هل انتهت القصّة؟

 

أتابع بعناية حجم التعاطف والتبرّع الذي انهال على "صالح وأسرته"، وغير مندهشٍ مطلقاً من الشهامة والانسانية الطاغية والإيثار وحب المساعدة الذي تقدّم به الكثيرون، فنحن الأردن واذا كان هناك عنوان جامع في الأردن وبيرق نفتخر به فهي "الشهامة" والإلتفاف السريع حول المظلوم   ، بنفس الوقت لا أريد أن أدخل بمتاهة فرز النوايا بين "متعاطف صادق" يريد أن يقدّم ويساعد  وبين "مستعرض" يعرض تبرّعه في سوق الشهامة  ..المهم ردّة الفعل بمجملها عظيمة ومدهشة..لكنها تثير عندي القلق..لماذا؟؟ سأجيب!.

 

أخشى أن يلاقي صالح مصير "تيليثونات التبرّع" السابقة  التي جمعت الملايين وأثارت ألاف المتصلين ..و عندما تبرد العاطفة ، يتنصّل المتبرّعون أو يتقاعس الذين تعهّدوا بتأمين حياة كريمة أو ينسحب كثير من أصحاب التعليقات النارية من المشهد ..فنراه بعد شهور يجلس على نفس الرصيف يموقف أكثر  إيلاماً..وهل اذا تم تأمين مسكن مؤقت قرب المدينة الطبية او ركّبت أطراف صناعية لصالح..انتهت القصّة؟..المسالة أعمق من ذلك..المسالة بحاجة الى التحوّل من فزعة عاطفية الى عمل مؤسسي يحفر على جذور المشكلة..

 

أعتقد أن الدولة هي الملزم رقم واحد بتأمين حياة كريمة آمنة لهذا الشاب ولأسرته...وهي الملزمة بتقديم سكن محترم وبيئة تناسبه وتقوم بعلاجه حتى يعود الى حياته الطبيعية،وعدم الوقوف موقف المتفرّج وترك مصيره للفزعات،  لأن الدولة هي من قصّر في حمايته وحماية غيره ، وهي التي أرخت الحبل لمن أقدم على نهشة وهو يحمل أكثر من 170 قيد جرمي وعليه طلبات تنفيذ لكنها أغمضت عينيها عن ملاحقته وكف يده عن أعمال الشر..مرة أخرى بالقاء القبض  على العصابة ، هل انتهت القصة؟..حتماً لا..

 

الدولة يجب أن تعمل في خطّين متوزايين ينطلقان بوقت واحد..الأول: بإرادة سياسية وأمنية كاملة وغير منقوصة تنظيف المدن والقرى الأردنية من العصابات المعروفة تماماً للحكّام الأداريين الذين يعرفون أسماءهم وعناوينهم والطلبات الموجه بحقّهم..والخط الثاني تنمية المناطق الساخنة  وتشغيل الشباب وتوجيه الاستثمار اليها..كي لا يتم تفقيس بلطجية جدد وعصابات أكثر شراسة...بالمناسبة كل من في المشهد ضحايا ..الجاني ضحية..والمجني عليه ضحية..الجاني ضحية التهميش والفلتان والبيئة الأسرية المفكّكة..والمجني عليه ضحيّة لغياب الحماية والعدالة والشعور بوجود دولة قوية تحميه ان صرخ او اشتكى..

القصة لم تنته..القصة بدأت الآن!.

 

 

أضف تعليقك