ساعات تفصلنا عن موعد تنفيذ الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، التي تم التوصل إليها بعد مفاوضات صعبة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، والتي تهدف بنودها إلى وقف التصعيد العنيف الذي شهده القطاع خلال الأيام الماضية وتبادل الأسرى والمحتجزين.
وفي هذا السياق، تؤكد القناة العبرية 12، على أن الهدنة ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الساعة السادسة من صباح يوم الخميس، يأتي هذا في الوقت الذي يشهد فيه سكان قطاع غزة استمرار الهجمات والمجازر التي تنفذها قوات الاحتلال، مما أدى إلى ارتفاع مستمر في عدد الشهداء وتدمير البنية التحتية.
ومن جانبها، عبرت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بالجهود التي أفضت للتوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية في قطاع غزة، مشيدة بالجهود التي بذلتها دولة قطر بالشراكة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأميركية، مشددة على اهمية أن تكون هذه الهدنة خطوة تفضي إلى وقف كامل للحرب المستعرة على قطاع غزة، وأن تسهم في وقف التصعيد واستهداف الفلسطينيين وتهجيرهم قسريا.
تباعات الهدنة
أستاذ العلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات، يشير إلى أن المفاوضات لوقف العمليات العسكرية كانت منذ بداية الحرب، ولكنها لم تحقق أي تقدم، معتبرا ان بعض هذه المحادثات كانت في الواقع جزءا من استراتيجية لتمديد العمليات العسكرية، مشددا على أن إسرائيل كانت تستهدف القضاء على كافة فصائل المقاومة الفلسطينية واسترجاع الأسرى.
ويشير شنيكات إلى أن تزايد الخسائر الكبيرة في صفوف الجيش الاسرائيلي في الأيام الاخيرة، ومع استمرار الحرب، بدات الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بشكل مكثف ضد المدنيين في غزة، مما أثر على الرأي العام العالمي وزاد من الضغط على اسرائيل للتفاوض أو التوصل الى هدنة لتحقيق بعض الإنجازات.
تقرير رسمي من وزارة المالية الإسرائيلية يفيد بأن توقعات تكلفة الحرب الحالية في قطاع غزة ستكون 200 مليار شيكل حوالي 55 مليار دولار، بينما كلفة حرب لبنان 2006 وحرب غزة 2014 لم تكلف كل واحدة منها أكثر من 10 مليارات شيكل.
يؤكد خبراء عسكريون أن هناك تكاليف غير مباشرة على السياحة والصناعة، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على الاقتصاد الإسرائيلي بسبب شلل السوق وتأثير إجلاء مئات الآلاف من المنازل.
هذا ما دفع شنيكات للتوقع بأن المؤشرات تذهب إلى أن الهدنة قد تكون خطوة إيجابية نحو تحقيق وقف إطلاق النار في القطاع، نتيجة لتكبد الاحتلال تكاليف ضخمة خلال فترة الحرب، دون تحقيق أي انجازات عسكرية او أهداف ملموسة، ناهيك عن ان الرأي العام العالمي الذي شكل ضغطا نحو وقف هذه الحرب، بالاضافة الى تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بتكاليف وخسائر هائلة، وتعطيل اليد العاملة في إسرائيل.
بنود الاتفاق
بموجب الاتفاق، يتم وقف إطلاق النار من الطرفين، ووقف كل الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال في مناطق قطاع غزة كافة، ووقف حركة آلياته العسكرية المتوغلة في قطاع غزة".
بالإضافة إلى "إدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود، إلى جميع مناطق قطاع غزة، بلا استثناء شمالا وجنوبا"، وفق البيان.
ويشمل الاتفاق، "إطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سن 19 عاما، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء شعبنا من سجون الاحتلال دون سن 19 عاما وذلك كله حسب الأقدمية".
قصف مكثف قبل تنفيذ الهدنة
منذ اعلان الهدنة، والتقارير الاخبارية ترصد آلة الحرب الإسرائيلية التي تكثف غاراتها على مناطق في القطاع، مما أدى إلى ارتفاع كبير في عدد الشهداء والجرحى.
وبلغ عدد الشهداء في القطاع حوالي 13 ألفا، وتعرض آلاف آخرين للإصابة، مع تدمير البنية التحتية للمنطقة، بما في ذلك محطات المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات، وفقا لتقارير إخبارية.
ومن ضمن البيان الذي أعلن عن تفاصيل الهدنة، اظهر الجانب الاسرائيلي بانه يخطط لاستئناف عملياته الجوية والبرية "لاستكمال القضاء على حركة حماس" بمجرد انتهاء إطلاق سراح الرهائن، وأضافت أنه سيتم إرسال مزيد من التفاصيل حول الترتيبات إلى عائلات الرهائن في وقت لاحق الأربعاء.
الأمر الذي يفسره شنيكات على أن إسرائيل لا تزال تراهن على القوة العسكرية، وهي جزء من الحرب النفسية الاعلامية التي تشنها منذ بداية الحرب، ومن جانب آخر، يفسر هذا كرغبة في استكمال الحرب بهدف التخلص من حركة حماس، وهو سياق يفسر تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن البلاد "في حالة حرب وسيقوم الجيش الإسرائيلي بالانتقام".
وأسفرت عملية "طوفان الأقصى" التي بدأت في 7 من شهر تشرين الأول الماضي، عن مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي وإصابة ألفين آخرين واحتجاز أكثر من 240 شخصا لدى حماس.