط، الذين يأمل مقدادي أن يحققوا النجاح ويستفيدوا مما وقع في تجربة اربد من أخطاء.
إستمع الآن











































