هل بات الأردنيون يمتلكون سلاح المقاطعة؟
ينشُر أبو عمر (48) عاما عبر صفحته الشخصية في موقع الفيس بوك صورا لمائدة طعامه وقد خلت الوجبة الرئيسية من الدجاج، حال أبو عمر هو حال العديد من الأردنيين الذين أطلقوا حملة لمقاطعة الدجاج بأشكاله لمدة عشرة أيام بسبب ارتفاع الأسعار.
الذاكرة الأردنية لا تزخر بكثير من حملات المقاطعة الفاعلة، لكن أشهرها كان في عام 2017 عندما قادت شبكات التواصل الاجتماعي حملة استخدمت كلمة "تم" كوسم لمواجهة قرارات اقتصادية لحكومة هاني الملقي؛ تضمنت رفع أسعار سلع وخدمات.
إلا أن الأمر مختلف هذه المرة، إذ عبر مواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن مدى استيائهم من ارتفاع أسعار الدواجن في الأسواق المحلية، وذلك عبر إطلاقهم عدة هاشتاغات بعناوين مختلفة تفيد بمقاطعة الدواجن، إذ سجل الدجاج المذبوح الطازج ارتفاعا بأكثر من 30%، أما الدجاج الحي فزاد بنسبة 15%، خلال الشهر الحالي، وفق تجار ومستهلكين.
وشهدت هذه الحملة تفاعلا واسعا غير مسبوق عبر هذه المنصات، عن ما سبقته من حملات لم تجد أي صدى او تأثير في الشارع الاردني، فيما أبدت نقابة المهندسين الزراعيين تخوفها جراء ذلك.
وعبر رواد هذه المواقع أن السلع المطروحة في السوق ارتفعت بشكل ملحوظ وأنهم بدأوا في البحث عن بدائل تلك السلع بسلعٍ ذات السعر المنخفض.
وواصل مواطنون نشر صور على مواقع التواصل الإجتماعي تظهر فيها أنهم ملتزمون في المقاطعة وتبين تجاوبهم الكامل فيها , وتضمنت هذه الهاشتاقات عناوين مختلفة منها: #معاً_لمقاطعة_الدجاج_والبيض" و "#مقاطعة_الدجاج_ واجب_وطني".
ودعت حماية المستهلك المواطنين الى المشاركة في حملة مقاطعة شراء واستهلاك الدواجن بكافة انواعها والتي دعت اليها الجمعية والفعاليات الشعبية وذلك بسبب ارتفاع أسعارها بنسب عالية جدا تجاوزت نسب الارتفاع التي طرأت على أسعار الأعلاف والشحن والنقل في العالم.
وقال رئيس الجمعية محمد عبيدات في بيان صحفي إن " حملة مقاطعة الدواجن مستمرة وتحقق نجاحا كبيرا، حيث أن أعداد المواطنين الملتزمين بتزايد، وعادت مادة الدجاج للتكدس بالمولات والمراكز التجارية والنتافات".
ثقافة المقاطعة
أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي، يرى أن المواطن الأردني يخضع -بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة- لمقاطعة قسرية لبعض السلع وإعادة ترتيب الأولويات، و"أصبح المواطن الأردني يضع قائمة بالسلع الأهم فالأقل أهمية عند ذهابه إلى السوق".
ويضيف: "لا يوجد في الثقافة الأردنية مقاطعة معلنة، ولم تنجح أي حملة مقاطعة، لكن المقاطعة تبدأ فرديا من ترتيب الأولويات والحاجات والأساسيات فقط بسبب تدني الدخل".
يقول الخزاعي " إن "80% من القوى العاملة والمتقاعدين الأردنيين راتبهم أقل من 500 دينار (الدينار يساوي 1.41 دولار)، وأصبحت هذه الفئة تركز على الأولويات فقط، وهذا أدى قسرا لانخفاض استهلاكهم من اللحوم وشراء الملابس والرفاهية".
ما أثر حملة مقاطعة الدجاج؟
عضو الاتحاد النوعي لمربي الدواجن حسان أبو دقر في حديث "لراديو البلد" أن "المقاطعة أثرت على صغار التجار والمزارعين فقط".
مبينا أن "الأسعار الموجودة في السوق الحالي, هي الأسعار المعتادة، وأنه تمت إضافة 10% على كل من النتافات و أصحاب المسالخ وأصحاب المحلات الضخمة مثل: المولات والمراكز التجارية" .
واوضح ابو الدقر أنه يجب التفرقة بين سعر الدجاج مع الريش, والدجاج المذبوح و أن الدجاجة المذبوحة , تفقد 25% من وزنها وهذه القيمة التي تفقد من الوزن تتحول على السعر.
وأفاد أن المواطن لا يميز الفرق بين الدجاج مع الريش من النتافات والدجاج المذبوح الموجود في المحلات التجارية , وقال أبو الدقر بأن المشكلة كانت حول موضوع ارتفاع أسعار تكاليف الأعلاف على المزارعين , من جميع النواحي و أغلب المواد الغذائية ارتفعت من 70% الى 100%
وكشف أبو دقر بأنه كان هناك تحكم في الأسعار من قبل البورصات العالمية، ولأن الأرتفاع كان بشكل سريع وملحوظ ونتيجة الحرب الأوكرانية و الروسية , وكان هذا الارتفاع في مدة تصل إلى سبعين يوما مما أدى إلى إحساس المواطن بارتفاع الأسعار فجأة.
وقال أن هذا الارتفاع أثر على المواطن والمزارع على حد سواء، و أثر ايضاً على أصحاب المسالخ والنتافات و أما بالنسبة لأصحاب المطاعم و المحلات الكبرى فهم يطالبون بزيادة كمية الإنتاج مما يعانيه من نقص، مع الرغم من المقاطعة والنقص الموجود في السوق.
ارتفاعات خارجية
واعادة نقابة المهندسين الزراعيين ارتفاع أسعار الدجاج لعدة أمور منها: ارتفاع أسعار المنتجات الحيوانية، وارتفاع مدخلات الإنتاج خاصة الأعلاف بنسبة 70% خلال الأشهر الأربعة الماضية، لا سيما الذرة والصويا، وتشكل عنصرا أساسيا لتغذية الدواجن. والأعلاف تشكل 75% من تكاليف التربية.وارتفاع تكاليف شحن الاستيراد بنسبة 10% من بداية العام.
وتتخوف النقابة من دعوات المقاطعة لأن من شأنها إضعاف قدرة صغار المستثمرين على الاستمرار في الإنتاج، وخروجهم من السوق، وخسارة وظائف وتعطيل استثمارات، وخلق إشكالات جديدة من دون الوصول لحل.
وبحسب إحصاءات رسمية، فإن قيمة الاستثمارات في قطاع الدواجن تصل لـ1.5 مليار دينار (2.1 مليار دولار) وتوفر نحو 40 ألف عامل، وتحقق هذه الاستثمارات الاكتفاء الذاتي للمملكة من الدواجن وبيض المائدة مع فائض بنحو 20%.
ويأتي ارتفاع أسعار الدجاج في ظل ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك الأردني "التضخم" في الثلث الأول من العام الحالي بنسبة 2.62 بالمئة، ليبلغ 104.58 مقابل 101.91 للفترة نفسها من العام الماضي، وفق دائرة الإحصاءات العامة.
هذا الارتفاع بالتزامن مع ارتفاع غير مسبوق طال جميع السلع الأساسية في الأردن، من أبرزها: الدواجن والخضروات، والأرز والسكر، والزيوت، والمحروقات؛ بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتوقف سلال الإمداد والتصدير وارتفاع كلفة الشحن.
ما دور وزارة الصناعة والتجارة؟
وزارة الصناعة والتجارة الأردنية بمراقبة مدى التزام التجار بوضع السعر بصورة ظاهرة لكل سلعة معروضة، كما تلجأ الوزارة في حالات خاصة لتحديد سعر سلع أساسية، وتحظر أيضا التحالفات والاتفاقيات التي تشكل إخلالا بالمنافسة كاتفاقيات تحديد الأسعار وتحديد كميات الإنتاج من قبل الشركات.
وقالت الوزارة في بيان لها يوم الاثنين، إن ارتفاع أسعار الدجاج في السوق المحلي "يعكس فروقات كلف الإنتاج التي زادت مؤخرا"، مشيرا إلى أن أسعار الدجاج حاليا "معقولة".
وحسب الناطق باسم الوزارة، ينال البرماوي، أن الوزارة "تراقب بشكل يومي واقع السوق المحلي وترصد أي متغيرات تطرأ على أسعار المواد الأساسية وهذه الفترة التركيز على الدجاج في ضوء ما حدث مؤخرا من ارتفاع في أسعار المنتج محليا".
ويستهلك السوق المحلي الأردني نحو 700 ألف طير من الدجاج يوميا، ويحقق الأردن حالة من الاكتفاء الذاتي بالدواجن وبيض المائدة، إذ تصل الكميات المنتجة ما نسبته 130% من حاجة السوق.
كما ويشار إلى أن السلطات قامت بتخفيض رسوم فحص ومعاينة السلع المستوردة بنسبة 30%، وذلك لمواجهة الارتفاعات المتتالية لأسعار السلع.