هل "الإعدام" العقوبة الأقصى في الأردن؟

هل "الإعدام" العقوبة الأقصى في الأردن؟
الرابط المختصر

لم يكن في حسبان النائب عبد الكريم الدغمي أن تكون مداخلة له في جلسة مجلس نواب التي عقدت بتاريخ 16 كانون ثاني الماضي، منعطفا للنواب لرفض إلغاء عقوبة الإعدام من قانون العقوبات المؤقت.

توجه المجلس الذي اعتبر إلغاء الإعدام “غير منصف للعدالة” و”تأجيجا للاحتقان المجتمعي” وفق الدغمي، لم يرض ناشطين حقوقيين باتوا يعولون على التوجه العام الذي تنتهجه المملكة منذ العام 2006 بعد أن أمر الملك عبدالله الثاني حينها بتجميد تطبيق العقوبة؛ لكن الأحكام الصادرة في المحاكم بتلك العقوبة لا تزال مستمرة.

القاضية الأردنية تغريد حكمت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بـروندا، تقول "ليس من السهولة بمكان إلغاء عقوبة الإعدام مرة واحدة، خصوصا في مجتمعاتنا العربية، لكن ما يمكن عمله هو التخفيف من عدد الجرائم التي يعاقب عليها القانون".

حل حكمت، "ينسجم مع واقع المجتمع الأردني"، وتسجل في نفس الوقت دورا محايدا للقضاة، لكنها تسجل في نفس الوقت بأن القضاة لا يصنعوا قانوناً "نحن مطبقون له فقط". وبتجربتي الخاصة، فعلينا أن نضع تساؤلات للخروج بنتيجة من اجل مواكبة الركب العالمي".

وترى حكمت أن الأردن لا يستطيع التغريد وحده فلا أحد يدافع عن الإعدام، وتقول "هناك قوانين مطبقة ولا نستطيع بنفس الوقت أن نقفز عنها” تتابع “ علينا مراعاة ثقافتنا وقوانينا وعلينا أن نطبق الأمور بما يتناسب مع وضعنا".

وكان الأردن أوقف في العام 2006 تنفيذ أحكام الإعدام. وفي الفترة التي سبقت تجميد الحكم، طبق العقوبة على 51 شخصا من أصل 108 أحكام، في الفترة ما بين عامي 2000 و2006 ليبقى هناك قرابة ال70 حكماً بالإعدام، جلهم من الأحكام التي عرفت بـ" الإرهاب".

من جهتها تقول المديرة التنفيذية لمنظمة الإصلاح الجنائي تغريد جبر "الأردن خطى خطوات كبيرة في إطار تقليص عقوبة الإعدام وليصل لدينا 22 وصفا جرميا في التشريعات الأردنية"، تقول المديرة التنفيذية لمنظمة الإصلاح الجنائي، تغريد جبر.

وبحسبها فان "المنظمة" تدعم الجهود الأردنية بالتنسيق مع الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في مسعى نحو تقليص العقوبات في أشد الجرائم خطورة ووفقا للمعايير الدولية التي تحكم شدة الجرائم خطورة، "وسيتم العمل مع البرلمان بشكل لصيق ووزارة العدل والقضاة للتخفيف من الأحكام”.

يواجه المشتغلون في هذه الحملات جملة تحديات أهمها "المجتمع" غير المتقبل لإلغاء العقوبة؛ وأحمد بشير 28 عاما أحد الشباب الذي استهجن لدى سؤالنا له "عن رأيه فيما لو ألغيت عقوبة الإعدام" قائلا أنه لا يتصور أن يبقى القاتل مفلتا من العقاب الطبيعي له حتى لو سجن طوال العمر، فلا عقاب له سوى رهبة الوقوف أمام المشنقة والإعدام".

هنا تجد تغريد جبر أن الأساس "إيجاد حوار مفتوح مبني على أساس عرض للحجج الداعية إلى وقف استخدام عقوبة الإعدام والغاءها من التشريعات وتثقيف الرأي العام في واقع العقوبة وعدم عدالتها وترقى لدرجة التعذيب وقاسية وكذلك إلى الموقف الإسلامي الشرعي الصحيح الذي يضع شروط ضيقة جدا وفي بعض الحالات قد تعتبر موقوفة".

الأساس في عمل المنظمات حاليا، هو فتح "قنوات الرأي والرأي الآخر وسوق الحجج العلمية ما سيمنع الصدام". وتوضح جبر أن المؤسسات تروج لأجندة الحماية والحق في الحياة، وتزيد جبر "لا نريد إلغاء العقوبات وعدم معاقبة من يرتكب الجرائم لكن لا بد من النظر في أن تراعي الجوانب الإنسانية".

بحكم التوقيف الحالي للمحكوم عليهم بالإعدام في الأردن، سيبقوا قابعين في السجون، وما تدعوه جبر للحكومة الأردنية هو أن "لا يتم إهمال المحكوم عليهم ولابد من إدماجهم مرة ثانية وإخضاعهم لبرامج تأهيل ويتم دمجهم مع السجناء العاديين".

على أن الأردن أوقف تنفيذ العقوبة في العام 2006 تنفيذا إلا أن الحكم ما يزال فاعلا. وتسجل "المنظمات الحقوقية" وجود 50 حكما قضائيا يقضي بتنفيذ العقوبة بحق أشخاص اقترفوا مخالفات جنائية أودت بحياة أشخاص.

في الشأن العربي، ففي العام ٢٠٠٩ لقب ناشطون حقوقيون مصريين العام المذكور ب"عام الإعدام الجماعي"، إذ أصدرت محاكم الجنايات في مصر ما يزيد على ٩٠ حكمًا بالإعدام، منها نحو ٦٨ حكمًا في شهر واحد.

حراك تدريجي تقوم به مؤسسات محلية ودولية من شأنه تقليص تدريجي لعقوبة الإعدام في الأردن وعدة بلدان في العالم العربي، وهو ما ينتهجه مركز الأندلس لدراسات التسامح وحقوق الإنسان في مصر، وتقول لنا المحامية دعاء القاسم منسقة مشروع "الحياة حق" في المركز أنهم في مصر ينتهجون "التدريج" في أنشطتهم الداعية إلى تقليص العقوبة من القوانين المصرية.

في العام 2010، قُضى بإعدام ٢٤ مصريا، فيما يسمى "مذبحة وادي النطرون"، وإحالة ٧ في "مذبحة القليوبية" إلى المفتى العام، و١١ في الإسماعيلية، وأخيرًا هشام طلعت مصطفى ومحسن السكرى.

تنفيذ عقوبة القتل بالقاتل في الإسلام إذا لم تخضع لأحكام التعزير فإنها لا تتم إلا بناء على رغبة أهل القتيل، وفق أساتذة الشريعة، فإن أصروا مجمعين على إيقاع عقوبة القتل بالقاتل فلا بد للحاكم أن يمتثل لرغبتهم. وفي ذلك تحقيق للعدالة ومحافظة على أسس وروابط حياة الجماعة، ووفاء لحق القتيل الذي اعتدي على حياته.

الدكتور محمد حبش، أستاذ الشريعة في سوريا، يقول أن هناك أن ما ورد بالقرآن الكريم هو مصطلح "القصاص" وبحالة واحدة فقط وهي القتل العمد، داعيا العلماء إلى التنوير والبحث عن روح النصوص.

في ذات السياق، أجّل مجلس النواب خلال جلسة له عقدت بتاريخ الثلاث والعشرين من كانون أول التصويت على قانون العقوبات المؤقت بمجمله لإعادة مناقشة عدد من المواد بعقوبة الزنا بالرضا وتخفيض عقوبة اغتصاب القاصر ومنح العذر المخفف لجريمة ما تسمى "الشرف" كما أقر المجلس على قرار اللجنة القانونية بشطب المادة 99 من قانون العقوبات المؤقت والعودة إلى القانون الأصلي الذي يقضي بعقوبة الإعدام على الحالات التي نصت عليها المادة 368 و369 وقرار الأشغال الشاقة المؤبدة في أي من الحالات التي نصت عليها المواد 370 و371 من هذا القانون.

وحول الإبقاء على عقوبة الإعدام بعدما كان توجه الحكومة بإلغائها، قال النائب عبد القادر الحباشنة أن الأصل في التشريعات يجب أن يكون “الحياة” والاستثناء هو الإعدام التي يجب أن يكون في حالات محدودة جداً، مضيفاً بأنه يجب البحث عن إصلاح الذات بدلا من وضع عقوبة الإعدام.

إلا إن رئيس اللجنة القانونية الدغمي أكد أن التشريع يجب أن يراعي البعد الاجتماعي، “فالأردن ما زال يحافظ على خصوصيته وعشائريته، فإذا لم تطبق عقوبة الإعدام فذلك سيؤدي إلى الثأر والعنف المجتمعي”، وفق حديثه في مجلس النواب.

أضف تعليقك