هل تعيد التحالفات الإقليمية رسم الخريطة السياسية للمنطقة؟

هل تعيد التحالفات الإقليمية رسم الخريطة السياسية للمنطقة؟
الرابط المختصر

خلقت
الحرب الأخيرة على لبنان نظاماً جديداً للعلاقات والصراعات في المنطقة، متمثلا بتعزيز
تحالفين احدهما بين دول عرفت بالاعتدال مثل مصر والسعودية والأردن و تحالف ثاني غير
محبوب عالميا متمثل بسوريا و إيران و بعض الفصائل الإسلامية المقاومة.لكن
الجديد في هذا النظام دخول أطراف من خارج المنطقة في التحالف السوري الإيراني وعلى
سبيل المثال فنزويلا التي طرد السفير الإسرائيلي عقب الحرب على لبنان. لكن ما هي
مخاطر التحالفات على العمل السياسي العربي في ضوء تجارب سابقة في حقبة الستينات
والسبعينات؟ حيث أدت هذه التحالفات إلى انقسامات وخلافات في البيت العربي وخسارتهم
للقضية الجوهرية ( القضية الفلسطينية).


المحلل
السياسي جميل النمري لا يرى ان هنالك تشابه في الخارطة الإقليمية الموجودة الآن
والتي كانت تسود في السابق ويقول " المحاور في السابق كانت مرتبطة بين انقسام
دولي بين المعسكر الغربي والشرقي، والعرب
انقسموا على هذا الأساس معسكر تقدمي وآخر رجعي، الآن نحن أمام ظاهرة مختلفة تماما مرتبطة
بحالات محددة لا ترتقى إلى مستوى حلف ذو طابع دولي، هناك ما يمكن ان يطلق عليه
ائتلاف لقلب الوسط العربي المعتدل متمثل بمصر والأردن والسعودية لكنه لا يرتقى الى
مستوى الائتلاف الكامل لأن لكل طرف حساباته وعلاقاته أيضا، بالمقابل هناك محور
سوري إيراني لأسباب معروفه تاريخيا منذ عهد الرئيس حافظ الأسد وتتصل بالنزاعات بين
حزبي البعث في سوريا والعراق، فقد كانت إيران عدوة العراق صديقة لسوريا لذا تجدد
الائتلاف في الوقت الحالي خصوصا ان النظام السوري أصبح مستهدفا بعد القرار 1559 .


وفي
عودة لأسباب تشكل المحورين استند المحور الأول ( المصري الأردني السعودي) إلى عدم
قدرة حزب الله في جنوب لبنان على الوقوف أمام إسرائيل، ووصفه بـ"
بالمغامر". كما استند هذا المحور على ضربات إسرائيل الموجعة جداً ضد المدنيين
والمجازر والدمار في الضاحية والجنوب والبقاع ليشن على المحور الثاني هجوماً سياسياً
غير مألوف.


المحور
الثاني ( السوري الإيراني وفصائل المقاومة الإسلامية) رفض ما سماه المحور الأول "مغامرة".
لكن نهاية الحرب كشفت اندلاع الصراع بين أقطاب هذه المحاور، فكان خطاب بشار الأسد
الأخير الذي انتقد فيه بعض دول المحور الأول حادا ولاذعا بشكل لا سابق له.


الأردن
حذر من سياسة المحاور على المنطقة ففي مقابلة للملك عبد الله الثاني مع صحيفة
الحياة اللندنية اعتبر ان التنسيق بين مصر والأردن والسعودية عبارة عن بلورة لموقف
عربي وقال " الأردن أبعد ما يكون عن سياسة المحاور، فتنسيق الأردن لا يقتصر
على السعودية ومصر بل يشمل دولا عربية أخرى. لقد عملنا مع الأشقاء في السعودية
ومصر، وبعض الدول العربية، على بلورة موقف عربي موحد للتعامل مع أزمات المنطقة
برؤية واحدة، بعيدة كل البعد عن سياسة المحاور".


وفي
نفس المقابلة انتقد الملك بعض القوى الإقليمية التي شككت في نوايا ومساعي التنسيق
السعودي المصري الأردني " للأسف هناك
بعض القوى الإقليمية وبعض الأشقاء، لم يرق لها أن تتشاور هذه الدول وتبحث في بلورة
موقف عربي موحد، وشككت بأهداف ومساعي هذا التنسيق. وهنا أتساءل إذا كان التنسيق مع
مصر والسعودية والإمارات والكويت واليمن والسودان غير مقبول، فهل المقبول أن ننسق
ونتحالف مع قوى إقليمية قد لا تضمر الخير لهذه المنطقة.. أهذا هو المقبول".


وحسب
المحلل النمري " ليس من المحبذ ان يكون هناك محاور لأنها تعني انقسام يؤذي العمل العربي المشترك الذي يفترض ان يتجه
الى وجهه واحده و هدف واحد، لذلك مطلوب ان يكون هناك نواة لإدارة موقف عربي مشترك،
واعتقد ان الأردن ومصر والسعودية يمكن ان تشكل مثل هذه النواة لكن هذا ليس محورا
في مواجهة محاور أخرى يمكن الحديث عن انويه لإدارة عمل مشترك".


رئيس الوزراء د. معروف البخيت كان أكثر تشائما وتحذيرا
من المحاور في الساحة العربية إذ يرى ان العمل السياسي العربي يشهد رده الى عهد
الستينات ، ويقول "
الزمن يعيد نفسه
حيث يشهد العمل العربي رده الى زمن المحاور وهذا يذكرنا بعهد الستينات
حيث كان الاستقطاب حسب الأيدلوجيات رجعي تقدمي يساري وهكذا الآن الوضع يختلف
نحن نشهد محاور حسب القرب والبعد من الشرق والغرب، أما من يتحدث عن محور أردني
مصري سعودي فهو ليس محورا إنما تنسيق
جهود وهو مفتوح وليس مغلق لمن أراد الانضمام لهذه الدول والهدف
من هذا التنسيق هو إعادة رسم الأولويات في المنطقة ووضع القضية الفلسطينية على
رأس هذه الأولويات وما حدث في لبنان هو عارض من عوارض القضية الفلسطينية، هذا هو
الموقف الأردني نريد وضع الأولويات للقضية الفلسطينية".


القوميون - السوريون- بدورهم يحذرون من خطر الانقسام في
المواقف السياسية العربية على عدد من القضايا من أبرزها القضية الفلسطينية والوحدة
العربية، ويعلق الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي فؤاد دبور " مشكلتنا الأساسية
في الفرقة وتباعد المواقف العربية من معظم القضايا المحورية، إذا نظرنا الى
الخارطة العالمية نرى ان الأمة العربية هي الوحيدة المنقسمة بمواقفها
السياسية".


الساحة
العربية تشهد الآن حالة استقطاب حادة بين معسكر الأكثرية الذي يرتكز أساسا على
المحور المصري ـ السعودي- الأردني، ويضم دول الخليج، وبين معسكر الأقلية، بزعامة
سورية وإيران، ويضم كل جماعات المقاومة الإسلامية، مثل حركتي حماس و الجهاد الإسلامي
و حزب الله، واللبنانيين الموالين لسوريا.

أضف تعليقك