هروب الطائرات الأردنية عام 67، كيف حدث!
مرة أخرى وبعيدا عن الانفعال بأي أذى أو إساءة للأردن، فإن هناك مطلبا وطنيا يجب أن يتم تجسيده في كل المجالات وهو أن تكون هناك رواية أردنية موضوعية ومقنعة للتاريخ الحديث وتحديدا ما يتعلق بسياق تاريخ المنطقة ومساهمة الأردن في تلك الأحداث.
ولعل المقال الذي كتبته السبت الماضي جزء من الدعوة إلى أن يقدّم كل صاحب معلومة أو خبرة روايته ومساهمته ليس في سياق الرد على الآخرين، بل أيضا لإيصال المعلومة الى الأجيال الأردنية.
قبل أيام تلقيت اتصالاً كريماً من شخصية أردنية ممن شغلوا مواقع قيادية في القوات المسلحة وكان قائدا لسلاح الجو الأردني في الفترة من 1962 وحتى شهر تشرين الأول من عام 1971، ثم عاد الى نفس الموقع من اكتوبر عام 1976 وحتى عام 1980.
الفريق صالح الكردي أردني استمع مثل كل من استمعوا الى ما قاله هيكل عن دور الأردن في الفترة التي سبقت حرب عام 1967 وتحديدا الرواية التي قالها بأن الأردن قام قبل الحرب بتهريب طائراته الحربية من طراز"اف 104" الى قبرص، وجاء سياق المعلومة بعدما روى هيكل ما قام به الملك حسين - رحمه الله - من توقيع معاهدة دفاع مشترك مع مصر ووضعه القوات الأردنية تحت إمرة القيادة العربية المصرية .
من استمع الى رواية هيكل اعتقد أن الأردن مارس رقصا على الحبال وخداعاً وأنه قام بتهريب طائراته الحربية من هذا النوع، لكن الرواية الحقيقية العسكرية ممن كان قائدا لسلاح الجو الأردني، ومن كان أيضا ضمن الوفد الأردني الذي رافق الملك حسين - رحمه الله - الى القاهرة عندما وقع معاهدة الدفاع العربي المشترك تقدم الحقيقة، والمعلومة التي هي الهدف الذي ندعو دائما الى الإعلان عنه وتقديمه للأردنيين والعرب.
يقول الفريق الكردي إن الأردن تعاقد مع الولايات المتحدة في بداية عام 1967 على شراء 24 طائرة حربية من نوع "اف 104"، وأن من شروط الصفقة أن يتم تدريب طيارين أردنيين على قيادة هذا النوع من الطائرات، وتم إرسال ستة من خيرة طياري سلاح الجو الأردني الى الولايات المتحدة في دورة مدربين ليقوموا بعد عودتهم على تدريب زملائهم على التحويل الى قيادة النوع الجديد أو بعضهم لأن الطائرات التي كانت مستعملة هي الهوكر هنتر، وكان من بين الطيارين الستة الطيار الشهيد فراس العجلوني.
وكان من شروط الصفقة أن ترسل الولايات المتحدة ست طائرات من نفس النوع الى الأردن لتدريب طيارين على استخدامها إضافة الى تأهيل المدربين في أميركا، وجاءت هذه الطائرات الى الأردن وكانت بلا أسلحة قتالية لأن وجودها كان لغايات التدريب ولم تكن ضمن الطائرات التي تم التعاقد عليها، وكانت تحمل إشارة سلاح الجو الأميركي ومعها طاقمها الأميركي لتدريب الطيارين الأردنيين، وإحدى هذه الطائرات سقطت بعد تعرضها لخلل فني وقتل المدرب الأميركي وكذلك مات الطيار الأردني الذي كان في الطائرة واسمه خريستو حنانيا.
وعندما ازداد التوتر في المنطقة وأصبحت احتمالات الحرب كبيرة طلب الأردن من الولايات المتحدة أن تسحب طائراتها من الأردن واتصل عامر خماش بالسفير الأميركي ليطلب منه هذا، ولم تكن طائرات أردنية بل جزء من طاقم سلاح الجو الأميركي وفعلا تمت الترتيبات.
وقام الفريق الكردي وهو قائد سلاح الجو آنذاك بالاتصال بنفسه مع غرفة عمليات سلاح الجو السوري وقدم لهم كل التفاصيل وهوية الطائرات وذلك للسماح لها بالعبور عبر الأجواء السورية ليس الى قبرص بل الى قاعدة عسكرية أميركية في أضنا في تركيا وسمحت الحكومة السورية بهذا وغادرت الطائرات الأميركية الأردن.
وتكتمل الرواية من الفريق الكردي بأن الطائرات التي تعاقد عليها الأردن لم تكن وصلت الأردن وأن سلاح الجو الأردني تسلمها عام 1969 أي أن الأردن لم يكن يملكها عام 1967، وإنما كان هناك تعاقد عليها والطائرات التي خرجت الى تركيا طائرات أميركية كانت موجودة لتدريب الطيارين الأردنيين على قيادتها وكانت بلا أي أسلحة قتالية، وهذه الرواية تظهر الحقيقة وتؤكد أن الأردن لم يهرب طائراته الى قبرص.
ما ندعو له هو تقديم المعلومة التي تزيل آثار القراءات غير السليمة للأحداث والوقائع











































