هل تخرق الحكومة احتكار القطاع الخاص لمرض التوحد؟
يحتكر القطاع الخاص في الأردن علاج مرض "التوحد" والذي يصيب الأطفال في سنواتهم الأولى، في وقت تُصّر فيه وزارة الصحة على عدم الاعتراف به لكونه "لا يعتبر مرضا عضوياً".
وكان مواطنون يعاني أطفالهم من هذا المرض المعروف ب"الاضطراب النمائي" طالبوا وزارة الصحة بضرورة تدخلها في عمل القطاع الخاص الذي يحتكر العلاج ووضع حد للتكاليف الباهظة عليهم، ليقتصر علاجه على المقتدرين مالياً، في وقت تضطر البقية من العائلات وضع أطفالهم المصابين في جمعيات تعُنى بالإعاقات المختلفة الأمر الذي يؤثر سلبا على نمائهم.
"مدرسة التربية الحديثة للرعاية والعناية الشاملة"، تعُنى بأطفال التوحد، تقول مديرة المدرسة حنان عمر إنهم مستدعون ربط جهودهم بجهود القطاع العام في سبيل ارتقاء برامج التوحد. وترى أنه "من صعب على الحكومة أن تتبنى برامج التوحد في وقت نحن بحاجة إلى تطوير وتفعيل برامج القطاع الخاص".
وتطالب حنان عمر وزارة الصحة أن تتبنى "كلفة علاج أطفال التوحد لكونها تُشكل حِملاً ثقيلا على المواطنين". وتقول إنهم في القطاع الخاص يوفروا البيئة والكوادر المؤهلة وعلى الحكومة أن تتحمل التكلفة المالية.
وتقترح حنان عمر من الحكومة أن تخصص فصلا واحدا منفردا في المدارس خاص بأطفال التوحد ليتم التعامل معهم بأسس علمية للمساهمة في علاجهم.
"آن الأوان للتدخل الرسمي ووضع سياسات من شأنها مساعدة ذوي طفل التوحد فالبرامج مكلفة جدا والقطاع الخاص لا يستطيع أن يقلل من التكلفة بالمقابل على الحكومة أن تكون طرفا مساعدا في كل عملية التوحد"، تقول حنان.
وتتفق الدكتورة سهام الخفش، رئيسة جمعية مساندة ودعم الأفراد التوحديين وأسرهم الخيرية، مع الناشطة حنان عمر، وتقول "القطاع الخاص هو اللاعب الوحيد في علاج مرض التوحد وسط تكلفة باهظة بحق الأهالي وهذا ما لا نقبل به ونريد من الحكومة أن تعترف بالمرض وتشخصه".
وتتحدث الخمش عن "بعض "المراكز التي لا تطُبق المعايير الطبية الصحيحة والعلمية بحق أطفال التوحد "ما يؤثر سلبا عليهم". وتقول إنه لا يجوز أن يضع طفل التوحد مع طفل آخر يعاني من إعاقة عقلية شديدة، وتوضح "نريد أن ندرب طفل التوحد على السلوك السوي، فالأجدى أن يكون وسط أطفال أسوياء وليسوا من ذوي الإعاقات المختلفة".
سابقاً، قال رئيس قسم الأطفال في مستشفى البشير، سمير الفاعوري، لعمان نت إن "حالة التوحد لا تنطبق على الأمراض العضوية فهو لا يعاني من نزيف دم أو من أوجاع أخرى" فيما تستقبل المستشفيات الحكومية أطفال التوحد في إطار مراجعة للعيادات الخاصة لمرة واحدة يتم الكشف عنه، "هو يحتاج إلى متابعة سريرية وتشخيص لتحديد حالته".
وأضاف إن على الأهل دور كبيرة في مراقبة أطفالهم التوحديين "فالتوحد يحتاج إلى متابعة وجلسات مع أطباء نفسيين وأعصاب وهذا ما لا تستطيع أن تقوم به وزارة الصحة".
وكانت أمل النحاس أمين عام المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، أعلنت عن الإستراتجية الوطنية للإعاقة لسنة 2009، وقالت إن دور المجلس يكمن بالمساهمة في رفع مستوى الخدمات المقدمة في المراكز المعنية لتصل على الأقل للحد الأدنى من المعايير المطلوبة.
وقالت النحاس صراحة إن القطاع الخاص "سيبقى منفردا بخدمة مرضى التوحد إلى إنشاء مراكز حكومية له، لكن الحال سيبقى رهن العرض والطلب ولا نستطيع أن نقدم إلا بعض الدعم المادي لعدد من الطلبة غير القادرين على الالتحاق لهذه المؤسسات. وحتى تتوفر هذه الخدمة في القطاع العام سنبقى تحت رحمة القطاع الخاص".
وتنشط أربع مراكز خاصة بالتوحد في عمان فقط، لكنها مرتفعة الأقساط وتقتصر على الأهل المقتدرين القادرين على دفع أقساط طفلهم المتوحد.
فيما يشار إلى أن تكلفة علاج طفل التوحد متراوحة بين 500 – 1500 دينار أردني شهريا وتعتمد على حالة الطفل الذي يطبق عليه برنامج "حمية غذائية" يشمل أطعمة خالية من مواد حافظة ومنتجات الألبان والحليب والقمح الذي يحتوي على مادة الكزيين غير الجيدة لبنية طفل التوحد، وجميعها تؤثر سلبا على نماء الطفل، بالمقابل يتم إخضاعه لأدوية تعوض النقص الحاصل عن فقدانها.
ومن المقرر أن يصدر المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين "معايير خاصة" ضمن إستراتجيته الوطنية هذا العام، ستطبق على مراكز التشخيص المعتمدة "بهدف رفع سوية هذه البرامج" وفق القائمين على الإستراتجية وتشمل تقييم برامج التأهيل المجتمعي والتشخيص والتربية الخاصة وستكون متبوعة ببرامج تدريبية لرفع مستوى جودتها.
إستمع الآن











































